أصدرت محكمة جنح القاهرة الجديدة، حكما قضائيا فريدا من نوعه، ببراءة الزوج من جريمة تبديد المنقولات الزوجية، مستندة على أن منزل الزوجية ملك للزوجة، ما ينتفى معه تحقق الجريمة لعدم تحقق سيطرة المتهم علي المال محل الاتهام، وأكد هذا تقرير الخبير، وأنه لا محل للقول بالتبديد إذا ثبت أن المنقولات بمنزل الزوجية المعد لهذا الغرض وأن انتفاء سيطرة المتهم الزوج عليه هو دليل ببراءته وانعدام الجريمة في حقه.
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 14186 لسنة 2024 جنح التجمع الخامس، لصالح المحامى بالنقض محمود البدوى، برئاسة المستشار محمود حمدى، وبحضور كل من المستشار محمود الجزار، وكيل النايابة العامة، وأمانة سر أحمد حسني.
الوقائع.. الزوجة تقيم دعوى تبديد منوقلات زوجية ضد الزوج
تخلص وقائع الدعوى أن النيابة العامة نسبت للمتهم أنه وبدائرة قسم التجمع الخامس بدد المنقولات المبينة وصفاً وقيمة والمملوكة للمجني عليها "ليلى. ع"، والمسلمة إليه على سبيل عارية الاستعمال إلا أنه اختلسها لنفسه إضراراً بمالكتها، مع علمه بذلك، وطلبت الحكم عليه بأقصى العقوبة المقررة بنص المادة (341) من قانون العقوبات .
وفى تلك الأثناء - تداولت الدعوى بالجلسات، ومثل خلالها المتهم بوكيل عنه وأبدي دفوعه وطلب البراءة، وبجلسة المرافعة الختامية قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم.
الزوج يستند على أن المنقولات الزوجية في شقة ملك للزوجة
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الدعوى: ولما كان من المستقر عليه لدى محكمة النقض أن "محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة قضائها بالبراءة بالرد على من دليل من أدلة الاتهام، مادام أنها قد رجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة والشك في عناصر الإثبات، لأن في إغفالها التحدث عنها ما يفيد ضمنا أنها لم ترى فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهم فاطرحتها"، طبقا للطعن رقم 4684 لسنة 58 قضائية، الصادر بجلسة 2 نوفمبر 1989، وأيضا "ومتى بينت محكمة الموضوع واقعة الدعوى وأقامت قضاءها على عناصر سابقة اقتنع بها وجداتها فلا تجوز مصادرتها في اعتقادها ولا المجاملة في تقديرها أمام محكمة النقض"، طبقا للطعن رقم 1308 لسنة 30 قضائية، الصادر بجلسة 15 نوفمبر 1960.
وبحسب "المحكمة": وحيث أنه ولما كان ما تقدم وهديا به ومن مطالعة المحكمة الأوراق الدعوى عن بصر وبصيرة وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الإتهام، وازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم وداخلها الريبة في صحة عناصر الإثبات، فأهم ما يقوم عليه نظام الاثبات الجنائي هو ضرورة وصول القاضي إلى اليقين للحكم بالإدانة، فإذا لم يصل القاضي إلى هذا اليقين تعين عليه أن يحكم بالبراءة.
المحكمة تؤكد: انتفاء الجريمة لعدم تحقق سيطرة المتهم علي المال محل الاتهام
ووفقا لـ"المحكمة": فالجزاء الجنائي أخطر الجزاءات جميعا يصيب الناس في أرواحهم وأشخاصهم وأموالهم وكيانهم الأدبي، ومن ثم يجب التزام الحرص الشديد والتحقق الكامل والوصول إلى اليقين الأكيد قبل إصدار حكم بالادانة، فإن كانت النيابة العامة قد اكتفت بالدلائل والامارات لإحالة متهم للمحاكمة وقد تكتفى بالأدلة إن كانت مرجحة إلا أن تلك الدلائل والأمارات والأدلة المرجحة وأن كانت تصلح لأن يقام عليها اتهام أو لأن يقدم بها المتهم للمحاكمة، إلا أنها لا تصلح لأن يبنى عليها حكم قضائي بالإدانة لأنها لا تصلح لأن يقام عليها اليقين القضائي المقام عليه حكم الإدانة.
وتضيف "المحكمة": ولما كانت النتيجة الطبيعية تطلب اليقين القضائى في الإدانة هي وجوب تفسير الشك لصالح المتهم، لأنه رجوع الى الأصل العام في الإنسان وقاعدة تفسير الشك لصالح المتهم ترد على الشك الذي يكلف الوقائع كما ترد على الشك الذي يتعلق بتفسير وتطبيق القواعد القانونية، ويترتب على هذه القاعدة أنه لا يشترط أن يبنى القاضي حكمه بالبراءة على أدلة، بل يكفى أن يتشكك في أدلة الإثبات المقدمة.
المحكمة تحقق في الوقائع.. وتنصف الزوج
وأوضحت "المحكمة": حيث أن جريمة التبديد المؤثمة بالمادة (341) من قانون العقوبات جريمة عمدية يلزم لتوافرها أن يثبت للمحكمة تعمد المتهم اختلاس أموال منقولة دخلت حيازته بموجب عقد من عقود الأمانة، ولما كان دفاع المتهم قد حضر وقرر أن أعيان القائمة داخل منزل الزوجية حيازة الزوجة المجني عليها، وقدم إفادة من إدارة المجمع السكني محل مسكن الزوجة تفيد عدم خروج أعيان الجهاز من منزل الزوجية من تاريخ نشأة النزاع وحتى تاريخه.
وبناء على ذلك انتدبت المحكمة خبيراً للإنتقال للعين لمعاينة ما بها من منقولات واجراء المقارنة اللازمة بين ما تسفر عنه المعاينة وبين ما ثبت بالقائمة، وذلك في حضور دفاع المجني عليها ودون اعتراض منه، وبالجلسة المرافعة الختامية حضر المتهم بوكيل ولم تحضر المجني عليها، كما حضر الخبير وقرر برفض المجنى عليه تمكينه من أداء المعاينة واتصاله بمحاميها الذي أبلغه بعلمهم بالمعاينة، وهو الأمر الذي أدخل الشك في نفس المحكمة في صحة إدعاء المجنى عليها يتبديد المتهم للمنقولات المثبتة بقائمة أعيان الجهاز الأمر الذي تقضي معه المحكمة براءة المتهم من التهمة المنسوبة الية عملاً بنص المادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية .
وحيث أنه وعن الدعوي المدنية: الأمر الذي يلقى عن فعلها الصفة المشروعة التي هي أحد أركان المسئولية المدنية الموجبة للتعويض، ومن تقضى المحكمة برفض الدعوى المدنية مع الزام رافعها بمصاريفها على النحو الذي سيرد بالمنطوق.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة: ببراءة المتهم من التهمة المنسوبة اليه ورفض الدعوى المدنية والزام رافعها مصروفاتها .