تناولنا في العددين السابقين الحلقتين الأولي والثانية من سلسلة مقالات عن التحول الرقمي وكانتا مخصصتين للحديث عن بداية رحلة التحول الرقمي في مصر ، والتحول الرقمي وحوكمة العمليات الضريبية، ونتناول في هذا العدد الحلقة الثالثة وأخصصها للحديث عن الرؤية الصائبة للقيادة السياسية عن التحول الرقمي، فعلماء وخبراء الادارة يؤكدون علي أهمية قناعة القيادة العليا في أي مؤسسة لتحقيق نجاح أي تغيير بها، فمثلاً لو رغبت مؤسسة في تطبيق معايير الجودة وتوفرت كافة شروط التطبيق ولم تكن القيادة العليا بها علي قناعة بالجودة فسوف يفشل التطبيق.
وإذا كانت أهمية قناعة ورؤية الإدارة العليا علي هذا القدر من الأهمية لإنجاح أي تغيير بالمؤسسات، فذات الأمر وأكثر ينطبق علي الدول، فرؤية القيادة السياسة بها هي التي تقود الطريق لنجاح أي تغيير بهذه الدول، وأقصد هنا بالقيادة السياسية السلطة العليا في الدولة "رئيس الدولة"، وهو الشخص الذي يمثل الدولة في الشؤون الداخلية والخارجية، ويتم اختياره (في العادة) عن طريق انتخابات أو تعيين من البرلمان أو بأي وسيلة أخري، ويشار إليه في بعض الحالات بلقب "الرئيس" أو "الملك" أو "السلطان" أو "الإمبراطور" حسب نظام الحكم الذي ينصّ عليه الدستور.
أهمية رؤية القيادة العليا لأحداث أي تغيير:
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على الرؤية الصائبة للقيادة السياسية عن التحول الرقمي، حيث تزداد أهمية رؤية القيادة السياسية لانجاح اي تغيير في الدول التي تعاني من ضعف الوعي المجتمعي، أو تعاني من تدني الخبرة الإدارية والمهنية لدي العاملين بها وخاصة الإدارة العليا لدي السلطة، أو تدني مستوي الاحترافية والمهنية لدي المسئولين الحكوميين بها، وليس أدل علي ذلك من أننا نسمع في العديد من تلك الدول عبارات منها "بناء علي توجيهات السيد الرئيس، اتساقا مع خطاب السيد رئيس الجمهورية في ....، أعمالأ لما جاء بكلمة السيد الرئيس في لقائه معه ....، .... الخ" - بحسب الدكتور أحمد عبدالوهاب، الخبير واستشاري التدريب، ومؤسس الجمعية المصرية للباحثين العلميين.
إشكالية المسئولية وغطاء التوجيه
وللأسف هذا الأمر لا يتوقف علي رئيس الدولة، بل ينطبق أيضا علي السلطة التنفيذية، فنسمع عبارات بناء علي توجيهات رئيس الوزراء، أو بناء علي توجيهات وزير كذا، وللأسف فإن العديد من المشاكل البسيطة في العديد من الدول لا تحل إلا بتدخل من القيادة السياسية أو القيادة التنفيذية، وهذا يدلل علي خلل شديد في فهم الأدوار الوظيفية والصلاحيات والمسئوليات لدي العديد من المسئولين التنفيذين – وفقا لـ"عبدالوهاب".
فالمسؤول الأعلى عندما يوجّه من هو أدنى منه في المسؤولية فيكون التوجيه عادةً على شكل خطوط عريضة ولا يدخل في التفاصيل، فالأصل أن التفاصيل محكومة بالقوانين والأنظمة، والمسؤول الذي يحتاج دوماً لغطاء التوجيه لا يستحق أن يكون أهلاً للمسؤولية، أما لضعف ثقته في نفسه، أو لإفتقاده لأسياسيات علوم وفنون الإدارة، فهؤلاء المسئولين التنفيذين يصدرون المشكلات البسيطة لرؤسائهم الأعلي منهم، ومن ثم يحملونهم أعباء فوق أعباء ومهام أعمالهم – الكلام لـ"عدالوهاب".
عبدالحليم موسي محافظ أسيوط تطبيق واقعي علي موضوع التوجيهات من السلطة الأعلي:
ويقول "عبدالوهاب": اتذكر هنا عندما كنت طالباً بكلية حقوق أسيوط وفي نهاية عام 1989 أجريت حواراً صحفياً مع المرحوم اللواء محمد عبدالحليم موسي وزير الداخلية "ومحافظ أسيوط انذاك"، ذكر خلاله أنه عندما تولي مهمة العمل كمحافظاً لأسيوط واثناء جولة تفقدية للمحافظة رأي مدينة تسمي الحبيبي ، فسأل مسئولي المحافظة مستعجباً "مدينة في هذا المكان الضيق؟" ، وكيف للأسر من ساكنيها ان يقضوا حاجتهم؟ وكيف ينامون؟
في ذات الوقت التي كان هناك علي بعد أمتار من هذه المدينة عدد 1628 وحدة سكنية كاملة التشطيب، وعندما سأل المحافظ مسئولي المحافظة عنها أجابوا بأنها سوف يتم تسكين الأسر الموجودة بمدينة الحبيبي بها، وعندما سألهم عن سبب عدم تسكينهم بها فأجابوه بأنها تنقص هذه المساكن الصرف الصحي، وبسؤاله لهم عن وجود المواسير والمستلزمات الأخري التي تلزم لإدخال الصرف الصحي لهذه الوحدات، فأجابوه بالنفي وعندما كرر لهم السؤال بعدم وجود أي من تلك المواسير والمستلزمات حتي لو مخصصة لمكان أخر، فأخبروه بوجود كمية من هذه المواسير والمستلزمات ولكن مخصصة لإحلال وتجديد شبكة الصرف الصحي بأحدي أحياء مدينة أسيوط الهامة، وأنه لا يمكن استخدمها في غير ذلك الغرض، فأصدر توجيهاته علي الفور للمسئولين بأستخدام هذه المواسير والمستلزمات لتوصيل الصرف الصرف لهذه الوحدات بدلا من الاحلال والتجديد لمنطة اخري، ومن ثم تم حل مشكلة مئات الأسرالتي كانت تعيش بمدينة الحبيبي خلال ايام قليلة وتم تسكينهم في وحدات سكنية جيدة – طبقا لـ"عبدالوهاب".
والتساؤل الذي يطرح نفسه الآن، هل لو لم يقم محافظ اسيوط بهذه الزيارة الميدانية لهذه المنطقة فهل كانت ستحل؟ ولو كانت ستحل، فما المدي الزمني المتوقع لحلها بعيدا عن هذا التدخل المباشر من المحافظ؟ والتساؤل الأهم ما هي المدة الزمنية التي كانت هذه المشكلة موجودة بها قبل زيارة المحافظ؟ وهل مسئولي المحافظة لم يعلموا بهذه المشكلة من قبل؟ وما قدموه لحل هذه المشكلة قبل زيارة المحافظ؟ هذه الأسئلة وغيرها الكثير يتبادر علي ذهن المرء عندما يسمع شرح لهذه المشكلة، وكيف تم حلها بمنتهي اليسر وخلال وقت زمني قصير جداً بناء علي توجيهات مسئول تنفيذي يملك علم الإدارة وفنونه، ويملك قلب محب لوطنه وعمله، وفي ذات الوقت الذي يفتقد فيها مرؤسيه هذه الملكات.
حديث رئيس الجمهورية في افتتاح مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية:
عندما أطلعت من خلال وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي عن رود فعل المجتمع المصري علي كلمة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية يوم الأحد 28-4-2024، أثناء افتتاح مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية (P1 ) بطريق العين السخنة، تذكرت علي الفور حديث المرحوم اللواء محمد عبدالحليم موسي الذي عرضته في السطور السابقة.
وبداية بتحليلي لرودد الفعل هذه وجدت معظمها لم يحظي بإهتمامه من كلمات السيد رئيس الجمهورية إلا ما يخص منها حديثه عن "البرمجة"، وأنه يستطيع من خلالها الشاب تخطي 100 ألف دولار في العام الواحد، ولم تراعي الغالبية العظمي من تلك الردوود كم الدروس المستفادة في كلمة رئيس الجمهورية ، واولها اهتمام الرئيس بتدوين الملاحظات الهامة في عرض الوزير المختص في أوراقه الخاصة، ثم طلب سيادته اعادة عرض شرائح محددة من العرض، كالشريحة رقم 7، وهذا أول درس وتطبيق عملي علي حسن الاستماع للمرؤسين ، والانصات الجيد لحديثهم ، وليس أدل علي ذلك من مناقشتهم في بعض التفاصيل الذي تحدثوا عنها – هكذا يقول "عبدالوهاب".
ولم تنطوي كلمة رئيس الجمهورية علي هذا الدرس فقط، فقوله أنه: "بدء العمل قبل توليه العمل ومن سنين فاتت في موضوع الكابلات البحرية" و90% من الكابلات البحرية في العالم تمر من خلال مصر، وتأكيده علي أن من سبقوه عملوا اجراءات كبيرة في هذا المجال، هذه الكلمات تشكل دروس كثيرة منها الاعتراف بفضل من يسبقك في العمل، دراسة الوضع الراهن والبناء عليه وليس هدمه، استمرار السياسات مهما اختلف الافراد، وهناك دروس كثيرة لن يسمح المقام هنا بعرضها تفصيلاً.
أهتمام القيادة السياسية في مصر بالتحول الرقمي:
• لم يكن حديث السيد رئيس الجمهورية في افتتاح مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية بالنسبة لي هو الدلالة الاولي علي اهتمام سيادته بموضوع التحول الرقمي.
• فقد شد أنتباهي قبلها بسنوات وتحديداً عام 2019 مرتين:
• الأولي يوم الثلاثاء21 مايو 2019 وذلك خلال اجتماع السيسي برئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير المالية محمد معيط، حيث ناقش السيسي خطة الحكومة المصرية للتحول الرقمي "عبر استخدام تطبيقات التكنولوجيا في جميع التعاملات والخدمات الحكومية، والتحول الرقمي إلى المعاملات غير النقدية، فضلا عن خطوات تطوير وميكنة مصلحة الضرائب، بما يخص مكافحة التهرب الضريبي وتطبيق آليات التحصيل الإلكتروني، والإقرارات الضريبية الإلكترونية".
• وطالب بالإسراع في تنفيذ تطبيق التحول الرقمي والشمول المالي لمصر، بهدف رفع الأداء المالي للدولة وتسهيل معاملات المواطنين، ما سيسهم بتشجيع النشاط الإلكتروني وتحسين بيئة الأعمال في مصر وضمان تحصيل الدولة مستحقاتها.
• والثانية يوم الثلاثاء الأول من أكتوبر 2019 ، وفي ذات العام تصدر توجيهات من السيسي بشأن مشروعات التحول الرقمي، وذلك خلال اجتماعه مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، واللواء ياسر كمال أبو مندور مدير إدارة النظم والمعلومات للقوات المسلحة، والذي تناول متابعة الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات القومية الجارية بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وفي مقدمتها انتقال الحكومة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، وميكنة الوزارات والجهات الحكومية في إطار التحول الرقمي للدولة المصرية، إلى جانب إعداد استراتيجية الذكاء الاصطناعي والذي يعد أحد الصناعات العالمية المهمة التي تتعامل مع مختلف مجالات الحياة.
• حيث وجه في هذا الصدد لاستخدام أحدث التقنيات المعلوماتية والمعايير الرقمية العالمية لتنفيذ مشروعات وخطط الانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة، لما لذلك من مساهمة مباشرة في جهود الدولة للتحول الرقمي، أخذاً في الاعتبار ما تساهم به الحكومة الرقمية في توفير بيئة تشاركية بين مختلف وزارات ومؤسسات وهيئات الدولة من خلال شبكة معلوماتية ومنصات إلكترونية تضم مختلف المستندات والمراسلات الموثقة إلكترونياً، كما تسمح بتطبيق نظام لمراقبة الأداء الحكومي، فضلاً عن توفير مراكز اتصال لتقديم الخدمات الحكومية.
• كما وجه الرئيس بالعمل على الاستثمار في الكوادر البشرية وتوفير برامج التدريب والتأهيل وبناء القدرات اللازمة في كافة روافد تكنولوجيا المعلومات الحديثة، خاصةً في مجال الأمن السيبراني وعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي، بما يساهم في تنفيذ خطط الدولة لإنشاء منظومة حكومية متطورة توفر أفضل الخدمات للمواطنين بأسلوب عصري وحديث.
• ووجه الرئيس السيسي أيضاً بتوفير أحدث الخدمات للمواطنين في إطار المنظومة الرقمية المزمع إنشاؤها بأسلوب بسيط وميسر، مع ضرورة إيلاء الاهتمام اللازم لتعدد منافذ تقديم الخدمات الرقمية بما يلائم مختلف أطياف المواطنين ويتناسب مع التنوع الجغرافي في مصر، بالإضافة إلى تسخير التطبيقات الرقمية الحديثة لتلبية الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية للدولة.
• وفي عام 2021 لفت نظري أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، أكد على أهمية الرقمنة لما لها من دور في ضمان وصول الدعم لمستحقيه، مؤكدا على أهمية ضبط البطاقات التموينية.
• حيث قال الرئيس السيسي، في كلمته يوم 16 أكتوبر عام 2021 خلال افتتاح عدد من مشروعات الإسكان البديل للمناطق غير الآمنة بمدينة 6 أكتوبر، "عدم وجود رقمنة للدولة المصرية خلانا مش شايفين كويس، بياناتنا مش واضحة، فحصل استقرار لواقع غير دقيق، وبه الكثير من الفساد".
• وأضاف أنه نتيجة لهذا الوضع وجدت بطاقة تموين تحمل إسمه في محافظة المنيا وحد بيصرف بها المواد التموينية وده سببه الفساد.
• وشدد سيادته على أهمية الرقمنة لما لها من دور في ضمان وصول الدعم لمستحقيه، مؤكدا على أهمية ضبط عملية إصدار البطاقات التموينية.
• ومن ثم أثبت سيادته بالدليل العملي قناعة القيادة السياسية المصرية بفوائد التحول الرقمي، حيث أشار سيادته لدور التحول الرقمي في تحقيق الشفافية والافصاح والعدالة الاجتماعية، والقضاء على الفساد.
تكلفة الشبكات الرقمية المؤمنة بالعاصمة الإدارية الجديدة تبلغ 100 مليار جنيه
وفي عام 2022: أثتاء افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسي عدد من مشروعات "مصر الرقمية" لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات منها إطلاق منصة مصر الرقمية، وذلك في مركز مصر للمعارض الدولية (مركز المنارة للمؤتمرات الدولية) بالتجمع الخامس بالقاهرة الجديدة يوم الأربعاء 6-7-2022، أكد سيادته علي أن تكلفة الشبكات الرقمية المؤمنة بالعاصمة الإدارية الجديدة تبلغ 100 مليار جنيه فقط كإنشاءات مدنية لإقامة شبكة محصنة لا يمكن اختراقها على عمق 15 مترًا تحت الأرض تضم الخوادم الرئيسية للشبكة الرقمية.
وتأكيد الرئيس السيسي علي أن الحي الحكومي بالعاصمة الإدارية مميكن ويوفر بيئة للعمل الرقمي للدولة من خلال مراكز البيانات وأماكن لعمل 50 ألف موظف، بالإضافة إلى الشبكة المؤمنة، وبهذا يمكن أن تتحول الدولة من الأداء الورقي إلى الرقمي بالإضافة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي وكل ذلك يتكلف الكثير من الأموال.
التوجه نحو التخصصات الجديدة التي يحتاجها سوق العمل
ودعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تغيير ثقافة التعليم في مصر بالتوجه نحو التخصصات الجديدة التي يحتاجها سوق العمل، مشيرا إلى أنه تم وسيتم افتتاح عدد كبير من الكليات والجامعات التي توفر التخصصات التكنولوجية الجديدة التي يحتاجها سوق العمل مثل الذكاء الاصطناعي، ولفت الرئيس السيسي إلى اهتمام الأسر بحصول أبنائها على الدروس الخصوصية من أجل التفوق، ما يعكس وعي المجتمع المصري بأهمية التعليم ولكن يبقى الاهتمام بما هو مستهدف من التعليم وعدم الاكتفاء بالحصول على الشهادة ولكن الاهتمام بنوعية الشهادة والتعليم.
وأضاف: إن الكليات الحديثة التي تم إنشاؤها توفر التعليم والمستقبل الحقيقي، ودعا وسائل الإعلام إلى الاهتمام بالبرامج التي تتيح إلقاء الضوء على المواهب الشابة في مجالات التكنولوجيا والاتصالات الحديثة على غرار برامج المسابقات في مجالات أخرى مثل المجالات الفنية وغيرها، مؤكدا علي إمكانية ارتفاع دخل الفرد في حال اكتساب مهارات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وأنذاك أوضح وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت عن أصحاب هذه التخصصات أنهم يحققون دخلا يتراوح ما بين 15 إلى 20 ألف جنيه شهريا في بداية التخرج وأنه من الممكن أن يصل من 5 إلى 10 آلاف دولار شهريا.
وافتتح الرئيس السيسي أيضا عددا من مشروعات مصر الرقمية عبر الفيديو كونفرانس، منها مدرسة التكنولوجيا التطبيقية بمدينة نصر، ومدرسة التكنولوجيا التطبيقية بالشيخ زايد، وعقب الافتتاح شهد الرئيس عبدالفتاح السيسي فعاليات الجلسة الحوارية للشباب المشارك في المبادرات والمستفيد من المنح الخاصة بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وتعقيبا، قال الرئيس عبدالفتاح السيسي "إن الدولة المصرية تحتاج لتنمية قطاع الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات، لنجعله قطاعا رائدا في مصر، وقاطرة مثل العديد من الدول"، ووصف استماعه لتجارب الشباب المشارك بأنها كانت "تجربة رائعة".. ووجه حديثه للسيدة رحاب من مبادرة مستقبلنا الرقمي متسائلا عن راتبها، وذلك لظروفها الخاصة بعد مرض زوجها وتوقفها عن العمل، فأجابته أنها أصبحت حاليا رئيس التسويق التنفيذي لشركة مقرها الولايات المتحدة تعمل فى الذكاء الاصطناعي، وتقوم بإدارتها من المنزل، وتتقاضى حاليا راتب 2000 دولار شهريا.
وفي عام 2023 - وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمواصلة جهود الدولة في تعزيز التحول الرقمي، وميكنة الإجراءات الإدارية والحكومية تسهيلاً على المواطنين واختصاراً للوقت والمجهود والتكلفة، مع متابعة ومواكبة أحدث التطبيقات التكنولوجية في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي تزداد أهميته وقيمته المضافة باطراد على المستوى العالمي، جاء ذلك خلال اجتماعه يوم السبت 25 فبراير 2023 ، مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وأكد علي أولوية توفير كل الدعم اللازم لبناء وتطوير قدرات الشباب المصري، ومساندة الشركات الناشئة وتشجيع توسعها في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، واستمع خلال الاجتماع إلى عرض من وزير الاتصالات حول جهود تأهيل وتدريب الموارد البشرية المصرية في مجال تكنولوجيا المعلومات، من خلال استراتيجية "مدينة مصر الرقمية"، التي تستهدف تعظيم الصادرات الرقمية، وزيادة عدد العاملين بالقطاع بما في ذلك المستقلين الذين يعملون بشكر حر أو في صناعة التعهيد، من خلال إنشاء مسار تعليمي تدريبي معتمد في علوم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
واطلع الرئيس على مستجدات عدد من المبادرات والمشروعات، من بينها "أشبال مصر الرقمية"، ومراكز الإبداع الرقمية، وتطوير مكاتب البريد المصري، ومكاتب الشهر العقاري، والمناطق التكنولوجية، ومدارس التكنولوجيا التطبيقية على مستوى الجمهورية.
ولفت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى حصول مصر على أعلى فئة في مؤشر نضج الحكومة الرقمية لعام 2022 الصادر عن البنك الدولي، بالإضافة إلى تقدّم ترتيب هيئة البريد المصري في مؤشر التنمية البريدية الصادر عن الاتحاد البريدي العالمي خلال عام 2022، لتصبح الثانية عربياً وإفريقياً، والسابعة والخمسين على مستوى العالم؛ صعوداً من المركز الحادي والتسعين، حيث وجه الرئيس - في هذا الصدد - ببذل أقصى جهد لاستمرار ذلك التقدم وزيادته في جميع المجالات ذات الصلة بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
عودة الي حديث الرئيس السيسي أثناء افتتاح مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية
يوم الأحد 28-4-2024 وأثناء افتتاح مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية (P1 ) بطريق العين السخنة، وافتتاح مركز البيانات الرئيسي للدولة ومركز البيانات التبادلي، وذلك عبر تقنية الفيديو كونفرانس، ويعد مركز البيانات والحوسبة السحابية (P1 ) الذي يقدم خدمات (تحليل ومعالجة البيانات الضخمة - الذكاء الاصطناعي) الأول في مصر وشمال إفريقيا طبقا لأحدث التقنيات العالمية.
وقد أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال الافتتاح أهمية الحفاظ على دور مصر كنقطة رئيسية لنقل البيانات في العالم، وقال: "إن الدولة أنفقت مليارات الدولارات من أجل تجهيز بنية أساسية متكاملة في هذا الشأن، وأن افتتاح مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية اليوم يجهز مصر لكي تأخذ مكانها في عالم يتقدم بشكل كبير ومتسارع".
وأضاف الرئيس السيسي - في مداخلة له - إن فكرة إنشاء المركز تعتمد على الموقع الجيد لمصر، ولابد أن نستفيد منه على ضوء أن 90 % من الكابلات البحرية الموجودة بالعالم تمر بمصر بوصفها محورا رئيسيا لنقل البيانات والاتصالات بالعالم، وقد بذلت الدولة المصرية سابقا جهودا كبيرة في هذا المجال، وسنواصل العمل في هذا الاتجاه.
وتابع: من الضروري أن نعمل على تجهيز بنية أساسية متكاملة للحفاظ على مصر كنقطة رئيسية لنقل البيانات بين الشرق والغرب، وقد تم إنفاق مليارات الدولارات في هذا المجال - رغم حالة الغلاء التي نعاني منها - بهدف المشاركة في المستقبل الذي يتقدم فيه العالم بشكل كبير، إننا نجهز مصر لانطلاقة حقيقية بمنتهى السرعة في هذا المجال.
مجال تطوير البيانات والريادة فيه منذ عام 2018
وأوضح أن مصر بدأت في مجال تطوير البيانات والريادة فيه منذ عام 2018 بالتوازي مع بناء العاصمة الإدارية، مشيرا إلى طبيعة عمل الحكومة في الماضي حيث كان لكل وزارة سيرفر بيانات خاص بها دون التأكد من مدى تأمينه ومدى قدرته على التفاعل مع باقي الوزارات، ونوه الرئيس السيسي إلى أن المركز الرئيسي للبيانات سيكون شاملا لكل الوزارات وبه كل البيانات الخاصة بها ولا يستطيع أحد الدخول على هذه الشبكة نظرا لتأمينها بشكل كبير للغاية.. مؤكدا أن الحكومة سعت لأن يكون المركز الرئيسي للبيانات الخاص بها على أعلى مستوى وفقا للمعايير العالمية.
وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي، إن مصر بها 106 ملايين مواطن، ومن المفترض أن تكون أرقام العنصر البشري الذي يعمل في مجال الرقمنة أرقاما غير التي تم عرضها.. مؤكدا ضرورة توافر كوادر بشرية متقدمة على الأقل في مجال التعهيد، مشددا على ضرورة قيام الأسر المصرية بدفع أبنائهم خلال فترات الدراسة بالمراحل (الابتدائية والإعدادية والثانوية) لتعليمهم هذه المجالات وذلك بهدف زيادة فرص مصر أن تصبح دولة غنية .
مصر تستهدف خلال عام 2026 الوصول إلى 9 مليارات دولار من مجالات "التعهيد"
من جانبه، أوضح وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت أن مصر تستهدف خلال عام 2026 الوصول إلى 9 مليارات دولار من مجالات "التعهيد" فقط، وهو رقم قابل للزيادة حال زيادة الكوادر المدربة، وقال إن "التعهيد " يعمل على ثلاثة تخصصات ،المستوى الأول يستطيع الشاب من خلاله تصدير ما قيمته 30 ألف دولار في العام، والمستوى الثاني "البرمجة" يستطيع الشاب من خلاله تصدير ما قيمته من 50 إلى 60 ألف دولار في العام، أما المستوى الثالث فيتعلق بتصميم البرمجيات أو البرامج المتخصصة، يستطيع من خلاله الشاب تخطي 100 ألف دولار في العام الواحد من الصادرات في هذا المجال.
ووجه الرئيس السيسي حديثه للأسر المصرية قائلا" كل أسرة مصرية لديها أبناء في فترات الدراسة بالمرحلتين الابتدائية والإعدادية، وإذا كنتم تريدون الاستثمار في أبنائكم ومساعدة بلدكم، يجب أن تتوجه بوصلتنا إلى هذه المجالات"، ولفت الرئيس السيسي إلى وجود دول تعداد سكانها لا يتعدى 10 ملايين نسمة ويعمل لديها أكثر من نصف مليون شخص في مجال التعهيد، أي أن كل فرد منهم يصدر نحو 100 ألف دولار، بإجمالي 70 مليار دولار خلال العام الواحد.
الدولة تهدف لتوجيه الجميع بضرورة الاستثمار في الإنسان
وأكد أن الدولة تهدف لتوجيه الجميع سواء الحكومة أو وزارة التربية والتعليم والإعلام والمثقفين بضرورة الاستثمار في الإنسان، لأن مصر ليس لديها موارد سوى الإنسان ويجب الإهتمام بتعليمه، مشيرا إلى أن الدولة وفرت الجامعات والكليات والعديد من البرامج وتستهدف الوصول إلى أرقام طموحة للخروج مما نحن فيه، ومن حديث الرئيس في هذه المناسبة نستخلص نقاط رئيسية منها أنه أشار أن مكان ادارة المعلومات الرقمية موجود فى مكان ما سرى تحت الأرض محصن بشكل تام لدرجة الا يمكن مهاجمتة بالقنابل؟
وأنه أشار لوزرات التعليم والتعليم العالي، للإهتمام بتعليم يناسب التطور التكنولوجي في العالم، وأن الجميع شركاء في مصر في هذا الأمر، ومن كل ما سبق ذكره يمكننا القول أن هناك أهتمام كبير من القيادة السياسية المصرية ممثلة في السيد رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي بموضوع التحول الرقمي، وليس هذا الاهتمام وليد الأيام الاخيرة كما يظن البعض، بل هو اهتمام ولد من اعوام عديدة مضت، فأشارت المقال علي دلائل لهذا الاهتمام تعود لعام 2019 .
دخل من يعمل في مجال البرمجيات يصل الي 100 الف دولار في العام
ويضيف "عبدالوهاب": وما يجب التأكيد عليه أنه منذ ذلك العام والرئيس يشير الي موضوع تغيير ثقافة التعليم لدي الأسر المصرية ولدي أجهزة الدولة، ويشير كذلك الي دور التحول الرقمي في تيسير حصول المواطنيين علي الخدمات المختلفة، ويشير كذلك الي الربط بين كافة أجهزة ومؤسسات الدولة رقمياً، والي الإهتمام البالغ بتأمين هذا العمل ووضعه تحت حماية موثوق بها من قبل الدولة، ويجب الاشارة هنا الي أن غالبية الشعب لم يسترعه الإهتمام بهذا الفكر الرئاسي المؤمن بالتحول الرقمي الي عندما أشار سيادته من أيام قليلة الي دخل من يعمل في مجال البرمجيات والذي يصل الي 100 الف دولار في العام.
وفى الأخير - يقول "عبدالوهاب": فلم نسمع عن حملات توعية تتبناها جهات حكومية أومؤسسات المجتمع المدني توجهها للأسر المصرية وللشباب لتغيير ثقافتهم نحو التعليم، بل لقد عرضت مبادرات شخصية في هذا الأمر علي العديد من الجهات ولكنها لم تلقي قبولاً، وختاماً أقول وبمنتهي الصدق ان القيادة العليا في مصر قطعا شوطا كبيرا في مجال التحول الرقمي، وبذلت جهداً مضنياً في ذلك، ولكنها للاسف الشديد سارت في طريقها هذا منفردة، وافراد المجتمع وأغلب مؤسسات الدولة أتخذت دور المتفرج، فهل حان الوقت أن يسير الجميع في هذا الطريق، وأن تعمل الأسر المصرية جنباً مع جنب مع كل من المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني لتأهيل الدولة المصرية وكل أفراها للسير في هذا الطريق.