تشهد الدول في العصر الحديث تطورات على كافة الأصعدة الأمر الذي يتصل ويؤثر بطبيعة الحال على العلاقات العقدية حدد معيار إلتزام أطراف العلاقة العقدية بالعقد المبرم بينهم وتأثيره على الالتزمات المتبادلة، فتنص المادة ( 6/2) من "مبادئ يونيدروا" على أنه: "عندما يصبح تنفيذ العقد أكثر كلفة بالنسبة لأحد الأطراف يظل هذا الطرف ملتزما بتنفيذ التزامه وفقا للأحكام الواردة أدناه في شأن الظروف الشاقة".
وتحتل العلاقات التجارية الدولية في وقتنا الراهن موقعا مهما في النشاط الإقتصادى لكل دولة، كونها وسيلة أساسية لتبادل الثروات بين المجتمعات، وتتم هذه العلاقات التجارية من خلال معاملات المؤسسات أو الشركات تنفيذا لسياستها التسويقية أو التحويلية، بنقل إنتاجها مهما كان شكله خارج حدود بلدها، أو عن طريق التبادل التجارى، فلقد تطور سوق التبادل التجارى، وتزايدت المعاملات بين الدول بسبب كثرة العروض التجارية وتنوعها، وتضاعفت الحاجة إلى الموارد الأجنبية لأغراض التنمية والاستهلاك، ما أدى إلى زيادة الاعتماد على العقود التجارية.
مدى أحقية أطراف العقد في فسخ العقد قبل انتهاء مدته
والسؤال الذى يطرح نفسه هنا يدور حول مدى أحقية أطراف العقد في فسخ العقد قبل انتهاء مدته، وللإجابة على هذا السؤال يقول الخبير القانوني والمحامى شريف العجوز، أن صفة تجارية و دولية العقد الدولي لا تخرجانه كلية عن إطار النظرية العامة للعقد في القوانين الداخلية، إلا أنه بالنظر إلى ما يتميز به من امتداد تنفيذه في الزمن، وكذا خصوصية محله يستدعي أن يخضع لأحكام خاصة به إذ أن قواعد قانون العقود الداخلية لا تتماشى وهذه الاعتبارات حيث تقف عاجزة أمام العديد من الأزمات والمهام المتعلقة بعملية فسخ العقود بين الأطراف المتعاقدة.
وبحسب "العجوز" في تصريح لـ"برلماني": لذلك جاءت مبادئ "يونيدروا" مراعية لتلك الاعتبارات بوضع نظرية الظروف الشاقة التي يمكن من خلالها مواجهة عقبات التنفيذ، وتعرف الظروف الشاقة - وفق يونيدروا - باعتبارها الحالة التي تقع فيها أحداث تخل بتوازن العقد بشرط أن تستوفي هذه الاحداث المتطلبات الواردة في الفقرات من "أ" إلى " د " من المادة "6/2"، ويمكن من خلال تلك النظرية إعادة التفاوض على العقد المبرم بين أطرافه ويعرف شرط اعادة التفاوض بأنه شرط يدرجه الاطراف في العقد يتفقون فيه على اعادة التفاوض فيما بينهم بقصد تعديل أحكام العقد عندما تقع أحداث معينة يحددها الأطراف من شأنها الإخلال بتوازن العقد وإصابة أحمد المتعاقدين بضرر جسيم.
شرط إعادة التفاوض هو شرط اتفاقي خاص
ووفقا لـ"العجوز": تجدر الاشارة إلى أن شرط إعادة التفاوض هو شرط اتفاقي "خاص"، ويتطلب تحديد ظروفه من أطراف العقد تحديدا دقيقا، أما عن عدم وجود مفهوم قانوني موحد للشرط، وأن مجرد إشارة الأطراف في العقد إلى مصطلح "إعادة التفاوض" لا تعد كافية لتطبيق الشرط، عند وجود نقص أو غموض أو تعارض يعتري تنظيم الأطراف لشرط إعادة التفاوض قد يواجه القاضي أو المحكم صعوبة كبيرة في تفسير النوايا الداخلية للأطراف.
ونحن نرى أن هناك بعض الأنظمة سبقت "مبادئ يونيدروا" في النظر إلى الظروف المحيطة للعقد كأساس لألتزمات أطرافه مثل القانون المدني لمصري الذي رسخ فكرة القوة القاهرة كأساس فكرة الاعفاء والمرونة في العلاقة العقدية، بل أن "مبادئ يونيدروا" جاءت بإشتراط النص صرحة لتطبيق مبدأ إعادة التفاوض ولابد أن يكون الشرط صريح ملم وإلا وقف القاضي أو المحكم عاجزا عن التفسير لتعلق ذلك بالنوايا الداخلية لأفراد العقد على العكس من القانون المدني الذي أعطى حرية للقاضي في تحديد القوة القاهرة التي يحدد بناء عليها الالتزام التعاقدي – الكلام للخبير القانونى.