عادة ما نسمع مقولة "العقد شريعة المتعاقدين" حيث أن العقد هو إتفاقية مكتوبة بين طرفين أو أكثر، وذلك بهدف توفير الأمان والثقة لكل الأطراف، ويوضح واجباتهم، والعقد أيضا هو الطريق القانوني لحفظ حقك وهو جزء أساسي من أي اتفاقية، حيث تتمثل أهميته في الحياة العملية في التالى:
1️-حفظ حقوق وواجبات الأطراف المتعاقدة.
2-توضيح المسؤوليات والالتزامات علىٰ جميع الأطراف.
3️- توضيح مدة الإتفاقية وتاريخ انتهاء العقد.
4️- تقليل المخاطر، وتجنب الخسائر المالية، والقانونية عن طريق توضيح الشروط بالتفصيل
العقد شريعة المتعاقدين ولكن.. هل يجوز إنهاؤه بإرادة منفردة؟
وبذلك فإن العقد هو بمثابة طريق مرسوم من أجل إتمام عملية الاتفاق على البنود المنصوص عليها، ولا يجوز نقضه أو تعديله إلا برضا الطرفين، أما مسألة أن العقد شريعة المتعاقدين، فهى قاعدة قانونية من قواعد القانون المدني ومبدأ اساسي فيه، وتعني تللك القاعدة أن بنود العقد تعتبر كالقانون فيما بين أطراف العلاقه التعاقدية، ويلتزم القاضي عند نظر أي نزاع فيما بين أطرافه تطبيق بنود العقد عليهما أولا لحل هذا النزاع، ثم بعد ذلك تطبيق نصوص القانون المدني، وعدم وفاء الأطراف ببنود العقد يستتبع مسؤليتهم القانونية .
-القاعدة أن العقد لا يجوز إنهاؤه بإرادة منفردة أي بإرادة أحد طرفيه، وذلك استناداً إلى قاعدة "العقد شريعة المتعاقدين"، إلا أنه توجد حالات استثنائية يجوز فيها الإنهاء بإرادة منفردة.
1-إذا وجد شرط في العقد يجيز لأحد المتعاقدين إنهاء العقد بارادته كما في عقد الايجار مثلا: "يجوز أن يعقد العقد لمدة 6 سنوات مثلاً على أن يكون لكل من الموجر والمستأجر كل سنتين مثلاً الحق في إنهاء العقد بإرادته".
2-يجوز لأحد المتعاقدين أو لكليهما إنهاء العقد قبل انتهاء مدته.
-قد ينص القانون على اعطاء أحد المتعاقدين دون الأخر حق نقص العقد بإرادته المنفردة.
-ويبرر هذا الحق برغبة المشرع في حماية المتعاقد.
-ومن هذه الحالات حق الواهب في الرجوع في الهبة في بعض الأحوال
-وحق المعير في انهاء العارية قبل القضاء مدتها.
3-إنهاء العقد أو تعديله بقوة القانون
هناك حالات يتدخل فيها المشرع فيعرض إنهاء العقد أو تعديله على الرغم من ارادة المتعاقدين.
أ-انتهاء العارية بموت المستعير.
ب-انتهاء عقد العمل بموت العامل.
ج-انتهاء الوكالة بموت الوكيل أو الموكل.
ملحوظة: على إن انتهاء العقد في الأحوال السابقة ومثيلاتها، بالوفاة، ليس مرجعه في الواقع إرادة المشرع إنما مرجعه في الحقيقة إرادة المتعاقدين الضمنية، نظراً إلى أن شخصية المتعاقد هي محل اعتبار العقد.
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة في الطعن المقيد برقم 2206 لسنة 82 قضائية، والذى جاء في حيثياته: أنَّ النص في الفقرة الأولى من المادة 147 من القانون المدني على أن: "العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين"، وفي المادة 148 منه على أنه: " يجب تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية"، وفي المادة 150من القانون ذاته على أنه: "إذا كانت عبارة العقد واضحةً فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين أمَّا إذا كان هناك محل لتفسير العقد فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف على المعني الحرفي للألفاظ مع الاستهداء في ذلك بطريقة التعامل وبما ينبغي من أمانة وثقة بين المتعاقدين، وفقًا للعرف الجاري في المعاملات".
وبحسب "المحكمة": يدل على أن مبدأ سلطان الإرادة مازال يسود الفكر القانوني ولازم ذلك أن ما اتفق عليه المتعاقدان متى وقع صحيحًا لا يخالف النظام العام أو الآداب أصبح ملزمًا للطرفين، فلا يجوز نقض العقد ولا تعديله من جهة أيٍّ من الطرفين، إذ إن العقد وليد إرادتين وما تعقده إرادتان لا تحله إرادة واحدة، وهذا هو الأصل، كما يمتنع ذلك على القاضي - أيضًا - لأنه لا يتولى إنشاء العقود عن عاقديها وإنما يقتصر عمله على تفسير مضمونها بالتزام عبارات العقد الواضحة وعدم الخروج عنها بحسبانها تعبيرًا صادقًا عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين، وذلك احترامًا لمبدأ سلطان الإرادة وتحقيقًا لاستقرار المعاملات.