فصلت الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض، في طعنين متناقضين لواقعة سب وقذف مرتضى منصور لمحمود الخطيب ومحمد مرجان، وعدلت عن مبدأ وأرست مبدأ أخر للحافظ على سمعة العائلات والأفراد في المجتمع، قالت فيه: "إقرار الأحكام التى انتهت إلى أن العقوبة المُقررة لجريمة القذف إذا تضمن طعناً فى عرض الأفراد أو خدشاً لسمعة العائلات المنصوص عليها فى المادة (308) من قانون العقوبات هى الحبس والغرامة معاً، وجواز الطعن بالنقض فى الأحكام الصادرة فيها، والعدول عما تعارض مع ذلك من أحكام".
صدر الحكم في الطلب رقم 4 لسنة 2023 هيئة عامة، في الطعن المقيد بجدول محكمة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة - طعون نقض الجنح برقم 14370 لسنة 13 القضائية - برئاسة المستشار حسني عبد اللطيف، وعضوية المستشارين عاصم الغايش، و محمد سامي إبراهيم، و د. علي فرجاني، و مصطفى حسان، و ربيع لبنه، ومحمد عبد العال، وعابد راشد، ومصطفى محمد، ورفعت طلبة، وعلاء الدين مرسي، وبحضور كل من المحامي العام لدى محكمة النقض خالد إبراهيم جمعة، وأمانة سر السيد طارق عبد العزيز.
ملحوظة: الطلب مرفوع من مرتضى أحمد محمد منصور، ضد النيابة العامة، ومحمود إبراهيم إبراهيم الخطيب، ومحمد سعد الدين السيد مرجان.
الوقائع.. مرتضى منصور متهم بقذف محمود الخطيب و"مرجان"
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجنحة رقم 24790 لسنة 2021 قسم العجوزة والمقيدة برقم 9049 لسنة 2022 جنح مستأنف شمال الجيزة، بوصف أنه في يوم 28 من يوليو سنة 2019 بدائرة قسم العجوزة - محافظة الجيزة، قذف بإحدى الطرق العلنية المجني عليهما محمود إبراهيم إبراهيم الخطيب، ومحمد سعد الدين السيد مرجان بأن أسند إليهما أموراً لو صحت لأوجبت عقابهما قانوناً، واحتقارهما لدى أهل وطنهما، كما قام بسبهما علانية بأن وجه إليهما عبارات تخدش شرفهما واعتبارهما على النحو المبين بالتحقيقات، وطلبت عقابه بالمواد 171/1، 3، 302/1، 303/1، 304، 308 من قانون العقوبات .
الخطيب ومرجان يدعيان مدنيا على سبيل التعويض.. وأيضا مرتضى يدعى مدنيا
وأدعى المجني عليهما - بوكيل عنهما - مدنياً قبل المتهم بمبلغ 40 ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت، كما أدعى المتهم - بوكيل عنه - مدنياً قبل المجني عليهما بمبلغ 100 ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت، ومحكمة جنح العجوزة قضت حضورياً بجلسة 17 من أبريل سنة 2022، عملاً بالمواد 171، 302، 303 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم أولاً: بتغريمه 10 آلاف جنيه والمصروفات الجنائية، ثانياً: إلزامه بأن يؤدي للمدعيين بالحق المدني مبلغ 10 آلاف جنيه تعويضاً مدنياً مؤقتاً، ورفض الادعاء المدني المقابل المبدى من المتهم، والزمته المصروفات المدنية وأتعاب المحاماة خمسين جنيهاً في الدعويين فاستأنف المحكوم عليه، وقيد استئنافه برقم 9049 لسنة 2022 جنح مستأنف شمال الجيزة .
المحكمة تقضى بالتغريم لصالح للخطيب ومرجان.. وترفض إدعاء مرتضى
ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بجلسة 26 من يونيه سنة 2022 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه، وتأييد الحكم المستأنف، والزمت المتهم المصاريف المدنية والجنائية ومبلغ خمسة وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة، فطعن المحكوم عليه - بوكيل عنه - في هذا الحكم بطريق النقض في 24 من أغسطس سنة 2022، وقيد طعنه برقم 14370 لسنة 13 قضائية "طعون نقض الجنح" .
"الاستئناف" تؤيد حكم أول درجة بالتغريم.. ومرتضى يطعن على الحكم لإلغاءه
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بالنقض في 24 من أغسطس سنة 2022 موقع عليها من المحامي ومحكمة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة منعقدة في غرفة مشورة - قررت بجلسة 12 من أغسطس سنة 2023- بإحالة الطعن للهيئة العامة للمواد الجنائية للفصل فيه عملاً بالمادة 36 مكرراً من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل، وقيد الطلب برقم 4 لسنة 2024 والهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض قررت بجلسة 18 من أكتوبر سنة 2023 إعادة الطعن إلى محكمة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة منعقدة في غرفة المشورة، ومحكمة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة - طعون نقض الجنح - قررت بجلسة 27 من أبريل سنة 2024 إحالة الطعن للهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض .
إحالة الطعن للهيئة العامة للمواد الجنائية للفصل فيه
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة قانوناً من حيث إنه وبجلسة 27 من أبريل سنة 2024 قررت محكمة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة - دائرة طعون نقض الجنح - إحالة هذا الطعن إلى السيد القاضي رئيس محكمة النقض لعرضه على الهيئة العامة للمواد الجنائية، وذلك عملاً بالمادة (36 مكرراً (بند (2) من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 - والمستبدلة بالقانون رقم 7 لسنة 2016 - لإعمال ما تقضي به المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972، للفصل في الخلاف حول جواز أو عدم جواز الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة في جريمتي القذف أو السب إذا ارتكب بإحدى طرق العلانية المبينة في المادة 171 من قانون العقوبات إذا تضمن طعناً في الأعراض وخدشاً لسمعة العائلات المعاقب عليها بالمادة 308 من ذات القانون، والتي اتجهت فيها أحكام محكمة النقض إلى اتجاهين:
أولهما: ذهب إلى عدم جواز الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة في هاتين الجريمتين باعتبار أن عقوبة الحبس المنصوص عليها في المادة 308 قد ألغيت بالقانون رقم 147 لسنة 2006 الصادر بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات واقتصرت العقوبة فيها على الغرامة في الحدود المبينة في المواد 179، 181، 182، 303، 304، 307 منه.
ثانيهما: وذهب الاتجاه الثاني إلى أن عقوبة الحبس ما زالت قائمة لم تلغ بموجب التعديل المار ذكره .
تباين الأحكام في تفسير المادة 308 من قانون العقوبات
ونظراً لتباين الأحكام في تفسير المادة 308 من قانون العقوبات ومدى بقاء انطباق حكمها في ظل ذلك التعديل، أحالت محكمة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة - دائرة طعون نقض الجنح - الطعن إلى السيد القاضي رئيس محكمة النقض لعرضه على الهيئة العامة للمواد الجنائية للعدول عن المبدأ الذي قررته أحكام الاتجاه الأول، والأخذ بالمبدأ الذي قررته أحكام الاتجاه الثاني .
الهيئة العامة للنقض في حيثيات الحكم قالت: ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن على القاضي أن يتوخى إرادة المشرع في تحديد مدلول النص ببيان العلة منه والمصلحة المحمية به، وكانت محكمة النقض التي لا تعلوها محكمة - بما ترسيه من مبادئ وأحكام تكفل فهم القانون وسلامة تطبيقه على وجهه الصحيح وتوحيد أحكام المحاكم عليه - الزم بإتباع تلك القواعد في تفسير النص وصولاً إلى مقصود الشارع منه .
المادة الثانية من القانون رقم 147 لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات
وبحسب "الهيئة العامة للنقض": لما كان ذلك، وكانت المادة الثانية من القانون رقم 147 لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات ولئن ألغت عقوبة الحبس المنصوص عليها في المادتين 303، 306 منه، ورفعت الحدود الدنيا والقصوى لعقوبة الغرامة المقررة لهاتين الجريمتين لظروف واكبت ذلك التعديل كشفت عنها مضابط جلسات مجلس الشعب ومناقشات أعضائه والمذكرة الإيضاحية لمشروع القانون - ولحكمة ارتاها المشرع - أبقى على نص المادة 308 من قانون العقوبات بما تضمنته من تشديد العقوبة على جريمتي القذف والسب العلني إذا تضمن طعناً في عرض الأفراد، أو خدشاً لسمعة العائلات، والتي استبان من جماعها بجلاء إنصراف نية المشرع إلى الإبقاء على هذه المادة صالحة للإعمال بذاتها، ونافذة فيما نصت عليه من وجوب توقيع عقوبة الحبس والغرامة معاً على الجريمتين - سالفتي البيان - استهداءاً بما نصت عليه المادة 18 من قانون العقوبات، مع الأخذ في الاعتبار ما نصت عليه المادة 308 المار بيانها في عجزها من وضع حد أدنى لعقوبة الحبس إذا كان النشر في إحدى الجرائد أو المطبوعات، ومن ثم جواز الطعن بالنقض في الحكم النهائي الصادر بالإدانة فيها .
وتضيف "الهيئة العامة للنقض": والقول بسريان عقوبة الغرامة دون سواها على جريمتي القذف والسب العلني إذا تضمن طعناً في عرض الأفراد أو خدشاً لسمعة العائلات من شأنه تقييد المطلق نص المادة 308 من قانون العقوبات وتخصيص لعمومه بغير مخصص والذي جاء واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه، ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، فإن الهيئة العامة تنتهي بالأغلبية المنصوص عليها في المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية إلى العدول عن الأحكام التي صدرت على خلاف هذا النظر - لما كان ذلك - فإن الهيئة بعد الفصل في المسألة المعروضة عليها تعيد الطعن إلى المحكمة المحيلة للفصل فيه وفقاً لما انتهى إليه حكم الهيئة طبقاً للقانون .
فلهذه الأسباب:
حكمت الهيئة العامة للمواد الجنائية:
أولاً: بإقرار الأحكام التي انتهت إلى أن العقوبة المقررة لجريمة القذف إذا تضمن طعناً في عرض الأفراد أو خدشاً لسمعة العائلات المنصوص عليها في المادة 308 من قانون العقوبات هي الحبس والغرامة معاً وجواز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة فيها والعدول عما تعارض مع ذلك من أحكام .
ثانياً: إعادة الطعن إلى المحكمة المحيلة للفصل فيه وفقاً لما انتهى إليه حكم الهيئة طبقاً للقانون .
ماهو تعريف القذف؟
وفى هذا الشأن – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض حسام حسن الجعفرى - نصت المادة 302 من قانون العقوبات على أنه: "يُعد قاذفًا كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أمورًا لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو أوجبت احتقاره عن أهل وطنه"، ومع ذلك فالطعن في أعمال موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة لا يدخل تحت حكم الفقرة السابقة إذا حصل بسلامة نية وكان لا يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة وبشرطأنيثبت المتهم حقيقة كل فعل أسنده إلى المجنى عليه، وقوام القذف فعل الإسناد والقذف جريمة عمدية على الدوام، أما السب: هو خدش شرف شخص واعتباره عمدا دون أن يتضمن ذلك إسناد واقعة معينة إليه.
ماهي أركان الجريمة؟
وبحسب "الجعفرى" في تصريح لـ"برلماني": إن هذه الجرائم لها ركنان أساسيان، أولهما أركان جريمة القذف، منوها بأن القذف هو فعل إسناد وينصب هذا الفعل على واقعة يشترط فيها شرطان أن تكون محددة وأن يكون من شأنها عقاب من أسندت إليه أو احتقاره ويتعين أن يكون هذا الإسناد علنيا وهذه العناصر يقوم بها الركن المادى للقذف ويتطلب القذف بالإضافة لذلك ركنًا معنويًّا يتخذ صورة القصد الجنائى ومعنى ذلك أن للقذف ركنين مادى وركن معنوى. مثال ذلك قيام شخص بقذف آخر "ياحرامي يا مرتشي يانصاب... الخ".
ماهو تعريف جريمة السب؟
ويضيف "الجعفرى": السب العلنى يقوم على ركنين مادى هو خدش الشرف والاعتبار بأى وجه من الوجوه دون أن يشتمل ذلك على إسناد واقعة معينة وركن معنوى يتخذ دائما صورة القصد الجنائى.. مثال ذلك أن يقوم شخص بسب آخر "يا ابن ٠٠٠الخ".
وأوضح "الجعفرى": ولابد من توافر ركن العلانية في الجريمتين، لأن ركن العلانية، نصت عليه المادة 302 من قانون العقوبات على أنه يعد قاذفا كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أمورا لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا"، كما تنص الفقرة الأخيرة من المادة 171من قانون العقوبات على أنه: "تعتبر الكتابة والرسوم والصور الشمسية والرموز وغيرها من طرق التمثيل علنية إذا وزعت بغير تمييز على عدد من الناس" .
ما هي العقوبة إذا تضمن القذف طعنا في عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات؟
كما تنص المادة 308 على أنه: "إذا تضمن العيب أو الإهانة أو القذف أو السب الذي ارتكب بإحدى الطرق المبينة في المادة 171 طعنًا في عرض الأفراد أو خدشًا لسمعة العائلات تكون العقوبة الحبس والغرامة معًا على ألا تقل الغرامة في حالة النشر في إحدى الجرائد أو المطبوعات عن نصف الحد الأقصى وألا يقل الحبس عن 6 شهور" .
الخبير القانوني والمحامى بالنقض حسام حسن الجعفرى