أصدرت الدائرة "10" لشئون الأسرة – بمحكمة استئناف القاهرة – حكما فريدا من نوعه، برفض دعوى ضم حضانة الصغار للأم لعدم امانتها في تربية الصغار، وتركها إبنها الرضيع للجيران، حيث اعتبرت في حيثيات الحكم أن عدم ارضاع الصغير تخلى عن الأمومة، وتقضى نهائيا بإسقاط حضانة الأم ونقلها للأب، وترفض عدم تسليم الصغار لها لعدم توافر أدني شروط الصلاحية لحضانة الصغيرين، كما أنصفت "الأب" على الرغم من عدم زواجها من أجنبي، وجاء على غير المتعارف عليه قضائيا - بناءا عليه - حكمت المحكمة بإلغاء حكم أول درجة والقضاء مجددا برفض الدعوي.
الخلاصة:
الواقعة عبارة عن إقامة استئناف – أمام محكمة ثانى درجة – لحكم ضم صغيرين، وتم احالة الدعوى للتحقيق وسماع الشهود وثبت للمحكمة أن المستأنف ضدها – الأم - تركت مسكن الزوجية وأخذت منقولاتها، وتركت صغارها عند الجيران، وتركت الأمومة وتخلت عن ارضاع أحدهما حيث أنهما في سن الرضاعة، وبذلك لا تطمئن المحكمة لتسليم الصغار لها لعدم توافر أدني شروط الصلاحية لحضانة الصغيرين وتري المحكمة أنه لا تثريب علي حضانة الأب إذ لم يتقدم أحد من النساء المنصوص عليهم في المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000.
صدر الحكم في الاستئناف المقيد برقم 15958 لسنة 139 قضائية، لصالح المحامى هاني حسن عبدالجليل، برئاسة المستشار محمد الفقى، وعضوية المستشارين هانى يسرى، وطارق عتلم، وبحضور كل من أحمد حازم، وكيل النيابة، وأمانة سر محمد المليجى.
الوقائع.. نزاع بين زوج ومطلقته على ضم الصغار
تتحصل وقائع النزاع في أن المستأنف ضدها سبق لها وأن أقامت ضد المستأنف ضده الدعوى رقم 551 لسنة 2019 أسرة عين شمس، بموجب صحيفة أودعت قلم الكتاب بتاريخ 23 فبراير 2019 بطلب سماعه الحكم بضم الصغيرين "عبدالله، أدم" لحضانتها، وقالت شرحا لدعواها أنها كانت زوجة للمدعى عليه وأنجبت له الصغيرين "عبدالله، وأدم"، ثم طلقت منه وأنها أحق بحضانة الصغار - سالفى الذكر – باعتبارها الأم لهما.
وتداولت الدعوى بالجلسات بحضور المدعية بوكيل عنها – محام – وبجلسة 25 يونيو 2019 قضت المحكمة بضم حضانة الصغيرين "عبدالله، وأدم" للمدعية، وحيث أن القضاء لم يلقى قبولا لدى المحكوم ضده المدعى عليه، فطعن عليه بالاستئناف الماثل وأعلنت للمستأنف ضدها قانونا طلب في نهايتها الحكم بقول الاستئناف شكلا، وبإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، تأسيسا على أسباب حاصلها أن الحكم المستأنف شابه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب لترك المستأنف ضدها الصغيرين للجيران بعد أن أخذت منقولاتها الزوجية، وتركت المسكن وتركت رضيعها "أدم"، ورفضت أخذه معها وأن ضم الصغار لأمهما ليس في مصلحتهما.
الأب يقيم دعوى بضم الصغار لإهمالها إياهم.. والمحكمة ترفض
وفى تلك الأثناء – تداول الاستئناف بالجلسات، وتم إحالة الدعوى للتحقيق كى ما تثبت المستأنف عدم أمانة المستأنف ضدها على الصغيرين "عبدالله، وأدم" بكافة طرق الإثبات الشرعية ومنها البينة وشهادة الشهود وقرائن الأحوال وأن مصلحة الصغيرين في بقائهما بيده وعدم انتقال حضانتهما للمستأنف ضدها وصرحت للمستأنف ضدها نفى ذلك بذات الطرق القانونية.
وبالجلسة المحددة للتحقيق 15 مارس 2022 مثل الطرفين كل بوكيل عنه وأحضروا شهودهم والمحكمة استمعت لشاهدى المستأنف "م. ع"، و"م. ش" وقد أجمعا على أنه من أكثر من 3 سنوات حدثت خلافات بين الطرفين وأن المستأنف ضدها تركت الوالدين لأبيهما ليربيهما وأن جدهما لأبيهما ترك عمله وتفرغ لتربيتمهما وأنهما حاولا الإصلاح بين الطرفين والمستأنف ضدها أبت أن تأخذ الوالدين.
الأب يستأنف على الحكم لإلغائه ويثبت إهمال الأم للرضيع
كما استمعت لشاهدى المستأنف ضدها "أ. ق" و"ع. ح"، وقد اجتمعت شهادتهما على أن المستأنف ضدها كانت متزوجة المستأنف في بيت والده وأنها استائت من صغر المنزل وطالبت المستأنف بتوفير سكن مستقل لهما وأن يستأجر سكن لهما، ثم لم يقدر على قيمة إيجاره وعاد لبيت والده وأنها رفضت العودة لبيت والد زوجها وتركت له الوالدين برضائها وتنازلت عنهما، وطلقت من ثم طلبت الوالدين بعد ذلك من المحكمة.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الاستئناف: أن القاعدة الأصولية في الفقه أنه أينما تحققت مصلحة الصغير كان عندها حضانته، وكان من المقرر قانونا والمستقر عليه شرعا وقضاء أن مصلحة الصغير تدور وجودا وعدما مع مدى توافر الصلاحية للحاضنة، وقد عرفها أصحاب المنهج الحنفى المعمول به أنها الحالة التي لا يضيع عندها الصغير ولا يخشى عليه من الضياع حتى ذهبوا إلى أن كثرة خروج الأم للعمل المباح في أوقات عديدة طوال اليوم من الأسباب التي لا تتحقق معها مقاصد الحضانة شرعا.
المحكمة تنصف الأب وترفض دعوي ضم حضانة الصغار للأم
وبحسب "المحكمة": وإذ كان الثابت من مستندات الدعوى المستـأنف حكمها أن المستأنف ضدها قد انتفى في جانبها تلك الشروط حيث ألقت بصغيريها عند جيران والد زوجها، وتخلت عن بذل أدنى معطيات الأمومة لأحدهما بأن امتنعت عن إرضاعه دون مسوغ رغم كونه في سن الرضاعة مخالفة بذلك للأمر الإلهى بقوله سبحانه وتعالى: "والوالدت يرضعن أولادهن حولين كاملين"، وقد تأييد ما سلف بشهادة الشهود، شهود الإثبات وشهود النفى على نحو ما هو ثابت بشهادتهم والتي تطمئن إليها المحكمة، كما أن المستأنف ضدها لم تقف عند هذا المسلك المشين بل تمادت بالتنازل عنهما رسميا للمستأنف غير عابئة بمصلحتهما.
ووفقا لـ"المحكمة": ومن ثم فإن وجدان هذه المحكمة لا يطمئن البتة لتسليم هذين الصغيرين إلى المستأنف ضدها لإنتفاء أدنى شروط الصلاحية للحضانة تجاه الصغار بل إنه يخشى عليهما من بعد ضمهما إليها مما حدث منها تجاهها من قبل، ولا تثريب على حضانة الأب المستأنف لهذين الصغيرين إن لم يتقدم أحدا من النساء اللاتى نصت عليهن المادة 20 من القانون 1 لسنة 2000 لإحتضان الصغيرين.
المحكمة تنصف الأب وتلغى حكم أول درجة
وتضيف "المحكمة": وإذ كان الحكم المستأنف لم يحط بما أحاطت به ولم يحط بمستندات الاستئناف وأقوال الشهود أمام محكمة الاستئناف، وأقتصر حكمه على ما قالت المدعية أمامه من أسباب أخذ بها، وخالف كافة ما سردته هذه المحكمة من أسباب مقام عليها الدليل القاطع بالمستندات وأقوال الشهود بعدم صلاحية الأم المستأنف ضدها لحضانة الصغيرين فإنه يتعين على هذه المحكمة أن تقضى بإلغاء الحكم المستأنف، وبرفض الدعوى المستأنف حكمها.