"في الحقيقة أقمت دعوى أمام محكمة الأسرة ضد زوجي بطلب الحكم لي بعدم الاعتداد بإنذار الطاعة الموجه منه إليها في تاريخ سابق، وأوضحت خلال الدعوى أننى زوجة له وأنه دخل بى ودأب على معاشرتي معاشرة الأزواج، إلا أنه دائم الاعتداء علىّ بالسب والقذف والطرد من منزل الزوجية، كما أن بدد المنقولات ولم ينفق على، فضلاَ عن عدم شرعية مسكن الطاعة، الأمر الذي اضطرني إلى إقامة الدعوى، ومن ثم أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق".. بهذه الكلمات سردت "أميرة. ع"، 33 سنة، محافظة القاهرة، مأساتها لـ"برلمانى" في محاولة لإيجاد حلول قانونية لأزمتها مع زوجها.
أزمة علانية التقاضي فى أمور الأحوال الشخصية
وتابعت: "المحكمة سمعت شهادة الشهود – جميع الأطراف - في القضية، ثم حكمت برفض الاعتراض على الدخول في طاعته، ثم استأنفت الحكم، إلا أن المحكمة قضت بتأييد الاستئناف، ما اضطرني للطعن على الحكم بطريق النقض، وتم تقديم مذكرة تتضمن العديد من الأسباب لقبوله منها الخطأ في تطبيق القانون باعتبار أن إجراءات التقاضي أمام المحكمة قد تمت في علانية بالمخالفة لنص المادتين 871، 878 من قانون المرافعات، ليس ذلك فقط بل إن إنذار الطاعة الموجه لي من زوجي جاء خاليا من بيان ما إذا كان مسكن الطاعة ملكاَ له أم مستأجراَ، وكذا عدد حجراته، بما يعد معه الإنذار قاصراَ وهو ما يعيب الحكم".
صدور حكم النفقة وعدم تنفيذ حكم الدخول فى الطاعة
وتُضيف: "تضمنت مذكرة الطعن أيضاَ الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، لأن زوجي غير أمين علىّ لطردي من منزل الزوجية، وعدم الانفاق علىّ، فضلاَ عن أنى تقدمت بصورة رسمية بالحكم المتضمن إلزامه بأداء نفقة لها إلا أن المحكمة أول درجة وثاني درجة قد أغفلت بحث ذلك المستند والتفتت عنه، وقضت برفض اعتراضها، مما يعيب الحكم أيضاَ".. والسؤال هنا ما هو الموقف القانوني تجاه كل هذه الاجراءات التي اتخذتها المحكمة.
يصدر الحكم فقط علنا دون تداول الجلسات
وللإجابة على حزمة تلك الأسئلة – يقول الخبير القانوني والمحامي بالنقض عماد الوزير – أنه بالنسبة لإشكالية علانية المحاكمة من عدمها فإن الدعاوى المتعلقة بالأحوال الشخصية يتعين نظرها في غير علانية على أن يصدر الحكم فيها علناَ، وذلك عملاَ بالمادتين 871، 878 من قانون المرافعات – المنطبق على الدعوى – وأن الأصل فى الإجراءات أنها روعيت ما لم يقم الدليل على غير ذلك، وكان البين من محاضر جلسات محكمة أول درجة التي تداولت فيها الدعوى ودارت فيها المرافعة أنها قد خلت من الإشارة إلى انعقادها فى علانية، مما مفاده أن الدعوى نظرت فى غرفة مشورة.
أما بالنسبة لإنذار الطاعة وشموله على تفاصيل مسكن الزوجية – وفقا لـ"الوزير" فى تصريح لـ"برلمانى" – فإن نص الفقرة الثانية من المادة 11 مكرر ثانياَ من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض احكام الأحوال الشخصية المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 قد أوجب على الزوج أن يبين فى الإعلان الموجه منه لزوجته المسكن الذى يدعوها للعودة إليه، مما مفاده أن يكون هذا البيان الذى يشتمل عليه الإعلان كافياَ بذاته لإعلام الزوجة بهذا المسكن إعلاماَ يمكنها من معرفته والاهتداء إليه وحتى تبين عند اعتراضها عليه أوجه الاعتراض التى تستند إليها فى امتناعها عن طاعة زوجها فيه، فإذا كان هذا الاعلان ناقص البيان أو جاء مبهماَ لا يمكن الزوجة من التعرف على المسكن المبين فيه فإنه يفقد صلاحيته للغرض الذى اعد له.
صدور حكم بالنفقة للزوجة لا يبرر امتناعها عن الدخول في طاعة زوجها
وبشأن صدور حكم بالنفقة لها مما يعتقد معه أحقيته في عدم الدخول فى طاعته، يؤكد "الوزير" أن هذا المفهوم خطأ من الناحية القانونية، فقد سبق لمحكمة النقض المصرية الفصل في تلك المسألة في الطعن المقيد برقم 48 لسنة 66 القضائية – أحوال شخصية - أن مجرد صدور حكم بالنفقة للزوجة على زوجها لا يبرر امتناعها عن الدخول في طاعته، لأنها إن كانت قد استوفت شروط وجوب النفقة وقت الحكم بها، فإن هذه الشروط قد لا تتوافر فى وقت لاحق، ذلك بأن الأصل في الأحكام الصادرة بالنفقات - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - أنها ذات حجية مؤقتة لأنها مما يقبل التغير والتعديل وترد عليها الزيادة والنقصان بسبب تغير الظروف، كما يرد عليها الإسقاط بسبب تغير دواعيها.
كما أن المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن النص فى المادة 11 مكرراَ ثانياَ من القانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون 100 لسنة 1985 مفاده على ما ورد بالمذكرة الإيضاحية والراجح فى مذهب أبى حنيفة أن نفقة الزوجة على زوجها جزاء احتباسه لها تحقيقاَ لمقاصد الزواج بأن تسلمه نفسها حقيقة أو حكماَ بأن تكون مستعدة للدخول فى طاعته وغير ممتنعة عن الانتقال إليه، فكل من كان محبوساَ بحق مقصود لغيره فنفقته عليه، لأن النفقة حقها وانتقالها إليه حقه ما دام قد أوفاها عاجل صداقها وأعد لها مسكناَ شرعياَ، وكان أميناَ عليها، فإن طالبها بالنقلة إليه فامتنعت، فإن كان امتناعها بحق، كأن امتنعت لاستيفاء مهرها العاجل فلها النفقة، وأن امتنعت بغير حق عن تسليم نفسها لزوجها لم يتحقق شرط وجود النفقة.