بالتزامن مع مونديال كأس العالم بـ"قطر" نسخة 2022، تجد وتلاحظ حجم التطور التكنولوجي الحاصل، وتلمس الفروقات العظيمة التي خلقت نسخ أفضل من الرياضيين المعاصرين في كل المستويات والجوانب، وهذا نتيجة الثورة التكنولوجية لعبت دورا كبيرا في تحقيق تلك النقلة النوعية التي لا تزال مستمرة مع كل تطور يحدث، فكيف غيرت التكنولوجيا ملامح الرياضة؟ - في الماضي - كان التدريب الرياضي يتطلب أوراقًا مكثفة وجهدًا بعد الممارسة من المدرب والفرد الرياضي، حيث أثناء ممارسة الرياضي تم أخذ الملاحظات ومقاطع الفيديو، ثم تجميعها في مخططات ورسوم بيانية تمثل أداء ذلك الرياضي.
وكان للتقدم التكنولوجي تأثير عميق على الرياضة، بما في ذلك تحليل الأداء الرياضي للاعبين الرياضيين وتمكين المدربين من تحسين جودة التغذية الراجعة للاعبين الرياضيين بشكل كبير، وزيادة الدقة في قياسات الوقت للأداء الرياضي، وبالإضافة إلى تمكين الحكام والحكام والمسؤولين الرياضيين من اتخاذ قرارات أفضل بشأن مخالفات القواعد، وأيضاً تحسينات في تصميم المعدات والملابس الرياضية، وتزويد المتفرجين بمشاهدة أفضل للأداء الرياضي.
بالتزامن مع بطولة كأس العالم.. أثر التطور التكنولوجي على الألعاب الرياضية
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على أثر التطور التكنولوجي على الألعاب الرياضية خاصة وأن الغزو التكنولوجي امتد للرياضة أيضا، سيطر عليها وجعل الممارسة الاحترافية أيسر، مضبوطة بأرقام وإحصاءات دقيقة، خاصة فيما يتعلق بحسابات وإحصاءات الأداء البدني والقوة والفعالية في الميدان، حيث أصبح الرياضيون يستعلمون معدات متطورة، وأجهزة ذكية، وتقنيات تعمل بالذكاء الاصطناعي، بهدف تطوير أدائهم، وقراءة الخصوم، وتوفير حلول أكبر، ونتائج إيجابية أكثر، وبالتالي عدم ترك أي شيء للصدفة - بحسب أستاذ القانون الجنائى والخبير القانوني الدولى محمد أسعد العزاوي.
في البداية، يعد التطور التكنولوجي عاملا مهما في تحسين مختلف الكثير من الصناعات، حيث وفر هذا التطور الكثير من الوقت والجهد مع زيادة الإنتاجية، كما وأنه غير الكثير من ملامح الحياة، ولم يبق مجال معين إلا وقد دخل فيه، وقد كان من نصيب هذا التطور هو دخوله في مجال عالم الرياضة مسبباً ومغيراً بذلك الكثير من القوانين الرياضية التي وضعت ضوابط لممارسة الرياضة بالشكل العلمى الذى يتناسب مع العصر الحديث حتى لا يترك الأمر هكذا يسير في ركاب "الصدفة"، فالأمر لم يعد يتحمل ذلك – وفقا لـ"العزاوى".
نصوص لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم
ومن هذا المنطلق، فقد نصت لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم على أنه في حال إجراء المباريات في درجة حرارة مرتفعة 32 درجة مئوية، فإنه يسمح بإيقاف المباراة في الدقيقة 30 و75 منها، وذلك لمدة لا تتجاوز 3 دقائق، لتمكين اللاعبين والحكام من شرب الماء، وأخذ قسط من الراحة، مع وضع مناديل مبللة على أرجلهم للتخلص من الحرارة المرتفعة قبل استئناف اللعب، وفي النهاية تتم إضافة دقائق الاستراحة إلى الوقت المحتسب بدل الضائع في نهاية كل شوط – الكلام لـ"العزاوى".
وفي نفس الصدد، فقد أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم "كاف" تطبيق التعديل الجديد بقانون كرة القدم بإيقاف مباريات كأس أمم أفريقيا، مرتين خلال كل مباراة للتغلب على ارتفاع درجة الحرارة، والتي استضافتها مصر في حينها - وفي نفس المقام - وفي بطولة الولايات المتحدة المفتوحة للتنس، وبسبب اللعب في درجات الحرارة العالية والتي تصل إلى 32 مئوية وارتفاع مستوى الرطوبة، فقد قرر الاتحاد الأميركي للتنس أن يمنح راحة عشر دقائق للاعبين في منافسات الرجال كما يفعل في منافسات السيدات – هكذا يقول "العزاوى".
إيقاف اللعب لاستراحة اللاعبين لمدة 3 دقائق
وفي واقع الأمر فقد اعتمدت الاستراحة المخصصة لشرب الماء، وذلك بكأس العالم في البرازيل عام 2014م، وقد كانت المرة الأولى التي يتم فيها إيقاف اللعبة من أجل استراحة التبريد هي مباراة هولندا والمكسيك في دور ال 16، وهو أول توقف في مدينة فورتاليزا، عندما كانت درجة الحرارة 32 درجة مئوية ونسبة الرطوبة 68%، وتم إيقاف اللعبة في الدقيقة 31 من الشوط الأول من أجل استراحة اللاعبين لمدة 3 دقائق، وقد كانت المرة الثانية التي يتم فيها إيقاف اللعبة من أجل استراحة التبريد في المباراة هي المباراة التي جمعت بين المنتخبين البرتغالي والأمريكي في دور المجموعات – طبقا لأستاذ القانون الجنائى الدولى.
ومن هذا المنطلق، فقد أصدر قاضيا برازيليا "نيفا بينيرو" وهو قاض في محكمة العمل، أمراً للاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" بضرورة الالتزام بقواعدها وإيقاف اللعب كل 30 دقيقة في كل مباريات كأس العالم، وذلك للسماح للاعبين بشرب الماء إذا بلغت درجة الحرارة 32 درجة مئوية أو أكثر، كما قضى أيضاً بتغريم الفيفا 200 ألف ريال برازيلي عن كل مباراة لا تلتزم فيها بقاعدة إيقاف اللعب لشرب الماء - وفي المقابل - فقد صرحت المتحدثة باسم الفيفا "ديليا فيشر" أن المحكمة أصدرت حكمها فقط من أجل أن نواصل تطبيق الإجراءات المعروفة وهو ما نخطط دوما للقيام به.
علاقة درجة الحرارة بمجهود اللاعبين
وتشير إحدى الدراسات وذلك في عام 2010م، فقد "قامت مجموعة من الباحثين الأتراك بدراسة مقارنة عن أداء مجموعة من اللاعبين خلال مباراتي، الأولى لعبت في أجواء معتدلة حيث كانت درجة الحرارة 34 مئوية مع نسبة رطوبة متوسطة، بينما لعبت الثانية في أجواء حارة تصل إلى 40 درجة مع رطوبة مرتفعة بحيث إن المسافات التي قطعها اللاعبون خلال "المباراة الحارة" كانت أقل بنسبة 6 % تقريباً عن تلك في المباراة المعتدلة، فأداء اللاعبين من حيث المسافات المغطاة انخفض بنسبة 12 % تقريباً في المباراة الحارة وارتفعت المسافات المغطاة بالمشي عوضاً عن الركض وكانت نسبة الانخفاض في وزن اللاعبين متساوية تقريباً بين المباراتين "2.1 % في الأجواء العادية و 2.3 % في الأجواء الحارة".
وفي دراسة أخرى أجريت حديثاً في الدنمارك راقب خلالها الباحثون ست مباريات من دوري أبطال أوروبا، وتم اختيار ثلاث في أجواء معتدلة وثلاث في أجواء حارة، أثبتت نتائجها انخفاضاً في ارتفاع قفزة اللاعبين بنسبة 6% بالمائة عند اللعب في الأجواء الحارة مقارنة بانخفاض بنسبة 2% فقط عند اللعب في الأجواء المعتدلة، وفي دراسة أخرى أثبتت أن الحرارة العالية تؤثر على أداء الكرة نفسها، حيث أثبتت إحدى الدراسات الأميركية أن المسافة العمودية والأفقية التي تجتازها الكرة تزداد بنسبة 7 % بالمائة عندما تزحف.
قطر وتكييف الهواء لملاعب كرة القدم
أما من الناحية الصحية فأي مجهود رياضي بدرجات حرارة أعلى من 42 درجة مئوية يجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة لممارسة الرياضة، وأهمها إيقاف المباراة لشرب الماء، كما حدث في عدة بطولات سابقة، كما تجدر الإشارة إلى دولة قطر قد وعدت عندما فازت باستضافة كأس العالم 2022م، بأنها ستقدم حلولاً مبتكرة لمجموعة من التحديات، وكان من أحدها هي تطوير تقنية تكييف الهواء لملاعب كرة القدم، وتعد هذه التقنية من أفضل التقنيات المتعلقة بتقنية التبريد الذكي لأنه يمكن التحكم في درجة الحرارة وفقًا لعدد الأشخاص المتواجدين في الملعب بغض النظر عن درجة الحرارة بالخارج كما سيتم تنظيف الهواء في الملاعب وتنقيته أثناء التكييف، ولا غبار من أن هذه التقنية ستساهم في الحد من إيقاف المباراة بسبب درجات الحرارة ناهيك عن مدى تحسن أداء اللاعبين.
ونرى أن مستقبلاً سيكون اتجاه الدول التي تنظم البطولات العالمية، والتي ترتفع فيها درجات الحرارة أو الرطوبة، بنفس الاتجاه الذي سارت عليه دولة قطر، وذلك من خلال تبريد ملاعبها من أجل توفير بيئة مناسبة للاعبين وللجمهور وللعشب على أرض الملعب فيما يتعلق بكرة القدم، كما أن هذا الأمر لا يسري فقط في كرة القدم بل حتى في كرة المضرب أو كما تسمى لعبة التنس، كما رأينا في بطولة الولايات المتحدة المفتوحة للتنس، كما وقد تقرر إيقاف اللعب في الملاعب المفتوحة ببطولة أستراليا للتنس بعد ما وصلت درجة الحرارة في ملبورن إلى 41 درجة مئوية، وقال المنظمون إنه لن يتم استئناف اللعب قبل الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي.
انسحاب لاعبين من البطولات بسبب عدم مواكبة التكنولوجيا الحديثة للملاعب
وقد انسحب 10 لاعبين من البطولة المقامة في أستراليا ومن ضمنهم "بات إيفان دوديج" في الأيام الثلاثة الأولى من بداية البطولة، وقال إنه يخشى على حياته بعدما تعرض لمتاعب أثناء اللعب في الملاعب المفتوحة، وفي بطولة الولايات المتحدة المفتوحة للتنس أنسحب لاعبان من مباريات الدور الأول لنفس السبب، وفي نفس البطولة فقد مشجع وعيه في المدرجات، خلال فوز بترا كفيتوفا على يانينا فيكماير، وذلك بسبب أشعة الشمس ما دفع الحكم إلى إيقاف المباراة ومطالبة الإسعاف بالتدخل السريع.
فلا نستغرب من أن تكون تقنية تبريد الملاعب موجودة مستقبلاً في ملاعب التنس أو غيرها من ملاعب الرياضات الأخرى، خصوصاً في البلدان التي يشتكي منها اللاعبون من ارتفاع معدل درجات الحرارة أو الرطوبة، بدليل أن تقنية خط المرمى لم تكن موجودة سابقاً في كرة القدم بينما كانت متاحة في كرة المضرب "التنس" والتي يطلق عليها بعين الصقر.
إدخال تقنية خط المرمى (GLT)
وفيما يتعلق بتقنية خط المرمى فقد كان إدخال تقنية خط المرمى (GLT) تطورًا مُهِمًّا للغاية في هذه اللعبة حيث تحدد هذه التقنية ما إذا كانت الكرة قد عبرت خط المرمى أم لا، وفي غضون جزء من الثانية، يتم إرسال هذه المعلومات إلى ساعة خاصة يرتديها الحكم، مما يضمن استجابة فورية ويمنع التوقف أو التدخلات الأخرى، وقد تمت الموافقة رَسْمِيًّا على تقنية GLT من قبل مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (IFAB) في يوليو 2012، وتستخدم حَالِيًّا في البطولات الأوروبية المحلية الكبرى وفي المسابقات الدولية الكبرى.
ونرى أن في بعض المرات قد تخرج كرة القدم من أرض الملعب خصوصاً من خط التماس أو من خط الزاوية الركنية، وفي بعض المرات قد تكون من الجهة المقابلة للحكم المساعد، مما يصعب عليه رؤيتها، فيأمر حكم المباراة باستمرارية اللعب، فهل يا ترى سنشاهد تقنية جديدة تحد من هذه الحالة وهل يا ترى ستكون أعمدة الزاوية الأربعة مستقبلاً محاطة بكاميرات رقمية ذات حساسات عالية الدقة لمراقبة الخطوط والتي ستكون واحدة منها بتجاه العارضة والأخرى بتجاه خط التماس، وبالإمكان استخدام العارضة أيضاً من جهة الخارج ووضع كامرة بتجاه عمود الزاوية الفاصل بين خط التماس والضربة الركنية على أن تكون مدعومة بميزة خط المرمى والتي تقوم بإرسال إشارات إلى ساعة حكم الساحة، وبالتالي ستكون هذه الخاصية بمثابة العامل الجديد والمساعد للحكام الأربعة أو لي قاضي المباراة الأول حكم الساحة.
لماذا لا تنتقل "تقنية الفار" للشاشة الكبيرة؟
وفيما يتعلق بتقنية الفار (VAR) فيثار التسأول هنا، عندما تحدث حالة معينة ويطلب الحكام الأربعة المتواجدين في غرفة التحكيم، من أن يلجأ حكم الساحة إلى مراقبة الحالة من خلال شاشة صغيرة خارج الملعب، فالسؤال الذي يثار هنا، لماذا لا يتم عرض الحالة على شاشة الملعب الكبيرة والحكم من خلالها، دون أن يلجأ حكم الساحة في الذهاب إلى الشاشة الصغيرة، وذلك من أجل تقليل الوقت المهدور بالإضافة إلى ذلك حتى يرى الجمهور واللاعبون الخطأ الذي أرتكبهُ زميلهم.
وأخيراً - فإننا نرى أن لعبة كرة القدم والألعاب الأخرى مقبلة على مزيد من التطور التكنولوجي في ما يتعلق بها وفي ما يخص ملاعبها وحتى في ما يتعلق بعملية نقلها للمشاهد الكريم، وهذا ما سيساهم بلا شك في عملية تنظيمها بشكل أكبر، مما سيؤدي في النهاية إلى نشوء الكثير من التغيرات التي تتعلق بالقوانين الرياضية مستقبلاً.