أجاز قانون الإجراءات الجنائية الحالي لقاضي التحقيق طبقا للمادة ( 95 ) الأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية وتسجيل المحادثات في الأماكن الخاصة، وضبط الرسائل، أما إذا كانت النيابة هي التي تتولي التحقيق وجب حصولها طبقا للمادة ( 206 ) علي إذن مسبب بذلك من القاضي الجزئي المختص الذي وقعت الجريمة في دائرة المحكمة التي يعمل بها أو المكان الذي يقيم فيه المتهم أو الذي قبض عليه فيه، وذلك طبقا للمادة ( 217 إجراءات)، وكما ورد في الطعن المقيد برقم 16055 لسنة 60 قضائية، وذلك فيما عدا جرائم أمن الدولة والمال العام والرشوة، إذ يكفي صدور الأمر بالمراقبة من رئيس نيابة عامة طبقا للمادة 206 مكررا إجراءات.
كما أجاز قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 في المادة السادسة منه لسلطة التحقيق المختصة التنصت ومتابعة الأحاديث والرسائل التي تجرى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقد أُثير تساؤل في قانون جرائم تقنية المعلومات حول تحديد المقصود بجهة التحقيق المختصة التي تملك الأمر بالتنصت والمتابعة والضبط الاليكتروني؟ وإذ من المعلوم أن التحقيق قد يتولاه قاضي تحقيق ابتدائي أو إستئناف ولا شك فى ثبوت السلطة له بالتنصت والمتابعة الإليكترونية دون استئذان أي جهة أخرى عملا بالمادتين 95 اجراءات و6 من قانون جرائم تقنية المعلومات.
التنصت والتسجيل ومتابعة وضبط الرسائل في مشروع قانون الاجراءات الجنائية
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية التنصت والتسجيل ومتابعة وضبط الرسائل في مشروع قانون الإجراءات الجنائية طبقا للمادتان 79 و180، والوضع في قانونيين الإجراءات الحالي وتقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، خاصة وأنه يدق الأمر حين تنهض النيابة العامة بالتحقيق، وإجراء هذا العمل وهو الغالب، إذ من المعلوم أن المشرع طبقا للمادتين 199 و206 من قانون الإجراءات الحالي قيد سلطات النيابة العامة في التنصت علي المحادثات وضبط الرسائل والخطابات في مكاتب البرق والبريد بلزوم استئذان القاضي الجزئي لتعلق الإجراء بحقوق غير المتهم.. فهل تلتزم النيابة العامة عند التنصت والمتابعة الاليكترونية بهذا القيد؟ - بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق.
في البداية - ذهبت محكمة النقض ضمننا الي عدم لزوم القيد، لأن الضبط عند التصنت والمتابعة الاليكترونية لا يتم فى مكتب البريد أو البرق أو مصلحة التلغراف وهو ما نراه محل نظر، إذ ليس لهذه المكاتب أو المصالح حرمه في ذاتها، وإنما الحرمة راجعه إلي ما بها من رسائل وخطابات تتعلق بها حقوق غير المتهم، فكانت علة قيد إذن القاض الجزئي ما تحتويه الرسائل والخطابات والتلغرافات من أسرار غير المتهم وليس مكان وجودها والنصوص تدور مع علتها وجودا وعدما – وفقا لـ"فاروق".
مشروع قانون الاجراءات الجنائية حسم النزاع بالمادتين 79 و180
لذا ذهبنا في كتاب الجرائم الالكترونية الي أن النيابة العامة لا تملك التنصت والمتابعة الالكترونية إلا بعد الحصول مقدما علي إذن بذلك من القاضي الجزئي، إذ استخدمت المادة السادسة من قانون جرائم تقنية المعلومات عباره لسلطة التحقيق المختصة أن تأذن ومن المعلوم أن النيابة العامة تتولي التحقيق طبقا لأحكام قاض التحقيق مع مراعاة استئذان القاضي الجزئي، إذ مس اجراء التحقيق حقوق غير المتهم ولاشك أن الرسائل الواردة والصادرة من جهاز الحاسب الآلي الخاص بالمتهم، وكذا برامج المعلومات وانظمه المعلومات تتعلق بهم حقوق الغير فوجب استئذان القاضي الجزئي – هكذا يقول "فاروق".
الوضع في مشروع قانون الإجراءات
حسم مشروع قانون الإجراءات الجنائية الحالي في الخلاف سالف الذكر والزم النيابة العامة بالحصول علي إذن القاضي الجزئي، وأضاف ضمانات لا مثيل لها في قانون الإجراءات الجنائية الحالي، إذ نص في المادة 79 علي أن لعضو النيابة العامة بعد الحصول علي إذن من القاضي الجزئي أن يصدر أمرا بضبط جميع الخطابات والرسائل والبرقيات والمطبوعات والجرائد والطرود وأن يأمر بمراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية وحسابات مواقع وتطبيقات التواصل الإجتماعي ومحتوياتها المختلفة غير المتاحة للكافة.
والبريد الاليكتروني والرسائل النصية أو المسموعة أو المصورة علي الهواتف أو الأجهزة أو أية وسيلة تقنية أخري وضبط الوسائط الحاوية لها أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متي كان لذلك فائدة فى ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد علي 3 أشهر ويجب أن يكون الأمر بالضبط أو الإطلاع أو المراقبة أو التسجيل لمدة لا تزيد علي 30 يوما ويصدر القاضي الإذن المشار اليه بعد اطلاعه علي الأوراق والتحقيقات ويجوز له أن يجدده لمده أو لمدد أخري مماثلة – طبقا لأستاذ القانون الجنائى.
ضمانات جديدة فى مشروع القانون الجديد
ونصت المادة 180 من المشروع علي أن يكون لقاضي التحقيق عند مباشرة التحقيق السلطات المخولة للقاضي الجزئي الواردة في هذا القانون، ومن ثم لا يلتزم قاضي التحقيق عند إصدار الإذن باستئذان القاضي الجزئي، لأن الإذن قيد علي سلطة النيابة العامة لجمعها بين سلطتي الاتهام والتحقيق حال أن قاضي التحقيق لأ يباشر الإتهام وإنما يندب فقط للتحقيق.
والجديد في نصوص المشروع أن أورد ضمانة جديدة حاصلها انه يجب علي القاضي الجزئي قبل إصدار الإذن أن يطلع علي الأوراق والتحقيقات أي أن الإذن يشترط لصدوره أن تكون النيابة العامة قد بدأت في تحقيق الدعوي فلا يكفي تحريات رجل الضبط القضائي بطلب الإذن من النيابة العامة، وإنما يلزم أن تجري النيابة تحقيق فإن بدأ لها استصدار الإذن رفعت الأوراق والتحقيقات للقاضي الجزئي وإلا فلا.
اختصاصات النيابة العامة في هذا الشأن
ومن المعلوم أنه في ظل قانون الإجراءات الحالي وطبقا للمادة 206 كان يكفي لإصدار الإذن مجرد اطلاع القاضي الجزئي علي الأوراق، فأضاف المشروع عبارة التحقيقات بجانب الأوراق حتي لا يكون الإذن بهتك سرية المراسلات والمحادثات مع خطورته هو أول إجراء تفتتح به الدعوي وهي ضمانة جديدة وهامة تحسب لواضع المشروع.
كما أنه لم يعد جائزا طبقا لنصوص المشروع لرئيس النيابة العامة أو ما يعلوه أن يصدر أمر المراقبة أو الضبط أو المتابعة للرسائل والمحادثات في جرائم الرشوة والمال العام من تلقاء نفسه كما كان الحال في قانون الإجراءات الجنائية الحالي طبقا للمادة 206 مكررا إجراءات وإنما يتعين دوما حصول النيابة العامة علي إذن القاضي الجزئي، وتلك ضمانة أخري أضافها المشروع.