إذا كانت العقوبة هدفها الردع في المقام الأول والأخير.. فهل تتوافق العقوبة التي أقرتها دولة باكستان مع القانون المصري أو القوانين والتشريعات العالمية؟ فقد أعلنت رسمياً باكستان عقوبة "الإخصاء الكيميائي" على كل "المغتصبين والبيدوفيليين"، كعقوبة رسمية، الذي يتم عن طريق تعاطي المخدرات، وهو بمثابة عقوبة لبعض الجرائم الجنسية، ولأن الحوادث هناك وبالأخص حوادث "الاغتصاب الجماعي"، فقد انتشرت بشكل مرعب جداً وذلك كعقوبة للمغتصب أو البيدوفيلي "محبي الأطفال.
إصدار باكستان للقانون جاء للمرة الثانية بعد إقرار القانون في 19 نوفمبر 2021 ثم إلغاءه في اليوم التالى مباشرة 20 نوفمبر 2021 ليكون أسرع قانون تم إصداره ثم ألغى في التاريخ، بسبب اعتراضات من فقهاء الشريعة الإسلامية، الذين قالوا: إن مثل هذه العقوبة ستكون مخالفة، حيث إن البند المثير للجدل في تعديل مشروع القانون الجنائي في باكستان، أُسقط قبل أن تصوت عليه الجمعية الوطنية، لأنه إذا تم إقراره، فسيكون غير دستوري، حيث يشترط القانون الأساسي للدولة أن تكون جميع البنود متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
باكستان تقر عقوبة "الاخصاء الكيماوى"
ثم عادت دولة باكستان بعد 365 يوما – أي بعد عام – لتقر القانون مرة أخرى بعد إلغاءه، فقد وافق البرلمان في باكستان، على تشريع جديد لمكافحة الاغتصاب يسمح بإدانات سريعة وعقوبات قاسية، بما في ذلك إقرار عقوبة الإخصاء الكيميائي، للمغتصبين، وبموجب القانون، سيتم الاحتفاظ بسجل لمرتكبي الجرائم الجنسية على الصعيد الوطني بمساعدة قاعدة البيانات الوطنية، وستتم حماية هوية الضحايا وتشكيل "خلايا أزمات لمكافحة الاغتصاب"، وإجراء فحوصات طبية للضحايا في غضون ساعات من وقوع الجرائم، وسيحكم على من تثبت إدانتهم بارتكاب الاغتصاب الجماعي بالإعدام أو السجن لبقية حياتهم، ويمكن أن يتعرض الجناة المتكررون للإخصاء الكيميائي.
أغرب العقوبات الوحشية التي استخدمها البشر عبر التاريخ
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على أغرب العقوبات الوحشية التي استخدمها البشر عبر التاريخ حيث أن القوانين والقواعد التي تقوم عليها أكثر دول العالم، دائمًا ما تخضع لأهواء الحاكم والنظام الذي اتخذه لإدارة الدولة، وقد تبدو للبعض غريبة، وعلى رغم غرابتها إلا أنها سارية المفعول وتقوم الحكومات بفرض عقوبات أو غرامات مالية على من يخالفها، والعقوبة التي يراها بعض الشعوب غريبة قد تكون ليست بغريبة على شعوب أخرى، كما أن العقوبة التي تبدو وحشية في وقت لاحق قد تكون عادية في زمن سابق.
في البداية - الحقيقة العقوبات القضائية في معظم دول العالم واضحة إلى حد ما، حيث يمكن لمعظم الذين ارتكبوا جريمة أن يتوقعوا ببساطة إما غرامة أو وقت محدد في السجن بناءً على خطورة الجريمة - ومع ذلك - لم تكن هذه الحقائق بسيطة دائمًا، فالتاريخ مليء بالوحشية، والأهم من ذلك، غالبًا ما تكون العقوبات والإجراءات قانونية غريبة للغاية، لذلك تلك العقوبة التي أقرتها باكستان فتح الباب أمام تناول العقوبات الأكثر وحشية التي استخدمها البشر في التاريخ.
تعد مهمة القوانين الأساسية هي حماية المواطنين وصيانة حقوقهم، ولكن بعض القوانين وصفت بالغريبة وجعلت الخبراء في حيرة وحالة من التشكك بخصوص وظيفتها الأساسية، فبعضها يخرق مهمة صيانة الحقوق، وبعضها الآخر كان طريفًا إلى الحد الذي يجعلك تبكي إلى حد الضحك من غرابة ووحشية ما ترى وتسمع في آن واحد أبرزها عقوبة "الاخصاء الكيماوى" على الرغم من أننا نعيش في القرن الـ 21، ويمكن أن تتم عملية الإخصاء إما جراحيا أو كيميائيا، ومن الممكن تنفيذها على كلا الجنسين، ويتضمن الإخصاء الجراحي فقدان الخصيتين، أما عند الإخصاء الكيميائي فيتم استخدام دواء لتقليل الرغبة والدوافع والتخيلات الجنسية، والقدرة على الإثارة الجنسية، وإليكم أكثر العقوبات وحشية في التاريخ البشرى.
1- جدع الأنف:
المصريون القدماء مارسوا استخدام عملية جدع أو قطع الأنف في حال انتهك الناس قواعد المملكة، ثم بعد ذلك ينفى المجرمون إلى سجن مدينة رينوكولورا "العريش حاليا"، التي كانت ممتلئة بالمحتالين الفاقدين أنوفهم، وفى كثير من الأحيان ما كانت هذه العقوبة القاسية تطبق على مرتكبي الجرائم الصغيرة واللصوص، وكذلك على المسؤولين الحكوميين الفاسدين، وأبرز مثال على ذلك، أنه بعد أن قطعت زوجة رمسيس الثالث زلعومه أثناء نومه، حُكم على المتآمرين معها بإزالة أنوفهم – وفقا لمصادر تاريخية.
2-الموت بمداس الفيلة:
طرق العقاب القديمة في كثير من الأحيان كانت وحشية، مرعبة، بينها استخدام الفيلة لسحق المحتال حتى الموت، في العصور الوسطى في جنوب شرق آسيا، وكانت هذه الممارسة شائعة بشكل خاص في الهند، حيث استخدمت الفيلة لقتل المحتالين منذ القرن التاسع عشر، وذلك بوضع أرجلها على رؤوس الضحايا، ويقال أيضا إنه يمكن تعليم هذه الحيوانات الضخمة تقطيع المجرمين حتى الموت "بشفرات مدببة مثبتة في أنيابها".
3-أقنعة العار:
أُجبر المخالفون على ارتداء هذه الأقنعة في أوروبا في القرنين السابع عشر والثامن عشر، في محاولة لمنع مرتديها عن الإساءة مجددا، وصنعت الأقنعة من المعدن الصلب وكانت مؤلمة عند ربطها بإحكام على الوجه، وكان المقصود منها إذلال أولئك الذين أجبروا على ارتدائها، وكان هذا العقاب يُفرض عادة على النساء المدانات بالثرثرة والتنصت والكذب.
4- العذراء الحديدية:
وقديما ذُكر أن عقوبة "العذراء الحديدية" كانت شائعة في أوروبا خلال العصور الوسطى، وهي عبارة عن جهاز تعذيب على شكل تابوت حديدي يوضع المخالف بداخله.
5- الاحتراق حتى الموت داخل ثور معدني:
يعرف الثور البرونزي الضخم بأنه جهاز تعذيب وإعدام صُمم في اليونان القديمة لمعاقبة الناس بطهيهم داخله، ويكون هذا الثور كبيرا ومجوفا وله مدخل من جهة واحدة، ويوضع المجرم في جوف الثور ويُقفل عليه، ثم يتم إضرام النار تحت الثور حتى يسخن المعدن ويشوى الشخص الذي بداخله حتى الموت، ويقال إن طريقة الإعدام هذه كانت بمثابة وسيلة ترفيه للمارة.
6- المحاكمة بالتعذيب:
تتضمن المحاكمات التي تتم عن طريق التعذيب عادة على أداء المجرمين لحيلة أو مغامرة خطيرة في محاولة للتخلص من الموت، وفي حال نجوا، يتم إعلان براءاتهم، أما عندما يموتون فهذا يعني أنهم مذنبون.
7-السحق أو الرجم بالحجارة حتى الموت:
وكان يطبقها المسلمين قديما على مرتكبي "جريمة الزنا" للمحصن، وأيضا كان يطبقها الفرنسيون منذ القدم على من كان يعارض النظام الحاكم، وهم أولئك الذين ظلوا صامتين بعد جناية أو رفضوا الاعتراف أو التعامل مع النظام القانوني في ذلك الوقت تم سحقهم حتى الموت بالحجارة، على ما يبدو يتم وضع القوم المعاقبين على الأرض ويتم تكديس كمية متزايدة تدريجياً من الأوزان الحجرية الثقيلة التي ستنتهي ببطء وبشكل مؤلم.
"الاخصاء الكيماوى" للمغتصبين على مستوى العالم
يشار إلى أن البعض يظن أن عقوبة "الاخصاء الكيماوى" جديدة أو مستحدثة، ولكنن في حقيقة الأمر هناك العديد من الدول الأوربية والأسيوية تمارس ذات العقوبة منذ سنوات أبرزهم جمهورية التشيك التي تمارس الإخصاء الجراحي لمرتكبي الجرائم الجنسية، وتم تقديم القانون في عام 1966، ووفقا للأرقام الرسمية، فقد خضع 85 شخصا لعملية إخصاء جراحي في جمهورية التشيك بين عامي 2000 و2011 - ومع ذلك - فقد أثارت هذه الممارسة انتقادات شديدة من جانب جماعات حقوق الإنسان.
وكذا دولة أوكرانيا والتي وافق البرلمان الأوكراني في يوليو 2019 على إجراء لخصي المغتصبين كيميائيا، ويُحتمل أن يُطبَق التشريع على الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عاما ممن تثبت إدانتهم باغتصاب القصر أو الاعتداء عليهم جنسيا، ومنها أيضا ولاية ألاباما الأمريكية ألاباما هي ولاية جنوب شرقي الولايات المتحدة، ووقعت على مشروع قانون يلزم بعض المتحرشين بالأطفال المدانين بالخضوع للإخصاء الكيميائي، وتم التوقيع على مشروع القانون ليصبح قانونا في يونيو 2019، حيث يفرض القانون على المدانين بالاعتداءات الجنسية على الأطفال دون 13 عامًا، البدء بتناول عقاقير لتقليل الرغبة الجنسية قبل شهر من إطلاق سراحهم بشروط، ويتعين على المدانين فى ألاباما دفع ثمن عقاقير الإخصاء، كما تقرر المحكمة بعدها متى يكون تناول العقاقير غير ضرورى، وتطبق سبع ولايات أمريكية حاليا قانون الإخصاء الكيميائى، ومنها لويزيانا وفلوريدا.
اندونيسيا وعقوبة الاخصاء الكيماوى للمغتصبين
الجدير بالذكر أيضاَ أن دولة إندونيسيا أقرت من خلال البرلمان في أكتوبر 2016 قانونا يجيز الإخصاء الكيميائي لعدد من القضايا البارزة المتعلقة بالاعتداء الجنسي على الأطفال في البلاد، وقال أول رجل حُكم عليه بالإخصاء الكيميائي في 2019 إنه يفضل زيادة فترة سجنه أو حتى تطبيق عقوبة الإعدام عليه، وفى دولة نيجيريا وتحديدا في سبتمبر 2020، دخل قانون جديد يعاقب مغتصبي الأطفال بالإخصاء والموت حيز التنفيذ في ولاية نيجيرية.
دولة بيرو والإخصاء الكيماوى
كما أعلنت دولة بيرو بأمريكا الجنوبية اعتزامها فرض عقوبة الإخصاء الكيميائي الإجباري على الأشخاص المدانين باغتصاب القصّر، بعدما استنكر شعب بيرو جريمة اغتصاب طفلة في سن الثالثة أثارت صدمة في البلاد، واستشهد وقتها رئيس الدولة بروسيا وبولندا وكوريا الجنوبية وإندونيسيا ومولدوفا كدول تنزل عقوبة الإخصاء الكيميائي بحق المغتصبين.
وتقوم هذه العقوبة على إعطاء المحكومين أدوية تثبط الرغبة الجنسية، إما بشكل وقائي أو لمنع تكرار الجرائم، ويتطلب إقرار عقوبة الإخصاء الكيميائي المقترح من قبل الرئيس، الحصول على موافقة البرلمان البيروفي - وبحسب وزارة حقوق المرأة في البيرو - تعرّض أكثر من 21 ألف قاصر للاغتصاب في السنوات الأربع الماضية، وسجلت خلال عام 2021 وحده، 6929 حالة، وتصل عقوبة مغتصبي القصّر دون سن 14 عاما في البيرو، إلى السجن مدى الحياة.
دولة المغرب العربى وعقوبة الإخصاء
ومنذ عامين تقريبا عاد الحديث مرة أخرى بدولة المغرب العربى عن المطالبات بسنّ قانون الإخصاء الكيميائي لمعاقبة المجرمين مغتصبي الأطفال إلى الواجهة في المغرب، بعد قضية اغتصاب الطفل عدنان وقتله في مدينة طنجة، حيث دعا القاضي بمحكمة النقض محمد الخضراوي، في تصريحات متلفزة، إلى سنّ قانون الإخصاء الكيميائي لمعاقبة المجرمين مغتصبي الأطفال، مبرزاً أهمية وجود نصٍّ قانوني يخوّل القضاة معاقبة أصحاب الرغبات المريضة.
"الخضراوى" قال وقتها إنّ دولاً توصف بالديمقراطية والمتحضرة تلجأ محاكمها إلى تشريع عقوبة الإخصاء الكيميائي، عن طريق إعطاء المحكوم عليه في جرائم اغتصاب الأطفال حقناً تقضي على رغباته الجنسية مدّة زمنية معيّنة، حيث أنّ قضايا اغتصاب الأطفال أثارت تداعيات اجتماعية وحقوقية وقانونية غير مسبوقة، وفتحت العديد من النقاشات في كلّ الأوساط، وأفرزت الكثير من الآراء المختلفة في مرجعياتها وتصوراتها.
واستشهد بأمثلة من التاريخ تعود إلى زمن مصر القديمة، كما جاء في كتاب "تاريخ التعذيب" لبيرنهاردت هروود: حيث "كان يعاقب كلّ من يغتصب امرأة حرّة ببتر أعضائه الجنسية، بحيث لا يبقى في مقدوره أن يرتكب جريمة مشابهة، ويدبّ الرعب في قلوب الآخرين من هذه العقوبة المخيفة".
عقوبة الإخصاء الكيماوى في مصر
قديما كان قطع العضو الذكرى كان عقابا قاسيا للمغتصبين والمتحرشين، في دولة مصر القديمة، أما حديثا فقد سبق للنائبة زينب سالم، عضو مجلس النواب، عام 2020 أن قدمت إقتراحا بقانون بخصي المتحرش نظرًا لأن دولًا عديدة أخذت بعقوبة خصي المغتصب في محاولة للحد من ظاهرة الاغتصاب والتحرش التي باتت تنتشر في الأوساط والمدن والمحافظات المصرية المختلفة، ما دعاها إلى هذا المقترح، ليكون تطبيقه بشكل علمى وطبى من خلال تناول أدوية تؤدى لهذا الإخصاء كما يحدث في عدد من دول أوروبا وأمريكا الجنوبية وقارة أسيا وليس من خلال عملية القطع والبتر كما كان يحدث قديما.
وقالت "سالم" وقتها في تصريحات صحفية: إنها تعكف على التنسيق مع المؤسسات الدينية ومنظمات المجتمع المدنى وحقوق الإنسان لبحث تلك العقوبة ومدى قانونيتها وتوافقها مع المواثيق الدولية المختلفة فى هذا الشأن فهل الإخصاء هو الحل للقضاء على ظاهرة التحرش؟ بينما خرج وقتها العديد من الدستوريين والمتخصصين بمعارضة مثل هذا المقترح معتبرين أنها عقوبة لا تتوافق مع العصر الحالي رغم أن عملية الإخصاء ستتم بشكل طبى دون إحداث عاهة مستديمة مثلا، مؤكدين أن الاغتصاب تصل عقوبته للإعدام فما الداعى لمثل هذه العقوبات.
رأى الأزهر الشريف في الأزمة
أما عن رأى مؤسسة في عقوبة "الإخصاء الكيماوى" – فيرى السواد الأعظم من الفقهاء والشيوخ إنه لا يجوز الإخصاء الكيماوى إلا للبهائم فقط، ويجب أن لا تنحرف العقوبة عن مقاصد الشريعة، حيث أن مثل هذه العقوبات التي لم ترد في الكتاب والسنة تتنافى تماما مع مقاصد الشريعة الإسلامية، وأنه لا يجوز على الإطلاق مثل هذه التشريعات التي لا تتماشى مع مقاصد الشريعة الإسلامية حيث أن الأمر في عملية التشريع ليس متروكا للمشرعيين كيفما شاؤوا.
فلا يجوز لولي الأمر أن يقر من الجرائم ما شاء من عقوبات لردعهم وزجرهم، فالقصاص من جريمة القتل مذكور نصا فى القرأن الكريم النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والجروح قصاص وما ذلك، إلا فيه حياة للآخرين حتى يرتدع المجرم ويستقر المجتمع بعد تطبيق هذه العقوبات التي أقرها الشرع الحنيف، أما موضوع الإخصاء أيا كانت دوافعه فلا يجوز إلا للبهائم فعقوبة جريمة الزنا هي الرجم للمحصن والجلد مائة جلدة لغير للمحصن وفى هذه الحالة الحدود تسمى زواجر أي للردع.