أصدرت الدائرة "12" أسرة – بمحكمة القاهرة الجديدة الابتدائية – حكما فريدا من نوعه، بتطليق الزوجة لغيبة الزوج عنها لمدة 3 سنوات، وذلك من خلال سفره إلى جهة غير معلومة ولا تعلم عنه شيء مما ألحق بها ضررا.
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 234 لسنة 2022، لصالح المحامي محمد فكرى، برئاسة المستشار محمود رفعت، وعضوية المستشارين عمرو الغايش، ومحمد رضا، ومحمد مرجان، وبحضور وكيل النيابة زياد مطاوع، وأمانة سر أحمد محمد.
الوقائع.. زوجة تقيم دعوى طلاق للغيبة بسبب سفر زوجها لمدة 3 سنوات
تتحصل وقائع النزاع في أن المدعية – الزوجة - أقامتها قبل المدعى عليه – الزوج – بتاريخ 28 مارس 2021 وأعلنت قانونا للمدعى عليه طلبت في ختامها الحكم بتطليقها من المعلن إليه طلقة بائنة للضرر "الغيبة"، وذلك على سند من القول أنها زوجة للمدعى عليه بصحيح العقد الشرعي، ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج إلا أنه سافر خارج البلاد منذ عامين ونصف إلى جهة غير معلومة ولا تعلم عنه شيء مما ألحق بها ضررا، فقامت بالتقدم بطلب رقم 101 لسنة 2021 تسويات القاهرة الجديدة إلا أنه لم يتم تسوية النزاع وديا، مما حدا بها لإقامة الدعوى ابتغاء القضاء لها بطلباتها آنفة البيان.
وفى تلك الأثناء – تداولت الدعوى ومثلت المدعية بوكيلها ولم يمثل المدعى عليه، والمحكمة عرضت الصلح دون جدوى وحكمت المحكمة وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى للتحقيق لتثبت المدعية الضرر الواقع عليها من المدعى عليه، واستمعت المحكمة لشاهدى المدعية، وشهدا بأن المدعى عليه غائب عن المدعية منذ 3 سنوات ومسافر خارج البلاد ولا يمكن استمرار دوام العشرة بينهما، وحيث قررت المحكمة بإنهاء حكم التحقيق وإعادة الدعوى للمرافعة.
المحكمة تستمع لشهادة الشهود
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضع الدعوى - أنه لما كان المقرر بالمادتين 12، 13 فقرة أخيرة من المرسوم بقانون 25 لسنة 1929 أنه: "إذا غاب الزوج سنة فأكثر بلا عذر مقبول جاز لزوجته أن تطلب إلى القاضي تطليقها بائنا إذا تضررت من بعده عنها ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه"، و"إذا لم يكن وصول الرسائل إلى الغائب طلقها القاضي عليه بلا أعذار وضرب أجل"، ولما كان الضرر الموجب للتفريق في حكم هذه المادة هو إيذاء الزوج زوجته بالقول أو الفعل إيذاء لا يليق بمثلها بما تعتبر معه معاملته لها في العرف معاملة شاذة تشكو منها ولا ترى الصبر عليها، وذلك طبقا للطعن المقيد برقم 337 لسنة 67 قضائية.
4 شروط يجب توافرها لحصول الزوجة حكما بالتطليق للغياب
وبحسب "المحكمة": ومن المستقر عليه فقها أن التطليق لغياب الزوج له 4 شروط هي:
1 - أن يغيب الزوج عن زوجته فى بلد أخر غير الذي تقيم فيه
والمقصود بالغيبة هنا هو ترك الزوج لزوجته والسفر إلى بلد آخر غير الذى تقيم فيه لأنه إذا ترك بيت الزوجية وظل مقيماً فى ذات البلد التى تقيم الـزوجة بها دون أن يعايشها اعتبر ذلك هجراً منه وليس غياباً.
2 - أن يمتد غياب الزوج سنة فأكثر
وقد اشترط النص مضى مدة عام كامل أو أكثر على غياب الزوج لأنها المدة التى تستوحش فيها الزوجة وتتضرر فعلاً لأن الفرقة بسبب ذلك الضرر الواقع لا التضرر المتوقع فقط، والسنـة التى يجوز للزوجة أن تطلب التطليق بعد أن تمضي من وقت الغيبة هي السنة الشمسية التي عدد أيامها 365 يوماً كما جاء بالمادة 23 من القانون وليست السنة الهجرية، ويتعين اكتمال مدة السنة قبل يوم من رفع الدعوى وليس قبل النطق بالحكم فإذا رفعت الدعوى قبل اكتمال مدة سنة على الغياب حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان.
3 -أن تكون غيبة الزوج بلا عذر مقبول
أما إذا كانت غيبة الزوج بعذر فإنه لا يكون قد قصد الإضرار بالزوجة مما لا يجدر معه إجابتها إلى طلبها بالطلاق، ومن أمثلة الإعذار المقبولة خروج الزوج للدراسة أو التجارة أو بسبب انقطاع المواصلات مهما طالت غيبته، وهذا الشرط يختلف عن التطليق لضرر الإيذاء والهجر حيث لا يفرق في الأخير بين ما إذا كان الهجر بعذر أو بدون عذر وحيث العبرة فيه يتحقق وقوع الضرر فعلاً.
4- أن تتضرر الزوجة من غياب الزوج عنها
والضرر هنا لا يعرف إلا من جهة الزوجة، فتصدق في قولها به ولا تكلف إثباتاً عليه ودائماً يعد قيامها برفع الدعوى قرينة على تضررها.
المحكمة تنصف الزوجة وتقضى لها بالطلاق
ولما كان ما تقدم وكانت المدعية قد أقامت دعواها الراهنة بغية القضاء لها بتطليقها على المدعى عليه طلقة بائنة للضرر الواقع عليها من المدعى عليه، والمتمثل في غيابه عنها وساقت إثباتا لدعواها شاهدين استمعت لهم المحكمة، واللذان شهدا بغياب المدعى عليه عن المدعية منذ حوالى 3 سنوات، وأن ذلك سبب لها أضرارا ولا يمكن استمرار دوام العشرة بينهما، وحيث أن تلك الشهادة ما توفرت شرائطها القانونية واكتمل نصابها، ومن ثم تطمئن إليها المحكمة بما لها من سلطان في ذلك، وتستخلص منها مضارة المدعية من جراء تلك الغيبة ضررا لا يمكن معه دوام العشرة فيما بينهما وبين المدعى عليه، وحيث أن مساعى المحكمة في الإصلاح بين الطرفين قد باءت بالفشل لرفض المدعية الأمر الذى تكون معه المدعية قد أقامت دعواها على سند من صحيح القانون والواقع، ومن ثم تقضى لها المحكمة بالتطليق للغيبة.