أصدرت الدائرة العمالية "أ" – بمحكمة النقض – حكما قضائيا فريدا من نوعه، يهم ملايين العمال والموظفين، يتصدى للقرارات الجزائية بتحمل العامل أو الموظف مديونيات العملاء، رسخت خلاله لمبدأين قضائيين، قالت فيه:
1-ببطلان توقيع الجزاء وبطلان تحميل العامل مبالغ طبقا لنص المادة 59 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 حظرت توقيع جزاء تأديبي على العامل بعد مضي 30 يوماً من تاريخ انتهاء التحقيق معه.
2-والأهم تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب الخصوم، بل هو واجب القاضي الذي عليه من تلقاء نفسه أن يبحث عن الحكم القانوني المنطبق على الوقائع المطروحة عليه، وأن ينزل عليها هذا الحكم أياً ما كانت الحجج القانونية التي استند إليها تأييد طلباتهم أو دفاعهم.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 737 لسنة 85 قضائية عمال، لصالح المحامى بالنقض مصطفى زكى، برئاسة المستشار منصور العشري، وعضوية المستشارين بهاء صالح، ووليد عمر، ووليد رستم، وشريف أبو طه، وبحضور كل من رئيس النيابة لدى محكمة النقض نور سامي عبد العزيز، وأمانة سر محمد عوني النقراشي.
مبادئ توقيع الجزاءات المالية على العامل
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: حيث نصت المادة 59 في فقرتها الأخيرة الآتي: " ... ولا يجوز توقيع جزاء تأديبي على العامل بعد الانتهاء من التحقيق في المخالفة بأكثر من 30 يوماً"، وحيث نصت المادة 64: يحظر توقيع جزاء علي العامل إلا بعد إبلاغه كتابة بما نسب إليه وسماع أقواله وتحقيق دفاعه وإثبات ذلك في محضر يودع في ملفه الخاص، علي أن يبدأ التحقيق خلال 7 أيام علي الأكثر من تاريخ اكتشاف المخالفة وللمنظمة النقابية التي يتبعها العامل ان تندب ممثلاً عنه لحضور التحقيق، ويجوز في لمخالفات التي يعاقب عليها بالإنذار أو الخصم من الأجر الذي لا يزيد مقداره عن أجر يوم واحد أن يكون التحقيق شفاهه، علي أن يثبت مضمونه في القرار الذي يقضي بتوقيع الجزاء، وفي جميع الحالات يشترط أن يكون القرار الصادر بتوقيع الجزاء مسبباً".
وبحسب "المحكمة": نصت المادة 61 من القانون 12 لسنة 2003 على أن: "لا يجوز لصاحب العمل أن يوقع جزاء الخصم على العامل عن المخالفة الواحدة بما يزيد على أجر خمسة أيام ولا يجوز أن يقتطع من أجر العامل وفقا للجزاءات التي يوقعها أكثر من أجر خمسة أيام في الشهر الواحد".
ونصت المادة 73 من قانون العمل على:
"إذا تسبب العامل بخطئه وبمناسبة عمله في فقد أو إتلاف مهمات أو آلات أو خامات أو منتجات يملكها صاحب العمل أو كانت في عهدته التزم بأداء قيمة ما فقد أو أتلف .
ولصاحب العمل بعد إجراء التحقيق وإخطار العامل أن يبدأ باقتطاع المبلغ المذكور من أجره على ألا يزيد ما يقتطع لهذا الغرض على أجر خمسة أيام في الشهر الواحد، ويجوز للعامل أن يتظلم من تقدير صاحب العمل أمام اللجنة المشار إليها في المادة (71) من هذا القانون ووفقا للمدد والإجراءات الواردة بها .
فإذا لم يقض لصاحب العمل بالمبلغ الذي قدره للإتلاف أو قضى له بأقل منه وجب عليه رد ما اقتطع دون وجه حق خلال سبعة أيام من تاريخ صدور قرار اللجنة.
ولا يجوز لصاحب العمل أن يستوفى مستحقاته بطريق الاقتطاع وفقا لحكم هذه المادة إذا بلغ مجموعها أجر شهرين".
حظر توقيع جزاء تأديبي على العامل في هذه الحالة
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت: حيث إن مما ينعاه الطاعن بباقي أسباب الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن المادة 59 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 حظرت توقيع جزاء تأديبي على العامل بعد مضي ثلاثين يوماً من تاريخ انتهاء التحقيق معه فيما نُسب إليه، وإذ أصدرت المطعون ضدها الأولى عليه قرارها بتحميله مبلغ 59,522075 جنيهاً والخصم من راتبه بعد مرور المدة المنصوص عليها في المادة المار بيانها، فإن قرارها يكون معيباً بما يستوجب إلغاؤه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دعواه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وتضيف "المحكمة": وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب الخصوم، بل هو واجب القاضي الذي عليه من تلقاء نفسه أن يبحث عن الحكم القانوني المنطبق على الوقائع المطروحة عليه، وأن ينزل عليها هذا الحكم أياً ما كانت الحجج القانونية التي استند إليها تأييد طلباتهم أو دفاعهم. هذا، ولما كانت أحكام قانون العمل أحكاماً أمرة من النظام العام لتنظيمها علاقات العمل وروابطه بما في ذلك عقد العمل الفردي تحقيقاً للصالح العام وحماية العامل وإيجاد التوازن بين حقوقه وحقوق صاحب العمل.
نص في المادة 59 من قانون العمل
وتؤكد: وكان النص في المادة 59 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 على أنه يشترط في الفعل الذي تجوز مساءلة العامل عنه تأديبياً أن يكون ذا صلة بالعمل ... ولا يجوز توقيع جزاء تأديبي على العامل بعد تاريخ الانتهاء من التحقيق في المخالفة بأكثر من ثلاثين يوماً يدل على أن المشرع وتحقيقاً لحماية العامل حظر توقيع جزاء تأديبي عليه بعد مضي ثلاثين يوماً من تاريخ الانتهاء من التحقيق معه في المخالفة المنسوبة إليه، فإذا مضت المدة المحددة لتوقيع العقوبة دون توقيعها سقطت المخالفة المنسوبة للعامل، ولا يجوز توقيع عقوبة عليه عن هذه المخالفة بعد ذلك.
لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكمين الابتدائي والمطعون فيه أن المطعون ضدها الأولى نسبت للطاعن في غضون عام 2004 الإهمال لتجاوزه عن الضمانات التي قررتها وأجرت معه تحقيقاً إدارياً انتهت فيه لإحالته للنيابة العامة والتي أحالته بدورها للمحاكمة الجنائية وأدين بحكم نهائي بتاريخ 10 مايو 2008 وكان قرار المطعون ضدها الأولى بالجزاء الموقع على الطاعن قد صدر عام 2010 بعد مرور أكثر من 30 يوماً على حكم الإدانة الصادر ضده فإنه يكون باطلاً متعيناً إلغاءه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.