أصدرت دائرة الإيجارات بمحكمة النقض، حكما يهم ملايين الملاك والمستأجرين، رسخت فيه لـ 5 مبادئ قضائية بشأن "دعوى الطرد"، قالت فيه: "1-يتعين على المؤجر فى حالة رفعه دعوى الإخلاء لعدم الوفاء بالأجرة اختصام جميع ورثة المستأجر المستفيدين من امتداد العقد حتى يكون الحكم الصادر فيها حجة عليهم أما إذا اختصم أحدهم دون الباقين فإن حجية هذا الحكم تكون قاصرة على من اختصم في الدعوى أما الباقون غير المختصمين فلا يحاجون بذلك الحكم".
2-حجية الأحكام فى المسائل المدنية قاصرة على طرفى الخصومة حقيقة أو حكمًا طبقا للمادة 101 إثبات، ومؤدى ذلك لا يجوز لمن صدر لمصلحته حكم سابق الاحتجاج به على من كان خارجًا عن الخصومة، وللأخير حق التمسك بعدم الاعتداد به.
3-استمرار عقد الإيجار المبرم المزاولة نشاط تجارى أو صناعي أو مهني أو حرفي فى حالة وفاة المستأجر حيث يتسع لكافة الورثة الذي يستعملون العين في ذات النشاط الذى كان يمارسه مورثهم طبقًا للعقد حال حياته وقت وقوع الامتداد طبقا للمادة 1/1 ق 6 لسنة 1997 أثره التزام المؤجر بتحرير عقد إيجار لهم.
4-انتقال حق الإجارة فى عقد الإيجار المبرم لمزاولة نشاط تجارى أو صناعي أو مهني أو حرفي إلى ورثة المستأجر الأصلي يكون أثره حقهم في الانتفاع بالعين المؤجرة بذات الحقوق التي كانت لمورثهم والتزامهم بالتضامن بكافة أحكام العقد مع اقتصار التزامهم على ما ينفع دون ما يضر، فضلا عن جواز الوفاء بدين الأجرة من أحدهم ويحق مطالبتهم به مجتمعين أو منفردين، وعلة ذلك المادة 284، 285/1، 296/1 ق مدني.
4-اختصام أحد ورثة المستأجر الأصلي في دعوى الإخلاء المقامة قبله وصدور حكم ضده فيها يكون عدم الاعتداد به في مواجهة باقي الورثة الغير مختصمين فيه مع أحقيتهم فى المطالبة بامتداد العقد إليهم، ومخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه برفض الدعوى بامتداد العقد استنادًا إلى سبق صدور حكم نهائي بالإخلاء ضد أحد الورثة بما يعد قضاء عينيًا ينهى العقد ويعدمه يُعد خطأ.
الوقائع.. ورثة المستأجر يقيمون دعوى لمطالبة ورثة المؤجر بتحرير عقد ايجار
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهم الدعوى رقم "....." لسنة 1995 مساكن طنطا الابتدائية بطلب الحكم بثبوت العلاقة الإيجارية بينهما عن العين محل النزاع، وبإلزامهم بتحرير عقد الإيجار لهم عنها على سند من أنه بموجب عقد الإيجار المؤرخ 1 يوليو 1978 استأجر مورثهم من مورث المطعون ضدهم تلك العين "محل" وبوفاته امتد عقد الإيجار إليهم فأقاموا الدعوى، فحكمت المحكمة لهم بطلباتهم.
وفى تلك الأثناء - استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف "...." لسنة 46 قضائية، فقضت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، فطعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة - فى غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
مذكرة الطعن تستند على عدة أسباب لإلغاء الحكم
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقولون إنهم باعتبارهم ورثة المستأجر الأصلي يحق لهم أو أي منهم طلب امتداد عقد الإيجار والاستمرار فى شغل العين محل النزاع وأن حقهم هذا مستمد مباشرة من القانون ومع أنهم ملتزمون بالتضامن فى تنفيذ كافة أحكام عقد الإيجار الممتد إليهم إلا أن اختصام أحدهم فى دعوى وصدور حكم ضده لا يكون نافذًا فى مواجهة باقي الورثة غير المختصمين فيها عملاً بالمادة 296 من القانون المدني والأثر النسبي للأحكام، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه ضمنيًا بحجية الحكم الصادر ضد زوجة المستأجر الأصلي فى الاستئناف رقم "...." لسنة 45 ق طنطا بفسخ عقد الإيجار الصادر لمورثهم وإخلاء العين محل النزاع رغم عدم اختصامهم فى هذه الدعوى ورتب على ذلك قضاءه برفض دعواهم بطلب امتداد عقد إيجار تلك العين إليهم مما يعيبه ويستوجب نقضه.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أن هذا النعى سديد، ذلك أن المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن نص المادة 101 من قانون الإثبات يدل على أن حجية الأحكام القضائية فى المسائل المدنية لا تقوم إلا بين من كان طرفًا فى الخصومة حقيقة أو حكمًا ولا يستطيع الشخص الذى صدر لمصلحته حكم سابق الاحتجاج به على من كان خارجًا عن الخصومة ولم يكن ممثلاً فيها وفقًا للقواعد القانونية المقررة فى هذا الشأن ويجوز لغير الخصوم فى هذا الحكم التمسك بعدم الاعتداد به، وكانت عبارة نص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 6 لسنة 1997 والذى جرى على أن:
الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977
"يستبدل بنص الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر النص الآتى: "فإذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجارى أو صناعى أو مهنى أو حرفى فلا ينتهى العقد بموت المستأجر ويستمر لصالح الذين يستعملون العين من ورثته فى ذات النشاط الذى كان يمارسه المستأجر الأصلى طبقًا للعقد أزواجًا وأقارب حتى الدرجة الثانية ذكورًا وإناثًا من قصر أو بلغ يستوى فى ذلك أن يكون الاستعمال بالذات أو بواسطة نائب عنهم ".
وردت عامة مطلقة لكافة ورثة المستأجر فلا ينتهى العقد بموته، وإنما يستمر لمصلحة من يستعملون العين منهم فى ذات النشاط الذى كان يمارسه طبقًا للعقد حال حياته وذلك بالنظر فى وقت امتداد الإيجار للمستفيدين من المستأجر بعد وفاته باعتباره ضابطًا استلزمه المشرع للحفاظ على الرواج المالى والتجارى ويتعين على المؤجر تحرير عقد إيجار لهم، إذ ينتقل حق الإجارة لصالحهم بقوة القانون ويحق لهم الانتفاع بالعين المؤجرة بذات الحقوق التى كانت للمستأجر وفى مقابل ذلك فإنهم ملتزمون بطريق التضامن فيما بينهم بجميع الأحكام الناشئة عن العقد إلا أن التزامهم التضامنى سالف الذكر يقتصر على ما ينفع دون ما يضر - وليس فى تشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية ما يغاير ذلك - فإذا أوفى أحدهم بدين الأجرة تبرأ ذمة الباقين طواعية لنص المادة 284 من القانون المدنى، ويجوز للدائن مطالبتهم مجتمعين أو منفردين عملاً بنص المادة 285/ 1 من ذات القانون وذلك بحسبان أن التضامن بين المدينين وفقًا لنص المادة 296/ 1 من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا ينال من استقلال كل من المتضامنين عن الآخر فى الخصومة وفى الطعن وفى الحكم الصادر فيها.
النقض تضع 5 مبادئ قضائية لـ"فسخ وامتداد" العقد
لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدهم سبق لهم الحصول على حكم نهائى بفسخ عقد إيجار العين محل النزاع وإخلائها لتوافر التكرار فى التأخير فى سداد الأجرة بالاستئناف رقم "...." لسنة 54 قضائية طنطا ولم يختصم فى هذا الحكم من ورثة المستأجر الأصلى سوى زوجته "...." فإن هذا الحكم لا يعتد به فى مواجهة الطاعنين غير المختصمين فيه ويحق لهم المطالبة بامتداد عقد الإيجار إليهم، إذ أن حق الإجارة ينتقل لصالحهم بعد وفاة مورثهم المستأجر الأصلي بقوة القانون ويحق لهم الانتفاع بالعين المؤجرة بذات الحقوق التى كانت له رغم التزام جميع الورثة التضامني بكافة أحكام العقد الذى امتد إليهم ولا مجال للقول بنيابة المسئولين بالتزام تضامني عن بعضهم البعض فى إجراءات الخصومة أو أن الحكم الصادر ضد أحدهم فى دعوى يكون حجة على الآخرين غير الممثلين فيها حقيقة أو حكمًا حتى ولو كان موضوع الدعوى لا يقبل التجزئة لما فى ذلك من إهدار لمبدأ نسبية أثر الأحكام ومخالفة لصريح نص المادة 296 من القانون المدني.
كما لا ينال من ذلك أن للمؤجر الحق فى توجيه التكليف بالوفاء بالأجرة لأى منهم دون تكليف الباقين لالتزامهم التضامنى فى الوفاء بها ذلك بأن هذا الالتزام قاصر على ما ينفع دون ما يضر فإذا أوفى أحدهم بدين الأجرة قبل رفع دعوى الإخلاء فإنه يترتب على هذا الوفاء انقضاء الالتزام وتغدو الدعوى غير مقبولة، أما إذا ما رفعت الدعوى بطلب الإخلاء فى حالة عدم الوفاء بالأجرة، فيتعين على المؤجر اختصام جميع ورثة المستأجر المستفيدين من امتداد العقد حتى يكون الحكم الصادر فيها حجة عليهم أما إذا اختصم أحدهم دون الباقين فإن حجية هذا الحكم تكون قاصرة على من اختصم فى الدعوى، أما الباقون غير المختصمين فلا يحاجون بذلك الحكم ولا أثر له على حقهم فى المطالبة بامتداد العقد إليهم ولا يحول بينهم وبين الحكم لهم بهذا الحق إذا ما توافرت بقية شروطه بحسبان أن التضامن بين المدينين لا ينال من استقلال كل من المتضامنين عن الآخر فى الخصومة وفى الطعن وفى الحكم الصادر فيها.
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض طلب الطاعنين بامتداد عقد إيجار العين محل النزاع إليهم استنادًا إلى سبق صدور حكم نهائى بإخلاء تلك العين ضد أحد الورثة وأن الحكم يُعد قضاءً عينيًا يُنهى العقد ذاته ويعدمه - رغم أنهم لم يكونوا خصومًا فى هذا الحكم حقيقة أو حكمًا - فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه مما يعيبه ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.
تطورات جديدة وهامة سيشهدها ملف الإيجار القديم
يشار إلى أن هناك تطورات جديدة وهامة سيشهدها ملف الإيجار القديم، وذلك بعد اعلان الحكومة تشكيل لجنة مشتركة تمثل الملاك والمستأجرين بهدف العمل على صياغة مشروع قانون، يتم طرحه أولا على الرأي العام، بهدف إجراء حوار مجتمعي بشأنه، قبل إقراره من البرلمان، بهدف الوصول إلى صيغة تعيد التوازن بين المالك والمستأجر، وفي الوقت نفسه مراعاة البعد الاجتماعي، باعتباره أحد أهم القضايا التاريخية المعقدة، وهو ملف الإيجارات القديمة.
وتعتبر أزمة الإيجار القديم من الأمور التي ستظل تشغل بال الملايين بين المالك – المؤجر – والمستأجر في الوقت الذي لاتزال تتوالى ردود الأفعال حول التعديلات المرجوة، الأمر الذي يزيد معه الحالة ترقبا لما سوف تقره اللجنة المشتركة المرتقبة من تشريعات جديدة خلال الفترة المقبلة، مع مراعاة أهمية وحساسية وخطورة هذا القانون، فضلاَ عن مراعاة التوازن بين مصلحة الطرفين المالك والمستأجر.