أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً، تناول من خلاله تعريف لصناديق التحوط، وكيف تساعد المستثمرين على تنويع استثماراتهم وتحقيق عوائد مرتفعة، والوضع الراهن لصناديق التحوط الأفضل بالعالم، واستراتيجيات صناديق التحوط، حيث ذكر التحليل أن الاستثمار يُعد بمثابة خط الدفاع الأول للوقاية من المخاطر الاقتصادية المحتملة، وتأتي المحافظ الاستثمارية كإحدى الآليات المهمة في هذا الصدد، وتتمثل القاعدة الأساسية للمحفظة الاستثمارية في أنه كلما زادت درجة التنوع بداخل المحفظة الاستثمارية، قلت درجة المخاطر المحتملة من قِبل المستثمر، ومن أبرز المحافظ هي المحفظة الوقائية أو ما يُعرف بـ "صندوق التحوط"، والتي أصبحت بمثابة تطوير لعلم الاستثمار؛ حيث ظهرت تلك المحفظة لتلبية حاجة كبار المستثمرين، وتحقيق عوائد مرتفعة باستخدام استراتيجيات ذات مخاطر عالية.
وقد أطلقت شركة A.W. Jones & Co أول صندوق تحوط في عام 1949، وقامت الشركة بإجراء عملية البيع على المكشوف للأسهم ذات الأداء الضعيف، كما قامت الشركة باستخدام الرافعة المالية لزيادة العوائد المحتملة.
وأشار التحليل إلى أن صناديق التحوط عبارة عن أدوات مالية تهدف إلى تحقيق عوائد كبيرة بصرف النظر عن تقلبات السوق، وتعد صناديق التحوط صندوق استثمار يستخدم سياسات وأدوات استثمارية لتحقيق عوائد أعلى من متوسط عائد السوق دون تحمل مستوى المخاطر نفسه. وتعد العقود الآجلة والمقايضات أبرز الأدوات الاستثمارية التي تستخدمها صناديق التحوط، ومن السياسات الاستثمارية التي تستخدمها تلك الصناديق هي الرافعة المالية، وتمتلك صناديق التحوط القدرة على بيع الأوراق المالية على المكشوف وشراء الأوراق المالية بأموال مقترضة، كما تُعفى صناديق التحوط الأمريكية من القيود التنظيمية المتعلقة بالأموال المقترضة وتُعفى من متطلبات الإبلاغ الخاصة بلجنة مراقبة الأوراق المالية.
كما تعمل صناديق التحوط على توزيع رأس المال على مجموعة من الأصول المالية كالأسهم والسندات والسلع، بهدف تحمل المخاطر لتحقيق عائدات أكبر عن طريق التنوع في الاستثمار في الأوراق المالية، كما تحمي المستثمرين من المضاربات السلبية التي قد تحدث في الأسواق من خلال قيام المستثمر بالاقتراض أو التبادل المستقبلي للأصول.
وفي إطار ذلك، فقد شهَّدت صناديق التحوط نموًا هائلًا خلال السنوات الأخيرة؛ حيث بلغ عددها في منتصف عام 2023 حوالي 29 ألف صندوق بقيمة سوقية تصل إلى 4.3 تريليونات دولار، وتتم إدارتها في الأسواق المالية، وتفرض صناديق التحوط رسومًا مرتفعة نسبيًّا، حيث بلغت رسوم الإدارة ورسوم الأداء 2% و20% من أي مكاسب محققة، وفي السياق نفسه، يأتي حوالي 35% من أموال صناديق التحوط، من صناديق التقاعد الخاصة والعامة، ويتطلب الحد الأدنى للاستثمار في بعض الصناديق 100 ألف دولار، والبعض الآخر يتطلب مليون دولار، وتضم الولايات المتحدة الأمريكية 67% من صناديق التحوط الموجودة حول العالم، كما تتضمن قارة أوروبا 18% من صناديق التحوط الموجودة حول العالم.
أشار التحليل إلى البيانات التي نشرتها شركة LCH Investments للصناديق الاستثمارية، التابعة لمجموعة Edmond de Rothschild Group، عن تحقيق أفضل (20) صندوق تحوط في العالم أرباحًا بقيمة 67 مليار دولار في عام 2023 وهو ما يُعادل ثلاثة أمثال ما تم تحقيقه في عام 2022.
وأضاف التحليل إلى استمرار شركة Citadel التابعة للملياردير "كين جريفين" في صدارة ترتيب أفضل (20) صندوق تحوط في العالم خلال عامي 2022 و2023، كما بلغت أرباح الشركة منذ تأسيسها عام 1990 وحتى عام 2023حوالي 74 مليار دولار، وارتفع صندوق التحوط الاستثماري للشركة بنحو 15.3% في عام 2022 وقررت الشركة إعادة ما يقرب من 7 مليارات دولار للمستثمرين في صورة أرباح.
ومن ناحية أخرى، فقد عاد صندوق التحوط الاستثماري لشركة Pershing Square، الذي يملكه ويليام أكمان، إلى التصنيف العالمي لأفضل 20 صندوق تحوط خلال عام 2023 لأول مرة منذ عام 2015 في المرتبة العشرين عالميًّا بعد أن حقق 18.8 مليار دولار للمستثمرين منذ عام 2004، وحقق صندوق Pershing Square عائدًا بنسبة 26.7% في عام 2023 ليتعافى من الخسارة التي تكبدها في عام 2022.
وأوضح التحليل أن صناديق التحوط تَستخدم استراتيجيات مختلفة، يتبعها المستثمرون لتحقيق عوائد نشطة، ويجب على المستثمرين المحتملين في صناديق التحوط أن يكونوا على دراية بالمخاطر التي قد تواجه الصندوق، ويُمكن استخدام استراتيجية أو أكثر من استراتيجيات صناديق التحوط، وقد تم استعراض اثنين منها على النحو التالي:
-استراتيجية الأسهم الطويلة/ القصيرة: حيث تُعد تلك الاستراتيجية أول استراتيجية تم استخدامها من قبل صندوق تحوط شركة A.W. Jones & Co، وتعتمد على تداول المستثمرين للأسهم الطويلة/ القصيرة في شركتين متنافستين في السوق نفسها، كما تعتمد عملية تداول الأسهم الطويلة/ القصيرة على توقعات مدير الصندوق بارتفاع أو انخفاض الأسهم.
وأوضح التحليل أن شركة Bridgewater Associates تُعد هي أكبر مدير لصناديق التحوط الطويلة/ القصيرة في العالم، وتبلغ أصولها 235 مليار دولار أمريكي، تأتي خلفها في المركز الثاني شركة Two Sigma International والتي تبلغ أصولها 81 مليار دولار أمريكي، بينما تحتل شركة Viking Global Investors المرتبة الثالثة عالميًّا، وتبلغ أصولها 60 مليار دولار أمريكي.
-استراتيجية الاقتصاد الكلي العالمية: تُعد إحدى استراتيجيات صناديق التحوط، وتعتمد على التوقعات السياسية لمختلف الدول وعلى المبادئ الاقتصادية الكلية التي تؤثر بشكل كبير في اقتصادات تلك الدول، وقد تشمل الحيازات كلًا من مراكز طويلة وقصيرة في أسواق الأسهم، والدخل الثابت، والعملات، والسلع، والعقود الآجلة المختلفة.
وأضاف التحليل أن صناديق الاقتصاد الكلي العالمية تدور حول توقع الأحداث على المستوى المحلي والقاري والعالمي؛ حيث يقوم خبراء استراتيجية الاقتصاد الكلي العالمية بتحليل الاتجاهات العالمية وأسعار الفائدة والتجارة الدولية وسعر الصرف للعملة، وبناءً على توقعات وتحليلات الخبراء، تقوم صناديق الاقتصاد الكلي العالمية باستراتيجيات استثمارية للاستفادة من الاتجاهات الاقتصادية الكلية والتوجهات الجيوسياسية.
فعلى سبيل المثال، إذا كان المستثمر يعتقد أن اقتصاد الولايات المتحدة يتجه نحو الركود، فإن المستثمر يتجه نحو بيع الأسهم والعقود الآجلة للدولار الأمريكي، لأنه من الممكن أن يكون هناك فرصة أفضل لشراء أسهم في دولة أخرى ذات نمو اقتصادي مرتفع.
كما تسعى صناديق الاقتصاد الكلي العالمية إلى الاستفادة من التغيرات السياسية والاقتصادية، وقد أعلنت مؤسسة Institutional Investor عن جائزة صناعة صناديق التحوط لعام 2019، وتضمنت قائمة المرشحين لتلك الجائزة عددًا قليلًا من صناديق الاقتصاد الكلي العالمية، وقفز صندوق التحوط الخاص بشركة Element Capital Management، التي يقع مقرها في نيويورك، بمعدل 17.3% في عام 2018 نتيجة اتباع الشركة استراتيجية الاقتصاد الكلي من خلال الجمع بين التحليل الأساسي الكلي والمنهجي والقيم النسبية.
أفاد التحليل أنه وفقًا لإحصاءات منصة hedge LISTS عام 2023، بلغ إجمالي أصول أكبر 30 صندوق تحوط تابعة لاستراتيجية الاقتصاد الكلي العالمي حوالي 1.58 تريليون دولار أمريكي، وتُعد شركة Field Street Capital Management أكبر صندوق تحوط عالميًّا؛ حيث تتجاوز أصولها 297 مليار دولار أمريكي، وتأتي في المركز الثاني شركة Bridgewaters Associates، والتي تبلغ أصولها 236 مليار دولار أمريكي، كما تأتي في المرتبة الثالثة شركة Rokos Capital Management، والتي تبلغ أصولها 138 مليار دولار أمريكي. وتُعد تلك الشركات من أكبر صناديق التحوط العالمية.
وأوضح التحليل في ختامه أن مستقبل صناديق التحوط يعد محل اهتمام الكثير من المستثمرين والاقتصاديين والمحللين الماليين، فقد شهدت صناديق التحوط تطورًا كبيرًا خلال السنوات الماضية، ومن المتوقع أن تستمر في تطورها، نظرًا للتطورات التكنولوجية السريعة التي تساهم في تشكيل مستقبل صناديق التحوط.