أصدرت الدائرة الخامسة موضوع – بمحكمة القضاء الإدارى – حكما فريدا من نوعه، رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية بشأن "الوكالة" في منتهى الخطورة، قالت فيه: "لا يجوز لمكاتب الشهر العقاري إلغاء التوكيلات التى تتضمن عبارة (وله الحق في البيع للنفس وللغير)، وكذلك التى تتضمن شرطًا بعدم جواز إلغائها إلا بحضور الطرفين أو عدم إلغائها نهائيًا وكذلك التوكيلات المتضمنة شرطًا باستمرار التوكيل بعد وفاة الموكل أو فقده أهليته".
ملحوظة: الحكم راعى اعتبارات العدالة لأن الوكالة ليست سند وكالة، ولكنها عقد يراعى فيه حقوق الطرفين الوكيل والأصيل، وبالتالى فإنه فعلا لا يجوز الغائه متى تعلق به حق الوكيل.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 84596 لسنة 65 ق. ع – برئاسة المستشار حسن سيد عبد العزيز، وعضوية المستشارين عبدالله إبراهيم، والدكتور حسن محمد، وعادل فاروق، وعمر السيد، وأمانة سر عاطف عبد المنعم.
الوقائع.. زوج يحرر لزوجته توكيل رسمي عام قبل سفره
ذكر المدعى شرحا للدعوى أنه بتاريخ 26 ديسمبر 2002 حرر توكيل رسمي عام لزوجته "نجاة. س" يخولها تمثيله في كل الإجراءات الخاصة بالسير في إجراءات الترخيص لبناء قطعة أرض والتعامل مع البنوك وشركات المحمول، مضاف فيه مقولة: "إلى إعمال التصرف المشار إليها البيع للنفس وللغير "، وبالفعل تم التصديق على هذا التوكيل تحت رقم 8737 حرف/ب لسنة 2002 مكتب توثيق فرع المعادى.
الزوج يعود بعد 17 سنه.. وذهب للشهر العقارى لإلغاء التوكيل
وبعد عودته من الخارج توجه إلى مكتب توثيق المعادى النموذجى لإلغاء هذا التوكيل إلا أن جهة الإدارة امتنعت عن الاستجابة لطلبه بحجة أنه لا يجوز إلغاء هذا التوكيل إلا في وجود الطرفين لتضمنه عبارة "البيع للنفس وللغير"، وبتاريخ 22 أكتوبر 2017 قام بانذار الجهة الإدارية بإلغاء التوكيل إلا أنها لم تستجب لذلك، وينعى المدعى على هذا القرار مخالفته للدستور وللقانون باعتباره اعتداء على حريته في التصرف، فضلا عن التعسف في استعمال السلطة والانحراف عنها، وذلك لأن جواز عزل الموكل للوكيل يعد قاعدة من قواعد النظام العام التي لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، وأقام دعواه بغية الحكم له بالطلبات.
الشهر العقارى يرفض إلغاء التوكيل بالإرادة المنفردة لهذا السبب
وبالفعل – جرى تداول الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى وبجلسة 28 مايو 2019 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى، وقد شيدت المحكمة قضائها، على أن الثابت من الأوراق أن المدعى بتاريخ 26 ديسمبر 2002 حرر توكيل رسمي عام لزوجته "نجاة. س" برقم 8737 حرف /ب لسنة 2002 مكتب توثيق فرع المعادى، وقد تضمن التوكيل المشار إليه عبارة "وله الحق في البيع للنفس وللغير" ومن ثم يكون التوكيل قد صدر لمصلحة الوكيل، ومؤدى ذلك أنه لا يجوز إلغاء هذا التوكيل إلا في وجود الطرفين، ويكون امتناع الجهة الإدارية عن إلغاء التوكيل إلا في وجود الطرفين قد جاء متفقا وأحكام القانون، وبالتالي لا يمكن أن ينسب امتناع لدى الجهة الإدارية يشكل قرار سلبى قابل للطعن عليه، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى لإنتفاء القرار الإدارى المطعون فيه.
الزوج يقيم دعوى قضائية لإلغاءه.. والمحكمة ترفض إلا في وجود الطرفين
إلا أن هذا الحكم لم يلق قبولا لدى الطاعن، لذا فقام بالطعن عليه أستنادا إلى: أولا: الخطأ في تطبيق القانون وتأويله تأسيسا على أن الوكالة عقد غير ملزم، وبالتالي فإن حق الموكل في عزل الوكيل يعد قاعدة من قواعد النظام العام الذى لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، ثانيا: الفساد في الاستدلال تأسيسا على أن الوكالة المذكورة أبرمت لصالح الموكل لوجوده خارج البلاد وأن الوكيل زوجته، وتقوم بإدارة شئونه في غيابه ولا يوجد تصرفات قانونية لصالح الوكيل.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: لا يجوز لمكاتب الشهر العقاري إلغاء التوكيلات التى تتضمن عبارة "وله الحق في البيع للنفس وللغير،" وكذلك التى تتضمن شرطًا بعدم جواز إلغائها إلا بحضور الطرفين أو عدم إلغائها نهائيًا، وكذلك التوكيلات المتضمنة شرطًا باستمرار التوكيل بعد وفاة الموكل أو فقده أهليته، ولا يجوز الاحتجاج بأن عدم جواز إلغاء الوكالة العامة إذا تضمنت عبارة تفيد الترخيص للوكيل بالبيع للنفس أو الغير يستند علي فهم غير صحيح للمادة 2/715 من القانون المدني حيث لا تكون الوكالة لمصلحة الوكيل إلا إذا كانت وكالة خاصة وليست عامة، فان ذلك مردود عليه، بأن إنهاء الوكالة في حالة ما إذا كانت صادرة لصالح الوكيل لا تتم بالإرادة المنفردة للموكل بل لابد أن يشاركه في ذلك من صدرت لصالحه الوكالة و أن المقصود من المصلحة الواردة بنص المادة 2/715 مدني هي كل منفعة تعود علي الوكيل أو الغير من استمرار الوكالة او كل ضرر يقع بسبب إلغائها.
المحكمة ترسى عدة مبادئ قضائية
وبحسب "المحكمة": ومن ثم فإن مؤدي عبارة وله الحق في البيع للنفس وللغير وصدورها لمصلحة الوكيل تعني نقل الملكية إليه أو على الأقل إنشاء التزام بنقل الملكية، ولذلك يتعين أن يكون إلغاء التوكل برضاء من هاتين الإرادتين اللتين تلزمان الموكل والوكيل ولا يجوز إلغاء هذا التوكيل بمعزل عن إرادة ورضاء من صدر التوكيل لصالحه، وبالتالي لا يجوز قيام مكاتب الشهر العقاري بإلغاء التوكيلات التى تتضمن عبارة وله الحق في البيع للنفس وللغير وكذلك التي تتضمن شرطاً بعدم جواز إلغائها إلا بحضور الطرفين أو عدم إلغائها نهائياً وكذلك التوكيلات المتضمنة شرطا باستمرار التوكيل بعد وفاة الموكل أو فقده أهليته.