ملف شائك ينتظره قطاع عريض من المصريين، سيطرح قريبا على مائدة مجلس النواب ولجانه النوعية، وذلك بعد حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر السبت، فى القضية رقم (24) لسنة 20 قضائية دستورية، والمتضمن: "عدم دستورية الفقرة الأولى فى كل من المادتين رقمى (1) و (2) من القانون رقم (136) لسنة 1981، فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنتاه من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص فى إقامتها لأغراض السكنى اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون".
وأكد مجلس النواب اهتمامه الخاص بالقوانين الاستثنائية التى تنظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والمعروفة بـ"قوانين الإيجار القديم"، بحسبانها تمس العديد من الأسر المصرية سيَّما وأنه كانت هناك محاولات سابقة لتناولها إلا أنها تعثرت لظروف عديدة؛ لذا كلف مكتب المجلس، خلال دور الانعقاد العادى الرابع، لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير بإعداد دراسة مستفيضة عن ملف قوانين "الإيجار القديم"، بما فى ذلك تقييم أثرها التشريعي، على أن يتم ذلك وفق محددات أقرها مكتب المجلس، من أهمها: دراسة الخلفية التاريخية للتشريعات الخاصة، وكذلك الاطلاع على أحكام المحكمة الدستورية العليا المتعلقة بهذا الشأن كافة، مع دراسة وتحليل كل البيانات الإحصائية التى تسهم فى وضع صياغة تضمن التوصل إلى أفضل البدائل الممكنة التى تتوافق مع المعايير الدولية والدستورية بشأن الحق فى المسكن الملائم والعدالة الاجتماعية.
واتصالا بذلك؛ فقد أعدت لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير بالمجلس تقريرًا مبدئيًا عن الموضوع المشار إليه؛ بذات الضوابط والمحددات التى أقرها مكتب المجلس فى هذا الشأن، ومن المقرر عرضه على المجلس خلال الجلسات العامة المقبلة.
نقف على مسافة واحدة بين طرفى العلاقة الإيجارية
ويؤكد النائب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أن حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى القضية رقم (24) لسنة 20 قضائية دستورية بتاريخ 9 نوفمبر 2024، تاريخى وملزم ويستحق الإشادة، خاصة أنه رفع الحرج عن الجميع ووضع المالك والمستأجر أمام حالة مرضية للطرفين.
وأوضح رئيس "محلية النواب" فى تصريح خاص، أنه هناك تقرير جاهز بالفعل بشأن ملف قوانين "الإيجار القديم"، بما فى ذلك تقييم أثرها التشريعي، تم إعداده من قبل مجموعة عمل تم تشكيلها بين الحكومة والبرلمان خلال السنوات الماضية وضمت رئيسى لجنة الإدارة المحلية ورئيس لجنة الإسكان آنذاك، والتى وصلت لتفاهمات طيبة بشأن تصور جديد لمسودة مشروع قانون ضمت أفكارا مختلفة، إضافة إلى تقرير لجنة الإسكان الحالية فى البرلمان والذى أعدته على أثر تكليف المستشار حنفى جبالي، رئيس مجلس النواب لها فى دور الانعقاد الرابع.
ولفت "السجيني" إلى أن الأمر سيخرج بتوازن، خاصة أن البرلمان يقف على مسافة واحدة بين طرفى الانتفاع، ويحرص على تحقيق حقوق الملاك مع الحفاظ على السلم الاجتماع، منوها بأنه سيتم عمل دراسة مستفيضة للحيثيات وبناء عليه سيتم العمل على التشريع، قائلا: النهج الرئيسى أن ما لا يدرك كله لا يترك كله.. أما التساؤلات حول مبدأ امتداد العقود فهذا الأمر محسوم ومقيد بحكم سابق للمحكمة الدستورية يحدد فيها فئات المستفيدين بالامتداد.
وتابع "أؤكد أن الحكم الجديد يشدد على وجوبية معالجة الامتداد و تغيير الأجرة الإيجارية من قبل المشرع، وهى أمور لا تستعصى على المشرع فى سبيل تحقيق العدالة والتوازن".
رئيس "إسكان النواب": ننتظر إحالة حكم الدستورية لاستكمال بحث ملف قوانين الإيجار القديم
ويقول النائب محمد الفيومى رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، إن الحكم الصادر عن المحكم الدستورية بشأن قانون الإيجار القديم ملزم لجميع مؤسسات الدولة سواء الحكومة أو البرلمان، وبالتالى سوف يحرك الملف بوتيرة أسرع.
وعن مسار عمل اللجنة لطرح الحكم وحيثياته على مائدتها، لفت "الفيومى إلى أن رئيس المجلس سيحيل تفاصيل الحكم للجنة، وسيستكمل بحث الملف من أجل تحقيق دراسة مستفيضة للملف بكل أبعاده فى ضوء الحكم تمهيدا لإقرار مشروع قانون جديد، مشددا أنه تم عقد سلسلة كبيرة من الحوار المجتمعى وأصبح لدى المجلس تصورات مختلفة من طرفى العلاقة تساعد على وضع صياغة تضمن التوصل إلى أفضل البدائل الممكنة التى تتوافق مع المعايير الدولية والدستورية بشأن الحق فى المسكن الملائم والعدالة الاجتماعية.
وأضاف الفيومي، فى تصريحات خاصة، إن أول تحرك من لجنة الإسكان بمجلس النواب، هو قراءة حكم المحكمة الصادر بشأن قانون الإيجار القديم بشكل تفصيلي، ودراسته وبحثه وبناء على ذلك سوف تتحرك اللجنة، مؤكدا أن حكم المحكمة ملزم لجميع مؤسسات الدولة.
وأشار إلى أن لجنة الإسكان قد أصدرت عددا من التوصيات بشأن قانون الإيجار القديم تتمثل فى ضرورة تنفيذ التكليفات الرئاسية بتعديل القوانين التى تنظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر فى ظل قوانين الإيجارات القديمة، بهدف إقامة التوازن -الذى غاب عن تلك العلاقة التعاقدية لعقود طويلة- فى الحقوق والالتزامات.
وأوضح أن حسم مشروع قانون الإيجار القديم لتوفير توازن فى العلاقة بين المستأجر والمؤجر، من أهم التشريعات التى يجب خروجها للنور، لافتًا إلى أن من بين تلك التشريعات الهامة أيضا وعلى الحكومة الجديدة سرعة إصدارها قانون المجالس المحلية، خاصة أن غياب هذا التشريع يجعل المحليات والأحياء مرتع للفساد.
النائب عمرو درويش: رؤية التنسيقية تستهدف تحقق التوازن والعدالة وتطبيق أحكام المحكمة
يشير النائب عمرو درويش، أمين سر لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب وعضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إلى أن بيان مجلس النواب أكد الالتزام بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى القضية رقم (24) لسنة 20 قضائية دستورية بتاريخ 9 نوفمبر 2024، منوها بأن هناك أكثر من قانون ينظم العملية الإيجارية، ولاسيما أن أحكام المحكمة الدستورية تنظم تلك العلاقة فيما يخص قضية الإيجارات.
ولفت إلى أن فلسفة الحكم تؤكد أن تثبيت القيمة الإيجارية للوحدات السكنية بها جزء كبير من عدم العدالة، مشددا أن التنسيقية تؤمن بضرورة تحريك القيمة الإيجارية لتتوافق مع محددات السوق وسيكون لديها طرح تقدمه فى ذلك الصدد.
وأضاف أن ذلك الحكم والأحكام السابقة وحالة الحوار المجتمعى التى تم عقدها فى تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، تؤكد ضرورة مراعاة جميع الفئات المتعلقة بهذا الموضوع سواء المستأجر أو المالك.
وشدد أن تحقيق العدالة والتوازن المجتمعى من خلال الحفاظ على حقوق الملاك والمستأجرين ستكون من الأولويات فى عمل البرلمان خلال الفترة المقبلة، وذلك فى ظل حكم المحكمة الدستورية الأخير وحيثياته، مشيرا إلى أن ذلك الحكم يتوافق مع رؤية التنسيقية بضرورة تحقيق التوازن والعدالة بين الأطراف المعنية فى قوانين الإيجارات المختلفة، قائلا "ذلك لا يعنى أنه سيكون هناك طرد للمستأجرين بل سيكون هناك مراعاة للظروف الاجتماعية وفلسفة التسعير طبقا لكل منطقة وطبيعتها وذلك وفق رؤية تحقق التوازن والعدالة وتطبيق أحكام المحكمة".
تجدر الإشارة إلى أن مجلس النواب سيواصل مناقشة القوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن، والتعديلات التشريعية اللازمة لتنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المُشار إليه؛ بروح من التوازن والعدالة، ملتزمًا بحماية مصالح جميع الأطراف دون تغليب مصلحة طرف على حساب طرف آخر؛ فالأمر لا يتعلق فقط بضبط العلاقة بين المالك والمستأجر، بل بخلق بيئة قانونية تعزز من الاستقرار الاجتماعى وتدعم النسيج المجتمعى.