مأمور الضبط القضائي هو شخص منحه القانون المصري مهمة الضبط القضائي عقب وقوع الجريمة، وقد جرى تحديد مأموري الضبط القضائي على سبيل الحصر في المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية المصري، وهؤلاء ينقسمون إلى طائفتين: طائفة مأموري الضبط الذين لهم الضبطية القضائية تجاه جميع أنواع الجرائم، وطائفة مأموري الضبط الذين ليس لهم الضبطية إلا تجاه جرائم معينة متعلقة بوظائفهم الأساسية، ويظل مأمور الضبط القضائي أهلاً لمباشرة الضبطية القضائية حتى في غير أوقات العمل الرسمية والإجازات، فيجوز للضابط القبض على المتهم وتحرير محضر بالواقعة يوم إجازته الرسمية.
وفى الحقيقة - "خناقة" الضبطية القضائية والتوسع فيها ستظل مستمرة، فمنذ ثورة 30 يونيو 2013، صدرت قرارات وزارية بمنح الضبطية القضائية لبعض الموظفين بالنسبة للجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم، منهم على سبيل المثال لا الحصر منح الضبطية القضائية للعاملين بجهاز حماية المستهلك وقيادات وزارة البترول وموظفي الأمن بالجامعات، وموظفي الصحة والسكان وموظفي الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحي، ومنح صفة الضبطية القضائية للعاملين بالجهاز القومي للاتصالات، ومفتشى الصيدليات، وغيرها من الوظائف، حيث تثير دائما وأبدا مسألة "منح الضبطية القضائية" حالة من الجدل المستمر لعدد كبير من القطاعات مما يمكن الانحراف بها عن الغرض الذي أنشئت من أجله ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد.
"الضبطية القضائية" بين التأويل والتطبيق
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على الضبطية القضائية، فكثيراً ما نسمع عن قرارات صادرة بمنح صفة الضبطية القضائية لبعض الموظفين والمسئولين فى الدولة، وفى الحقيقة التي لا تخفى على أحد أن "الضبطية القضائية" تحسن من أداء الواجبات المفروضة عليهم، ويعتبر قرار منح الضبطية القضائية للعاملين بالجهات والهيئات الرقابية جعلهم يحملون "سيف الدولة"، في محاولة جادة لوقف المخالفات اليومية التي قد تؤثر على صحة المواطنين، والحفاظ على الأمن والنظام، فضلاً عن مخالفات وسائل النقل في القاهرة والمحافظات، لكن في الفترات الأخيرة تم التوسع في منح الضبطية القضائية لعدد من جهات موظفي الدولة – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى.
يتساءل البعض مَن المسئول عن منح الضبطية القضائية؟
في البداية - إن "وزير العدل" هو من يملك حق منح الضبطية القضائية، بالاتفاق مع الوزير المختص، وتخويل بعض الموظفين صفة مأمورى الضبط القضائى بالنسبة إلى الجرائم التى تقع فى دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم، وأن جميع النصوص الواردة فى القوانين والمراسيم والقرارات الأخرى بشأن تخويل بعض الموظفين اختصاص مأمورى الضبط القضائى هى قرارات صادرة من وزير العدل، بالاتفاق مع الوزير المختص – وفقا لـ"صبرى".
ويجوز بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص منح العاملين بمديريات التموين والتجارة الداخلية بالمحافظات، بصفاتهم الوظيفية كل في دائرة اختصاصه صـفة مأموري الضبط القضائي إعمالا لنص المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين، والمرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 الخاص بالتـسعير الجبري وتحديد الأرباح، وبالنسبة للجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون رقم 1 لسنة 2017 بشأن قانون الهيئة القومية لسلامة الغذاء – الكلام لـ"صبرى".
أما بخصوص منح صفة مأمورى الضبط القضائى لبعض الموظفين، مثلا لرقابة السلع والتموين:
يحق لوزير التموين لأغراض تنفيذ القوانين واللوائح والأنظمة والقرارات التموينية، منح صفة الضبط القضائية للأشخاص الذي يسميهم الوزير صفة مأموري الضبط القضائي، وذلك لضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها من مواد الحاجيات الأولية وخامات الصناعة ولتحقيق العدالة في التوزيع، وضبط المخالفين، ويكون صفة مأموري الضبط القضائي من شاغلي الوظائف مدير عام الرقابة والتفتيش - مدير عام - كل في دائرة اختصاصه النوعي والمكاني، وبمقتضي هذه الصلاحيات يخول لهم الآتي – طبقا لـ"صبرى":
أ- دخول المحال العامة ( المتاجر - المصانع - المخازن ) الغير مسكونة أوقات مزاولة أعمالها على نحو معتاد لمعاينتها وتفتيشها ومراقبة مدى التزام القائمين عليها بالقوانين واللوائح والنظم والقرارات النافذة والكشف عن أية مخالفات لأحكامها.
ب- ضبط المواد والسلع موضوع المخالفة والتحفظ عليها .
ملحوظة: ويكون لمحاضر مأموري الضبط القضائي الحجية أمام كافة السلطات المعنية.
وحدد قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950، المهام والاختصاصات التي يقوم بها مأمورو الضبط القضائي، حيث يقوم بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها، وجمع الاستدلالات التى تلزم للتحقيق والدعوى، ويكون مأمورو الضبط القضائي تابعين للنائب العام، وخاضعين لإشرافه فيما يتعلق بأعمال وظيفتهم، وللنائب العام أن يطلب إلى الجهة المختصة النظر في أمر كل من تقع منه مخالفة لواجباته، أو تقصير في عمله، وله أن يطلب رفع الدعوى التأديبية عليه، وهذا كله لا يمنع من رفع الدعوى الجنائية.
ونصت الفقرة الأخيرة من المادة 23 من القانون على أنه: "ويجوز بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص تخويل بعض الموظفين صفة مأموري الضبط القضائي بالنسبة إلى الجرائم التي تقع في دائرة اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم"، كما نصت المادة 24 من القانون على أنه يجب على مأموري الضبط القضائي أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم، وأن يبعثوا بها فوراً إلى النيابة العامة، وأنه يجب عليهم وعلى مرؤوسيهم أن يحصلوا على جميع الإيضاحات، ويجروا المعاينات اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع التي تبلغ إليهم، أو التي يعلنون بها بأية كيفية كانت وعليهم أن يتخذوا جميع الوسائل التحفظية اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة – هكذا يقول الخبير القانونى.
ما هو الهدف من الضبطية القضائية؟
إن الهدف من الضبطية القضائية هو تفعيل القانون ومحاربة الجريمة، ومواجهة الفساد وأن جميع مأمورى الضبط القضائى يخضعون لتفتيش النيابة العامة، لمواجهة أى تجاوز يقع منهم أو إساءة استغلالهم الضبطية القضائية وفقاً للمادة 22 من قانون الإجراءات الجنائية، لكن التوسُّع فيها يجعل من بعض الموظفين سلطة فوق الجميع، وقد يؤدى إلى انحراف الهدف من هذا الاستثناء والإضرار بالمصلحة العامة، لأنه ربما يستغل بعض مأمورى الضبط القضائى سلطاتهم من أجل تحقيق النفع الخاص، وليس النفع العام.
أن القانون حدّد شروطاً معينة لمنح الموظفين صفة مأمورى الضبط القضائى، ويجب عدم التوسُّع فى منحها، باعتبار أنها استثناء، ولا يجوز التوسُّع فى الاستثناء على حساب الأصل، ويحق لأى مواطن صاحب صفة ومصلحة أن يطعن على قرار وزير العدل بمنح الضبطية القضائية، حيث أن مجلس الدولة اعتبر أن قرارات إضفاء صفة الضبط القضائى التى يمنحها وزير العدل تُعد من قبيل القرارات الإدارية التى تخضع لرقابة القضاء، خاصة وأن مأمور الضبط القضائي سلاح الحكومة لمواجهة الفساد ويخضعوا للرقابة، لكن التوسع فيه قد يخرجه عن الأهداف التي شرعت من إجله.