أصدرت الدائرة 33 أحوال شخصية (الدائرة 178 سابقا) - بمحكمة استئناف القاهرة – حكما قضائيا فريدا من نوعه، بإلغاء حكم أول درجة القاضي برفض دعوى طلاق للضرر، والقضاء مُجددا بطلاقها للضرر مع حفظ كافة حقوقها الشرعية كاملة، مستندة إلى أقوال شهادة الشهود والمؤهل الدراسي والفارق الأخلاقى بين الزوجين والتعدى عليها، وخطف رضيعها البالغ من العمر 6 أشهر، واتهامها بالسرقة دون وجه حق.
الخلاصة:
تتحصل الوقائع في أن الزوج حاصل على دبلوم صناعى، أما الزوجة حاصلة على بكالريوس نظم معلومات، فقد وافقت الزوجة على الزواج ظنا منها وأهلها أنه من عائلة مرموقة أخلاقا وتدينا - ولكن حدثت الكارثة - بعد الزواج اكتشفت أن الزوج يسبها دائما، ودائم التعدى عليها بالضرب والإهانة بأبشع الألفاظ، لدرجة أنه قام:
1- بطردها.
2- أخذ رضيعها منها صاحب الـ6 أشهر.
3- اتهمها بالسرقة دون وجه حق حتى يحط من قدرها.
وفى تلك الأثناء – قامت الزوجة برفع دعوى طلاق للضرر، إلا أن محكمة أول درجة التفتت عن أقوال شهودها وجميع الأوراق والمستندات المقدمة منها، فقدمت قرار تسليم صغير من المحام العام الأول، وعند تنفيذه تعدى عليها الزوج بأبشع الألفاظ، وذكرت الألفاظ صراحة فى محضر التنفيذ، وذكرتها المحكمة، وامتثالا لذلك قامت بتطليقها مع حفظ كاقة حقوقها الشرعية كاملة، والطلاق هنا استند إلى المؤهل الدراسي والفارق الأخلاقى والاجتماعى بين الزوجين، حيث يرسى الحكم لمبدأ في غاية الأهمية وهو أن التكافؤ الدراسي والأخلاقى أساس الزواج وانعدامه يوجب الطلاق.
صدر الحكم في الاستئناف المقيد برقم 7968 لسنة 136 ق أحوال شخصية، لصالح المحامى بالنقض أحمد العطار، برئاسة المستشار هاني برهام، وعضوية المستشارين الدكتور أشرف هلال، ومحمد صلاح، وبحضور كل من وكيل النيابة عمر رأفت، وأمانة سر سامح شوقي.
الوقائع.. زوجة تتهم زوجها بالتعدى عليها .. وتقيم دعوى طلاق للضرر
وقائع الدعوى أحاط بها الحكم المستأنف وتحيل إليه المحكمة في بيانها وتوجزها لربط أوصال التداعي بالقدر اللازم لإصدار هذا القضاء في أن المستأنفة أقامت على المستأنف ضده الدعوى رقم 2983 لسنة 2018 أسرة المطرية، بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة أول درجة معلنة قانونا، وطلبت في ختامها الحكم لها بتطليقها منه طلقة بائنة للضرر مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقالت في بيان ذلك، إنها زوجته ومدخولته بصحيح العقد الشرعي المؤرخ فى 3 نوفمبر 2016، ورزقت منه بالصغير (آدم) المولود في 11 نوفمبر 2017، وقد دأب المستأنف ضده على التعدي عليها بالسب والقذف والضرب وطردها من مسكن الزوجية لرفضها التنازل عن حقوقها الشرعية وعن حضانة ابنها الرضيع وخطف الرضيع بالفعل، وبدد أعيان جهازها ورفض الإنفاق عليها؛ فلجأت إلى مكتب التسوية، وكانت الدعوى.
محكمة أول درجة تحقق في الدعوى.. وتستمع لشهود الإثبات
وتدوولت الدعوى بالجلسات أمام محكمة أول درجة على النحو الثابت بمحاضرها، وتم عرض الصلح، وبجلسة 15 ديسمبر 2021 قضت تلك المحكمة بإحالة الدعوى للتحقيق لإثبات ونفي ما ورد بمنطوق ذلك الحكم والذي تحيل إليه المحكمة، ونفاذاً لهذا القضاء استمعت الشاهدي المستأنفة، وهما "عادل. م"، و"فادي. م"، فشهد الأول بأنه زوج خالة المستأنفة، وبأنه شاهد المستأنف ضده يسب المستأنقة بأهلها، وأنه لا ينفق عليها ولا يمكن دوام العشرة بينهما؛ وشهد الثاني بأنه زوج عمة المستأنفة، وبأن المستأنف ضده حضر إلى مسكن والد المستأنفة لاصطحابها إلى مسكن الزوجية وقد شاهده سبها بأبيها وبدينها.
محكمة أول درجة تلتفت عن شهادة الشهود.. وترفض الدعوى
وبجلسة 23 فبراير 2022 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى، وألزمت المستأنفة المصروفات ومبلغ خمسة وسبعين جنيها مقابل أتعاب المحاماة تأسيسا على عدم اطمئنانها لشهادة شاهدى المستأنفة، وأنها تصلح لثبوت الضرر الذي لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما.
وإذ لم يلق ذلك القضاء قبولاً لدى المحكوم ضدها، فطعنت عليه بالاستئناف الماثل بصحيفة موقعة من محام، وأعلنت قانوناً طلبت فيها الحكم بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء لها بطلباتها مع إلزام المستأنف ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين، وذلك لأسباب حاصل النعي بها مخالفة الحكم المستأنف للقانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وذلك بخصوص إثبات أوجه الضرر الموجبة للتطليق، ومنها اتهامها بالسرقة وخطفه لرضيعها وسبها أمام القوة التي حضرت التنفيذ قرار المحامي العام بتسليم الرضيع إليها، ثم هروبه دون تسليمه، كما هو ثابت بمحاضر الشرطة المقدمة في الأوراق، فضلا عن عدم استناد الحكم المستأنف لأقوال شاهدي المستأنفة.
الزوجة تستأنف لإلغاء الحكم
وفى تلك الأثناء - تداول نظر الاستئناف بالجلسات على النحو الثابت بمحاضره، وبجلسة المرافعة الأخيرة لم يحضر وكيل المستأنف ضده، وحضر وكيل المستأنفة ورفض الصلح وقدم مذكرة بدفاعه تناول فيها شرح أسباب استئنافه، وتضمنت ذات طلباته به، والنيابة العامة فوضت الرأي للمحكمة التي قررت حجز الاستئناف للحكم.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الاستئناف؛ وعن نعى المستأنفة على الحكم المستأنف مخالفة الحكم المستأنف للقانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وذلك بخصوص إثبات أوجه الضرر الموجبة للتطليق، ومنها اتهامها بالسرقة وخطفه لرضيعها وسبها أمام القوة التي حضرت لتنفيذ قرار المحامي العام بتسليم الرضيع إليها ثم هروبه دون تسليمه، كما هو ثابت بمحاضر الشرطة المقدمة في الأوراق فضلا عن عدم استناد الحكم المستأنف لأقوال شاهدي المستأنفة.
معيار الضرر في معنى المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929
وحيث إن هذا النعى في محله؛ ذلك بأنه من المقرر قانونا - في قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في الإدعاء والتبليغ أنه من الحقوق المباحة للأفراد، وأن استعماله في الحدود التي رسمها القانون لا يمكن أن يرتب مسئولية طالما صدر معبراً عن الواقع حتى ولو كان الانتقام هو ما حفز إليه، إلا أن إباحة هذا الحق لا يتنافر مع كونه يجعل دوام العشرة بين الزوجين مستحيلاً لاختلاف المجال الذي يدور في فلكه مجرد إقامة الإدعاء أو التبليغ ومدى تأثير أيهما على العلاقة بين الزوجين.
ولما كان معيار الضرر في معنى المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية، ويشترط للحكم بالتطليق للضرر وفق هذه المادة توافر وقوع الضرر أو الأذى من جانب الزوج دون الزوجة، بما لا يستطاع دوام العشرة بين أمثالهما، ولما كان الضرر هو إيذاء الزوج لزوجته بالقول أو بالفعل ويدخل في ذلك التشهير بإرتكاب إحدى الجرائم، وتصويره بما لا يمكن معه دوام العشرة أمر موضوعي متروك القاضي الموضوع، ويختلف باختلاف بيئة الزوجين ودرجة ثقافتهما والوسط الاجتماعي الذي بينهما.
لما كان ذلك؛ وكان البين من الأوراق إضرار المستأنف ضده بالمستأنفة بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما بالنظر إلى حالهما والوسط الذي يعيشان فيه، إذ هو صاحب مطعم بشبرا الخيمة وحاصل علي دبلوم فني صناعي، وهى ربة منزل وحاصلة على بكالوريوس نظم معلومات إدارية، وبما لا جدال منه أن الأضرار التي ادعتها المستأنفة ثابتة من أقوال شاهديها المار بيانها واللذين تطمئن المحكمة إليهما تمام الاطمئنان، ذلك أن الثابت من أقوالهما أمام محكمة أول درجة أنها موافقة للدعوى وأن ما شهدا به قد انصب على واقعة السب التي عايناها بنفسيهما سمعا بما تتوافر به المضارة الموجبة للتطليق وفقا للمادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985، وقد أيد هذه الشهادة وساندها ما ثبت من مطالعة المحكمة للصورة الضوئية غير المذكورة من محضر رفض تسليم الصغير (على) في القضية رقم 6123 لسنة 2019.
شهادة الشهود
فقد تقابل "حامد. م"، معاون تنفيذ محكمة شبرا الخيمة، وبصحبته أمين الشرطة "خيري. م" مع المستأنف ضده بإرشاد المستأنفة لتسليم ابنها الرضيع إليها بناء على قرار نيابة القناطر فما كان من المستأنف ضده إلا أن قام بسب المستأنفة أمامهما بقوله يا "....."، وحاول الاعتداء عليها ثم لاذ بالفرار، وقد اطمأنت هذه المحكمة إلى ما ثبت بهذا المحضر حيث أنه لم يثبت من الأوراق ما يدحضه أو وجود ما يشير إلى تلفيق الاتهام إلى المستأنف ضده أو وجود نزاع بينه وبين القائمين علي التنفيذ؛ فإذا أضيف إلى ذلك ما ثبت أيضا من مطالعة الصورة الضوئية الغير مذكورة من المحضر الإداري رقم 7173 لسنة 2019 مركز شرطة القناطر من اتهام المستأنف ضده المستأنفة بالسرقة، مما يعد ضررا ينال من سلوكها وشرفها وسمعتها، ويعتبر ذلك إساءة بالغة للمستأنفة، ومؤلما وجارحا لها بما لا يليق بأمثالها، ويكون المستأنف ضده بالإضافة إلى ما سبق قد أضر بها ضررا لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما ويبيح لها شرعا أن تطلب التطليق.
ولما كانت محكمة أول درجة قد خالفت هذا النظر، وانتهت إلى رفض طلب المستأنفة تطليقها من المستأنف ضده استنادا إلى عدم اطمئنانها لشهادة شاهدى المستأنفة، وأنها لا تصلح لثبوت الضرر الذي لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، وكان ما ذهبت إليه في هذا الشأن في غير محله على النحو السالف بيانه؛ وهو الأمر الذي يتعين معه إلغاء الحكم المستأنف، والقضاء بتطليق المستأنفة من المستأنف ضده طلقة بائنة للضرر عملاً بحكم المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 1929، لما أنشأته هذه المحكمة من أسباب.
لهذه الأسباب:
حكمت المحكمة: بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبتطليق المستأنفة "سارة. م" علي المستأنف ضده "عصام. ش" طلقة بائنة للضرر، وألزمت المستأنف ضده المصروفات عن الدرجتين.