ردود أفعال من هناك ومن هناك سواء من المُلاك أو المستأجرين بشأن حكم المحكمة الدستورية العليا، اليوم، بعدم دستورية الفقرة الأولى من كل من المادتين (1 و2) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنتاه من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى اعتبارا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون.
وقالت المحكمة الدستورية في حيثيات حكمها إن ثبات القيمة الإيجارية عند لحظة من الزمان ثباتًا لا يزايله مضى عقود على التاريخ الذي تحددت فيه "يشكل عدوانًا على قيمة العدل وإهدارًا لحق الملكية"، ويبدأ تطبيق أثر الحكم من اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي الحالي "الدورة البرلمانية الخامسة لمجلس النواب القائم"، وأعملت المحكمة سلطتها في ذلك لحاجة المشرع إلى مدة زمنية كافية ليختار بين البدائل لوضع ضوابط حاكمة لتحديد أجرة الأماكن السكنية.
"الدستورية العليا" تقتحم ملف الإيجار القديم
وبذلك تكون المحكمة الدستورية العليا اقتحمت ملفا خشيت الحكومة ومجلس النواب الإقتراب منه طيلة 43 سنة، طبقا لنظرية "الاستقرار الإجتماعى"، ولصعوبة الإقتراب من هذا الملف لعدم إحداث فوضى في المجتمع بالنسبة للعقود، وعلى الحكومة كما يرى مراقبون أن تنتهز هذا الحكم وتلك الفرصة بتعديل تشريعى، فالحكومة الآن عليها أن تتدخل وتعقد جلسات لتقر مشروع القانون لاستغلال المهلة التي حددتها المحكمة الدستروية العليا وهى مهلة 7 أشهر بداية من اليوم وحتى الأسبوع الأول من يوليو موعد فض الانعقاد للدور الخامس من مجلس النواب
استندت المحكمة في حيثياتها على أن القوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن السكنية تنطوي على خصيصتين: الأولى هي الامتداد القانوني لعقود إيجارها، والثانية التدخل التشريعي في تحديد أجرتها، وذكرت المحكمة أن امتداد العقد وتثبيت الأجرة "ليس عصيًا على التنظيم التشريعي" فإذا كان الامتداد القانوني قد حدد نطاقًا بفئات المستفيدين من حكمه، دون سواهم، فإن تحديد الأجرة يتعين دومًا أن يستند إلى ضوابط موضوعية تتوخى تحقيق التوازن بين طرفي العلاقة الإيجارية.
الدستورية العليا: ثبات القيمة الايجارية للمستأجرين بـ"العدوان" على قيمة العدل وإهدارًا لحق الملكية
وأكدت المحكمة الدستورية العليا على وجوب أن يتدخل المشرع لإحداث هذا التوازن، وضرورة إحداث توازن فى التشريع بإعتبار أنه لا يمكّن المؤجر من فرض قيمة إيجارية استغلالًا لحاجة المستأجر إلى مسكن يأويه، ولا يهدر عائد استثمار الأموال - قيمة الأرض والمباني - بثبات أجرتها بخسًا لذلك العائد فيحيله عدمًا، وأن النصين المطعون عليهما قد حظرا زيادة الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون على 7٪ من قيمة الأرض عند الترخيص، والمباني طبقًا للتكلفة الفعلية وقت البناء – وفقا لـ"المحكمة".
وتضيف: "ثبات القيمة الإيجارية عند لحظة من الزمان ثباتًا لا يزايله مضى عقود على التاريخ الذي تحددت فيه، ولا تؤثر فيه زيادة معدلات التضخم وانخفاض القوة الشرائية لقيمة الأجرة السنوية، واضمحلال عائد استثمار الأعيان المؤجرة بما يدنيه من العدم، وهو ما يشكل عدوانًا على قيمة العدل وإهدارًا لحق الملكية"، وأعملت المحكمة الرخصة المخولة لها بمقتضى المادة (49) من قانونها وحددت اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي الحالي لمجلس النواب تاريخًا لإعمال أثر حكمها.
نائب رئيس المحكمة: يتوجب على مجلس النواب الإسراع في تنظيم هذه العلاقات
من جانبه، ذكر المستشار محمود غنيم، نائب رئيس المحكمة ورئيس المكتب الفني لها، أن المحكمة قدّرت ذلك لحاجة المشرع إلى مدة زمنية كافية ليختار بين البدائل لوضع ضوابط حاكمة لتحديد أجرة الأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى الخاضعة للقانون رقم 136 لسنة 1981.
ويؤكد "غنيم": بالتالي فإنه يتوجب على مجلس النواب الإسراع في تنظيم هذه العلاقات وإصدار قانون يراعي التوازن الذي دعت إليه المحكمة الدستورية العليا لضبط العلاقة بين المالك والمستأجر، قبل أن يبدأ تطبيق هذا الحكم الدستوري فتحدث فوضى في العديد من التعاقدات المستندة إلى القوانين المنظمة للإيجار القديم.
المستشار محمود غنيم، نائب رئيس المحكمة
رئيس اتحاد المستأجرين: الحكم لم يأتي بجديد بل أقر الإمتداد للعقد
فيما قال شريف عبدالسلام الجعار، رئيس اتحاد المستأجرين، أنه أولا الأصل أن قانون 49 لسنة 1977 هو القانون الأصلى لإيجار الأماكن وقانون 136 لسنة 1981 هو قانون جاء مكملا له وليس لاغيا له وقانون 49 لسنة 1977 مكون من 88 مادة قانونية، ومنها بعض المواد التى حكم بعدم دستوريتها وقانون 136 لسنة 1981 مكون من 29 مادة منها من تم الحكم بعدم دستورية بعض فقرات مواده.
وبحسب "الجعار" في تصريح لـ"برلماني": وبالنسبة لحكم الدستورية الأخير الخاص بالطعن على فقرتى المادة الأولى والثانية من قانون 136 لسنة 1981 فيجب أن نحدد أولا أنه قد صدر حكم في 12 مايو 2002 فى القضية رقم 50 لسنة 21 دستورية بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من الفقرة الأولى للمادة الأولى من قانون 136 لسنة 1981، وجاء حكم اليوم ليقضى بعدم دستورية الفقرة الأولى بأكملها، وهذا الحكم لا يضيف جديد إلا أنه آكد على أن الإمتداد فى عقد الإيجار القديم هو إمتداد قانونى وشرعى وفق ما حاء فى حيثيات الحكم.
شريف عبدالسلام الجعار، رئيس اتحاد المستأجرين
شريف الجعار: تشكيل لجان بقرار من المحافظ لتحديد قيمة الأجرة
ويؤكد "الجعار": وكما قال المستشار محمود غنيم، نائب رئيس المحكمة، فى أحد التصريحات له، ولكن الحكم حث المشرع لوضع ضوابط لقيمة الأجرة، وهذه الضوابط الحقيقة منصوص عليها فى بعض مواد القانون حيث نص فى المادة 12 من قانون 49 لسنة 1977 على لجان تحديد الأجرة الذى تتولى تحديد أجرة الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون لجان يتم تشكيلها بقرار من المحافظ المختص، وكما أنه من الواضح أن الحكم الصادر اليوم فى القضية 24 لسنة 20 دستورية لم يلغى الفقرة الثانية من الماده الأولى فى القانون 136 لسنة 1981 .
ضوابط تحديد قيمة الإيجار
ويشير رئيس اتحاد المستأجرين إلى أن معنى ذلك أنه أقر لجان تحديد الأجرة، والمادة 14 من قانون 49 لسنة 1977 وضعت أسس لتحديد أجرة المبنى، وتنص المادة على أنه (تقدر أجرة المبنى المرخص في اقامته من تاريخ العمل بهذا القانون على الأسس التالية:
(أ) صافى عائد استثمار العقار بواقع 7% من قيمة الأرض والمبانى .
(ب) مقابل استهلاك رأس المال ومصروفات الأصلاحات والصيانة والاداره بواقع 3% من قيمة المبانى .
ومع مراعاة الأعفاءات المقررة في شأن الضريبة على العقارات المبنية يضاف إلى الأجرة المحددة وفقا لما تقدم مايخصها من الضرائب العقارية الأصلية والأضاقية كل ذلك مع عدم الأخلال بأحكام القوانين الأخرى الخاصة بألتزامات كل من المؤجرين والمستأجرين بشأن الضرائب والرسوم، ويلتزم المستأجر بأداء هذه الضرائب والرسوم إلى المؤجر مع الأجرة الشهرية ويتريب على عدم الوفاء بها نفس النتائج المترتبة على عدم سداد الأجرة).
وفى الأخير يؤكد "الجعار": ومن كل ما سبق يتضح لنا أنه جاء حكم اليوم مؤكدا على دستورية الإمتداد القانونى حيث شيدت المحكمة قضائها على: (أنه تنطوي على قاعدتين أولهما الامتداد القانوني لعقود إيجارها، والأخرى التدخل التشريعي في تحديد أجرتها)، ومعنى ذلك أنه اعتبر الامتداد القانونى قاعدة ينطوى عليها تحديد الأجرة.
رأى خبراء القانون عن الملاك
وفى سياق أخر – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض محمد حسن، بعد حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية تثبيت الأجرة في نظام الإيجار القديم، فإن هذا الحكم يترتب عليه عدة نتائج قانونية وتأثيرات مهمة على علاقات الإيجار القائمة بموجب هذا النظام. فيما يلي بعض النتائج المحتملة:
1. زوال النصوص غير الدستورية: سيؤدي الحكم إلى إلغاء النصوص التي تعتبرها المحكمة الدستورية غير دستورية، مما يعني أن نصوص تثبيت الأجرة التي كانت تنظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر لن تكون سارية.
2. إعادة تحديد الأجرة: مع زوال النصوص التي تثبّت الأجرة، قد يتمكن المؤجرون من التفاوض بشأن زيادة الأجرة لتتماشى مع القيم السوقية الحالية، ما يتيح لهم تحقيق عوائد أفضل من عقاراتهم.
3. التحول إلى أحكام قانونية جديدة: قد يُعتمد على القوانين العامة للإيجار (مثل قانون 4 لسنة 1996) أو إصدار تشريع جديد يعيد تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر وفقًا لمبادئ العدالة الاقتصادية، دون تحميل المستأجرين أعباءً كبيرة، ومنحهم فترات انتقالية مناسبة.
4. صدور أحكام قضائية تبعًا لذلك: سيكون هناك تداعيات على مستوى الأحكام القضائية في محاكم الموضوع، حيث يمكن للمؤجرين رفع دعاوى للمطالبة بإعادة تقدير الأجرة أو إخلاء الوحدات إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق حول الأجرة الجديدة.
5. أثر رجعي محتمل: إذا اعتبرت المحكمة أن الحكم بعدم الدستورية لا ينطبق بأثر رجعي، فإن العقود السابقة تظل قائمة بأجرتها القديمة حتى تاريخ الحكم. أما إذا كان الحكم بأثر رجعي، فيمكن أن يُعاد النظر في الأجرة من تاريخ بدء العلاقة الإيجارية، وهو أمر غير متوقع بل إن المتوقع من جانبي أن تؤمر المحكمة بأن يكون تأثير الحكم فوري وليس رجعي كما حدث من قبل للأشخاص الاعتبارية لغير السكني بل من الممكن أن تعطي المحكمة مهلة لمجلس النواب لإصدار تشريع جديد ينظم العلاقة.
رأى المراقبون
يشار إلى أن مراقبون يرون أن المحكمة الدستورية العليا بذلك الحكم نسفت المبدأ الثانى الأساسى في الإيجار القديم، حيث أن ملف الايجار القديم يستند على بندين أساسيين:
1-امتداد عقد الايجار أو ما يطلق عليه البعض عن طريق الخطأ (توريث الإيجار أو العقد) وهذا المصطلح غير قانونى ومخالف للشريعة الإسلامية، ولكن نقول (امتداد عقد الإيجار )، والمحكمة الدستورية العليا قالت أن الإمتداد للجيل الأول فقط دون الحفيد.
2-ثبات القيمة الايجارية للمستأجرين (الدستورية العليا أقرت بعدم تحقيق العدالة في هذا المبدأ)، وبذلك تم نسف هذا المبدأ واعطت مجلس النواب مهلة للتطبيق وأعطى فرصة تاريخية للحكومة بتعديل تشريعى.