أصدرت الدائرة "12" بمحكمة إستئناف طنطا – حكما نهائيا فريدا من نوعه - بإثبات زواج المستأنفة "مغربية الجنسية" بزوجها "مصرى الجنسية"، بموجب عقد الزواج العرفى، وذلك لإكتمال أركانه وشروط الانعقاد والصحة والنفاذ واللزوم لعقد الزواج وأن توثيق الزواج ليس شرطاً أو ركناً فى عقد الزواج.
ملحوظة: الحكم شرعى وتم تأسيسه مدنيا بنسبة 90% وهى من المرات النادرة التي يتم فيها تأسيس حكم شرعى مدنيا، كما أن الحكم ألغى حكم أول درجة برفض دعوى إثبات الزواج العرفى، كما أن الحكم أثبت الزواج من مغربية رغم رفض السفارة المغربية زواج المغربيات دون موافقة من السفارة.
صدر الحكم في الاستئناف المقيد برقم 2505 لسنة 54 قضائية أسرة استئناف عالى بنها – برئاسة المستشار عبد المجيد الصيفى، وعضوية المستشارين طارق الشاذلى، وأحمد عبد الغنى البطل، وبحضور كل من وكيل النيابة ساهر خضر، وأمانة سر محمد حلمى.
الوقائع.. مغربية تقيم دعوى إثبات زواج وإثبات نسب
وقائع الدعوى المبتدأة ومستندات الخصوم وأوجه دفاعهم سبق وأن أحاط بها الحكم المستأنف رقم 721 لسنة 2020 أسرة الخصوص، ومن ثم فالمحكمة تحيل إليه فى هذا الشأن منعا للتكرار، بيد أن المحكمة توجز الوقائع بالقدر اللازم لربط أوصال التقاضي في أن المدعية أقامتها بغية القضاء لها اثبات زواجها بالمدعى عليه بموجب عقد الزواج العرفى 11 يناير 2019 وبإثبات نسب ابنتهما الصغيرة "أبرار" إليه المولودة بتاريخ 10 مايو 2020، وذلك على سند من القول بأنها مغربية الجنسية وتزوجت المدعى عليه بموجب عقد الزواج العرفي المؤرخ 11 يناير 2019 زواجا شرعيا صحيحا ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج وأنجبت منه على فراش الزوجية الصحيح صغيرتهما أبرار بتاريخ 10 مايو 2020، وأنهما تجاوزا من العمر ثمانية عشر سنة ميلادية، مما حدا بها لإقامة دعواها الماثلة بغية الحكم بطلباتها انفة البيان، وقدمت عقد زواجها العرفى بالمدعى عليه بتاريخ 11 يناير 2019 على صداق قدره 5001 جنيه بايجاب، وبحضور شاهدين "أحمد. م"، و"عز. م".
محكمة أول درجة ترفض طلب إثبات الزواج وتقضى بإثبات النسب فقط
وتداول نظر الدعوى بالجلسات أمام محكمة أول درجة على النحو الثابت بمحاضرها، ومثل الطرفين بشخصيهما وبوكيل محام وأقر المدعى عليه بزواجه بالمدعية عام 2019 وأن الصغيرة أبرار ابنته منها وقدم إخطار ولادة الصغيرة بتاريخ 10 مايو 2020 وسلم بطلبات المدعية، وطلب إثبات زواجه بها وإثبات نسب الصغيرة إليه، وبجلسة 27 مارس 2021 قضت محكمة أول درجة أولا: عدم قبول الدعوى بشأن طلب إثبات الزواج، وثانيا: إثبات نسب الصغيرة أبرار لوالدتها المدعية من المدعى عليه المولود وتاريخ 10 مايو 2020 تأسيسا على توافر شروط إثبات نسب الصغيرة أبرار إلى أبيها المدعى عليه، وعدم إتباع الإجراءات الشكلية الخاصة بتوثيق عقود زواج الأجانب وفقا للمقرر قانونا بواسطة مكتب التوثيق أو القنصلية المختصة بحسب الأحوال.
الزوجة المغربية تستأنف على الحكم لإلغائه
إلا أن هذا القضاء لم يلقى قبولا لدى المدعية قطعنت عليه بالإستئناف الماثل بموجب عريضة أودعت قلم كتاب المحكمة في 5 مايو 2021 موقعة من محام ومعلنة قانونا طلبت في ختامها الحكم بقول الاستئناف شكلا ، وفي الموضوع بالغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بشأن عدم قبول طلب إثبات الزواج والقضاء مجددا باثباته، للأسباب حاصلها: الخطا في تطبيق القانون وتأويل القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب لإقرار المستأنف ضده بهذا الزواج والذي توافرت جميع شروطه وأركانه الشرعية وأن شكل توثيق الزواج ليس شرطا أو ركنا في الزواج ولعدم تعارض طلب إثبات الزواج مع قانون التوثيق.
محكمة الاستئناف تؤسس لقضائها
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الإستئناف: فلما كانت أسبابه تدور حول أحقية المستأنفة في إثبات زواجها من المستأنف ضده لتوافر شروط وأركان عقد الزواج وتحقق اشتراطات إثباته فإنه ولما كان من المقرر بنص الفقرة الثانية من المادة 17 من القانون رقم 1 لسنة 2000 أنه إلا تقبل عند الإنكار الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج - في الوقائع اللاحقة على أول أغسطس سنة 1931 - ما لم يكن الزواج ثابتا بوثيقة رسمية، وهذا القيد قاصر على الدعاوي الناشئة عن عقد الزواج، أى الدعاوى التي تكون الزوجية سببا للحقوق التي ترفع بها - كدعاوى الطاعة والنفقة والصداق والإرث، فلا يمتد القيد إلى الدعاوى الناشئة عن النزاع فى ذات الزواج أى فى وجود الزوجية، فيجوز إذا للزوج والزوجة رفع الدعوى بإثبات الزوجية عند وجود نزاع فيها دون الاحتجاج عليهما بهذا القيد.
وبحسب "المحكمة": وإزاء المقرر أن عقد الزواج هو عقد رضائي قوامه الإيجاب والقبول وملزم للولى، تطلب القانون توثيقه لا ينفي عنه طبيعته الأصلية ولا يمس القواعد الشرعية المقررة، عدم التعارض بين الشروط الموضوعية لصحه والشروط الشكلية لتوثيقه - علة ذلك بحث الشروط الموضوعية وحسم الخلاف حولها منوط بالقضاء دون جهة التوثيق، وللزواج شروط انعقاد وشروط صحة وشروط نفاذ وشروط لزوم:
شروط الإنعقاد: وهي الشروط التي لا ينعقد الزواج بدونها، فيجب أن تتحقق عند انعقاده، فإذا تخلف إحداها فإن العقد لا يكون له وجود شرعى، فلا يترتب عليه أى حكم من أحكام العقد وهي: 1- أن يكون كل من المتعاقدين مميزا، 2 - أن يتحد المجلس الذي صدر فيه الإيجاب والقبول، 3- أن يسمع كل واحد من المتعاقدين كلام الآخر ويفهم ما يُراد به، 4- ألا يخالف القبول الإيجاب في شيء، 5- أن تكون صيفة العقد منجزة.
شروط الصحة: وهي الشروط التي بدونها لا يعتبر العقد موجودا وجودا يعتبره الشارع ويرتب عليه الأحكام التي أناطها بالعقد وهي: 1 - أن تكون الزوجة محلا قابلا للزواج بهذا الزوج المعين في وقت العقد، 2-أن يكون العقد بحضرة شاهدين مستكملين لشروط الشهادة وهي الحرية والبلوغ والعقل وسماهما معا طرفي العقد، 3-أن تكون صيغة العقد مؤيدة.
شروط النفاذ: فهي الشروط التي يترتب عليها آثار العقد بعد انعقاده صحيحا، وتتمثل في إجازة العقد ممن يملك إجازته، فإن العقد الذي ينشئه كامل الأهلية لنفسيهما أو بموجب ولايتهما الشرعية أو الوكالة هو عقد نافذ.
شروط اللزوم: 1 - الا يكون الولي الذي زوج فاقد الأهلية أو ناقصها غير الآب والجد والابن، 2- ألا تزوج المرأة العاقلة البالغة نفسها من غير رضا وليها، 3- ألا يشوب الـعقد تغرير فيما يتعلق بالكفاءة.
وتضيف "المحكمة": وحيث أن المقرر قانونا بنص المادة 14/1 من قانون الإثبات أنه: " يعتبر المحرر العرفي صادرا ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة"، كما نصت المادة 103 من ذات القانون أنه الإقرار هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه وذلك أثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة، كما نصت المادة 104 من ذات القانون أنه: "الإقرار حجة قاطعة على المقر".
حكم نهائي بإثبات زواج مغربية من مصري بموجب عقد الزواج العرفى
واستقرت أحكام القضاء على أنه الإقرار بالزوجية التي تسمع معه الدعوي هو ذلك الذي يصدر في مجلس القضاء، أما الإقرار الذى يحصل خارج مجلس القضاء أو في ورقة عرفية أو أمام جهة رسمية غير مختصة بتوثيق عقد الزواج فلا يؤخذ به، وأنه يشترط في الإقرار أن يكون صادر من الخصم عن قيد الاعتراف بالحق المدعى به لخصمه وفي صيغة تفيد ثبوت الحل المقر به على سبيل اليقين والجزم"، وأن الإقرار تكون ماهيته اعتراف شخص بواقعة من شأنها أن تنتج الشارع قانونية بحيث تصبح في غير حاجة إلى إثبات وينحسم النزاع في شأنها، وأن تقدير الأدلة والقرائن والمستندات المقدمة في الدعوى من سلطة محكمة الموضوع، والتي لها الأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداها دون مطلب عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسبابا تكفى لحمله.
وتابعت: الحكمة من الزواج هى كونه رابطة روحية تجمع بين الزوجين أساسها المودة والرحمة، إذ يسكن الرجل إلى إمرأته فتكون أمينة على سرة وحافظة لماله في غيبته وصاحبته في خلواته، وهو ما يشيع الإستئناس والبهجة فى حياة الزوجين ويكون ذخيرة لهما في مواجهة أعباء الحياة ومتاعبها، وفى هذا يقول الله تعالى: "ومن أياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون"، وأن الزواج هو الوسيلة المنظمة لإنجاب الأولاد والنسل حفاظا على استمرار البشرية مع الحفاظ على الأنساب.
المحكمة تستند لاكتمال أركانه وشروط الانعقاد والصحة والنفاذ واللزوم لعقد الزواج
وأوضحت "المحكمة": وقد ندبت الشريعة إلى النسل في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تزوجوا الودود الولود فإلى مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة"، وهو أساس الأسرة التي هي الخلية الأولى في بناء المجتمع التي يتربى فيها الفرد، ويعرف فيها ما له من حقوق وما عليه من واجبات فإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع كله، ويكفل توزيع الأعباء بين الزوجين بما يحقق راحة كلا منهما، ومن أجل تلك المعاني السامية حث الإسلام على الزواج فى الكتاب والسنة، فقال تعالى: "والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع قطيه بالصوم فإنه له وجاء"، و" الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة وإذا تزوج العبد فقد استكمل نصف دينه فليتق الله في النصف الثاني".
وهديا بما تقدم وإعمالا له على وقائع الدعوى المطروحة - ولما كانت المستأنفة قد أقامت دعواها بغية القضاء لها بثبوت علاقة الزوجية بينها وبين المستأنف ضده على سند زواجهما بموجب عقد الزواج الشرعي الصحيح المؤرخ 11 يناير 2019، وقد حضر مجلس العقد شاهدى عدل مسلمين ودخل بها المستأنف ضده وعاشرها معاشرة الأزواج، وقد أنجبت منه على فراش الزوجية الصغيرة "أبرار"، إلا أن الزواج لم يثبت في وثيقة رسمية - وقدمت سندا لذلك أصل عقد الزواج المبرم بينهما بتاريخ 11 يناير 2019 وصورة ضوئية من إخطار ولادة الصغيرة "أبرار".
الحيثيات تؤكد: توثيق الزواج ليس شرطاً أو ركناً فى عقد الزواج
وحال نظر الدعوى بدرجتي التقاضي مثل المستأنف ضده بشخصه وسلم لها بالطلبات وأقر بزواجه منها بموجب عقد الزواج العرفى المقدم سلفا من قبل المدعية والمؤرخ 11 يناير 2019 كما أقر بنسب الصغيرة "ابرار"، مواليد 10 مايو 2020 مما أضحى جليا أن زواج المستقلة من المستأنف ضده كان زواجا شرعيا صحيحا توافرت أركانه وشروط انعقاده وصحته ونفاذه ولزومه، وأن الصغيرة "أبرار" هي ابنة المستأنف ضده بصحيح النسب الشرعى من المستأنفة، ومن ثم يكون النسب قد توافرت له أركانه وشروطه الشرعية، وقد قضت محكمة أول درجة بإثبات النسب وبعدم قبول دعوى إثبات الزواج خلافا للواقع والقانون، الأمر الذى ترى معه المحكمة اكتمال أركان وشروط هذا الزواج، الأمر الذي تكون معه قد أقامت المستأنفة دعواها علي سند صحيح من القانون والشرع، وهو ما ترى معه المحكمة إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بإثبات زوجية المستأنفة من المستأنف ضده بموجب عقد الزواج العرفى المؤرخ 11 يناير 2019.