أصدرت الدائرة "3" – مساكن – بمحكمة إسكندرية الابتدائية، برئاسة المستشار محمد سليمان، حكما يهم ملايين الملاك والمستأجرين، بطرد المستأجر وتسليم العين خالية من الأشخاص والمتاع وكذلك بسداد القيمة الإيجارية كاملة، فى الدعوى المقيدة برقم 743 لسنة 2021 مساكن اسكندرية.
تخلص وقائع الدعوى فى أن المدعية أقامتها بموجب صحيفة مستوفاة لشروطها القانونية ومودعة قلم الكتاب بتاريخ 10 مارس 2021 ومعلنة قانونا طلبت فى ختامها بفسخ عقد الايجار المؤرخ 11 أكتوبر 2015 وتسلميها للمدعية خالية من الأشخاص والمتاع مع إلزام المدعى بالمصروفات، وذلك على سند من القول حاصله أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 11 أكتوبر 2015 استأجر المدعى عليه من المدعية الشقة المبينة المعالم بصحيفة الدعوى ونص فى العقد على انتهائه بتاريخ 31 ديسمبر 2020 ولا يجدد إلا بعقد جديد وقيمة إيجارية جديدة.
الأخت تطالب بطرد شقيقها من الشقة وسداد الإيجار المتأخر
وكل هذا لقاء قيمة إيجارية مقدارها 2500 جنيه شهريا مع زيادة سنوية مقدراها 10%، وعليه أضحت يد المدعى عليه غاصبة عقب انتهاء عقد الايجار، وقد امتنع المدعى عليه عن سداد القيمة الإيجارية عن الفترة من 1 يونيو 2016 حتى 31 ديسمبر 2021، مما جمد فى ذمته مبلغ 168 ألف جنيه، الأمر الذى حدا بالمدعية لرفع دعواها بغية القضاء بطرد المدعى عليه، وإلزامه بسداد القيمة الإيجارية المتأخرة، وقدمت سندا لدعواها حافظة مستندات طويت على: "1-أصل عقد الايجار سند الدعوى، 2-أصل انذار معلن للمدعى عليه بتاريخ 11 فبراير 2021".
وفى تلك الأثناء – تداولت الدعوى بالجلسات، وفيها مثل طرف النزاع كلا بوكيل عنه محام، وقرر وكيل المدعية أن سبب الدعوى هو انهاء عقد الايجار لانتهاء مدته مع إلزام المدعى عليه بالأجرة المتأخرة، ودفع وكيل المدعى عليه بوجود مانع أدبى فى تحصله على ما يفيد سداد الأجرة لكون المدعية شقيقته، وبجلسة 29 يونيو 2021 قضت المحكمة وقبل الفصل فى موضوع الدعوى بإحالة الدعوى للتحقيق ليثبت المدعى عليه بكافة طرق الإثبات المقررة قانونا ومنها البينة وشهادة الشهود أنه قام بسداد أجرة عين النزاع عن الفترة المطالب بها ووجود مانع أدبى حال بينه وبين اقتضاء ايصالات تفيد سداده للأجرة من المدعى، وللمدعية نفى ذلك بذات الطرق، وحددت جلسة 2 سبتمبر 2021 لبدء التحقيق على أن ينتهى بذات الجلسة، وندبت لإجرائه عضو يسار الدائرة وله ندب غيره عند الاقتضاء وعلى الأطراف إعلان شهودهما للجلسة المحددة، واعتبرت النطق بالحكم بمثابة إعلانا للخصوم بمقتضاه، وبالجلسة المحددة لسماع الشهود لم يمثل المدعى عليه، ومثل المدعى وقدم اعلان بحكم التحقيق وطلب انهاء حكم التحقيق وطلب انهاء حكم التحقيق وإعادة الدعوى للمرافعة.
شقيقها يؤكد للمحكمة عدم حصوله على إيصالات سداد لوجود مانع أدبى
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت: لما كان ما تقدم وكانت المدعية تطلب الحكم بفسخ العقد وطلبت أيضا بمقتضى الصحيفة الحكم بإلزام المدعى عليه بأداء الأجرة المتأخرة أكدت على الطلب الأخير شفاهة، ولما كان مفاد الفسخ هو اخلال أحد طرفى العقد بالتزاماته التعاقدية، ومن ثم فإن المحكمة بما تملكه من سلطة فى تكييف الدعوى وإسباغ الوصف الحقيقى لطلبات المدعية ترى أن حقيقة طلباتها وفقا للتكييف القانونى الصحيح تنصب على شقين:
الشق الأول: هو طرد المدعى عليه من العين محل الايجار المؤرخ 11 مايو 2015 وتسليمها للمدعية خالية من الشواغل والأشخاص، تأسيسا على انتهاء مدة العقد.
الشق الثانى: ينصب على إلزام المدعى عليه بسداد الأجرة من تاريخ 1 يونيو 2016 حتى 31 ديسمبر 2020 وليس كما قرت فى صدر العريضة حتى 31 ديسمبر 2021 لكون مقدار الأجرة التى طالبت بها يتفق من تاريخ 31 ديسمبر 2020 وليس 31 ديسمبر 2021 أضافة إلى أن ذلك التاريخ لم يحل بعد، مما يرجع ذلك إلى محض خطأ مادى من المدعية فى عريضة دعواها.
وبحسب "المحكمة": عن دفع المدعى عليه بوجود مانع أدبى حال دون تحصله على ما يفيد سداد الأجرة لكون المدعية شقيقته، فلما كان المقرر بنص المادة 1 من قانون الإثبات أنه: "على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه"، فلما كان ما تقدم وهديا به: وكان المدعى عليه – بصفته مستأجر العين – هو الواقع عليه عبء اثبات سداده للأجرة، وكان المدعى عليه قد نعى بوجود مانع أدبى قد حال بينه وبين التحصل على ايصالات سداد الأجرة لكون المدعية شقيقته، وبناء على نعيه احالت المحكمة الدعوى للتحقيق لإثبات ادعائه، إلا أنه بالجلسة المحددة لسماع شهادة الشهود لم يمثل بالرغم من مثول خصمه، الأمر الذى يكون معه المدعى عليه قد عجز عن اثبات ما يدعيه، وإزاء خلو الأوراق مما يثبت ادعائه، الأمر الذى يكون نعيه قد أقيم على سند غير صحيح من الوقاع تقضى المحكمة برفضه.
المحكمة تقضى بطرده ودفع القيمة الإيجارية المتأخرة
أما عن موضوع الدعوى، قالت المحكمة، فلما كان المقرر بنص المادة 147/1 من القانون المدني: "العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التى يقررها القانون"، كما نصت المادة 148/1 من ذات القانون على أنه: "1-يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع يوجبه حسن النية"، وكان المقرر قانونا بنص المادة 598 من القانون سالف الذكر أنه: "ينتهى الايجار بانتهاء المدة المعينة فى العقد دون حاجة إلى تنبيه بالإخلاء"، ومن المستقر عليه أن المتعاقدين إذا اتفقا على تحديد مدة فى العقد ينتهى بانقضائها الايجار، فغنما يريدان أن العقد ينتهى بمجرد انقضاء المدة المحددة دون أى اجراء أخر فلا حاجة إذ للتنبيه بالإخلاء ما دام التنبيه ليس مشترطا فى العقد، فإذا رضا المؤجر فإنه لا يعد مستأجر بل مغتصبا إذ لا سند له فى البقاء فى العين.
لما كان ما تقدم وكان الشق الأول من طلبات المدعية وفقا لتكييف المحكمة ينصب على طرد المدعى عليه من العين محل الايجار المؤرخ 11 مايو 2015 وتسليمها للمدعى خالية من الشواغل والأشخاص، تأسيسا على انتهاء مدة العقد، وكان الثابت للمحكمة من الاطلاع على البند الثانى من العقد من بنود عقد الايجار المذكور أنه نص على أن: "مدة الايجار تبدأ 1 يناير 2016 وتنتهى فى 31 ديسمبر 2020 ولا يحدد هذا العقد إلا بعقد جديد وبقيمة إيجارية جديدة، ومن المتفق عليه التزام الطرف الثانى المستأجر بتسليم الشقة المؤجرة بمجرد انتهاء مدة عقد الايجار وإلا اعتبر مغتصبا للحيازة"، كما نص فى عجز البند السادس على أنه: "لا يجدد هذا العقد إلا بعقد جديد وبقيمة إيجارية جديدة".
ومن ذلك يتضح أن الطرفين قد التقت إرادتهما على انتهاء عقد الايجار بانتهاء مدته دون حاجة إلى تنبيه بالإخلاء، ولما كان المستقر عليه أن المتعاقدين إذا اتفقا على تحديد مدة العقد ينتهى بانقضائها الايجار فإنهما يريدان بذلك ان العقد ينتهى بمجرد انقضاء المدة دون أى اجراء أخر، فلا حاجة عندئذ للتنبيه بالإخلاء ما دام التنبيه ليس مشترطا فى العقد وأن استمرار المستأجر فى الانتفاع بالعين بعد انتهاء مدة الايجار عدم اعتباره تجديدا للعقد ما لم يقم دليل على عكس ذلك.
تطورات جديدة وهامة سيشهدها ملف الإيجار القديم
يشار إلى أن هناك تطورات جديدة وهامة سيشهدها ملف الإيجار القديم، وذلك بعد اعلان الحكومة تشكيل لجنة مشتركة تمثل الملاك والمستأجرين بهدف العمل على صياغة مشروع قانون، يتم طرحه أولا على الرأى العام، بهدف إجراء حوار مجتمعى بشأنه، قبل إقراره من البرلمان، بهدف الوصول إلى صيغة تعيد التوازن بين المالك والمستأجر، وفى الوقت نفسه مراعاة البعد الاجتماعى، باعتباره أحد أهم القضايا التاريخية المعقدة، وهو ملف الإيجارات القديمة.
وتعتبر أزمة الإيجار القديم من الأمور التى ستظل تشغل بال الملايين بين المالك – المؤجر – والمستأجر فى الوقت الذى لاتزال تتوالى ردود الأفعال حول التعديلات المرجوة، الأمر الذى يزيد معه الحالة ترقبا لما سوف تقره اللجنة المشتركة المرتقبة من تشريعات جديدة خلال الفترة المقبلة، مع مراعاة أهمية وحساسية وخطورة هذا القانون، فضلاَ عن مراعاة التوازن بين مصلحة الطرفين المالك والمستأجر.