قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن دعوات حماية الخصوصية وتغيير سياسات شركات الكنولوجيا التى سمحت بانتهاك بيانات المستخدمين من شأنها أن تقلب أعمال فيس بوك وجوجل رأسا على عقب.
وتشير الصحيفة فى تقرير على موقعها الإلكترونى، اليوم الأحد، إلى أنه تم إنشاء الإنترنت بناء على اتفاق مع المستخدمين ينص على "أظهر لنا هويتك وسيكون العالم الرقمى حرا فى البحث أو المشاركة"، وبالفعل قدم المستخدمين معلومات مفصلة حول اهتماماتهم وهواجسهم على فيس بوك وجوجل، مما خلف نهر من البيانات التى يمكن جمعها وتسخيرها للإعلانات.
وبناء على هذا التدفق فى البيانات أصبحت الشركات غنية جدا وبدا المستخدمون سعداء، لكن الآن أصبح نموذج المراقبة الاستهلاكية الذى يستند عليه "فيس بوك" وخدمات "جوجل" المجانية، محاصرا من قبل المستخدمين والمنظمين والمشرعين على جانبى المحيط. وتشير الصحيفة إلى أن الأمر يمثل أزمة بالنسبة لصناعة الإنترنت التى اتبعت حتى الآن نهجا تفاعليا لمشاكل مثل انتشار الأخبار الكاذبة وسوء استخدام البيانات الشخصية.
وتسببت الأزمة الأخير بالكشف عن استخدام كامبردج أناليتيكا، وهى شركة متخصصة فى جمع معلومات عن الناخبين كانت قد عملت مع حملة دونالد ترامب الرئاسية، بالحصول على بيانات 50 مليون مستخدم للفيس بوك فى إثارة هذه الضجة الحالية حول الخصوصية. وطيلة أشهر سابقة كانت هناك العديد من الانتقادات والمناقشات التى تقول إن الإنترنت بشكل عام ووسائل الإعلام الاجتماعية على وجه الخصوص تعمل على سحب المجتمع لأسفل بدلا من رفعه.
وقد أثار ذلك قدرا كبيرا من الجدل حول مستقبل أكثر تقييدا بالنسبة لـ Facebook و Google. وتم اقتراح المزيد من نماذج الأعمال التجارية التى تعتمد بشكل أقل على الإعلانات والمزيد على الاشتراكات، على الرغم من أنه ليس من الواضح سبب تخلى أى شركة عن شيء جعلها مزدهرة للغاية.
وقال دانييل فايتزنر مدير مبادرة أبحاث سياسة الإنترنت لدى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إن الكونجرس قد يجيز تشريعا يستهدف تقييد استخدام بيانات المستهلك فى قطاعات محددة، مثل مشروع قانون مجلس الشيوخ الذى يتطلب المزيد من الشفافية فى الإعلانات السياسية عبر الإنترنت.
وقالت جاسكا كايكاس-وولف كبير مسئولى التسويق لدى موزيلا، وهى منظمة غير ربحية تدير متصفح فايرفوكس الشهير، إن المعلنين وشركات التكنولوجيا يجمعون كل البيانات فى محاولة للعثور على خوارزميات النمو". وأوقفت Mozilla، الأسبوع الماضى، إعلاناتها على Facebook، قائلة إن إعدادات الخصوصية الافتراضية للشبكة الاجتماعية تسمح بالوصول إلى الكثير من البيانات.
وتقول نيويورك تايمز، إن الاحتمال الأكبر هو أن شركات الإنترنت، التى كانت خائفة من الاضطرابات، سوف تقبل بعض القواعد الأخرى وتعمل بجد أكثر من أجل الشفافية وستكون هناك جلسات استماع فى الكابيتول هيل. ومن المقرر أيضا أن يبدأ الفصل التالى ليس فى واشنطن، بل فى أوروبا، حيث اتخذ المنظمون إجراءات صارمة ضد انتهاكات الخصوصية ويفحصون دور البيانات فى الإعلان عبر الإنترنت.
وقالت فيرا يوروفا، مفوضة الاتحاد الأوروبى للعدل والمستهلكين والمساواة بين الجنسين، إن قضية كامبريدج أناليتيكا لم تكن مجرد خرق للبيانات الخاصة. مشيرة إلى أن "هذا أمر أكثر خطورة، لأننا هنا نشهد تهديد للديمقراطية والتعددية الديمقراطية".
ويحذر المنتقدون من أنه إذا مر الغضب الحالى دون تغيير ذى معنى فأن المشكلات سوف تصبح أكثر رسوخا وستكون الشركات أقل شفافية. وهذا من شأنه أن يعرقل أى فهم على المدى الطويل للعلاقة بين وسائل الإعلام الاجتماعية والآراء السياسية، وهى مسألة ملحة فى ألمانيا والولايات المتحدة وغيرها من البلدان حول العالم.
وقال بول جاسبر ديتريتش الباحث الألمانى فى الاقتصاد الرقمى بمعهد جاك ديلور: "لمعرفة التفاعل الحقيقى بين الشعبوية والفيس بوك، فأنك تحتاج إلى منح مزيد من الوصول للباحثين، وليس أقل".
وتشير الصحيفة إلى أنه هناك سبب آخر يجعل شركات Silicon Valley مترددة فى مشاركة المعلومات حول ما تفعله وهو إيمانها الزائد بنفسها الذى يجعلها ترى أنه لا حاجة للمناقشة. ومن ثم فأن علاج العالم التكنولوجى لأى مشكلة هو دائما مزيد من التكنولوجيا.