فحين أن تلك الأحزاب فى دول عربية إلا أنهم غفلوا دماء الأطفال فى عفرين وتناسوا الأبرياء الذين دفعوا حياتهم ثمنا للتدخل التركى فى سوريا وراحوا ينتصرون للأيديولوجية، فلدى التنظيم الدولى للإخوان الأهل والعشرية أهم من الوطن والقومية تلك الحقيقة الراسخة التى أثبتتها الوقائع، فلا يختلف تفكير الأحزاب القائمة على أساس الإسلام السياسى من مكان لآخر، فالمواقف متشابهة سواء كانوا فى دول شمال أفريقيا أو دول المشرق العربى أو داخل تركيا وقطر الحاضنان الأكبر للتنظيم.
فراشد الغنوشى زعيم إخوان تونس والذى كرمه أردوغان منذ أيام قليلة فى أنقرة خلال احتفالية أقامتها الرئاسة التركية أبى أن يذكر جرائم تركيا فى عفرين، وعندما أصدرت حركة النهضة بيانا للمرة الأولى تتناول فيه الأحداث فى عفرين والغوطة الشرقية أشارت فيه الى الوضع الإنسانى وضرورة تدخل المنظمات الدولية لحماية المدنيين، دون التطرق من قريب أو بعيد الى القوات التركية التى كانت سببا فى تدهور الوضع الإنسانى.
وليس غريبا إصدار مثل هذا البيان من حركة النهضة نظرا لعلاقتها المعروفة بحزب العدالة والتنمية التركى، وهو ما أعلنه الغنوشى قبل يومين حيث أكد أن حزبه يتشارك مع حزب أردوغان فى رؤيته وفكره وترويجه لمصطلح "الإسلام الديمقراطى"، لافتا الى أن هناك بينهما توافق حول تفسير الإسلام وفقا للمبادئ الديمقراطية.
الغنوشى وأردوغان
وأوضح الغنوشى أن الإسلام الديمقراطى الذى يجمع بين حركة النهضة وحزب أردوغان يعنى قبول الإطار السياسى للدولة الأمة وليس الخلافة، زاعما أن ولائهم للوطن الذى يعتمد مبدأ المواطنة القائمة على الحقوق، والتى تضم المسلمين وغير المسلمين، ويتمتع فيها الرجال والنساء بالحقوق نفسها، مشددا على أن مصطلح "الإسلام الديمقراطى" طريقة لتأكيد الاختلاف والقطع مع الإسلام العنيف ممثلا بـ''داعش'' الذى يعتبر الديمقراطية خطيئة.
لم تكد تصريحات الغنوشى تهدأ حتى انتقل الأمر الى إخوان الجزائر، الذين دافعوا دفاع مستميت عن أردوغان الذى لاقى هجوما لاذعا خلال زيارته للجزائر نهاية الأسبوع الماضى، اعتراضا على جرائمه فى سوريا، وقال عبد الرازق مقرى رئيس حركة مجتمع السلم "حمس" – إخوان الجزائر – أن موقفهم الإيجابى من تركيا هو موقف لمصلحة بلدنا ولمصلحة أمتنا العربية الإسلامية – على حد تعبيره – وقال "لا نشعر بالحرج فى الدفاع عن تجربة حزب العدالة والتنمية التركى وزعيمه أردوغان".
مقرى لم يقتص لسوريا العربية بل دافع عن حليفة الأيديولوجى، حيث قال: "أتعجب من الذين يدينون التدخل التركى ولا يدينون التدخل الروسى والإيراني"، لافتا الى أن فى قضية عفرين بالذات فتركيا هى البلد الوحيد الذى له حجية فى التدخل فى الملف السوري، معتبرا أن من أهداف الفتنة فى سوريا هو ضرب تركيا ولا توجد دولة أخرى عليها تهديد مباشر وعاجل من داخل سوريا غير تركيا، ولا يوجد لأى قوة إقليمية أو دولية فى سوريا حدود مع هذا البلد غير تركيا.
وأوضح أن التهديد الحقيقى والأخطر والأكثر على تركيا فى سوريا هو من أمريكا وإسرائيل الذين يسندون التيارات العلمانية الكردية المسلحة، ولو لم تتدخل تركيا فى عفرين لمزقت شر تمزيق، ولو حدث أن تشكل خطر داهم وعاجل وحقيقى على الجزائر من دولة جارة على حدودها لدعوات التدخل لحماية البلد وليس للعدوان، وهذه هى عقيدة كل الجيوش حينما تكون قادرة على ذلك.
وأضاف مقرى دفاعا عن أردوغان: "نحن لا نخفى صداقتنا مع حزب العدالة والتنمية التركى ولا يوجد سبب لإخفاء ذلك، وإن أردنا إخفاء هذا وقلنا بأنه لا توجد خصوصية فكرية بيننا وبين حزب العدالة والتنمية التركى لا نكون صادقين ولا يصدقنا أحد، فالعلاقة الفكرية قائمة، والاعتزاز بالتجربة ثابت".
وأكد أن حركة حمس تنظر إلى حزب أردوغان على أنه نموذج فى الحكمة والعقلانية والوطنية فى بلده، معتبرا أن من أدوات حل مشاكل الصراعات القائمة فى العالم العربى والإسلامي، خصوصا الصراعات المذهبية، هو من خلال وحدة سنية عربية تركية تشجع الدول السنية الأخرى للالتحاق بهذا المحور مما يجعل إيران تتراجع عن طموحها التوسعى.
ولفت إلى أن الذين يعترضون على علاقتهم مع أردوغان هم العلمانيون المتطرفون – على حد تعبيره – مشددا على أن كثير من القضايا التى يستعملها المعترضون على تجربة حزب العدالة والتنمية لا تقف أمام البرهان والحجة.
العلم التركى على أرض عفرين السورية
وراح يدافع عن أردوغان والإتهامات التى توجه له وفى مقدمتها السفارة الإسرائيلية التى تمارس عملها فى تركيا التى تدعى أنها تدافع عن الإسلام، وقال مقرى ان هذه السفارة هى إرث اتاتوركى علمانى منذ 80 سنة واللوبيات الصهيونية والغربية قوية فى تركيا منذ هذه السنين التى لم يكن أردوغان حاكما فيها، ولو بدأ بهذه الجبهة سيتعطل عن تحقيق التنمية وتوعية الإنسان التركى فيهزم فى المعركة.