العديد من الأشخاص يستغلون إشكالية الخروج عن الأحكام المنظمة، فى محاولة لإباحة التصرف في المواد المخدرة من قبل الأشخاص المرخص لهم بذلك، وذلك في غير نطاق الأحوال التي يتوفر فيها الاتصال المشروع بالمواد المخدرة، فقد اعتبر المشرع المصرى كباقى التشريعات العربية كل تصرف عن الأفراد جريمة يستحق من أجلها العقاب، وذلك في محاولة للإحاطة بكل التصرفات الممنوعة قانونا بالمواد المخدرة، وحتى لا يفلت أحد من العقاب.
وتجار ومتعاطى المواد المخدرة عادة ما تستغل الفروق القانونية بين الحيازة والأحراز والتعاطى والاتجار فى المخدرات من الناحية القانونية، ما يطرح تساؤلاَ بصفة مستمرة، هل يوجد معيار معين لكمية المخدرات حتى تعتبر تعاطى أو اتجار؟ خاصة وأن المداهمات والحملات الأمنية لا تتوقف، وتستهدف أباطرة الكيف وتجار الصنف في القاهرة الكبرى والمحافظات، لضبط حائزي المواد المخدرة والمتعاطين، خاصة قبيل دخول العيد حيث تكثر تجارة المخدرات في مثل هذه المناسبات.
ما الفرق بين الحيازة والأحراز والتعاطي والاتجار في المواد المخدرة ؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق الفروق الجوهرية بين الحيازه والأحراز والتعاطى والاتجار فى المواد المخدرة، وأبرز أحكام النقض فى تلك الجرائم، وهل هناك معيار معين لكمية المخدرات حتى تعتبر تعاطى أو اتجار، حيث تقوم الشبكات والأفراد والعصابات الإجرامية بالاتجار بمجموعة من المخدرات ولا سيما الحشيش والكوكايين والهيروين والميثامفيتامين، ومع ازدياد سهولة اختراق الحدود الدولية، ما فتئ تعاطي المخدرات والحصول عليها ينتشران في جميع أنحاء العالم – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض عبد الرحمن عبد البارى الشهابى.
في البداية - يشارك في هذه التجارة الدولية مزارعون ومنتجون وناقلون وموردون وتجار، وهي تلحق الضرر بجميع البلدان الأعضاء في الإنتربول تقريبا، وتقوض الاستقرار السياسي والاقتصادي، وتدمر حياة الأفراد والمجتمعات، وغالبا ما يكون المستهلكون والمدمنون ضحايا لشبكات تجارية قوية ومخادعة، وفي كثير من الأحيان، يرتبط الاتجار بالمخدرات بأشكال أخرى من الجريمة، مثل غسل الأموال أو الفساد، كما يمكن للشبكات الإجرامية أن تستخدم مسالك الاتجار لنقل منتجات أخرى غير مشروعة – وفقا لـ"الشهابى".
الحيازة فى المخدرات:
وفي ضوء اعتماد المجرمين أساليب أكثر ابتكارا لإخفاء المخدرات غير المشروعة أثناء نقلها، تواجه أجهزة إنفاذ القانون صعوبات في الكشف عن هذه المواد المخبأة، وبالإضافة إلى ذلك، يتم إنتاج أنواع جديدة من المخدرات الاصطناعية بشكل منتظم، وبالتالي تحتاج الشرطة إلى أن تكون باستمرار على دراية بالاتجاهات الجديدة للسوق غير المشروعة والمنتجات التي تباع فيها، وهنا نبدأ بالحديث عن الحيازة فى المخدرات، فهى عبارة عن بسط سلطان الحائز على المخدر بأى صورة من علم وإرادة ولو لم تكن فى حيازته المادية أو كان المحرز شخصاً غيره أو بوضع يده عليه على سبيل التملك والإختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية – الكلام لـ"الشهابى".
الأحراز:
أما الإحراز هو مجرد الإستيلاء على الجوهر المخدر إستيلاء مادياً بغض النظر عن الباعث يستوى فى ذلك معاينة المخدر تمهيداً لشرائه أو أى أمر آخر، وهناك فرق القانون بين الأحراز والحيازة والتعاطي والتجارة وهي تختلف في عقوبتها باختلاف الجريمة، حيث أن هدف القانون من هذه التفرقة هو العقوبة المقرره علي أساس مقدار خطورة الجرم الذي يرتكبه الحائز، والحيازة هنا تكون بقصد التعاطي أو بدون قصد أو بقصد الاتجار، وأن المتعاطي أقل جرماً لا شك من الاتجار حيث اعتبره المشرع مريضاً لأنه نوع من الإدمان يضطر فيه المدمن إلي التعاطي بدافع المرض، كما أن درجة خطورته أقل لأنه يؤذي نفسه فقط ولا يتعدي أذاه الآخرين – هكذا يقول "الشهابى".
أما النوع الثاني هو الحيازة بدون قصد -وتكون للمتهم الناقل أو الحامل للمخدرات لا ليتعاطاها أو ليتاجر بها، ولكن لينقلها للمتعاطين فقط، وهو ينقلها من مكان إلي مكان آخر، وقد صنف القانون جرمه بدرجة أكبر من المتعاطي، لأنه ينقلها بقصد توزيعها علي المتعاطين، وهذا فيه ضرر للآخرين، حيث أن القانون فرق أيضاً في هذه الحالة بين الحائز وهو يعلم أنه يحمل مخدرات وبين الجاهل، بما يحمل كما فرق بين المكره وغيره وقال إن الاكراه تنتفي معه الإرادة، وإذا ثبت اكراهه بما لا يدع مجالاً للشك فإنه بذلك تنتفي مسئوليته – طبقا للخبير القانوني.
والحيازة بقصد الاتجار هي أخطر أنواع الجرائم، لأنه يؤذي المجتمع بأكمله ولكن كيف يفرق القانون بين الحائز والتاجر، وكلاهما يحوز مثلاَ الهيروين أو المخدر وهل يشترط أن يتم القبض علي التاجر وهو يبيع حتي تصنف جريمته حيازة للاتجار وليس للتعاطي؟ فإن التلبس هو أحد أنواع الأدلة وهي الحالة الواقعية ولكن كبار تجار المخدرات لا يمكن أن يبيعوا بأيديهم فلو اقتصر دليل الاتجار علي التلبس فقط فلن يتم القبض إلا علي صغار المتاجرين، ولذلك فإن هناك أدلة أخري منها المراقبة والتسجيل والشهود وخاصة إذا تشهد عليه أحد صبيانه.
كما أن القانون أيضاً له حكمة في التفرقة في العقوبة بين أنواع المخدرات، ويمكن أن نفرق بين المخدرات الطبيعية والكيميائية، فقد اعتبر القانون أن الأخيرة هي أشد خطورة لأنها تدمر الجهاز العصبي للإنسان، أما الأولي فهي وإن كانت مضرة إلا أنها ليست بنفس هذه الخطورة، وإن القانون خير القاضي في المخدرات الطبيعية بين الإعدام والسجن المشدد المؤبد أما المواد الكيماوية كالهيروين وأمثاله فجعل فيها القانون عقوبة الاعدام فقط لو ثبت اتجار المتهم بها بحيث إذا تم تخفيف العقوبة درجة تكون في الأول السجن المشدد المؤقت أما الثانية فتكون السجن المشدد المؤبد، فالتفرقة هنا في العقوبة أيضاً لها حكمة تتمثل في مدي الضرر الذي تلحقه المادة المخدرة بالمدمن.
وعن جريمة الحرز هو ما يُضبط في جيب الشخص والحيازة هي ما يُضبط في المكان الذي يسيطر عليه المتهم كحجرة نومه مثلاً فإن لكل قضية في اثبات الاتجار ظروفها وتخضع للناحية التقديرية للمحكمة، فضبط كمية كبيرة جداً مثلاً مع المتهم لا يمكن أن تكون بقصد التعاطي والمتهم صاحب السوابق ليس كغيره من الذي يضبط لأول مرة، كما يجوز للمحكمة أن تنزل بالعقوبة إذا ثبتت لديها وجود إكراه مثلاً أو عدم علم.
بالجلب من الخارج
و هناك جرماً آخر وهو مايسمي بالجلب من الخارج وهو أيضاً أشد أنواع الجرم لأنه لا يتاجر بالمواد المخدرة بالداخل فقط ولكنه يجلب للبلد أنواعاً خطيرة من المخدرات من الخارج يوزع السموم ويهدم الرجال، حيث أن اثبات الاتجار سهل علي المحكمة ولا يوجد فيه لبس وليس شرطاً أن يضبط متلبساً، ولكن هناك أدلة أخري لإثبات الجريمة تعرفها المحكمة بخبرتها من كثرة اعداد القضايا.
ماهية كمية المخدرات التي تعتبر تعاطي
وعن ماهية كمية المخدرات التي تعتبر تعاطي وما هي التي تعتبر اتجار طبقا للقانون المصري فإعطاء الواقعة القانونية وصف الاتجار أو وصف التعاطى متروك لسلطة التحقيق بحسبب ما تتبينه وتخضع لرقابة قاضى الموضوع فى هذا الأمر، فمن الممكن أن تؤيد محكمة الموضوع ما اعتنقته جهة التحقيق، ومن الممكن أن تعارضه فلها السلطة التقديرية فى هذا الشان، فالمشرع لم يحدد كمية معينة بل إنه فى أغلب الأحيان تعتبر الجريمة اتجار متى حاز المتهم أو احرز أدوات تستخدم فى الاتجار كميزان أو أدوات تقطيع أو ضبط مع غيره يتعامل معه بالبيع أو ضبطت معه حصيلة نقدية كل هذة الأمور بالاضافة الى الكمية يستشف منها أن الغرض من حيازة المخدرات أو احرازها هو الاتجار وليس التعاطى أمر تقديرى لا غير ذلك.
1- حالة استيراد أو تصدير المواد المخدرة أو إنتاجها وزراعتها
تنص المادة "33" من قانون العقوبات، على أن تصل عقوبة الاتجار فى المواد المخدرة إلى الإعدام وغرامة مالية لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تزيد عن 500 ألف جنيه.
2- الترويج والاتجار فى المواد المخدرة
تنص المادة "34" من قانون العقوبات بمعاقبة كل من سولت له نفسه الترويج والاتجار فى المواد المخدرة، بالسجن المؤبد أو الإعدام داخل الحدود المصرية.
3- كل شخص تم ضبطه فى أي مكان تم تهيأته أو إعداده بصورة واضحة لتعاطي المخدرات
تنص المادة "39" من قانون العقوبات على تحديد عقوبة متعاطي المخدرات، بالحبس لمدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه، ولا تتجاوز ثلاثة آلاف جنيه، وتطبق تلك العقوبة على كل شخص تم ضبطه فى أي مكان تم تهيأته أو إعداده بصورة واضحة لتعاطي المخدرات، ويكون ذلك بعلم المتعاطي.
4- كل شخص تم ضبطه فى أي مكان تم تهيأته أو إعداده بصورة واضحة فى حالة أن المواد المخدرة ضعيفة التخدير
تنص المادة "39" من قانون العقوبات على تحديد عقوبة لا تتجاوز العقوبة 5 سنوات، ولا تزيد عن 5 آلاف جنيه، فى حالة أن المواد المخدرة ضعيفة التخدير، وطبيعية، وتقرير المعمل الجنائي يكون الفيصل فى هذه الحالة.
جدول المخدرات والمواد المدرجة به تحدد بشكل كبير العقوبة التي تقع على تجار المواد المخدرة، أو حائزي تلك المواد بغرض التعاطي، وتختلف العقوبات بكل تأكيد بحسب كمية ونوع المخدر، فعلى سبيل المثال حيازة أقراص الترامادول تختلف عقوبتها عن تعاطي الحشيش، كذلك حيازة تذكرة هيروين أو كوكايين يختلف عن تعاطي الخمور أو الاستروكس، فهناك معيار معين لكمية المخدرات حتى تعتبر تعاطيا أو اتجارا.