أعلن المستشارعبد الوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ، موافقة المجلس على إحالة تقرير لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي، عن الدراسة المقدمة من النائب محمود تركي، عضو المجلس عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، بعنوان "مستقبل سياسات الحماية الاجتماعية من الاحتياج إلى التمكين"، إلى الحكومة لاتخاذ اللازم نحو تنفيذ ما ورد به من توصيات بعد ضبط التقريرفي ضوء ما تم من مناقشات في الجلسة.
وأحال رئيس مجلس الشيوخ طلب المناقشة العامة المقدم من النائبة هند جوزيف أمين، وأكثر من عشرين عضواً من الأعضاء، لاستيضاح سياسة الحكومة، بشأن بيان أدوات التمكين الاقتصادي التي تقدمها وزارة التضامن الاجتماعي للأسر الأولي بالرعاية، وطلب المناقشة العامة المقدم من النائبة عايدة نصيف، وأكثر من عشرين عضواً من الأعضاء، لاستيضاح سياسة الحكومة، بشأن برامج الحماية الاجتماعية والسياسات الاجتماعية المطبقة ومدى فاعليتها في تحقيق أهدافها، وما تم بشأنه من مناقشات وتعقيب وزيرة التضامن، إلى لجنة التضامن الاجتماعي وحقوق الإنسان لمناقشتهما وإعداد تقرير عنهما.
واستعرض النائب محمود تركي، تقرير اللجنة عن الدراسة، موضحا أن الدراسة تسعي للوصول إلى 6 أهداف رئيسية مترابطة، وهى: تقييم واقع الحماية الاجتماعية في مصر وتحليل نقاط القوة والضعف في البرامج القائمة، وتحديد الفئات المستفيدة وغير المستفيدة من برامج الحماية الاجتماعية وأسباب عدم الاستفادة، وتحليل التحديات التي تواجه تطوير نظام الحماية الاجتماعية في مصر، واستخلاص الدروس المستفادة من التجارب الدولية الرائدة في مجال الحماية الاجتماعية، ورسم خريطة النظام الإيكولوجي للعدالة الاجتماعية في مصر وتحليل العلاقات التفاعلية بين مكوناته، وتقديم توصيات لتطوير منظومة الحماية الاجتماعية في مصر.
وأوضح "تركي" أن أهم النتائج بالدراسة، كشفت أن مصر حققت تقدمًا ملحوظا في مجال الحماية الاجتماعية في السنوات الأخيرة، خاصة مع إطلاق برامج الدعم النقدي المشروط مثل تكافل وكرامة" والتوسع في برامج الرعاية والتأمين الصحي وإطلاق المبادرات الرئاسية المتنوعة التي تهدف إلى تحقيق التنمية الشاملة في مختلف القطاعات، ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تتعلق بشمول واستدامة وكفاءة هذه البرامج.
وأشار النائب محمود تركي، إلى أن الدراسة توصلت إلى أن قطاعات واسعة من المجتمع المصري تستفيد من برامج الحماية الاجتماعية، ولكن لا تزال هناك بعض الفئات التي لا تصلها هذه البرامج بشكل كاف، خاصة العمالة غير المنتظمة وبعض سكان المناطق الريفية والفقيرة.
وكشفت الدراسة أن التحديات تواجه تطوير منظومة الحماية الاجتماعية أهمها محدودية الموارد المالية، وتحديات التنسيق والتكامل بين الجهات المعنية، والتحديات المتعلقة بالاستهداف والوصول إلى جميع المستحقين، فضلا عن الحاجة إلى المزيد من تطوير نظم المعلومات والبيانات، وعدم كفاية وتكامل قواعد البيانات.
وأشار إلى أن الدراسة خلصت إلى مجموعة من التوصيات العامة لتطوير منظومة الحماية الاجتماعية في مصر وتعزيز دورها في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، حيث أظهرت هذه الدراسة أن منظومة الحماية الاجتماعية في مصر قطعت شوطًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، خاصة مع إطلاق برامج طموحة مثل تكافل وكرامة والتوسع في نظم التأمين الصحي ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تتطلب المزيد من الجهود لتحسين كفاءة وشمول واستدامة هذه المنظومة، ويُعد الاستثمار في الحماية الاجتماعية استثمارًا في رأس المال البشري وفي مستقبل مصر، وهو ضرورة لا غنى عنها لتحقيق التنمية الشاملة والعادلة وضمان حياة كريمة لجميع المصريين.
وجاءت توصيات الدراسة كالتالي:
1- حوكمة الحماية الاجتماعية من خلال وضع استراتيجية وطنية شاملة للحماية الاجتماعية تُحدد هذه الاستراتيجية رؤية واضحة وأهدافًا طموحة لمنظومة الحماية الاجتماعية في مصر، وتكون مُرتبطة بشكل وثيق برؤية مصر 2030 وأهداف التنمية المستدامة وحقوق الإنسان وتشمل تحديد الأدوار والمسؤوليات لكل جهة معنية، وآليات التنسيق والتكامل، ومؤشرات الأداء الرئيسية، وخطة التنفيذ المفصلة، كما أوصت بتوحيد مظلة سياسات الحماية الاجتماعية وإنشاء مجلس أعلى للحماية الاجتماعية، وأن يتبع هذا المجلس رئاسة مجلس الوزراء ويضم في عضويته ممثلين عن جميع الجهات الحكومية ذات الصلة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والخبراء المتخصصين.
ويكون هذا المجلس مسؤولا عن رسم السياسات العامة للحماية الاجتماعية وضمان التنسيق والتكامل بين مختلف البرامج والمبادرات وتحديثها بشكل دوري ومتابعة تنفيذها وتقييم نتائجها و تعزيز الجانب المؤسسي والإداري لمنظومة الحماية الاجتماعية من خلال بناء قدرات العاملين في هذا المجال وتحسين كفاءة الأجهزة الإدارية وتطوير آليات الحوكمة والشفافية والمساءلة.
2- إجراء قياس للأثر التشريعي لبعض القوانين ذات الصلة مثل قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 (فيما يخص المسؤولية المجتمعية للمستثمر)، وقانون تنظيم وتنمية استخدام وسائل الدفع غير النقدي رقم 18 لسنة 2019 وقانون المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر رقم 152 لسنة 2020، بهدف تحديد مدى مساهمة هذه القوانين في تحقيق أهداف الحماية الاجتماعية وتحديد الثغرات والتحديات التي تواجه تطبيقها واقتراح التعديلات التشريعية اللازمة بالإضافة الى مراجعة وتحديث التشريعات المنظمة للحماية الاجتماعية لضمان اتساقها مع أفضل الممارسات الدولية وضمان شمولها لجميع الفئات المستحقة وتلبيتها لاحتياجاتهم بشكل فعال.
3- التوسع في الحصول على وسائل ومصادر تمويل خارج الموازنة العامة وذلك بتفعيل دور الزكاة والوقف الخيري في تمويل برامج الحماية الاجتماعية وفق القواعد المنظمة لذلك، وجذب المزيد من المنح الدولية من خلال التعاون مع المنظمات الدولية العاملة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتشجيع مساهمات القطاع الخاص من خلال آليات واضحة وفعالة وتعزيز مشاركة ومساهمة القطاع الخاص في تمويل البرامج الاجتماعية: وذلك من خلال تقديم مجموعة من الحوافز الضريبية وغيرها للشركات التي تُشارك في تمويل وتنفيذ برامج الحماية الاجتماعية، مع وضع آليات واضحة لضمان الشفافية والمساءلة.
4- تنويع برامج الحماية الاجتماعية وربطها بالتمكين الاقتصادي من خلال تصميم وتنفيذ برامج تُراعي الاحتياجات المتنوعة للفئات المستهدفة وتُساعدهم على الاعتماد على أنفسهم وتحسين مستوى معيشتهم على المدى الطويل وتطوير برامج التمويل لمشروعات جماعية للأسر المستفيدة: وذلك من خلال تصميم برامج تمويل تستهدف تمويل مشروعات إنتاجية أو خدمية جماعية تُشارك فيها مجموعات من الأسر المستفيد من برامج الحماية الاجتماعية، على أن تكون هذه المشروعات مخططة بشكل جيد وتتلاءم مع الواقع المحلي واحتياجات السوق، بالإضافة الى تطبيق مفهوم "الاحتياج إلى الإنتاج" من خلال تطوير أهداف برامج الحماية الاجتماعية لتشمل زيادة نسب التخارج من منظومة الدعم الحكومي عبر تمكين الأسر القادرة على العمل وتحفيزها على الإنتاج والاعتماد على الذات وكذلك دراسة أثر برامج تكافل وكرامة" و"برامج التمكين الاقتصادي من بناء القدرات والإرشاد وتعديل السلوك ونقل الأصول والتشغيل والتوظيف والإقراض متناهي الصغر" وذلك لتقييم فعالية هذه البرامج في تحقيق أهداف الحماية الاجتماعية والتمكين الاقتصادي، وتحديد نقاط القوة والضعف فيها، واقتراح التعديلات اللازمة لتحسين البيئة التشريعية.
5- تعزيز التعاون والتنسيق بين مختلف الجهات المعنية بالحماية الاجتماعية ويشمل ذلك الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، مع تحديد الأدوار والمسؤوليات بوضوح وتفعيل آليات التنسيق المؤسسي على مختلف المستويات و تفعيل دور التعاونيات الإنتاجية كأحد أهم الآليات لدعم سياسات الحماية الاجتماعية والاقتصادية للفئات الأولى بالرعاية، وتحفيز مشاركة هذه التعاونيات في تقديم الخدمات الاجتماعية والاقتصادية للمستفيدين من برامج الحماية الاجتماعية.
6- تحسين البيانات والمعلومات المتعلقة بالحماية الاجتماعية وتطوير آليات الرصد والتقييم لبرامج الحماية الاجتماعية وذلك لقياس مدى فعالية هذه البرامج في تحقيق أهدافها وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين وتطوير وإطلاق مرصد للحماية الاجتماعية وبوابة إلكترونية موحدة ويكون هذا المرصد مسؤولًا عن جمع وتحليل ونشر البيانات المتعلقة بالحماية الاجتماعية في مصر، وتوفير معلومات محدثة عن البرامج والخدمات المتاحة للمواطنين ووتكون البوابة الإلكترونية بمثابة منصة موحدة للحصول على الخدمات الإلكترونية المتعلقة بالحماية الاجتماعية وتوعية المواطنين بحقوقهم والتزاماتهم.
7- التمكين الاقتصادي وتوفير فرص العمل وتشمل تعزيز فرص العمل وسياسات التوظيف من خلال صياغة وتنفيذ خطط شاملة لتنمية العمالة في المناطق الحضرية والريفية، وتحسين نظام التوظيف العام، وتشجيع القطاع الخاص على توفير فرص عمل لائقة، وتقديم الدعم لريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر و تطبيق نظام التدريب على المهارات المهنية للعاملين وغير العاملين في المناطق الحضرية والريفية و تزويدهم بالمهارات التي تتطلبها سوق العمل المتغيرة وتعزيز دور القطاع الخاص المحلي ورأس المال الاجتماعي لتوفير مزيد من فرص العمل وتنمية ريادة الأعمال وزيادة مساهمة الوحدات المحلية في النشاط الاقتصادي.
8- المشاركة المجتمعية والوعي وتشمل تعزيز مشاركة المجتمع المدني في تصميم وتنفيذ وتقييم برامج الحماية الاجتماعية: وذلك لضمان ملاءمة هذه البرامج لاحتياجات المستفيدين وتعزيز شعورهم بالملكية والمسؤولية تجاه هذه البرامج وإطلاق حملات توعية مجتمعية لتعريف المواطنين ببرامج الحماية الاجتماعية المتاحة وحقوقهم في الحصول عليها على أن تستهدف هذه الحملات الفئات الأولى بالرعاية وتستخدم وسائل التواصل المناسبة للوصول إليهم، وتعزيز دور وسائل الإعلام في نشر ثقافة التكافل الاجتماعي وتسليط الضوء على أهمية دعم الفئات الضعيفة وتشجيع مبادرات التطوع والمشاركة المجتمعية في مجال الحماية الاجتماعية.
9- المرونة والتكيف من خلال تعزيز مرونة منظومة الحماية الاجتماعية وقدرتها على التكيف مع متغيرات الواقع الاقتصادي والاجتماعي واحتياجات الفئات المستهدفة بما يضمن استجابة فعالة للأزمات والكوارث المستقبلية وتقديم الدعم المناسب للمتضررين منها.
10- التعاون الدولي والاستفادة من التجارب الدولية من خلال الاطلاع على تجارب الدول الرائدة في مجال الحماية الاجتماعية وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات مع المنظمات الدولية المعنية مثل البنك الدولي ومنظمة العمل الدولية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وأكد النائب محمود تركي، أن تنفيذ هذه التوصيات من شأنه أن يُؤدي إلى إحداث نقلة نوعية في منظومة الحماية الاجتماعية في مصر وجعلها أكثر كفاءة وفاعلية واستدامة، وبما يُحقق في النهاية هدفها الأسمى في توفير الحماية الاجتماعية الشاملة والعادلة لجميع المواطنين وتحسين مستوى معيشتهم وتعزيز التنمية البشرية في مصر.