الإثنين، 16 سبتمبر 2024 10:28 م

للمتعاملين بالعقود.. هل عدم تنفيذ أحد بنود العقد يوجب استحقاق الشرط الجزائى؟.. المشرع اشترط وقوع ضرر يلحق الدائن للحصول على التعويض الاتفاقى.. وينتقل عبء الإثبات إلى المدين.. ومحكمة النقض تتصدى للأزمة

للمتعاملين بالعقود.. هل عدم تنفيذ أحد بنود العقد يوجب استحقاق الشرط الجزائى؟.. المشرع اشترط وقوع ضرر يلحق الدائن للحصول على التعويض الاتفاقى.. وينتقل عبء الإثبات إلى المدين.. ومحكمة النقض تتصدى للأزمة عقود - صورة أرشيفية
الجمعة، 09 أغسطس 2024 09:00 ص
كتب علاء رضوان

عرف الفقه الشرط الجزائي أو التعويض الاتفاقي، بأنه ذلك الشرط الذي يدرج عادة بالعقود والتصرفات القانونية المختلفة لكفالة احترامها وضمان تنفيذها، والشرط الجزائي ما هو إلا تقدير اتفاقي للتعويض الذي يتحمله المدين إذا أخل بالتزاماته التي تعهد بها، وقد يدرج الشرط الجزائي في طلب العقد الأصلي، وقد يتضمنه اتفاق لاحق، ويحق للدائن نتيجة لتأخر المدين في تنفيذ التزامه أن يطالبه بالشرط الجزائي المفروض عليه، وله أن يطالبه بالتنفيذ العيني للالتزام معا على سبيل الاستقلال، وإذا اختار الدائن في الدعوى الحاضرة المطالبة بالشرط الجزائي أولا، فإن ذلك لا يمنعه من المطالبة بالتنفيذ العيني في أي وقت.

 

والمشرع اعترف بإتفاق الطرفين المتعاقدين على تحديد مقدار الشرط الجزائي تعويضا للمتضرر عن الضرر الذي يلحق به نتيجة امتناع أي من الطرفين المتعاقدين عن تنفيذ التزاماته أو التأخر في تنفيذها أو تنفيذها تنفيذا معيبا، وأن المسؤولية لاستحقاق الضمان في العقد تنهض بمجرد الاخلال بالالتزام وأن اتفاقهما على حجمه ما هو إلا تعبير عن إرادتهما لافتراض وقوعه وحجمه وهو قرينة قانونية قابلة لإثبات العكس.  

 

1

 

للمتعاملين بالعقود.. هل عدم تنفيذ أحد بنود العقد يوجب استحقاق الشرط الجزائى؟

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية عدم استحقاق الشرط الجزائى إذا لم يلحق الدائن ضرر فى ضوء قضاء محكمة النقض وآراء الفقهاء حيث إن النص القانوني نص على أن المادة 224 من فقرة أولى من القانون المدنى على أن: "لا يكون التعويض الاتفاقي مستحقاً أذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر"، خاصة أن وجود الشرط الجزائى يفترض معه أن تقدير التعويض فيه متناسب مع الضرر الذى لحق الدائن، وعلى القاضى أن يعمل هذا الشرط، إلا إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أى ضرر فعندئذٍ لا يكون الاتفاق مستحقاً أصلاً، أو إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة، وفى هذه الحالة يجوز للقاضى أن يخفض التعويض المتفق عليه – طبقا للطعن رقم 5233 لسنة 90 قضائية – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض يحيى سعد.

 

في البداية – محكمة النقض أكدت في العديد من أحكامها على عدم استحقاق الشرط الجزائى إذا لم يلحق الدائن ضرر، أبرزها الطعن رقم 13084 لسنة 89 قضائية، والذى جاء في حيثيات: أن مؤدى نص المادة 224 من القانون المدني يدل على أن الشرط الجزائي ليس في جوهره إلا مجرد تقدير اتفاقي للتعويض الواجب أداؤه فلا يعتبر بذاته مصدراً لوجوب التعويض، وإنما يتولد عنه التزام تبعي بتقدير التعويض بمبلغ معين، فلا بد لاستحقاق الجزاء المشروط من اجتماع الشروط الواجب توافرها للحكم بالتعويض وهى الخطأ والضرر وعلاقة السببية مما مؤداه أن تحقق الشرط الجزائي وإن كان يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين فلا يكلف الدائن بإثباته – وفقا لـ"سعد". 

 

ححءء

 

المشرع اشترط وقوع ضرر يلحق الدائن للحصول على التعويض الاتفاقي 

 

أن مؤدى حكم المادة 224 مدنى أنه متى وجد شرط جزائى فى العقد، فإن تحقق مثل هذا الشرط يجعل الضرر واقعاً فى تقدير المتعاقدين فلا يكلف الدائن بإثباته، وأن وجود الشرط الجزائى يفترض معه أن تقدير التعويض فيه متناسب مع الضرر الذى لحق بالدائن وعلى القاضى أن يعمل هذا الشرط، إلا إذا اثبت المدين أن الدائن لم يلحقه اى ضرر فعندئذ لا يكون التعويض الاتفاقى مستحق أصلاً، أو إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة وفى هذه الحالة يجوز للقاضى ان يخفض التعويض المتفق عليه طبقا للطعن رقم 6999 لسنة 77 قضائية.

 

رأى محكمة النقض في الأزمة 

 

هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لتلك الإشكالية في العديد من أحكامها أبرزها الطعن المقيد برقم 13319 لسنة 78 قضائية، والذى جاء في حيثياته: النص في المادة 223 من القانون المدنى على أن: " يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدماً قيمة التعويض بالنص عليها في العقد أو في اتفاق لاحق، ويراعى في هذه الحالة أحكام المواد من 215 إلى 220"، والنص في المادة 216 منه على أن: "يجوز للقاضى أن ينقص مقدار التعويض أو ألا يحكم بتعويض ما إذا كان الدائن بخطئه قد اشترك في إحداث الضرر أو زاد فيه". 

 

ططس

 

والنص في المادة 224 من ذات القانون على أن: "لا يكون التعويض الاتفاقى مستحقاً إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أى ضرر، ويجوز للقاضى أن يخفض هذا التعويض إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة، أو أن الالتزام الأصلى قد نفذ في جزء منه ...."، يدل وعلى ما ورد بمجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدنى أن الشرط الجزائى ليس في جوهره إلا مجرد تقدير اتفاقى للتعويض الواجب أداؤه فلا يعتبر بذاته مصدراً لوجوب هذا التعويض فلا بد لاستحقاق الجزاء المشروط من اجتماع الشروط الواجب توافرها للحكم بالتعويض وهى الخطأ والضرر والإعذار .

 

آراء الفقه

 

تحقق الضرر شرط لاستحقاق الدائن للتعويض الاتفاقي، فإن لم يصب الدائن ضرر من جراء تقصير المدين، فلا يقضي له بهذا التعويض، كما أنه لا يستحق تعويضاً وفقاً للقواعد العامة أيضاً، وبمقتضى الشرط الجزائي، ينتقل عبء الإثبات إلى المدين، فلا يكلف الدائن اثبات الضرر الذى أصابه، لأن الضرر أصبح مفترضاً باتفاق المتعاقدين، ولذلك يتحمل المدين إثبات إنتفاء الضرر، وله ذلك بكافة طرق الإثبات بما في ذلك البينة والقرائن، ويعتبر طلباً جوهرياً تلتزم المحكمة بالرد عليه إذا رفضته، طلب المدين إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات انتفاء الضرر، فلا يكفي بالنسبة له الرفض الضمني، فإن كان لا غني عن هذا الطلب لتكوين عقيدة المحكمة، تعين عليها قبوله وإلا فإنها تكون قد أخلت بدفاع  جوهرى قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى مما يجعل حكمها مشوباً بالبطلان. 

 

كك

 

وسلطة القاضي في تخفيض الشرط الجزائى: للقاضي رفض الأخذ بالشرط الجزائي إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر، أما إذا عجز عن ذلك الإثبات، كان على القاضي الأخذ بالشرط ولكن يحق له أن يخفضه في حالتين: وإذا أثبت المدين أن الشرط مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة: فالقاضي ليست له السلطة المطلقة في تخفيض الشرط الجزائي، بل هو مقيد في ذلك بمدى إثبات المدين أن الشرط مبالغاً فيه الى درجة كبيرة، ومتى تمكن المدين من إثبات ذلك، ولم يتمكن الدائن بعد هذا الإثبات من أن يثبت هو أن التعويض يناسب ما لحقه من ضرر، كان على القاضي أن يخفض الشرط إلى القدر الذي يراه مناسباً.  

 

وينتقل عبء الإثبات إلى المدين

 

ويفترض أن الشرط الجزائي مناسب ملزماً للقاضي، إلا إذا ادعى المدين أنه مبالغ فيه إلى درجة كبيرة، وحينئذ يتحمل المدين عبء إثبات ذلك، ويعتبر هذا الدفاع جوهرياً، ويتبين من نص الفقرة الثانية للمادة 224 أنه يجوز للقاضي أن يخفض الشرط الجزائي في حالتين:

 

أولاهما: إذا نفذ المدين الالتزام الأصلي في جزء منه .   

 

والثانية: إذا أثبت المدين أن تقدير التعويض في الشرط الجزائي كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة. 

 

ةوزظ

 

تقدير التعويض في الشرط الجزائي المبالغ فيه إلى درجة كبيرة:

 

الشرط الجزائي المبالغ فيه ينطوي في الواقع من الأمر علي عقوبة فرضها الدائن من المدين، فيكون باطلاً، ويعمد القاضي عند ذلك إلى تقدير التعويض وفقاً للقواعد العامة في تقدير التعويض بواسطة القاضي ويمكن أن يضاف إلى هذا التبرير أن الشرط الجزائي لا يعرض إلا لتقدير التعويض المستحق، فهو ليس سبباً في استحقاق التعويض، بل يقتصر علي مجرد تقديره مقدماً وفقاً لما قام أمام الطرفين وقت الاتفاق من اعتبارات وظروف، فإذا اتضح بعد ذلك أن المتضرر الذي وقع لم يكن بالمقدار الذي ظنه الطرفان قبل وقوعه، وأن تقديرهما للتعويض عن هذا الضرر كان مبالغاً فيه إلي درجة كبيرة، فإن الأمر لا يخلو عندئذ من غلط في التقدير وقع فيه المتعاقدان أو ضغط وقع علي المدين فقبل شرطاً يعلم مقدماً أنه مجحف به، وفي الحالتين يكون الواجب تخفيض الشرط الجزائي إلي الحد الذي يتناسب مع الضرر.

وهذه الأحكام تعتبر من النظام العام: فيجب  وقوع ضرر لاستحقاق الشرط الجزائي وجواز تخفيض هذا الشرط للتنفيذ الجزئي أو للمبالغة في التقدير - تعتبر من النظام العام، فلا يجوز الاتفاق علي ما يخالفه، ومن ثم لا يجوز للطرفين أن يضيفا إلى الشرط الجزائي أنه واجب الدفع على كل حال، حتى لو لم يقع ضرر أو قام المدين بتنفيذ الالتزام تنفيذا جزئيا أو تبين أن التقدير مبالغ فيه إلى درجة كبيرة، ولو تم الاتفاق على ذلك، كان هذا الاتفاق باطلا لمخالفته للنظام العام، كما أن التعويض لا يكون إلا لجبر ضرر، ولأن الشرط الجزائي هو تقدیر اتفاقي للتعويض، فمن البدهي أن يشترط في تطبيقه حدوث ضرر للدائن من جراء عدم وفاء المدين بالتزامه. 

 

ججسس

 

هل يجوز للقاضى تخفيض التعويض؟

 

وقد أخذ التقنين الحالي بهذا الرأي الأخير إذ نص في المادة 224 فقرة أولى على أن: "لا يكون التعويض الاتفاقي مستحقاً أذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر"، ومؤدى ذلك أن وجود شرط جزائي يعفي الدائن من عبء اثبات الضرر الذي كان يجب عليه إثباته وفقاً للقواعد العامة، أي أنه يجعل الضرر مفترضاً تحققه إلى أن يثبت المدين عكس ذلك، ويبدو أن في هذا خروجاً على حكم القواعد العامة للتنفيذ بمقابل واقتراباً من حكم القوة الملزمة لاتفاق الطرفين ولكن الواقع أن القانون لم يستغن عن شرط الضرر في تطبيق الشرط الجزائي بل أنه أعفى الدائن من إثباته فقط، وإنما إذا أثبت المدين انتفاء الضرر امتنع تطبيق الشرط الجزائي، وفي ذلك استمساك بأحكام التنفيذ بمقابل ولو خالف ذلك حكم الإرادة وقصد العاقدين.

 

وفى حالة ما إذا كان التقدير المنصوص عليه في الشرط الجزائي مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة، وقد نصت على هذه الحالة وعلى الحالة السابقة المادة 224 فقرة ثانية، حيث قررت أنه يجوز للقاضي أن يخفض هذا التعويض إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة، وذهبت محكمة النقض إلى حد أن قررت أنه إذا تبين للمحكمة أن الشرط الجزائي المنصوص عليه في العقد مبالغ فيه، فإنها تعتبره شرطاً تهدیدیاً لا يلتفت إليه، وأن ترجع في تقدير التعويض إلى القواعد العامة، وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة ذاتها على أن يقع باطلاً كل اتفاق على غير ذلك.  

 

images
 
نقض يحيى 1
           حكم النقض حول شروط استحقاق الشرط الجزائى 1
نقض يحيى 2
                     حكم النقض حول شروط استحقاق الشرط الجزائى 2
نقض يحيى 3
                  حكم النقض حول شروط استحقاق الشرط الجزائى 3
نقض يحيى 4
                    حكم النقض حول شروط استحقاق الشرط الجزائى
نقض يحيى 5
 
314689-يحيى-سعد
 
الخبير القانونى والمحامى بالنقض يحيى سعد

 

موضوعات متعلقة :

جهاز الإحصاء: معدل التضخم الشهرى يتراجع فى يوليو الماضى ويسجل 0.5% مقابل 1.8 خلال يونيو.. وأسعار الحبوب واللحوم والدواجن والزيوت والملابس الجاهزة تقود المؤشر للتراجع

"التهرب الضريبى.. سيدة الجرائم الجنائية الأولى".. 3 أسباب لحصولها على ذلك اللقب.. أولها أن التجريم نابع من الدستور والقانون.. وتتعلق بكيان الدولة والقواعد الآمرة والنظام العام.. وخبير يُجيب عن الأسئلة الشائكة

حلول بديلة للإصلاح والتهذيب..القانون يحدد شروط استبدال عقوبة الحبس "المدد البسيطة" بالتشغيل.. شرط ألا تزيد مدة الحبس عن 6 أشهر..تعديلات قانوني "الإجراءات الجنائية" و"العقوبات" ينظمان المسألة

بعد انتحار طلاب بسبب نتيجة الثانوية العامة..هل يعاقب الأهل لو مارسوا ضغوط على الأبناء دفعتهم للانتحار قبل النتيجة؟..القوانين تُجرِّم التحريض أو المساعدة..وفراغ تشريعى بشأن ممارسة اضطهاد أو قهر يدفع لإزهاق الروح

الدبلوماسية في عصر الذكاء الاصطناعي.. تساعد برامج الدردشة الآلية في طلبات الحصول على التأشيرة.. والمساعدة القانونية لطالبي اللجوء.. والتسجيلات للخدمات القنصلية.. و"خبير سيبرانى" يتحدث عن الذكاء فائق السرعة

قانون الرياضة على رادار البرلمان..تعديلات القانون في أولوية جدول المناقشة بدور الانعقاد الأخير.. لجنة الشباب:نستهدف الخروج بأفضل صيغة وفق المعايير الدولية..وإعادة ضبط للمنظومة والاستثمار الرياضى والمنشطات

"عشان ما تخسرش القضية".. دائرة توحيد المبادئ بالنقض: عدم إيداع صورة رسمية للحكم المطعون فيه يوجب الحكم بعدم القبول.. الحيثيات: الصورة الرسمية للحكم شرط لقبول الطعن أمام النقض


الأكثر قراءة



print