الجمعة، 22 نوفمبر 2024 04:25 ص

"خبايا سوق العقارات "

لملايين المتعاقدين.. مدى قانونية مطالبة "المطور العقارى"العميل سداد مبلغ أزيد من سعر الوحدة بعد البيع؟..الأصل عدم المطالبة بالزيادة بسبب قاعدة "العقد شريعة المتعاقدين" .. والمشرع أجاز تدخل القاضي للتعديل

لملايين المتعاقدين.. مدى قانونية مطالبة "المطور العقارى"العميل سداد مبلغ أزيد من سعر الوحدة بعد البيع؟..الأصل عدم المطالبة بالزيادة بسبب قاعدة "العقد شريعة المتعاقدين" .. والمشرع أجاز تدخل القاضي للتعديل المطور العقارى - أرشيفية
السبت، 10 يونيو 2023 06:00 م
كتب علاء رضوان

لازالت ردود الأفعال مستمرة حول مطالبات المطورين العقاريين للعملاء بزيادة سعر المتر للوحدات المباعة تحت الإنشاء بعد توقيع العقود، نتيجة لارتفاع تكلفة الإنشاءات عقب تحرير سعر الصرف، وذلك بحجة الظروف الاستثنائية التي يواجهها العالم أجمع بما فيهم مصر مع تداعيات أزمة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وهو ما آثار جدلا واسعا في سوق العقارات.

 

ويعني ذلك أن الشركة التي أبرمت عقدا مع عميل بسعر معين، بحساب تكلفة معينة قبل الأزمة، ستقوم بتعديل هذه الأسعار البيعية مع العملاء في ضوء التكلفة الجديدة، ما يمكن وصفه بتحسين أسعار بأثر رجعي، قد تكون الدولة هي من يتحمله، وذلك في الوقت الذى نعرف فيه أن هذه علاقة تعاقدية بين الشركة والعميل، ولكن الظروف الاستثنائية التي نعيشها جميعا تسببت في خسائر للمطور العقاري، ولابد تعويضه عنها. 

 

دد

 

مدى قانونية مطالبة "المطور العقارى" العميل سداد مبلغ أزيد من سعر الوحدة العقارية بعد البيع؟

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على غشكالية في غاية الأهمية تتعلق بالإجابة على السؤال.. ما هى الحلول القانونية إذا طُلب منك سداد مبلغ أزيد عند من سعر الوحدة العقارية بعد البيع؟ خاصة وأن التعريف بالتصرف القانونى الذى هو إتجاه الإرادة نحو أحداث أثر قانونى معين وهو ما يعرفه الفقه القانونى بـ "العقد"، ومن هذا المنطلق يمكن تعريف العقد بأنه توافق إرادتين أو أكثر على ترتيب أثر قانونى معين، سواء كان ذلك إنشاء إلتزام أو تعديله أو نقله أو إنهاؤه – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض علاء العيلى.

 

العقد ملزم لـ 3 أطراف وليس طرفين

 

في البداية - الذى يميز العقد عن التصرف القانونى بوجه عام هو توافق إرادتين، أما إذا كُنا بصدد إرادة واحدة فلا يكون هذا عقداَ، بل إرادة مُنفردة وهذه لا تُـنشىء الإلتزام إلا فى الأحوال التى يقررها القانون، وإنطلاقاَ من هذا التمهيد فإن العقد يستمد قوته المُلزمة من إرادة المتعاقدين وليس القانون، إذ العقد فى ذاته هو قانون المتعاقدين ومن ثم يجب أن يعامل كقانون خاص بطرفيه وهو ما يعرف بمبدأ "القوة المُلزمة للعقد"، ويترتب على أن للعقد منزلة القانون الخاص بين طرفيه وتجاه القاضي وتجاه المُشرع ما يلى – وفقا لـ"العيلى":  

 

1-فالعقد مُلزم لطرفيه: وبالتالى لا يجوز لأحدهما أن يُـعٓـدِّل فيه أو أن يتحلل مِنه بإرادته المُنفردة، إذ القوة المُلزمة للعقد أو المُستمدة من إرادة الطرفين تمنعة من ذلك.

 

2-العقد مُلزم للقاضي: فيجب دائماَ أن يحتكم للعقد وإلى النية المُشتركة الطرفين، وليس إلى العدالة أو إلى ضرورة موازنة العقد أو إنصاف أحد الطرفين على الآخر.

 

3-العقد مُلزم للمُشٓـرِع: فلا يجوز للمُشـٓرع أن يمس بالعقود بقوانين جديدها يُصدرها ، فلا مساس بالعقود القائمة عند صدور قانون جديد ولو كانت تصطدم مع قاعدة آمرة فيه ، فالعقد قانون وليس لقانون جديد أن يمس بأثر رجعى بقانون قديم.

 

2021_10_27_13_5_48_768

 

مبدأ القوة الملزمة للعقد طبقا لمبدأ "سلطان الإرادة"

 

وعلى ذلك فمبدأ القوة المُلزمة للعقد هو أحد النتائج المُترتبة على مبدأ سلطان الإرادة فكل عقد يتم بين إراداتين يأخذ إذاَ حُكم أي قانون ينطبق على أطرافه، وهو ما عبرت عنه المادة 1134  من التقنين المدنى الفرنسي التى تنص على: "الإتفاقات التى تتم وفقاَ لأحكام القانون، تأخذ حكم القانون بين هؤلاء الذين أبرموها"، وهو أيضاَ ما عبر عنه المُشرع المصرى بالنص فى المادة 147 من التقنين المدنى والتى جرى نصها على: "العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا بإتفاق الطرفين، أو للأسباب التى يقررها القانون" – الكلام لـ"العيلى".

 

رأى محكمة النقض في الأزمة 

 

هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لهذه الإشكالية في الطعن المقيد برقم 2206 لسنة 82 قضائية، والذى جاء في حيثيات الحكم أن النص في الفقرة الأولى من المادة 147 من القانون المدني على أن: " العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين"، وفي المادة 148 منه على أنه: "يجب تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية"، وفي المادة 150 من القانون ذاته على أنه: " إذا كانت عبارة العقد واضحةً فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين أمَّا إذا كان هناك محل لتفسير العقد فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف على المعني الحرفي للألفاظ مع الاستهداء في ذلك بطريقة التعامل وبما ينبغي من أمانة وثقة بين المتعاقدين، وفقًا للعرف الجاري في المعاملات". 

 

1466345_0

 

وتضيف "المحكمة": يدل على أن مبدأ سلطان الإرادة مازال يسود الفكر القانوني ولازم ذلك أن ما اتفق عليه المتعاقدان متى وقع صحيحًا لا يخالف النظام العام أو الآداب أصبح ملزمًا للطرفين، فلا يجوز نقض العقد ولا تعديله من جهة أيٍّ من الطرفين، إذ إن العقد وليد إرادتين وما تعقده إرادتان لا تحله إرادة واحدة، وهذا هو الأصل، كما يمتنع ذلك على القاضي - أيضًا - لأنه لا يتولى إنشاء العقود عن عاقديها وإنما يقتصر عمله على تفسير مضمونها بالتزام عبارات العقد الواضحة وعدم الخروج عنها بحسبانها تعبيرًا صادقًا عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين، وذلك احترامًا لمبدأ سلطان الإرادة وتحقيقًا لاستقرار المعاملات".

 

على هذا يتفرع عن نص المادة 147 مدنى  ما يلى:

 

-الإلتزام بالتنفيذ: أي أن المدين يلتزم بأن يُـنفذ ما تعهد به، أي بالوفاء بالأداء الذى قطعه على نفسه فى العقد لصالح الدائن، ومن ثم فلا يجوز إجبار الدائن على أن يقنع بالتعويض بدلاَ من التنفيذ العينى ، طالما كان التنفيذ العينى مازال مُمكناَ.

 

-عدم  جواز  نقض  العقد: فلا يجوز لأحد طرفي العقد أن يستقل وحده بنقض العقد أو الرجوع فيه أو النكول عنه او تعديله، بل المرجع فى ذلك إلى إرادة الطرفين معاَ، ولذلك يظل العقد قائماَ بين طرفيه مُلزماَ لهما ولا رجعة فيه حتى يتفقا على إنهائه او تعديله أو حتى يتم الوفاء به وهذا ما ورد بنص المادة 147 مدنى، وذلك على النحو التالى:

 

أ-يجوز نقض العقد أو تعديله بإتفاق لاحق بين طرفيه ومن ذلك "التقايل"، أي أن كلا من الطرفين يقيل الطرف الآخر من إلتزامه العقدى، ويجوز أن يكون التقايل ضمنياَ تستخلصه المحكمة من إنصراف الطرفين عن تنفيذ العقد.

 

ملحوظة: والأصل أن يترتب على التقايل زوال الإتفاق بالنسبة إلى المستقيل إذا كان العقد من العقود الزمنية مثل عقد الإيجار، وبأثر رجعى إذا كان من العقود العقود الفورية بحيث يرد كل متعاقد إلى الآخر ما يكون قد تلقاه، لكن هذا الأثر الرجعى يتقيد بعدم الإخلال بما إكتسبه الغير من حقوق على الشىء قبل الرجوع فى العقد.

 

ب-يصرح القانون فى بعض الأحوال لأحد الطرفين أن ينهي العقد وحده دون الحصول على موافقة من الطرف الآخر كما هو الشأن فى عقود العارية والوديعة والمقاولة والعمل والوكالة.  

 

download

 

تدخل القاضي لإعادة التوازن إلى العقد

 

وتابع "العيلى": هنا فى مجال الرد على الموضوع محل النقاش وبعد أن تكلمنا عن القوة المُلزمة للعقد بما تفرضه على القاضي من عدم إمكانية تعديل العقد أو التدخل فيه بإنصاف أحد الطرفين على حساب الآخر او تكملة العقد بشروط لم يتضمنها، ولكن يخفف من هذا النظر لدور القاضي فى العقد ما قد يسمح به المُشرع نفسه للقاضي من التدخل مثلاَ تدخل القاضي  فى عقد الإذعان بإلغاء الشروط الجائرة او تفسيرها لصالح الطرف المذعن، أو منح المدين أجلاَ قضائياَ لتنفيذ إلتزامه، أو ما سوف نتناوله من تدخل القاضي لإعادة التوازن إلى العقد عندما تتدخل ظروف إستثنائية عامة وطارئة تجعل تنفيذ أحد الطرفين لإلتزامه مُرهقاَ.

 

والمُشرع المصرى أقر نظرية الحوادث الطارئة بنص صريح فى التقنين المدنى المصرى فى المادة 147/2، وذلك على سبيل الإستثناء، مما يقضي به مبدأ سلطان الإرادة من القوة المُلزمة للعقد تجاه القاضي، حيث نص فى الفقرة الثانية من المادة 147 مدنى على ما يلى: "ومع ذلك إذا طرأت حوادث إستثنائية عامة لم يكن فى الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الإلتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلاَ صار مرهقاَ للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحه، جاز للقاضي تبعاَ للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الإلتزام إلى الحد المعقول". 

 

شركات-التطوير-العقارى-فى-مصر-11

 

ويتفرع عن ذلك شروط لتطبيق نظرية الحوادث الطارئة:

 

الشرط الأول: أن يطرأ الحادث الذى ترتب عليه إختلال توازن العقد بعد إبرام العقد وقبل تمام التنفيذ

 

فالحوادث التى تطرأ قبل إبرام العقد لا تؤثر بداهةَ فى العقد، لأنه يفترض أن المتعاقدان قد أحاطا بها وأخذاها فى الإعتبار عند تحديد إلتزاماتهما المتبادلة، كما أن الحوادث التى تطرأ بعد تمام التنفيذ لا تؤثر هي الأخرى فى العقد إذا لا يجوز إعادة النظر فى العقد، وهو ما عبرته عنه محكمة النقض المصرية بقولها: "فإن الإلتزام ينقضي بالوفاء فى هذا الجزء فلا رجعة فيه وتطبق الظروف الطارئة على مالم ينفذ بعد من الإلتزام".

 

ويستوى فى هذا الشأن أن يكون العقد من العقود الزمنية أو العقود الفورية التى تراخى تنفيذها بإتفاق الطرفين، فمن العقود الزمنية التى يجوز إعمال نظرية الحوادث الطارئة فيها "عقد التوريد"، فإذا طرأت حوادث إستثنائية عامه مثل إرتفاع فاحش فى الأسعار جاز للقاضي تعديل الإلتزام المُرهق للمدين إلى الحد المعقول إذا كان لم يتم تنفيذه بعد، كذلك الشأن بالنسبة لعقود المقاولة، وقد يكون العقد فورياَ ولكن يتراخى تنفيذه بإتفاق الطرفين مثل تأجيل الثمن فى عقد البيع، ولا تنطبق نظرية الحوادث الطارئة على العقود الإحتمالية مثل عقد المضاربة فى البورصة كما لا تنطبق على عقد القرض. 

 

2

 

الشرط الثانى: أن يكون الحادث من الحوادث الإستثنائية العامة غير المتوقعة

 

وهنا لا محل لتطبيق نظرية الظروف الطارئة إذا كان الحادث خاصاَ بالمدين "كإفلاسه أو إضطراب أعماله او إحتراق سيارة النقل التى يعمل بها فى المقاوله"، ولكن يجب أن يكون الحادث عاماَ بالنسبة لطائفة من الناس تتحد ظروفهم مثل "الفيضان العالى غير المنتظر، غارة غير منتظرة للجراد، إنتشار وباء، صدور قانون ترتب عليه إرتفاع إستثنائى فى الأسعار أو إنخفاضها إنخفاضاَ كبيراَ  أو إعلان حرب أو زلزال أو اضراب مفاجئ".

 

ويشير الفقه القانونى هنا إلى أن الحادث يجب أن يكون إستثنائياَ بمعنى أن يكون من الحوادث غير المألوف وقوعها، ويجب أن يكون غير متوقع، فالعبرة هنا بمعيار عدم التوقع، كما عرفته محكمة النقض المصرية بأنه: "العبرة بعدم توقع الشخص العادى الذى يوجد فى ظروف المدين بصرف النظر عما إذا كان هذا المدين قد توقع حصولها فعلاَ او لم يتوقعه فالمعيار موضوعى وليس معياراَ ذاتياَ". 

 

201910281015431543

 

الشرط الثالث: أن يترتب على هذا الحادث أن يصبح تنفيذ الإلتزام مُرهقاَ لا مُستحيلاَ

 

فإذا كان من شأن الحادث أن جعل تنفيذ الإلتزام مستحيلاَ فنحن بصدد قوة قاهرة فينقضي الإلتزام ولا يتحمل المدين التبعة من عدم التنفيذ، أما الحادث الطارىء فلا يترتب عليه إنقضاء الإلتزام بل يرده إلى الحد المعقول فتتوزع الخسارة بين الدائن والمدين، ولا يكفى مجرد الخسارة للقول بأن تنفيذ الإلتزام سيصير مُرهقاَ، بل يجب أن يكون تنفيذ الإلتزام مما يهدد المدين بخسارة فادحه، وهو ما عبرت عنه محكمة النقض المصرية بقولها: "ومن ثم فإن الخسارة المألوفة فى التعامل لا تكفى لإعمال حكم الظروف الطارئة".

 

نظرية الظروف الطارئة

 

وفى هذا الشأن - يؤخذ بمعيار موضوعى وليس معيار ذاتى، بمعنى أن ننظر إلى الإلتزامات المتقابلة للطرفين لا إلى الوضع الذاتى للمدين من حيث مدى إنهياره من جراء التنفيذ، وإجمالاَ فإن نظرية الظروف الطارئة تفترض إذاً حالة عقد لم يكن واجب النفاذ حال انعقاده، وإنما يتراخى تنفيذه إلى أجل، فيختل التوازن في هذا العقد بتغير الظروف عند مرحلة التنفيذ عما كانت عليه في مرحلة الإنعقاد، وذلك بتقلب الظروف الإقتصادية فجأة نتيجة حادث لم يكن في الحسبان، ففي عقد التوريد مثلاً لو ارتفعت الأسعار لظرف الحرب وأصبح السعر الذي يحصل به المدين على السلعة الملزم بتوريدها أكبر من السعر الذي يبيع به وفق هذا العقد بحيث يصبح تنفيذ المدين لإلتزاماته في عقد التوريد يهدده بخسارة فادحة تخرج عن الحد المألوف في العرف التجاري، وهو ما عبر عنه الفقه بإختلال التوازن الإقتصادي للعقد إخلالاً خطيراً.

 

ةةس

 

وبناء على ذلك - فإن  الظرف الطارئ في حادث استثنائي غير مألوف يتسم بالعمومية أي لا يكون خاصاً بالمدين وحده ويجب أن يكون ذلك الحادث غير متوقع الحدوث وقت إبرام العقد، فلو أمكن دفعه فلا سبيل لإعمال مبادئ نظرية الظروف الطارئة فالحكمة منها هي عنصر المفاجأة والغبن اللاحق لإبرام العقد، لأن المتعاقد إن كان بإمكانه توقع الحادث عند التعاقد يسقط حقه في طلب تعديل الإلتزام استناداً إليه لأنه يكون قد ارتضى الإلتزام بوجود هذا الحادث، وأخيراً يشترط أن يؤدي ذلك الحادث لجعل تنفيذ الإلتزام مرهقاً دون أن يصل الأمر إلى حد استحالة تنفيذه.

 

سلطة القاضي فى تعديل العقد إستناداَ إلى نظرية الحوادث الطارئة

 

نستطيع فى ختام تناولنا للموضوع أن نقول أنه متى توافرت الشروط السابقة فإنه يجوز للقاضى - كما تحدثت الفقرة الثانية من المادة 147 مدنى - تبعاَ للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يَـرُد الإلتزام المُرهق إلى الحد المعقول، ويـُفهم من ذلك بأن مُهمة القاضي فى تعديل العقد بسبب الظروف الطارئة ليست إعادة التوازن المُفتقد إلى العقد برفع كل خسارة عن المدين، بل الحد من الخسارة الفادحة التى يمكن أن تلحق بالمدين وردها إلى القدر المعقول ، فيجب على القاضي توزيع الخسارة الفادحة بين الطرفين فلا يعفى المدين منها ويحملها للدائن  وفى هذا تقول محكمة النقض: "ومن ذلك ان يُـحَـمِّل المدين بالخسارة المألوفة فى التعامل ثم يُـقَسِم ما بقي من خسارة مناصفة بين الدائن والمدين. 

 

وويي

 

وللقاضي فى سبيل ذلك أن يقوم بإنقاص الإلتزام مثال ذلك تخفيض المقدار الذى يلتزم المدين بتوريده بعد أن ارتفع سعره إرتفاعاَ فاحشاَ، أو تخفيض الثمن المؤجل إذا إنهار ثمن الشىء المبيع، وللقاضي أيضاَ زيادة إلتزام الطرف الآخر مقابل  ذلك إلزام الطرف الآخر بدفع ثمن أكبر للسلعة التى إرتفع سعرها إرتفاعاَ مفاجئاَ وفاحشاَ، ولكن هنا لا يصل القاضي فى ذلك إلى رفع الثمن إلى الحد الذى إرتفعت إليه السلعة بل يـُحٓـمِّل الدائن ببعض العبء ويظل العبء الأكبر على المدين، على أنه للدائن فى هذه الحالة أن يطلب فسخ العقد إن لم يرتضي الزيادة فى إلتزاماته، ولا يحكم له بالتعويض عن هذا الفسخ.

 

يجوز للقاضي وقف تنفيذ العقد حتى يزول الحادث الطارىء

 

كما يجوز للقاضي وقف تنفيذ العقد حتى يزول الحادث الطارىء إذا كان يتوقع زوالة فى وقت معقول، فيجوز إمهال المقاول فى تسليم البناء لحين عودة أسعار مواد البناء إلى حالتها إذا كان سبب الإرتفاع الفاحش فى أسعارها عارضاَ وبشرط ألا يؤدى ذلك إلى ضرر جسيم  يلحق برب العمل على أنه لا يجوز للقاضي فسخ العقد بناء على طلب المدين، لأن فى ذلك تحميل للدائن بتعبة الحادث الطارىء فى حين أن المقصود هو توزيع العبء، كما لا يجوز الإتفاق على تنازل المدين عن حقه فى التمسك بالظروف الطارئة لتعلق الأمر بالنظام العام حتى لا يـُملى أحد الطرفين إرادته على الآخر عند التعاقد.

 

ززس

 

وأخيراَ فإن نظرية الظروف الطارئة هي إستثناء وخروج عن مبدأ سلطان الإرادة ومبدأ القوة المُلزمة للعقد "العقد شريعة المتعاقدين"، وإرساء لعرف أخلاقي مُـثبت قانوناً مفاده أنه "لا تكليف بمستحيل" غير أن  هذا الإستثناء  يكون لأسباب أثرت فى  القدرة على تنفيذ الإلتزام، ويرجع في تقدير هذه الأسباب  إلى السلطة التقديرية لقاضي الموضوع، وذلك  بناء على الوقائع والأحداث وعناصر الإثبات  وطبيعة  الإلتزام بين طرفي العقد

 

الخلاصة في إرشادات عامة:

 

وهنا لابد من تحذير العملاء من التوقف عن سداد أقساط الوحدات السكنية، حتى لا يتم فسخ العقد تلقائيا من الشركة وسحب الوحدة، حيث أن الإجراء القانوني في حالة مطالبة الشركة بإعادة التسعير، هو إنذار الشركة بوقف سداد الأقساط بناءا على إخلال المطور بميعاد التسليم، حيث تصبح الشركة في تلك الحالة مخلة في تنفيذ بنود العقد، كما أن إعادة التسعير الذي يطالب به عدد من المطورين العقاريين لابد أن تتم بموافقة الطرفين وليس من طرف واحد، حيث لابد من الاتفاق مع العميل، وعمل ملحق للعقد لتعديل البنود المراد تغييرها ومن ضمنها التسعير، طبقا للمادة 147 من القانون المدني التي تنص على أنه: "لا يجوز نقض العقد أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو لأسباب يقررها القانون".

 

ززز

 

كما أن المادة 147 من القانون المدني تنص على أنه: " إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم تكن متوقعة، وترتب على حدوثها تهديد المدين بالخسارة في حالة تنفيذ الالتزام التعاقدي، فيجوز للقاضي الموافقة على التعديل"، لأن المطور في تلك الحالة مهدد حاليا بخسارة فادحة، نتيجة للظروف المتغيرة في الأسعار، والموافقة على التعديل لا تنطبق على المطور الذي تأخر في ميعاد التسليم، حيث إن هناك عملاء متعاقدين على ميعاد للاستلام، وتأخر تسليمهم 3 سنوات مثلا، في تلك الحالة لا يجوز تعديل العقد، لأنه لا يطبق إلا في حالات استثنائية غير متوقعة بالمرة وظهرت فجأة، كما أن حكم محكمة النقض الذي يؤكد أن العقد شريعة المتعاقدين، يلتزم عاقديه بما تم الاتفاق عليه دون استقلال أحد طرفي العقد بنقضه أو تعديله.

 

ويجب التأكيد على أن المطور العقارى لا يستطيع تعديل الأسعار في العقد من تلقاء نفسه دون سند قانوني، ووضع العميل أمام الأمر الواقع، لأن الأصل ألا ينفرد أحد المتعاقدين بتعديل العقد دون رضاء المتعاقد الآخر، حيث أنه لابد للمطور من دراسة السوق جيدا وأن يضع في اعتباره التغيرات السعرية حتى لا يتعرض للخسارة. 

 

وووس

 

رأى محكمة الإستئناف في الأزمة 

 

هذا وقد سبق للدائرة "18 مدنى" – بمحكمة استئناف اسكندرية – إصدار حكما نهائيا فريدا من نوعه – يهم شركات التطوير العقارى والمتعاملين معها – أرست فيه مبدأ قضائيا جديدا بتعديل وزيادة سعر متر الوحدة لصالح المستثمر العقاري عن فرق السعر بسبب تحرير سعر العملة الأجنبية، ومد فترة تسليم العين لسنتين إضافيتين عن المدة المحددة بالعقد، في الاستئناف المقيد برقم 6066 لسنة 77 قضائية.

 

رأى محكمة النقض في الأزمة 

 

إلا أن محكمة النقض أصدرت بيانا في هذا الشأن نفت فيه صدور حكم بشأن شركات التطوير العقارى، حيث جاء في البيان قال نصا: نفى ما تم نشره وتداوله على مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة المعلومات الدولية من صدور حكم قضائي من محكمة النقض بشأن شركات التطوير العقارى بزيادة سعر متر المباني ومد مهلة التنفيذ والإستلام، وجارى التحقيق بشأن هذا النشر المغلوط وتناشد محكمة النقض كافة وسائل الإعلام تحرى الدقة فيما ينشر من أخبار.   

 

و

 
 
 
مطور 1
 
                              حكم تطوير عقارى 1 
 

 

مطور 2
 
                               حكم تطوير عقارى 2 

 

مطور 3
 
                                   حكم تطوير عقارى 3

 

مطور 4
 
                                        حكم تطوير عقارى 4 

 

مطور 5
 
                                 حكم تطوير عقارى 5  
 
f4100526-ea94-4730-8a5b-95c0813bc82f
 
الخبير القانوني والمحامى بالنقض علاء العيلى

موضوعات متعلقة :

"كورونا" في مصلحة المطورين العقاريين.."الاستئناف" ترسى مبدأ جديدًا لصالح المستثمر العقاري: زيادة سعر متر الوحدة بسبب الجائحة وفرق العملة.. المحكمة تقرر مد تسليم العين لسنتين إضافيتين عن المدة المحددة بالعقد

"الدم بقى ميه".. شقيقان يتفقان على حبس شقيقهما الأكبر بدعوى عدم تسليمهما الميراث.. ومحكمة أول درجة تقضى بحبسه 6 أشهر.. "الأخ الأكبر" يستأنف لإلغاء الحكم ويثبت للمحكمة أن الأرض في حوزة شقيقيه.. والاستئناف تبرأه

الاتفاقية الدولية للطفل تنصف الأب.. محكمة الاستئناف تقضي بأحقية استضافة أب لأبنائه بعد منع الأم من تنفيذ الرؤية..وللابن أو الابنة حق اختيار الإقامة حال انتهاء فترة الحضانة

القضاء يُنصف العمال.. محكمة الاستئناف تتصدى لكوارث "عقود الإذعان".. الحيثيات: الشرط يكون تعسفيًا إذا جعل الالتزام على العامل فقط دون الشركة.. والعقد يُفسر لصالح الطرف الضعيف فى العلاقة العمالية وهو العامل

فسخ عقد شقة بسبب "الكلاب".. "الاستئناف" ترسى مبدأً قضائيًا: حظر تربية الكلاب فى التجمعات السكنية واحترام حقوق الجوار.. المحكمة تقضى بفسخ عقد بيع شقة والتغريم بعد 20 سنة من إتمام البيع بسبب تربية المُشترى للكلاب

لابد من سوء النية.."الاستئناف" تلغى حكم تغريم شركة 2 مليون جنيه لاستخدامها العلامة التجارية لشركة أخرى.. وترسى مبدأ: "لابد من توافر سوء النية ولا يسأل عن التعويض حتى لو حصل ضرر".. وتؤكد: حسن النية ينفى التعويض

الدولة تحمى "حُرمة الموتى".. "الاستئناف" تضرب عصابات الاستيلاء على القبور بيد من حديد.. سابقة قضائية بإلغاء حكم صحة توقيع على إقرار مزور.. والمحكمة ترسى مبدأ: إنكار "الورقة العرفية" يزيل حجيتها

هل للحبس الاحتياطى مدد محددة؟.. المشرع حدد للنيابة حبس المتهم 4 أيام.. و15 يومًا للجرائم الكُبرى.. 45 يومًا لقاضى المعارضات.. و15 يومًا وما يزيد لـ"الجنح مستأنف".. وخبير يوضح مدد استئناف قرارات الحبس والإفراج

"الاستئناف" تتصدى لتزوير الحاضنات للتقارير الطبية لحرمان الآباء من رؤية أبنائهم.. وتقضى بحبس "أم" 6 أشهر ومصادرة المستند المزور.. ولأول مرة المحكمة تستكتب طاقم مستشفى بالكامل لكشف المستور

لا أمومة بدون رضاعة.."الاستئناف" ترسى مبدأ جديدا: عدم إرضاع الصغير تخلى عن الأمومة.. وتقضى نهائيا بإسقاط حضانة الأم ونقلها للأب.. وترفض عدم تسليم الصغار للوالدة لعدم توافر أدنى شروط الصلاحية لحضانة الصغيرين


print