أصدرت محكمة الوقف الجزئية لشئون الأسرة، أول حكما قضائيا بشأن (عضل الولى) بالإستجابة للأم الحاضنة بالإذن لزواج ابنتها بدون إذن والدها على أن يكون وليها في الزواج أحد أقاربها من العصبة (غير الوالد) أو أحد أخوالها، وذلك لتعنت الأب في الموافقة على الزواج من شاب مناسب لها.
ملحوظة:
العضل هو منع الولي من تزويج البنت لأسباب غير مقنعة، وهو ظلم مشين محرم فعله ويجب رفعه عن البنت بنقل ولايتها من وليها إلى ولاية أحد أقاربها وقد تصل إلى ولاية المحكمة أحيانا.
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 250 لسنة 2024 أسرة الوقف، لصالح المحامى بالنقض أحمد السنبسى، برئاسة المستشار هانى الدكرونى، وعضوية المستشار محمد إسماعيل، وبحضور كل من عضو النيابة عبدالباسط أبو الفضل، وأمانة سر مرسى أبو العباس بهجات.
الوقائع.. أول نزاع قضائى بشأن "عضل الولى"
بعد الإطلاع وسماع المرافعة ورأى النيابة المداولة قانونا، حيث أن واقعات الدعوى تتلخص في أن المدعية عقدت لواء الخصومة بموجب صحيفة أودعت قلم الكتاب، وأعلنت قانونا للمدعى عليهم طلبت في ختامها بالتصريح للمدعية بتعين ولى الزواج ابنتها المدعى عليها الثانية من المدعى عليه الثالث، والعدول عن العضل من المدعى عليه الأول للطالبة في زواج بنتها والزامه بالمصاريف وأتعاب المحاماة على سند من القول أن المدعية كانت زوجة من المدعى عليه الأول وطلقت منه وأن المدعى عليه الثانية في حضانتها بموجب الحكم رقم 455 سنة 2019 أسرة الوقف وقد بلغت سن الزواج وطلبها من هو كفاء بها المدعى عليه الثالث وأنه مناسب لها من حيث المستوى العلمي والاجتماعي والسن وقدم لها مهر المثل كمثلها من بنات جيلها .
الأم الحاضنة تقيم دعوى تطالب بزواج ابنتها بدون إذن الأب
وقدمت سندا لدعواها حافظة مستندات حافظة مستندات طويت على صورة من وثيقة زواج المدعية من المدعى عليه الأول وصورة شهادة ميلاد المدعى عليها الثانية، وصورة من حكم الحضانة رقم 455 سنة 2019 أسرة الوقف، وخلال جلسة المرافعة مثلت المدعية بوكيل وقدمت إعادة إعلان ومثل المدعى عليه الأول بوكيل وطلب رفض الدعوى ومثل المدعى عليهم الثاني والثالث وسلما بالطلبات والنيابة العامة أو دعت مذكرة بالرأى، فقررت المحكمة إصدار الحكم.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث أن المحكمة تقدم لقضائها بما هو مقرر قانونا بنص المادة الثالثة الفقرة الأولى من القانون 10 سنة 2004 من أنه: "تختص محاكم الأسرة دون غيرها ينظر جميع مسائل الأحوال الشخصية التي ينعقد الاختصاص بها للمحكمة الجزئية الابتدائية طبقا لأحكام قانون تنظيم بعض اجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية الصادر بالقانون رقم 1 سنة 2000"، كما أنه من المقرر بنص المادة التاسعة الفقرة السابعة من القانون رقم 1 سنة 2000 بشأن تنظام بعض اجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية أنه: "تختص المحكمة الجزئية بنظر المسائل الواردة بهدة المادة (1-....2-....3-...4-.....5-.......الإذن بزواج من لا ولى له).
جمهور الأحناف قد اتفقوا على ثبوت الولاية للمرأة البالغة العاقلة في تزويج نفسها سواء كانت بكرا أم ثيب
وبحسب "المحكمة": وحيث تبرز أهمية هذا النص في الحالة التي ترغب فيها الأنثى التي بلغت من الزواج المنصوص عليه في المادة 17 من القانون 1 سنة 2000 وزالت عنها سلطة الولاية على النفس بتجاوزها الخامسة عشر عاما من العمر في الزواج ممن يعارض والدها أو عصبتها زواجها به لعدم الكفاءة مثلا حيث يجوز لها ومن ولاية للنفس عليها لأحد أن تلجأ إلى المحكمة بدعوى الإذن لها بالزواج لعضل الأب أو من يقوم مقامة من أولياء النفس.
ووفقا لـ"المحكمة": كما أنه من المقرر فقها أن الولاية هي القدرة على انشاء العقود والتصرفات نافذة من غير توقف على اجازة أحد وأن الولاية على النفس في الزواج هي القدرة على انشاء عقد الزواج نافذا من غير توقف على اجازة أحد، وهي تنقسم إلى نوعين ولاية قاصرة وولاية متعدية، وأن جمهور الأحناف قد اتفقوا على ثبوت الولاية للمرأة البالغة العاقلة في تزويج نفسها سواء كانت بكرا أم ثيب إلا أنه يستحب أن يقوم وليها بمباشرة العقد نيابة عنها صونا لها عن التبذل اذا هي تولت العقد بمجلس الرجال وان الولاية تثبت للأب والجد وغيرهما من العصبات.
والمحكمة تأذن بزواج "فتاة" بدون إذن والدها
وتضيف "المحكمة": وأنه إذا لم يكن للمولى عليه عصبات ولا أرحام انتقلت ولاية تزويجه الى ولى الأمر يتولاها القاضي الذي ذكر له ذلك في مرسوم تعيينه، ويقوم مقام النص على ذلك في مرسوم تعين القاضي في نظرنا أى نص تشريعي يخول القاضي هذه الولاية وأن دعوى تزيج من لا ولى له في هذا المضمون أصبح من اختصاص محكمة الأسرة للولاية على النفس.
وتؤكد "المحكمة": وأنه إذا كان الولي القريب حاضرا وامتنع عن تزويج المولي عليه بغير حق شرعي كان عاضلا والعضل ظلم و ولايه رفع الظلم إلى القاضي، ومن ثم لا تنتقل الولاية لمن يليه من الأولياء بل الى القاضي لقول النبي صلي الله عليه وسلم، (فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له)، والمراد بالاشتجار هو منع الأولياء من العقد علي المولى عليه، وهذا هو العضل وجرت العادة على أن السلطان لا يتولى هذا الأمر بنفسه، وإنما يتولاه القاضي نيابة عنه ويكون تزويج القاضي للمولي عليه نيابة عن هذا الولي الظلام، ومن ثم فإن عقد القاضي يكون في قوة هذا الولي ويأخذ حكمه من لزوم العقد وعقد لزومه، فإذا كان الولي هو الأب كان عقد القاضي في قوة عقد الأب وأن كان هو الأخ كان عقد القاضي في قوة عقد الأخ وهكذا .....".
والمحكمة تلزم أن يكون وليها أحد أقاربها من العصبة أو أحد أخوالها
ولما كان ذلك - وكانت محكمة الأسرة للولاية على النفس هي المختصة نوعيا بنظر دعوى الأذن بزواج من لا ولي له وكان الثابت من الدعوي أن المدعي عليها الثانية - سالفة الذكر - قد تقدم لزواجها المدعي عليه الثالث، ومن ثم فهو كفء لها وكانت المدعية عليها الثانية ترغب في الزواج منه ولا يوجد مانع شرعي من زواجها منه، وكان المدعي عليه الأول قد مثل الدعوي لم ينازع المدعية في كفاءة المتقدم لزواج المدعي عليها الثانية أو لإبداء أسباب امتناعه عن اتمام زواجها منه، وهو ما تقضي معه المحكمة بالإذن بزواجها من المدعى عليه.
فلهذه الأسباب:
بالإذن بزواج المدعي عليها الثانية (ب. ن) من المدعو (م. ص) على أن يكون وليها في الزواج أحد أقاربها من العصبة (غير المدعي عليه الأول) أو أحد أخوالها، والزمت المدعي عليه بالمصاريف.
المحامى بالنقض أحمد السنبسى - مقيم الدعوى
ما هو العضل؟
ومن ناحية أخرى، شرح الخبير القانوني والمحامى بالنقض حسام حسن الجعفرى، معنى "عضل الولى" بأن العضل حالة ومشكلة إنسانية واجتماعية خطيرة تهدد المجتمع بمخاطرها، وإذا ثبت العضل وهو منع الولي من تزويج البنت لأسباب غير مقنعة، فهو ظلم مشين محرم فعله ويجب رفعه عنها بنقل ولايتها من وليها إلى ولاية أحد أقاربها وقد تكون للمحكمة إن لزم الأمر، وذلك في محاولة لرفع الظلم الذى يقع على الفتاة.
وبحسب "الجعفرى" في تصريح لـ"برلماني": العضل يعتبر ضَررا تُنزع به الولاية من الولي، ويحرم على الولي منع موليته أن تنكح من ترضاه، لقوله تعالي: {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ}، وشرعاً جعل الولي شرطاً في صحة نكاح المرأة، ولكن الولاية هنا للحفاظ عليها، ورعايتها، وصيانة كرامتها، ولكن الفهم الخاطئ للقوامة جعل المرأة تُعنّف، حيث إن العضل يعد من أخطر مظاهر العنف الأسري الخفي، الذي يسلب المرأة حقوقها الشرعية، وينتهك إنسانيتها.
آثار عضل النساء
ويؤكد "الجعفرى": أن للعضل آثارا سلبية اجتماعية، ونفسية، وصحية، وسلوكية ليس فقط على الفتاة المعضولة، وإنما تتجاوزها إلى الأسرة، والمجتمع بأكمله، ولابد من تنظيم هذه المسألة من خلال قواعد لتنظيم آلية نظر دعاوى العضل بما يعزز من سرعة الإنجاز ودعم جودة العمل، نظراً لكون قضايا العضل ذات طبيعة خاصة، وحرصاً على أن تولى تلك القضايا ما تستحقه من اهتمام وأن تنجز وفق القواعد الصحيحة، وبما يتوافق مع طبيعته، ومن أهم ما تضمنته القواعد إتاحة قبول دعوى العضل من المرأة، أو من أي صاحب مصلحة في الدعوى كوالدتها أو إخوتها ولا يلزم حضور الخاطب، وراعت القواعد خصوصية هذه الدعاوى وأجازت للدائرة القضائية أن تتخذ ما تراه لحفظ خصوصية الأطراف وسرية الجلسات.