جرائم ممتدة، واستبداد لا ينقطع .. هذا ما آل إليه أمر الأتراك فى ظل نظام الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، والذى ينافس على تسجيل أرقام قياسية واحداً تلو الأخر، فى القمع وانتهاكات حقوق الإنسان، خاصة منذ محاولة الانقلاب التى جرت فى 2016، برغم التحذيرات الدولية من استمرار تلك الممارسات بحق الشعب التركى.
ورصد تقرير نشرته صحيفة "الباييس" الأسبانية، قصص لرجال تم اختطافهم وتعرضوا للتعذيب فى السجون السرية منذ 2016، حيث اعتقلت السلطات التركية عشرات العسكريين الذين يشتبه بصلتهم بالمعارض التركى البارز فتح الله جولن، الذى يعتبر العدو الاكبر للرئيس التركى.
وبحسب التقرير، تتواصل سياسات أردوغان "القمعية" حيث اعتقل حتى الآن أكثر من 160 ألف شخص منهم 50 الف لا يزالوا فى انتظار المحاكمة، بالإضافة إلى ذلك، تم فصل أكثر من 130 ألف موظف فى القطاع العام لصلتهم المزعومة بالجماعات الإرهابية، كما أفادت منظمة العفو الدولية فى أكتوبر الماضى.
واستند التقرير الأسبانى إلى روايات ضحايا النظام التركى الذين تحدث بعضهم دون ذكر اسمه كاملاً خوفاً من تعرضه للبطش، حيث قال "تولجا" لـ"الباييس" إنه تم اختطافه فى أنقرة فى مايو 2017 من قبل عملاء المخابرات فى تركيا، مضيفا "وصلت ابنتى للمدرسة، وفجأة وقف شخص أمامى فى الشارع وظهر شخصان أو ثلاثة أشخاص خلفى، وأمسكوا بى ووضعونى فى سيارة ، وغطوا رأسى بكيس، وربطوا يدى وقدميى بالحبال".
وأضاف تولجا الذى قالت الصحيفة الاسبانية أن ذلك ليس اسمه الحقيقى، "فى اليوم الأول من السجن تلقيت صدمات كهربائية وضربات وركلات"، وأضاف أنه ظل فى سجن سرى لمدة ثلاثة أشهر، وتعرض للتعذيب بسبب انتمائه لحركة جولن.
وتابع : "هددونى بالاعتداء على جنسيا ، وكان الاستجوابات أكثر من مرتين فى اليوم.. كنت مسجوناً فى زنزانة طولها حوالى 1.5 متر وهى مضاءة ليلا ونهارا، وأتلقى أوامر عبر مكبر الصوت، وخضعت للمراقبة بشكل دائم بواسطة كاميرا، وكان الطعام نادرًا، وبعد 10 أيام استطعت الاستحمام".
وأشار إلى أنه فقد 20 كيلو جرام من وزنه وقال: "رأيت جسدي للمرة الأولى بعدما خرجت من السجن كان أسود وأزرق".
وتقدر الصحيفة الأسبانية وجود أربع أو خمس حالات آخرى على الأقل تعرضوا لظروف اعتقال مماثلة، مشيرة فى تقريرها إلى انه بعد أسبوعين فقط من محاولة الانقلاب التى جرت فى يوليو 2016 ، هدد وزير الاقتصاد التركى ، نهاد زيبيكشي، علانية أعضاء حركة جولن، وقال "سنحصرك فى مثل هذه الثقوب، ولن ترى شمس الله مرة آخرى، ولن تسمع صوت إنسان مرة آخرى"، وكانت هذه الكلمات إشارة البدء لسياسة الاعتقالات للمعارضين فى مناطق مختلفة بتركيا، مثل تولجا، الذى انتهى به الحال فى أحد السجون السرية التى يقيمها اردوغان لتعذيب معارضيه.
وأوضحت الصحيفة أن تولجا خرج بعد أن طلبت "هيومن رايتس ووتش" من السلطات التركية التحقيق فى حالات الاختفاء القسرى المحتملة لأربعة رجال على الاقل فى أنقرة ، وفى أكتوبر من نفس العام ، قالت المنظمة أن هناك 11 حالات تعذيب وسوء معاملة للمحتجزين اثناء احتجازهم فى الشرطة، وأن حالات الاختطاف او الاختفاء القسرى أمر مقلق بشكل خاص لأن قوات الأمن فى تركيا لها تاريخ معروف من حالات الاختفاء القسرى فى التسعينات".
أما "على" وهو أحد ضحايا القمع الوحشى لأردوغان وهو أيضا لم يرغب فى إعلان اسمه الحقيقى قدم للصحيفة الإسبانية تفاصيل عن اختطافه والتى تعتبر مشابهة جدا لتلك التى وصفها تولجا، وقال "قاموا بتقييدى وتغطية رأسى بكيس وتم وضعى فى سيارة ، ثم تم احتجازى فى سجن سرى ، وتعرضت للعديد من وسائل التعذيب التى جعلت قدمى متورمة وكنت عاريا لأشهر ، ولا أحد يجلب لى الماء".
وأوضحت الصحيفة أن النائب التركى بحزب الشعب الجمهورى المعارض عن مدينة إسطنبول "سرغين طانرى قولو" أعلن أن 14 ألفًا و960 امرأة قتلن بسبب العنف الممارس بحقهن منذ تولى حزب العدالة والتنمية، بزعامة رجب طيب أردوغان، حكم البلاد نهاية العام 2002.
وأشارت "الباييس" إلى أن النظام التركى انتهك "الحق فى الحياة" لنحو 47 ألف و910 أتراك خلال ولاية الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، وأن هناك 58 شخصا لقوا حتفهم بسبب جرائم الكراهية، و22 ألفًا و224 شخصا لقوا مصرعهم نتيجة جرائم العمل، ولفتت فى تقريرها إلى تعرض نحو 21 ألفا و325 شخصًا للتعذيب والمعاملة السيئة، واعتقال 591 صحفيًا، وانتهاك حق الحياة الكريمة لنحو 4 آلاف و3 أطفال بين عامي 2011 و2018.
وأوضح التقرير أن نحو 357 شخصا لقوا حتفهم بطريقة غامضة خلال تأدية الخدمة العسكرية فى الفترة بين عامى 2008 و2018، بينما شهدت الفترة بين عامى 2012 و2017 انتحار 16 ألفًا و28 شخصًا.