في الحقيقة هناك العديد من الأمور القانونية الغائبة عن الأسرة المصرية فيما يتعلق بقوانين الأحوال الشخصية، أبرزها أنه يحق للمتزوجة رفع دعوى تطالب فيها بالتمكين من مسكن الزوجية، حيث أنه بوقوع الطلاق سيتاح للمطلقة أن تتمكن من منزل الزوجية باعتباره أصبح مسكن حضانة حتى انتهاء مدة العدة فقط، أما إذا هيأ المطلق مسكنا آخر مناسبا فسيكون من حقه أن يستقل بالمسكن، ويكون ذلك بدعوى أمام محكمة الأسرة، يأتي ذلك بعد عملية تحايل الزوج على القانون، وكذا الالتجاء إلى طرق غير مشروعة من أجل إعاقة تنفيذ قرارات التمكين أو القانون بدعوى عدم أحقية الزوجة فى التمكين من الشقة بمفردها وأن الأمر ليس من حقها من الأساس.
القانون في حقيقة الأمر أعطى الحق للزوجة بالتمكين من شقة الزوجية، وهذا ما نص عليه القانون بتمكين الزوجة من شقة الزوجية بناء على حيازتها للشقة وأقوال الشهود، حتى إن كانت الشقة في الأصل ليست ملك الزوج، أو إيجار أو تم بيعها، فكل تلك الأشياء لا تؤثر على التمكين من شقة ليست ملك الزوج، بل ستتمكن الزوجة من الشقة أيا كانت حالتها، والواقع والحقيقة يؤكدان أن قرارات التمكين من مسكن الزوجية التى تصدر لصالح الزوجات تحولت فى أيامنا هذه إلى سيف مسلط على رقابهن، وذلك عقب لجوء الكثير من الأزواج إلى طرق ملتوية مغلفة بالشكل القانونى أو ما يُطلق عليها بالحيل القانونية التى تكون عائقاَ تمنع الزوجة من تنفيذ قرارات التمكين.
هل يمكن للزوجة التمكين من شقة ليست ملك الزوج؟
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بالإجابة على حزمة من الأسئلة أبرزها هل يمكن للزوجة التمكين من شقة ليست ملك الزوج؟ وما هي خطوات صدور قرار تمكين من منزل الزوجية حتي لو لم يكن مملوكا للزوج؟ وما هو مسكن الحضانة؟ وما هو موقف القانون من حيل الزوج؟ وحيلة تحرير عقد إيجار صوري لآخر، وغيرها من الأسئلة، وذلك في الوقت الذى يرى فيه خبراء القانون المتخصصون فى الشأن الأسرى أن قرارات التمكين، أصبحت حبراَ على ورق لا يمكن للزوجة الحاضنة المتضررة تنفيذها - بحسب الخبير القانوني والمحامي المتخصص في الشأن الأسرى بلال جابر.
في البداية - التمكين من شقة الزوجة واجراءات التمكين من شقة الزوجية جائز من الناحية القانونية بل هو حق للزوجة التمكين من شقة ليست ملك الزوج، وهذا يعود لأن الزوجة تتمكن من شقة الزوجية بناء على حيازتها للشقة وأقوال الشهود ولو كانت الشقة فى الأصل ليست ملك الزوج أو ايجار أو تم بيعها فكل تلك الاشياء لا تؤثر على التمكين من شقة ليست ملك الزوج بالعكس سوف تتمكن الزوجة من شقة الزوجية – وفقا لـ"جابر".
وما هي خطوات صدور قرار تمكين من منزل الزوجية حتى لو لم يكن مملوكا للزوج؟
الخطوة الأولى:
-تتقدم الزوجة أو المطلقة أو وكيلها بشكوى إلى قسم الشرطة التي تقع في دائرته شقة الزوجية ومعها مستنداتها، وهي عبارة عن قسمة الزواج أو اشهاد الطلاق وشهادات ميلاد الأولاد الصغار وصور منها، ويتم عمل المحضر.
الخطوة الثانية:
-بعد ذلك تقوم النيابة بحفظ المحضر إداريا، ثم تتظلم الزوجة أو المطلقة أو وكيلها من قرار حفظ المحضر إداريا أمام النيابة الكلية.
الخطوة الثالثة:
-يتم عمل التحريات من قبل المباحث فإذا اثبتت التحريات أن الشاكية كانت تقيم في الشقة موضوع الشكوى هي وصغارها يصدر قرار التمكين من المحامي العام للنيابة المختصة، فإذا كانت الشاكية زوجة يصدر قرار التمكين بالمشاركة مع زوجها، وإذا كانت مطلقة يصدر قرار التمكين لها فقط مستقلة بمنزل الزوجية ولا عبره ولا اعتداد بأي تصرف للزوج بشقة الزوجية بعد تقدم الزوجة أو المطلقة بشكواها.
ولتوضيح الإجابة عن هل يمكن للزوجة التمكين من شقة ليست ملك للزوج نوضح السند القانوني.. ونوضح هل يمكن للزوجة التمكين من شقة ليست ملك الزوج؟
النيابة العامة في هذه الحالة ستستند لنص المادة 44 مكرر من قانون المرافعات، فهذا النص يخول للنيابة العامة حق اصدار قرار وقتي في الخلاف بين الزوجين علي مسكن الزوجية، طالما كانت العلاقة الزوجية بينهما مازالت قائمة، فلها مثلا أن تأمر باستمرار حيازتهما معا للعين محل النزاع، وإذا كان الزوج هو الذي طرد زوجته من مسكن الزوجية ومنع استمرار حيازتها للعين فإن للنيابة أن تصدر قرارا وقتيا استنادا لنص المادة 44 مكررا من قانون المرافعات بتمكين الزوجة من استمرار حيازتها للعين مع زوجها المشكو في حقه، وهذا القرار يجوز التظلم منه أمام قاضي الأمور المستعجلة بدعوي ترفع بالإجراءات المعتادة خلال 15 يوما من تاريخ الاعلان بالقرار – الكلام لـ"جابر".
وما هو مسكن الحضانة؟ لتوضيح هل يمكن للزوجة التمكين من شقة ليست ملك الزوج؟
أما بالنسبة لمسكن الحضانة – حيث يكون الطلاق قد وقع بين الزوجين فإن اختصاص النيابة في اصدار قرار مؤقت، يستند الي نص المادة 18 مكررا ثالثا من القانون 100 لسنة 1985، ويعتبر هذا القانون في هذه المسألة قانونا خاصا وهو الواجب التطبيق دون النص العام في المادة 44 مكررا من قانون المرافعات، وفي هذه الحالة لا يجوز للمتضرر التظلم من هذا القرار أمام قاضي الأمور المستعجلة وفقا لما رسمته المادة 44 مكررا من قانون المرافعات، لأن النيابة العامة لا تستند الي نص المادة سالفة الذكر وانما هي تستند الي نص المادة 18 مكررا ثالثا من القانون 100 لسنة 1985 ويجب أن يوضح القرار ذلك، ومن ثم يكون التظلم منه أمام قاضي الامور المستعجلة غير مقبول .
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن.. هل يجوز للنيابة تمكين الحاضنة من مسكن آخر أعده الزوج المطلق " وذلك لنفهم هل يمكن للزوجة التمكين من شقة ليست ملك الزوج؟
قد يقال بأنه يجب أن تتصدي النيابة العامة للتحقق من مدي مناسبة المسكن المهيأ لإقامة المطلقة الحاضنة ثم تصدر بعد ذلك قرارها، فإن كان المسكن الذي هيأه المطلق مناسبا أمرت بإقامة المطلقة الحاضنة فيه مؤقتا، وأن لم يكن مناسبا أمرت بتمكينها من مسكن الزوجية، وهذا القول مردود عليه بأن المشرع قد حصر اختصاص النيابة العامة في الفقرة الاخيرة من المادة 18 مكررا ثالثا من القانون 100 لسنة 1985 حين نص على أنه:
"وللنيابة العامة أن تصدر قرارا فيما يثور من منازعات بشأن حيازة مسكن الزوجية المشار اليه حتي تفصل المحكمة فيها"، بما مفاده أن القرار مؤقت، والمقصود بمسكن الزوجية هو المكان الذي يقيم فيه الزوج وزوجته وأولاده إقامة معتادة وقت الطلاق، ومن ثم فلا دخل للنيابة بتمكين المطلقة الحاضنة أو الحاضنة عموما من المسكن المهيأ وهو غير مسكن الزوجية، إذ أن ذلك من اختصاص محكمة الموضوع التي لها أن تتحقق بالطرق المتاحة لها قانونا عن مدي مناسبة ذلك المسكن المهيأ للحاضنة والمحضونين.
هل يمكن للزوجة التمكين من شقة ليست ملك الزوج؟
ويؤيد هذا النظر أن الفقرة الأولي من المادة 18 مكررا ثالثا من القانون رقم 100 لسنة 1985 تنص على أنه: "علي الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم المسكن المستقل المناسب، فإذا لم يفعل خلال مدة العدة: "قضي بعدم الدستورية بشأن تقييد حق المطلق - إذا كان مسكن الزوجية مؤجرا - بأن يكون إعداده مسكنا مناسبا لصغاره من مطلقته وحاضنتهم، واقعا خلال فترة زمنية لا يتعدها، نهايتها عدة مطلقته".
ما هو موقف القانون من حيل الزوج؟
حيلة بيع الشقة لأخر - فى الحقيقة أن بعض الأزواج من الناحية العملية يلجأون إلى حيلة شهيرة ألا وهي بيع الشقة أو مسكن الزوجية عن طريق "عقد صوري" مسجل إلى شخص آخر من أقاربه أو أصدقائه أو غيرهم على أن يقيم هذا الشخص بمنزل الزوجية وفى هذه الحالة لا يستطيع القاضي إخلاء أو اخراج الساكن الجديد وتمكين الزوجة من الشقة أو المسكن.
حيلة تحرير عقد إيجار صوري لآخر
ويدخل ضمن قائمة هذه الحيل أيضاَ أن يلجأ الزوج إلى تحرير "عقد إيجار صوري" بين أحد الأشخاص أو والده أو والدته ثم يمتنع الزوج عن سداد الإيجار، ثم يقيم بعدها دعوى طرد من الشقة أو من مسكن الزوجية، وفى هذه الحالة لو تمكنت الزوجة بحكم القضاء من الشقة يصدر حكم آخر عكسى بالطرد منها ولا تحصل الزوجة على حقها، ومن هنا يمكن للزوجة التمكين من شقة ليست ملك للزوج وبالرغم من وجود بعض التحايلات والثغرات فى هذا الشأن الا ان الزوج تتمكن من شقة الزوجة.
حيلة حق استئجار مسكن بديل للزوجة الحاضنة
وهناك حيلة أخرى شهيرة - ففى حالة ملكية الزوج لمسكن الزوجية "الشقة" فإن القانون المصرى منحه حق استئجار مسكن بديل الزوجة الحاضنة، وبعد أن يثبت أمام المحكمة تنفيذ القانون يمنعه عن دفع إيجار المسكن البديل لتبقى الزوجة أمام أمرين أما الطرد من الشقة أو دفع الإيجار وهو أمر لا تتحمله الكثير من المطلقات لزيادة النفقات.
حلول عملية لكشف الحيل وتجنبها
وعن الحلول القانونية لكشف هذه الحيل – يقول "جابر": فى هذه الحالات تقوم الزوجة بإقامة دعوى صورية التعاقدات وإحضار الشهود للتأكيد بشكل حازم على ملكية الزوج لمسكن الزوجية، وكذلك إلزامه بدفع نفقة أجر "الشقة"، ولكنها فى جميع الأحوال أمور نسبية أو تقديرية للقاضى، ويعتبر تمكين الزوجة قبل توقيع العقود الصورية أفضل أمر ويجعلها فى موقف قوى أما فى حالة تغيير العقود لا تتمكن من الحصول على حقها فى التمكين.
فى حالة الطلاق
أما في حالة "الطلاق" وإشكالية قرارات التمكين فقد تم القضاء بعدم دستورية المادة 18 مكرر "ثالثا" من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 التي تنص على إلزام المطلق بتهيئة مسكن مناسب لصغاره من مطلقته وحضانتهم وتقيدها بفترة زمنية محددة وهى مدة العدة فقط، وذلك بموجب الحكم الصادر فى الدعوى رقم 5 لسنة 8 قضائية دستورية، بمعنى أدق بمجرد الطلاق ونهاية فترة العدة ليس على المطلق تهيئة مسكن للحاضنة، وبالتالي يزول سبب وجودها فى المسكن، وكل ما للمطلقة هو المطالبة بأجر مسكن باعتبارها حاضنة عن طريق رفع دعوى بذلك.