يبدو الاقتصاد التركى الذي كان في يوم من الأيام نقطة القوة الرئيسية لدى الرئيس رجب طيب أردوغان الذي طالما افتخر بأنه نقل بلاده من الفقر إلى مجموعة العشرين الكبار حول العالم، فى حال صعب، بعد أن أدت سياسات الرجل الاقتصادية وسلوكه السياسى المزعزع للاستقرار فى الإقليم، إلى تهاوى العملة التركية وخسارتها نحو 30% من قيمتها فى شهور معدودات.
خارطة طريق فاشلة
فمن جانبها رأت وكالة بلومبرج الأمريكية المتخصصة فى الشؤون الاقتصادية أن خارطة الطريق التى رسمها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أدت إلى انهيار بالسوق التركية، محذرة أنه ما لم يعد الرئيس أرداجه فإن بلاده ستعانى ماليا فى المرحلة المقبلة، متوقعة أن يؤدى تراجع الليرة إلى تخلى أردوغان عن سياساته.
وأضافت الوكالة فى تقرير موسع لها نشرته من خلال موقعها على الإنترنت أن التراجع فى الليرة قد يؤدى إلى إجبار الرئيس أردوغان على التخلص من بعض العقائد الاقتصادية، لافتة إلى أن المحللين يرون بضرورة حاجة البلاد إلى زيادات فى الأسعار، وخفض فى الإنفاق، واللجوء إلى الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى.
وأوضحت الوكالة فى التقرير أن كل وصفة اقتصادية تقريبًا لتركيا لإنقاذ أسواقها المالية من الانهيار، وإنقاذ اقتصادها من الركود، الذى يبدو من المرجح أن يتبعه أردوغان، تنطوى على تراجع رئيس البلاد عن سياساته الاقتصادية.
أردوغان واقتصاد متدهور
ونوهت الوكالة إلى أن أردوغان بحاجة إلى أن يقدم شيئا جديدا لإنقاذ اقتصاد بلاده المتدهور وبالرغم من أن هذا ليس ما يشتهر به رجب طيب أردوغان، إلا أنه مع تهاوى الليرة فى حالة السقوط الحر، هناك شعور متزايد بأن هناك شيئًا ما يجب أن يقدمه.
وشددت الوكالة على أن دوامة الهبوط فى العملة قد نجمت عن الخلاف الدبلوماسى مع الولايات المتحدة، التى فرضت عقوبات على حليفها فى الناتو بشأن احتجاز قس أمريكي، وخسرت الليرة هذا العام نحو 30%، وهى العملة التى تتدفق من خلال الاقتصاد الذى يبلغ حجمه قرابة 880 مليار دولار، حيث يواجه المشترون فى الأسواق أسعارا متصاعدة مع شركات تكافح لخدمة ديون الدولار واليورو.
مع ذلك أصر أردوغان على أن القضاء التركى لا يتلقى أوامر من أمريكا، وهو يرفض الفكرة القائلة بإن اقتصاد بلاده محموم ويحتاج إلى مسار أبطأ للنمو، وهو خصم عنيف لأسعار الفائدة المرتفعة، ولفتت الوكالة إلى أن رجب طيب لم يدعم موجة من التحفيز المالى فى الفترة التى سبقت إعادة انتخابه فى يونيو، بالرغم من أنه يفتخر بأنه حرر تركيا من ما وصفه بـ"وصاية صندوق النقد الدولى".
رأي الاقتصاديين
ومن جانبه قال تيم آش، وهو محلل كبير فى الأسواق الناشئة في إحدى الشركات المتخصصة فى العاصمة البريطانية لندن إن "تركيا تبدو على الحافة، كما أن خيار الانتظار محفوف بالمخاطر".
وأضاف: "في نهاية المطاف، سيؤدى ضعف العملة إلى الحد من طلب الدول الأخرى على البضائع التركية وستكون أنقرة مجبرة على اللجوء إلى سياسات تعزيز صادرات العالم إليها وفى غضون ذلك لن تتمكن من تقليص العجز الخارجى الهائل في هياكل اقتصادها، وقد يؤدى هذا التدهور إلى ما هو أبعد من انهيار الليرة".
وفى المجمل هناك دلائل تشير إلى أن أردوغان قد يتحرك لنزع فتيل الأزمة الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية على الأقل، حيث التقى وفد تركى مع وزارة الخارجية ومسؤولين فى وزارة الخزانة فى واشنطن فى الساعات الأخيرة، فى ظل غياب حل وسط يعيد القس الأمريكي المحتجز فى أنقرة إلى واشنطن، ووقتها من المتوقع صدور المزيد من العقوبات الأمريكية ضد تركيا.