ظاهرة جديدة في عالم المحاماة تطفو على السطح في قضايا مقتل نيرة أشرف المعروفة إعلاميا بـ "طالبة جامعة المنصورة" على يد زميلها محمد عادل الطالب بكلية الآداب أمام جامعة المنصورة، تتمثل في محاولة كبار المحامين "ركوب الترند" ليس للشهرة كما يظن البعض، فهم أشهر محامين في مصر والوطن العربي، انقسم بعضهم بين المدافع عن المتهم محمد عادل وأخرين عن أسرة المجني عليها.
وعقب حكم محكمة جنايات المنصورة الأربعاء الماضي، برئاسة المستشار بهاء المري بإجماع آراء هيئة المحكمة بإعدام القاتل شنقا، حتى ظهر 4 من كبار المحامين - من أصحاب الأتعاب بالملايين - متطوعين بالدفاع عن محمد عادل ونيرة أشرف مجانا أو "بلا أتعاب" وفقا لتصريحات كل منهم، خاصة بعد ظهور تصريحات على العديد من المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي – فيس بوك وتويتر – بأن أتعاب القضية وصلت إلى 5 ملايين جنيه سيتم جمعها وفقًا لما تم إعلانه قبل أيام.
كبار المحامين يتصدرون مشهد محاكمة "قاتل نيرة"
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في مدى جواز اعلان كبار المحامين الحضور أمام محكمة النقض، رغم أنه وفقاً للقانون لا يجوز حضور محامي المجني عليها نيرة أشرف - المتوفاة إلى رحمة مولاها - أمام محكمة النقض نظرا لانتفاء الصفة والمصلحة فى الطعن بصدور حكم بإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة لأنه حكم غير منهٍ للخصومة في الدعوى المدنية، وذلك تطبيقاً لمبدأ عدم جواز إضرار الطاعن بطعنه عملاً بنص المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 والطعن مقصور على المتهم في تحديد مقدار العقوبة – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى.
في البداية - الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها التى كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض، فلا تتقيد بما ورد فى الحكم الأول فى شأن تقدير وقائع الدعوى ولا يقيدها حكم محكمة النقض فى إعادة تقديرها بكامل حريتها فلا تثريب على إعادة المحاكمة إهدار الأدلة والإجراءات الصحيحة التى تضمنتها أوراق الدعوى، فإذا كان قد انفرد المتهم بالطعن على الحكم، وإذ كانت الدعوى المدنية قد خرجت من حوزة المحكمة بسبق إحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة إعمالا لنص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية لما ارتأته من أن الفصل فيها يقتضي إجراء تحقيق ولم يطعن المتهم في الحكم من هذه الناحية لأنه غير منهٍ للخصومة ولا مانع من السير فيها ولانتفاء مصلحتهما، ولو أنهما كانا قد فعلا لقضت محكمة النقض بعدم قبول طعنهما – وفقا لـ"صبرى".
ليس لهم حضور أمام النقض في الشق الجنائى
ولا يجوز الحضور عن المجني عليها أمام محكمة النقض فى حالة قبول النقض من الأساس لعدم وجود دعوة مدنية، ولإحالتها للمحكمة المختصة، وحتى لو كان هناك حضورا عن المدعي بالحق المدني لن يكون إلا مشاهدة وسماع مرافعة النيابة العامة، ومن ثم فما كان يجوز للمدعي بالحقوق المدنية أن يدعي مدنياً أمام محكمة الإعادة من جديد؛ لأن ذلك منها ليس إلا عوداً إلى أصل الادعاء والذي سبق أن قُضي بإحالته إلى المحكمة المدنية يستوى في ذلك أن تكون هذه المحكمة قد نظرت ادعاءها وفصلت فيه أو لم تكن قد شرعت في نظره ولأن انفراد المتهم بالطعن في الحكم يوجب عدم أضرارهما بطعنهما يستوي في ذلك أن يكون الضرر من ناحية العقوبة الجنائية أو التعويض المدني – الكلام لـ"صبرى".
وأيضا لأن الطعن بطريق النقض وأحكامه وإجراءاته لا تسمح بالقول بجواز تدخل المدعي بالحقوق المدنية لأول مرة في الدعوى الجنائية بعد إحالتها من محكمة النقض إلى محكمة الموضوع لإعادة الفصل فيها بعد نقض الحكم – الجدير بالذكر - إن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة لتستأنف سيرها من النقطة التي وقفت عندها قبل صدور الحكم المنقوض، وأن الادعاء المدني من جديد أمام محكمة الإعادة بعد قضاء الحكم المنقوض بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة غير جائز.
الخلاصة:
ولمن لا يعلم لا دور مطلقا لمحامي ورثة المجني عليها أو المدعون بالحق المدنى أمام المحكمة إلا فى حدود دعواهم المدنية فقط وأى تصريحات أخرى فهى "إشتغالات" – إن صح التعبير - ومن يعرف جيدا المحاكم الجنائية يعلم جيدا أن وجود محامين لن يقدم شيئا على الإطلاق، مثلما حدث في محكمة جنايات شبين الكوم عندما حضر أحد كبار المحامين محاميا عن أسرة الشاب محمد راجح والذي قتل على يد خمسة من الشباب وخرج من القاعة دون أن يدلى بدلوه في القضية داخل قاعة المحكمة، فلن يقدم هؤلاء شيئا أكثر مما قدمه محامي المدعين بالحق المدني في أول درجة، هذا فقط حال حدوث قبول النقض والإحالة الى دائرة جديدة.
أما أمام محكمة النقض فلا حضور له على الإطلاق، لأن دور دفاع المجني عليها كما هو دور سابقه لا يخرج عن نطاق الدعوى المدنية التي تدور حول اظهار الخطأ وبيان الضرر وتوضيح علاقة السببية بينهما، الأمر الذي لا يحتاج إلى أي توضيح بعدما شاهده الملايين على وسائل التواصل الاجتماعي، أما المرافعة الجنائية في الجريمة فليست من حق محامي المدعين بالحق المدني، انما هي حق أصيل للنيابة العامة، إذن لا شيء سيقدمه هؤلاء على الإطلاق، فهم لن يتحدثوا إطلاقا في القضية من الناحية الجنائية.
أما وجود محامي المتهم فهو محور القضية الجنائية كمحامى عن المتهم، والذي يفند ما قدمته النيابة العامة من أدلة على ارتكاب الجريمة، وكذا تبيان ما خفي من أسبابها وبواعثها، محاولا الخروج بموكله عن دائرة الإعدام، في مقابل لا شيء يقدمه محامي الدعوى المدنية سوى بضع دقائق متحدثا عن تعويض مدني مؤقت.