أصدرت الدائرة السادسة عشر – بمحكمة استئناف طنطا – حكما نهائيا، بإلغاء حكم أول درجة برفض طلب "الأب" في استضافة أبناءه والإقرار برؤيتهما فقط، باعتبار أن الإستضافة ليس منصوصا عليها قانونا، والقضاء مجددا بأحقيته في استضافتهما مستندة على الاتفاقية الدولية للطفل بضرورة رؤية الطفل لأهليته والعيش معهم فترة من الزمن ولا يكتفى الجلوس معهم ورؤيتهم فقط، يأتي ذلك رغم عدم انفصال الزوجين أو طلاقهما حيث أن الحياة الزوجية بينهما لازالت قائمة ولكن مع وجود خلافات.
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 957 لسنة 73 قضائية، لصالح المحامى سعد عبد العظيم، برئاسة المستشار على فتحى عبد العزيز، وعضوية المستشارين إبراهيم عدلى، وأحمد السيد المهدى، وبحضور كل من وكيل النيابة أحمد الماطى، وأمانة سر وليد محمد.
الوقائع.. نزاع قضائى بين زوج وزوجته لإستضافة أبناءه
تخلص وقائع النزاع ومستنداتها والخصوم فيها ودفوعهم سبق وأن أحاط 16 يناير 2023 ومن ثم تحيل إليه المحكمة منعا للتكرار قد أقام المدعى دعواه بغية الحكم بتمكينه من رؤية واستضافة الصغيرين "ملك، ويوسف"، وإلزام المدعى عليها بالمصاريف، وذلك على سند من القول أن المدعى عليها زوجة المدعى بموجب العقد الشرعى، وأنجبت منه الصغيرين "ملك" و"يوسف"، ولخلافات بينهما منعته من رؤية أولاده، الأمر الذى حدا به لإقامة دعواه.
وفى تلك الأثناء – تداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها ومثل خلالها المدعى بوكيل عنه "محام" وبجلسة 16 يناير 2023 قضت المحكمة بإلزام المدعى عليها بتمكين المدعى من رؤية صغيريه "ملك" و"يوسف" مرة واحدة أسبوعيا كل يوم جمعة لمدة 3 ساعات من الساعة الثانية وحتى الخامسة، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات وهو طلب الإستضافة.
الأم ترفض رؤية الأب لصغاره
إلا أن الحكم لم يلقى قبولا لدى المدعى، فطعن عليه بالاستئناف الماثل موقعة من محام مستوفية شرائطها الشكلية والقانونية، أودعت وقيدت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 29 يناير 2023 أعلنت قانونا للمستأنف ضدها طلب في ختامها قبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والقضاء باستضافة الصغيرين بمبيتهما مرة كل أسبوع معه، وأسس استئنافه على أسباب أن محكمة أول درجة لم تنظر لحاجة الصغيرين النفسية والمعنوية وشعور الأطفال بالأمان من الاستضافة مع الوالد.
وتداول الاستئناف ومثل خلالها المستأنف "الأب" بوكيل عنه – محام – وقدم حافظة مستندات طويت على شهادة من جهة عمله تفيد أنه يعمل بنظام الإجازة الأسبوعية، والمحكمة عرضت على الحاضر الصلح، والنيابة العامة فوضت الرأي، فقررت المحكمة حجز الاستئناف للحكم، وحيث أنه عن شكل الاستئناف فلما كان الاستئناف قد أقيم خلال الميعاد المقرر قانونا وعن حكم جائز استئنافه ومستوفيا لأوضاعه وشرائطه، ومن ثم تقضى المحكمة بقبوله شكلا.
الأب يقيم دعوى بالرؤية والاستضافة
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الاستئناف وعما ينعاه المستأنف بصحيفة الاستئناف من خطأ الحكم المستأنف من رفضه واستضافته لصغيريه سديد، إذ أن الاستضافة حق مقرر لمصلحة الصغير وليس لمن له حق الحضانة عليه، وهذه المصلحة تتمثل في أن يتواصل الصغير مع أهليته وهى ذات الحكمة التي تقرر منها حق الرؤية، فالرؤية مفهومها اللغوى والاصطلاحى لا تعنى مجرد المشاهدة والمناظرة بل هي فوق ذلك تعنى في المقام الأول تواصل الصغير مع أهليته لا بمجرد الجلوس معهم فحسب وإنما موأكلتهم ومشاربتهم ومحادثتهم وروؤية أماكن إقامتهم ليتعزز التواصل الاجتماعى بين الصغير وأهليته ممن ليس الصغير في حضانتهم.
محكمة أول درجة تقضى له بالرؤية فقط دون الاستضافة لعدم وجودها في القانون
وبحسب "المحكمة": أما وأن الحكم المستأنف لم يأخذ بهذا الوجه الصحيح من القانون يكون قد شابه عيب الخطأ في تأويله وتطبيقه، مما يتعين معه إلغاؤه والقضاء بأحقية المستأنف في استضافة الصغيرين ولا يقدح في ذلك ما يمكن القول به من عدم وجود نص ينظم مسألة الاستضافة إذ أن قوانين الأحوال الشخصية كلها تدور وجودا وعدما مع مصلحة الصغير ومصلحة الصغير كما قدمنا هي في رؤية اهليته بالمعنى الشامل وهى المجالسة والمشاربة والمأكلة.
الأب يستأنف الحكم لإلغاءه ويُصر على الاستضافة
وتضيف "المحكمة": كما أن وزير العدل الذى نظم الرؤية 24 ساعة وهذه الـ 24 ساعة قطعا لا تكون في نادى فتكون في منزل الأب أو الجد، ومن ناحية أخرى لا ينال من ذلك أن قرار وزير العدل المنظم للرؤية نص على أماكن معينة تكون تنفيذ الرؤية فيها ذلك أن هذه الأماكن المنصوص عليها روعى فيها أن تكون مكان بهجة وطمـأنينة للصغير كالنادى وما إلى ذلك فليس من الأفضل والأمثل أن يكون منزل الوالد الأب هو الأمثل والأفضل والأكثر طمـأنينة للطفل خاصة وأن الرؤية والاستضافة لا يستلزم وجود الأم.
الاستئناف تنصف الأب وتقضى له بالاستضافة مرة واحدة في الشهر
ووفقا لـ"المحكمة": ولا ينال من ذلك القول أن بإستلام الأب للصغير قد يلوذ به هربا ويمنع في اعادته لوالديه، ذلك أن قانون العقوبات جرم ذلك الفعل ورصد له عقوبة جنائية تكفى لردع مثل هذا الأب من اقتراف جريمته، والمحكمة تنوه أن ما قضى به للمستأنف أمام أول درجة من أحقيته في الرؤية فإن قضاء هذه المحكمة بالإستضافة يجب القضاء بالرؤية فلا حاجة بالمعنى الشامل والأمثل الذى سقناه مقدما، الأمر الذى يتعين معه إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بأحقية المستأنف في استضافة الصغيرين "ملك" و"يوسف" مرة واحدة في الشهر تبدأ من الخامسة مساء الخميس الأول من كل شهر على أن يعيده للحاضنة في نهاية اليوم التالى الثامنة مساء.
المحامى سعد عبد العظيم - مقيم الاستئناف
مطالبات بإضافة مادة "الاستضافة" في مشروع القانون الجديد
وفى هذا الشأن – يقول الخبير القانوني والمحامى المتخصص في الشأن الأسرى محمد يسرى باظه – أن الإستضافة وإن كان لا يوجد قانون ينظمها، إلا أن الإتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل والمعتمدة من الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 20 نوفمبر 1989 والتي انضمت إليها مصر بتاريخ 24 مايو 1990 وسرت في حقها اعتبارا من 2 سبتمبر 1991 والتي تنص في مادتيها 9، 18 من ذات الإتفاقية على عدم حرمان أيا من الأباء من رؤية أبنائه على كره منه، طبقا للحكم رقم 2469 لسنة 60 قضائية المنصورة، وحيث تواترت التشريعات الخاصة على هذا المنهج، وذلك المفهوم الصحيح والذى يوافق الشريعة الإسلامية لقوله تعالى: "لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده".
ويضيف "باظه" في تصريح لـ"برلماني": الاستضافة في قانون الأحوال الشخصية والرؤية من أبرز المشكلات وأكثر أسباب القضايا التي تعج بها محكمة الأسرة والمحاكم الأخرى، وقد تم تشكيل لجنة خلال العام الماضى من قبل وزير العدل لوضع مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية، ومن المقرر أن تتضمن المقترحات إضافة مادة لـ"الاستضافة" تشمل عدة شروط محددة لتنفيذ الاستضافة وأهمها الامتناع على قهر الطفل على الاستضافة في حالة رفض الطفل لذلك، ويتم تطبيق العقوبات على المستضيف في حالة مخالفة شروط الاستضافة، وكافة الشروط والعقوبات المقررة على المستضيف والشخص الحاضن عند مخالفة القانون الجديد.
الشروط الواجب توافرها حال إقرار الإستضافة
ويؤكد الخبير القانوني: أن المادة ستضمن سن محددة للإستضافة، وكذا ساعات الاستضافة والمبيت، ومنع الأب من طلب استضافة الطفل في حالة عدم سداد النفقة الخاصة بالطفل دون توضيح أسباب، ورفض قانون الاستضافة الجمع بين الرؤية والاستضافة خلال الأسبوع الواحد، فضلا عن شروط الاستضافة حال إقرارها مثال ذلك: يشترط توفير مسكن مناسب لاستضافة الطفل به وفقًا لقانون الاستضافة، ويشترط موافقة الطفل على المكوث والمبيت في المكان الذي قام الشخص المستضيف بتوفيره، وعدم تنفيذ طلب استضافة الطفل في حالة رفضه لذلك، ويتم في هذه الحالة تحويل الطلب والقرار إلى الرؤية، ويجب أن تكون حالة الطفل الصحية جيدة، ويشترط ألا يعاني من المرض أثناء تنفيذ طلب الاستضافة، ويمنع سفر الطفل أثناء الاستضافة إلا بالحصول على موافقة الشخص الحاضن للطفل.
عقوبة مخالفة القواعد في قانون الاستضافة حال إقرارها
واستطرد: وستكون هناك عقوبة مخالفة القواعد في قانون الاستضافة حال إقرارها، وتتمثل في معاقبة كل شخص يمتنع عن تنفيذ طلب الرؤية أو الاستضافة دون أبداء أسباب يتم قبولها من قبل المحكمة بدفع غرامة مالية محددة، وكذلك المستضيف الذي يمتنع عن تنفيذ القواعد المقررة للاستضافة يتم الحكم عليه بدفع غرامة مالية ويتم مضاعفتها في حالة التكرار، بالإضافة إلى سقوط حقه في الاستضافة لمدة محددة، أما الشخص المستضيف الذي يمتنع عن تسليم الطفل إلى الشخص الحاضن عقب انتهاء مدة الاستضافة عمدًا يطبق عليه عقوبة الحبس لمدة يحددها القانون.
متى يسقط حق الأب في الرؤية؟
ويضيف "باظه": ويسقط حق الأب في الرؤية وكذلك الاستضافة في قانون الأحوال الشخصية حال إقراره حيث يسقط حق الأب في تقديم طلب استضافة الطفل حتى يبلغ سن محدد، وكذلك يسقط حقه في الاستضافة إذا رفض الطفل الذهاب معه، وفي حالة امتناع الأب عن الذهاب لرؤية الأطفال لعدد من المرات المتتالية دون توضيح أسباب لذلك، يمنع من استضافة الطفل أو الرؤية لمدة يحددها القانون، وكذلك يسقط حق الأب في استضافة أو رؤية الأطفال في حالة التسبب بضرر نفسي أو جسدي للطفل أثناء فترة الاستضافة أو خلال الرؤية، ويتمكن الأب من رفع دعوى استضافة صغير في حالة امتناع الطرف الحاضن عن تنفيذ طلب الاستضافة بدون توضيح أسباب تقبلها المحكمة، ويحق للأب تقديم طلب تسوية إلى مكتب المنازعات الأسرية ليتمكن من رؤية الطفل واستضافته بشكل قانوني.