تتفق كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا على البقاء على الاتفاق، الذى عقد بمشاركة القوى الدولية فى يوليو 2015، ما يثير شبح صدام قوى، إذ ستواجه الشركات الأوروبية عودة العقوبات الأمريكية إذا مضت فى الشراكة مع إيران، فضلا عن أن الصين وروسيا، الموقعتين أيضا على الاتفاق، انضما كذلك إلى إيران فى اتهام الولايات المتحدة بانتهاك الاتفاق النووى.
وفى هذا السياق قال وزير الخارجية الفرنسى جون إيف لودريان، إن عقوبات واشنطن على الشركات الأجنبية فى إيران "قيود مرفوضة"، مشددا على ضرورة تفاوض الأوروبيين مع واشنطن لتفادى آثار هذه العقوبات.
وأضاف لودريان فى مقابلة نشرها الموقع الإلكترونى لصحيفة "لوباريزيان" الفرنسية: "نقول للأمريكيين أن التدابير العقابية التى سيتخذونها تبقى شأنا خاصا بهم، والأوروبيين ليسوا مضطرين لدفع ثمن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى مع إيران.
وأكد الوزير الفرنسى، أنه يجب على الأوروبيين صياغة "الإجراءات الضرورية لحماية مصالح شركاتهم، وبدء المفاوضات مع واشنطن حول ذلك".
وأعلن مسئول فى الرئاسة الفرنسية مؤخرا أن الاتحاد الأوروبى سيبذل "كل الجهود" اللازمة لحماية مصالح الشركات الأوروبية فى إيران عقب قرار ترامب، فيما كشف مصدر دبلوماسى فرنسى عن أن الرئيس إيمانويل ماكرون حاول ثنى ترامب عن اتخاذ قراره المذكور.
ومن جانبه اعتبر وزير الاقتصاد والمالية الفرنسى برونو لومير اليوم، الجمعة، أنه حان الوقت لأوروبا أن تنتقل من الأقوال إلى الأفعال لحمايةً سيادتها الاقتصادية من العقوبات التى تريد الولايات المتحدة تطبيقها على الشركات الأجنبية العاملة فى إيران.
وقال لومير، فى مقابلة مع إذاعة "أوروبا 1" اليوم: "مع كل حلفائنا الأوروبيين نتناقش بشكل جماعى مع الولايات المتحدة للحصول على قواعد مختلفة بشأن الشركات الأوروبية فى إيران ولكن علينا العمل بيننا كأوروبيين للدفاع عن سيادتنا الاقتصادية".
وأضاف أنه جارى العمل على ثلاثة مقترحات لتأكيد السيادة الأوروبية فى مواجهة العقوبات الأمريكية العابرة للحدود وهى تعزيز اللائحة الأوروبية لعام 1996، التى تسمح بإدانة هذه العقوبات بتضمينها قرارات الولايات المتحدة الأخيرة ثم التفكير فى كيفية مد أوروبا بالأدوات المالية حتى تكون مستقلة عن الولايات المتحدة.
من جهة أخرى قال اتحاد الشركات فى بلجيكا، ووكالة التصدير والاستيراد فى إقليم والونيا "أوكس"، أن القرار الذى اتخذه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بسحب الولايات المتحدة من الصفقة النووية الإيرانية وفرض عقوبات اقتصادية على طهران سيكون له تأثير على الشركات البلجيكية.
وفقاً لقناة "بلجيك 24" البلجيكية، كانت شركات فى إقليم "والونيا" تأمل فى إبرام العقود فى إيران قريبا، خاصة فى الهندسة الميكانيكية والبنية التحتية والبيئة.
وفقًا لوكالة والون للتصدير والاستثمار الخارجى "Awex"، بلغت صادرات بلجيكا إلى إيران 550 مليون يورو تقريبا فى أول 11 شهرًا من عام 2017، فى حين بلغت الواردات من البلد الشرق أوسطى 115 مليون يورو، واحتلت إيران المركز الـ87 بين أسواق التصدير البلجيكية فى عام 2016، والمركز الـ99 بين أسواق التصدير فى والونيا.
وبعد توقيع اتفاقية إيران فى عام 2015 ورفع العقوبات، استأنفت العديد من شركات والون التنقيب فى إيران.
ووفقاً لما قاله المدير العام لـAwex باسكال ديلكومينيت، فإن الاتصالات الإيجابية التى أجروها هناك كانت تبشر بالخير لإبرام العقود فى المستقبل.
وقالت ديلكومينيت: "كان هناك نحو 30 شركة فى الوقت الحاضر فى بعثاتنا المشتركة إلى إيران، وتقدم البلاد فرصا مثيرة للاهتمام لشركات والون".
وشملت القطاعات التى أظهرت الاهتمام بالسوق الإيرانية، الصناعة الزراعية، والهندسة الميكانيكية، والبنية التحتية، والبيئة، والطاقة.
وبحسب ديلكومينيت، فإن قرار دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووى له "تأثير حقيقى" على الشركات فى هذه القطاعات ويعد بمثابة السيف المعلق على رقبة العلاقات التجارية مع إيران، وسيكون لها بالفعل آثار نفسية لأن الشركات ستخشى العقوبات.
وبعد انسحابها من جانب واحد من الاتفاق النووى، ستعيد واشنطن فرض العقوبات على إيران، ومن شأن ذلك أن يؤثر على الاستثمارات الأوروبية فى هذا البلد، ويبلغ حجم التعاملات بين إيران والاتحاد الأوروبى نحو 15 مليار دولار.
وكان مستشار الأمن القومى الأمريكى جون بولتون قال أن العقوبات الأمريكية على إيران ستسرى فورا على العقود الجديدة، كما أشار إلى أن أمام الشركات الأوروبية أشهرا عدة للانسحاب من إيران.
ويجرى الحديث عن وضع خطط فى بروكسل لاقتراح إجراءات تحظر تطبيق العقوبات الأمريكىة، فى تحرك نادر ضد الحليف الأمريكى.