ورغم افتقاد حركة السترات الصفراء للزخم على ما يبدو بعدما قدم الرئيس إيمانويل ماكرون تنازلات، وكذلك هجمات ستراسبورج الإرهابى التى خلفت قتلى وجرحى، لقيت تلك الدعوات إلى التظاهر تجاوبا عبر فيسبوك، وأكد الآلاف عزمهم على المشاركة فى تجمعات اليوم السبت.
وعلى إثر ذلك واستعدادا له، أعلنت السلطات الفرنسية نشر 10 آلاف من الشرطة فى أنحاء البلاد ونحو 8 آلاف فى العاصمة باريس، فضلا عن السيارات والمدرعات المصفحة.
وتوقع خبراء فى الشأن الفرنسى، أن يكون أثر الاحتجاجات على الأعمال فى العاصمة أقل بالمقارنة بأيام السبت فى الأسابيع الثلاثة الماضية عندما أغلقت متاجر كبيرة أبوابها، وألغت الفنادق الحجوزات رغم ازدحام تلك الفترة فى العام مع اقتراب عيد الميلاد.
ومن جانبه، قال رئيس شرطة باريس إنه ما زال هناك قلق من احتمال تسلل جماعات إلى السترات الصفراء تميل للعنف إلى الاحتجاجات، وسوف تتولى شرطة مكافحة الشغب حماية المعالم المهمة وإبعاد المحتجين عن القصر الرئاسي.
وأضاف قائد الشرطة ميشيل ديلبييش لإذاعة (آر.تي.إل) الفرنسية: "يجب أن نستعد للسيناريوهات الأسوأ".
وأوضح وزير الداخلية الفرنسى كريستوف كاستانير، أن الوقت حان كى يخفف المتظاهرون من احتجاجاتهم ويقبلون بما حققوه من أهداف، مضيفا أن الشرطة تستحق أن تأخذ راحة أيضا.
ويخرج المتظاهرون للشوارع هذا السبت بعد أيام من قيام مسلح بإطلاق النار على مجموعة من الأفراد فى سوق لهدايا عيد الميلاد بمدينة ستراسبورج فى شرق البلاد مما أسفر عن مقتل 4 وإصابة عدد آخر.
كما لقى 6 أشخاص حتفهم وأصيب مئات على هامش التحركات والتظاهرات التى تقودها حركة السترات الصفراء، والتى بدأت فى 17 نوفمبر.
وأثرت الاحتجاجات على اقتصاد فرنسا، حيث يتوقع أن يقل الإنتاج فى الربع الأخير من العام إلى نصف الأرقام المتوقعة كما يرجح أن تتسبب تنازلات إيمانويل ماكرون فى زيادة عجز الموازنة عن الحدود المتفق عليها فى الاتحاد الأوروبي.
ويبدو أن حركة السترات الصفراء، التى بدأت كاحتجاج مناهض للضرائب على الوقود ثم تحولت إلى تحالف مناهض لماكرون، قد هدأت بعدما أعلن ماكرون سلسلة من الإجراءات لمساعدة الطبقة العاملة.
وبعد مواجهته انتقادات لاذعة على عدم ظهوره للرد على المتظاهرين، ألقى ماكرون خطابا نقله التليفزيون قبل أيام قال فيه، إنه يتفهم قلق المحتجين وأقر بالحاجة لاتخاذ نهج مختلف.
وبجانب إلغاء الزيادات فى ضرائب الوقود التى كانت مقررة اعتبارا من الشهر المقبل، أعلن ماكرون انه سيزيد الحد الأدنى للأجور بواقع 100 يورو فى الشهر اعتبارا من يناير وسيخفض الضرائب على المتقاعدين الأقل دخلا فضلا عن إجراءات أخرى.
ومساء أمس الجمعة زار الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، محيط حادث إطلاق النار الذى نفذه شريف شيخات وأعلن تنظيم داعش مسئوليته عن فى مدينة ستراسبورج الحدودية مع ألمانيا.
ووضع الرئیس إیمانویل ماكرون وردة بیضاء أمام النصب التذكارى المرتجل أمام تمثال الجنرال كلیبر، إلى جانب آلاف الشموع والزهور والكلمات، بینما أدى الجنود النشید الوطنى من حوله.
وقال ماكرون خلال زیارته لمحیط الحادث وسط تجمع العدید من المواطنین وأهالى الضحایا: "جئت لأصلى من أجل الذین لم یعودوا هنا"، وفق ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسیة.
يفترض أن يجرى تجمع فى ساحة الجمهورية بالعاصمة باريس وقد دعت حوالى 15 منظمة يسارية مؤيديها إلى الانضمام إلى "السترات الصفراء" فى الساحة الواقعة بشرق المدينة، وستفرض إجراءات حماية على الدخول إلى المؤسسات مثل قصر الاليزيه والجمعية الوطنية.
وقررت مجموعة "كيرينيج" للسلع الفاخرة إغلاق محلاتها، لكن المراكز التجارية الكبرى مثل "غاليري لافاييت هوسمان" ستفتح أبوابها.
وفي بوردو التي شهدت أعمال عنف واسعة السبت الماضي، سيتم غلق عدد من الحدائق العامة والمكتبات والمتاحف والأوبرا، أما فى جنوب البلاد، وتحديدا بمدينة أفينيون، منع التظاهر داخل المدينة القديمة، وستجري مسيرة خارجها في ذكرى مصرع أحد المحتجين بعدما صدمته شاحنة عند دوار.