أصدرت الدائرة الجنائية "هـ" – بمحكمة النقض – حكما قضائيا يهم الملايين ممن يستقلون سيارات الأجرة، بإلغاء حكم أول درجة الصادر من محكمة الجنايات بالسجن 3 سنوات وتغريمه 100 ألف جنيه، لإتهامه بحيازة المواد المخدرة، والقضاء مجددا بالبراءة، تأسيسا على أن: "مجرد استقلال الطاعن كراكب لسيارة أجرة يسير بها قائدها عكس اتجاه السير المقرر ليس فيه ما يبرر القبض على الراكب وتفتيشه لعدم توافر حالة التلبس، ومن ثم يكون قبض باطل ويبطل يليه من إجراءات".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 15870 لسنة 89 القضائية، لصالح المحامى بالنقض جورج أنطون، برئاسة المستشار عابد راشد، وعضوية المستشارين أحمد أحمد خليل، وأحمد محمود شلتوت، وأحمد عبدالوكيل الشربينى، وخالد فتح الله، وبحضور كل من رئيس النيابة لدى محكمة النقض شريف مجدى، وأمانة سر أحمد إبراهيم.
الوقائع.. القبض على سائق سيارة أجرة وأحد الركاب لحيازتهما مخدرات
اتهمت النيابة العامة، 1- "ل. م"، 2- "ع. ك" -طاعن - في قضية الجناية رقم 8500 لسنة 2016 قسم الآميرية، والمقيدة بالجدول الكلي برقم 2744 لسنة 2016 غرب القاهرة بأنهما بتاريخ 30 من ديسمبر لسنة 2016 بدائرة قسم الأميرية - محافظة القاهرة:- حازا وأحرزا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وفى تلك الأثناء - والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بجلسة 25 من مارس لسنة 2017 - عملاً بالمواد 1 ، 2، 38/1، 42/1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989، وبالبند رقم 56 من القسم الثانى من الجدول رقم "1" المحلق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة والسكان رقم 46 لسنة 1997 بمعاقبة المتهمين بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات وغرامة 50 ألف جنيها عما نسب إليهما من إتهام ومصادرة المخدر المضبوط، باعتبار حيازة وإحراز المخدر مجرداً من القصود المسماة في القانون، فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنهما برقم 13761 لسنة 87 قضائية.
محكمة الجنايات تقضى بالسجن 3 سنوات وتغريمه 100 ألف جنيه
ومحكمة النقض قضت بتاريخ 15 من مايو لسنة2018: أولاً: بعدم قبول الطعن المقدم من الطاعن "ل. م"، ثانياً: بقبول الطعن المقدم من الطاعن "ع. ك" شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة له وللطاعن الذي قضي بعدم قبول طعنه شكلاً وإعادة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى عملاً بالمواد 1 ، 2، من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 125 لسنة 1989، والبند رقم 56 من القسم الثانى من الجدول رقم "1" المحلق بالقانون الأول والمعدل بقرار 42/1، 38/1، 2 ومحكمة الإعادة "بهيئة مغايرة " قضت حضورياً بجلسة 2 من ديسمبر لسنة 2018 وزير الصحة والسكان رقم 46 لسنة 1997 - بمعاقبة كل منهما بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات وتغريم كل منهما 100 الف جنيه عما أسند إليهما ومصادرة المخدر المضبوط، وبتاريخ 30 من يناير لسنة 2019 قرر المحكوم عليه الثاني بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب الطعن بالنقض من المحكوم عليه سالف الذكر.
المتهم يطعن على الحكم لإلغاءه
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلاء الحكم حيث ذكرت إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون، وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة وإحراز جوهراً مخدراً " حشيشاً " بغير قصد من القصود الخاصة المسماة في القانون في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه تمسك ببطلان القبض والتفتيش وما تلاهما من إجراءات لانتفاء حالة التلبس بيد أن الحكم اطرح دفعه بما لا يتفق وصحيح القانون ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
مذكرة الطعن تستند على بطلان القبض والتفتيش
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: إن حاصل واقعات الدعوى على النحو الثابت من المفردات المضمومة أنه وحال مرور معاون مباحث قسم شرطة الأميرية النقيب كريم عماد الدين علي بشارع الكبلات دائرة القسم أبصر المتهم "أ. م :" قائداً للسيارة رقم ل ن ر 628 أجرة بالسير عكس اتجاه السير المقرر ويجلس بجواره المتهم الطاعن، فأستوقف السيارة وأنزلهما منها وقدما له تحقيق شخصيتهما وبتفتيشهما لم يعثر مع قائد السيارة على ثمة ممنوعات وبتفتيش المتهم الطاعن عثر بجيب بنطاله على ثمانية قطع لمخدر الحشيش وبتفتيش السيارة عثر بفراغ موجود أسفل المقعد المجاور لقائد السيارة على كيس بلاستيك شفاف أبيض اللون بداخله أربع قطع كبيرة لمخدر الحشيش، وبمواجهته لهما بما أسفر عنه التفتيش أقرا بحيازتهما وإحراز الطاعن للمخدر .
لما كان ذلك - وكانت المادة 54/1 من الدستور قد نصت على أن الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد وتفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقاً لأحكام القانون، وكان مؤدى هذا النص أن أي قيد قد يرد على الحرية الشخصية بوصفها حقاً طبيعياً من حقوق الإنسان لا يجوز إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس كما هو معرف قانوناً، أو بإذن من السلطة المختصة وكانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتان بالقانون رقم 137 لسنة 1972 قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على 3 أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه بالجريمة، فإن لم يكن حاضراً جاز المأمور الضبط القضائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره.
النقض تؤكد: السير عكس الإتجاه لا يبرر القبض والتفتيش على ركاب السيارة الأجرة
وكانت المادة 46 من القانون ذاته تجيز تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً فإن أجاز القانون القبض على شخص جاز تفتيشه وإن لم يجز القبض عليه لم يجز تفتيشه وبطل ما أسفر عنه القبض والتفتيش الباطلين، وكان من المقرر أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه ولا يغني عن ذلك تلقي نباها عن طريق النقل من الغير شاهداً كان أو متهماً يقر على نفسه، ما دام هو لم يشهدها أو يشهد أثراً من أثارها ينبئ عن وقوعها، وكان من المقرر أيضاً أن تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً لمحكمة الموضوع، إلا أن ذلك مشروط أن تكون الأسباب والاعتبارات التي تبني عليها المحكمة تقديرها صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها .
لما كان ذلك - وكان مؤدى الواقعة على النحو المار بيانه من أقوال الضابط شاهد الإثبات ليس فيها ما يدل على أن الطاعن كان في حالة من حالات التلبس المبيئة على سبيل الحصر في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية ، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض الدفع ببطلان القبض على الطاعن وتفتيشه على نحو يخالف صحيح القانون وعول في قضائه بإدانته على الدليل المستمد من القبض والتفتيش الباطلين ، وكان مجرد استقلال الطاعن - كراكب – السيارة أجرة يسير بها قائدها عكس اتجاه السير المقرر ليس فيه ما يبرر القبض على الراكب وتفتيشه لعدم توافر حالة التلبس في حقه التي تبيح لمأمور الضبط القضائي القبض والتفتيش أو التعرض لحريته في التنقل.
والحيثيات: لعدم توافر حالة التلبس.. ويكون القبض باطل ويُبطل يليه من إجراءات
وتضيف: ومن ثم فإن تفتيشه يكون باطلاً ويبطل كذلك كل ما يترتب عليه ويكون ما أسفر عنه ذلك التفتيش وشهادة من أجراه قد وقعت باطلة لكونها مرتبة عليها ولا يصح التعويل على ذلك الدليل المستمد منها في الإدانة، ولا ينال من ذلك، ولا يصحح هذه الإجراءات الباطلة قبل الطاعن - وحده ما قام به الضابط بعد ذلك من تفتيش السيارة وعثوره على المخدر داخل فراغ أسفل المقعد إذ أن الضابط لم يدرك هذا المخدر بأحد حواسه - في حيازة الطاعن - قبل القبض عليه حتى يكون في حالة تلبس تبيح للضابط القبض على الطاعن وتفتيشه .
لما كان ذلك - وكان البين من المفردات المضمومة أن الدليل الوحيد في الدعوى قبل الطاعن هو ما أسفر عنه التفتيش الباطل وشهادة من أجراه، فإن الحكم وقد عول على ذلك الدليل الباطل في إدانة الطاعن يكون باطلاً ومخالفاً للقانون لاستناده في الإدانة إلى دليل غير مشروع وإذ جاءت الأوراق خلواً من أي دليل آخر يمكن التعويل عليه في إدانة الطاعن فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما أسند إليه وذلك عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 مع مصادرة المخدر المضبوط عملاً بنص المادة 42 من القانون رقم 182لسنة 1960.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعن مما أسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط .