أصدرت محكمة قسم أول المنصورة لشئون الأسرة للولاية على النفس، حكم فريدا من نوعه، يكشف كيف يتحول "إنذار الطاعة" من قبل الزوج لـ"كمين"، وذلك بعد أن أقام الزوج إنذار طاعة ضد زوجته لعودتها لمنزلها إلا أنها قامت بعمل "هجمة مضادة" بالاعتراض على إنذار الطاعة بطلب الطلاق للشقاق واستحكام الخلاف مع احتفاظ المعترضة بكامل حقوقها، وبالفعل استجابت لها المحكمة بعد أن أثبتت الضر رالواقع عليها.
صدر الحكم في القضية رقم 191 لسنة 2019 بشأن اعتراض على إنذار طاعة، برئاسة المستشار محمد حلمى مأمون، وعضوية المستشارين أحمد عيسى، وأدهم سليمان، وبحضور كل من وكيل النيابة إيهاب دياب، وأمانة سر مجدى سعادة.
الوقائع.. الزوج يقيم إنذار طاعة ضد زوجته
تخلص واقعات الدعوى في أن المعترضة أقامت دعواها بموجب صحيفة موقعة من عام أودعت فلم كتاب المحكمة، وأخلت قانوناً للمعترض ضده طلبت في ختامها بعدم الاعتداد بإنذار الطاعة للمورخ 21 يناير 2021 واعتباره كأن لم يكن، وإلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، وذلك على سند من القول أنها زوجة للمعترض ضده بصحيح العقد الشرعي، ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج ولازالت بعصمته، وتسلمت منه إنذار علي يد محضر من المعترض ضده بالدخول في طاعته وإلا أمتنع عن نفقتها، ولأنه لا يحسن معاشرتها وغير أمين عليها نفساً ومالاً فاعترضت على إنذار الطاعة، ولجأت للتسوية فلم يسوى النزاع بينهما ودياً، مما حدا بها لإقامة دعواها بغية القضاء لها بطلباتها أنفة البيان، وقدمت سنداً لذلك علي مدار الجلسات حافظتي مستندات طالعتها المحكمة، وألمت ما بهما من مستندات من بين ما طويا عليه صورة وثيقة زواجها من المعترض ضده.
وفى تلك الأثناء - تداولت الدعوى بالجلسات على النحو المبين بمحاضر الجلسات ومثلت المعترضة بمحام وكيل عنها ولم يحضر المعترض ضده رغم إعلانه قانوناً، وطلبت المدعية طلب جديد مضاف تأشر عليه بالجدول وأعلن قانونا طلب في ختامه تطليقها طلقة بائنة لإستحكام الخلاف مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، وبجلسة 30 أبريل 2021 قضت المحكمة بندب حكمين أحداهما حكما للزوجة والآخر حكما للزوج للمعترض ضده، وذلك لمولاة مساعي الصلح بين الزوجين طرفي الدعوى.
الزوجة تقيم اعتراضا على الإنذار بطلب الشقاق لاستحكام الخلاف
وحضرا الحكمين، وقاما يحلف اليمين أمام المحكمة وتكلفهما بالمأمورية المنوط بهما، وبذات الجلسة حضر الحكمان سالفي الذكر، وحلفا اليمين أنهما لم يتمكنا من الصلح بين الطرفين، وقدما تقريرهما للمحكمة طالعته المحكمة انتهى فيه إلي قال مساعي الصلح وتطليق المعترضة طلقة باتنة مع احتفاظها بـ3 أرباع حقوقها، والمحكمة بذلت الجهد للصلح والتوفيق بين الطرفين، وأودعت النيابة مذكرة بالرأي في الدعوى وأودع الخبيرين النفسي والاجتماعي تقرير لكل منهما، وبجلسة المرافعة الأخيرة قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الطلب المضاف، وحيث أنه - لما كان ما تقدم - وكان من المقرر قانونا وعلى ما جرى به نص المادة 6 من القانون 25 لسنة 1929 المعدل أنه إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق وحينئذ يطلقها القاضي بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما، فإذا رفض الطلب ثم تكررت الشكوى ولم الضرر بعث القاضي حكمين ...."، ويشترط للطلاق للضرر طبقا لنص المادة السالفة شرطين:
1- أن يكون الضرر راجعا إلى فعل الزوج وفي إمكانه إنزاله بزوجته والعبرة في الضرر وقوعه من الزوج ولا دخل لكون الضرر باختياره أو قهرا عنه، وكون الضرر إيجابا أو سلبا ويستوي في الضرر أن يكون واقعا على بدن الزوجة أو عرضها.
2- أن يكون الضرر الذي تدعيه الزوجة ناشئا عن الشقاق والتنافر بين الزوجين بحيث لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما بسبب إيذاء الزوج وقد يقع الضرر بمعناه القانوني في معاملة الزوجة بحيث تعتبر في العرف معامله شاذة تشكو منها ولا ترى الصبر عليها، والضرر في مفهوم المادة سواء بالقول أو الفعل معياره شخصي لا مادي ويختلف باختلاف الزوجين بيئة وثقافة ووسطا وتقديره موضوعي متروك لقاضي الدعوى.
المحكمة تستند على عدة أحكام لمحكمة النقض
واستندت المحكمة على عدة أسباب لأحكام محكمة النقض أبرزها الطعن المقيد برقم 101 لسنة 1957 قضائية أحوال شخصية، والذى جاء في حيثياته: وقد قضى بأن: "المراد بالضرر الذي يبيح للزوجة أن تطلب التفريق بينها وبين زوجها من اجله إيذاء الزوج إياها بالقول أو الفعل ولو مره واحده عدم اشتراط تكرار إيقاع الأذى"، كما قضى بأن: " تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقعة في الدعوى وسلطة الترجيح بين البيانات مما يستقل به قاضي الموضوع ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق".
وترتيبا على ما تقدم - ولما كانت المعترضة قد أقامت دعواها بطلب الحكم بتطليقها على المعترض ضده طلقة بائنة للضرر الاستحالة العشرة، وأنها قد رفضت الصلح، ولما كانت المحكمة قد بذلت الجهد في محاولة الإصلاح بين الزوجين خلال فترة تداول الدعوى بالجلسات، وقد عجزت عن الإصلاح بينهما، فقامت بندب حكمين لموالاة مساعى الصلح بين طرفى التداعى وانتهيا الحكمين في تقريرهما إلى رفض المعترضة للصلح وإصرارها على الطلاق، ومن ثم يكون طلب المعترضة جاء على سند من القانون والواقع في توافر الشروط التي تطلبتها المادة 6 من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى في مسائل الأحوال الشخصية للقضاء بالتطليق لاستحكام الخلاف، وتقضى المحكمة بتطليقها طلقة بائنة.
ماذا قالت المحكمة عن شكل الاعتراض وموضعه؟
أما عن شكل الاعتراض – فلما كان الثابت للمحكمة من مطالعة أوراق الدعوى ومستنداتها أن المعترض ضده أنذر المعترضة بالدخول في طاعته بتاريخ 21 يناير 2019 وأنها اعترضت على ذلك بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 26 يناير 2019 أي خلال مدة 30 يوما المنصوص عليها بالمادة 11 مكرر ثانيا من القانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 وقد بينت أوجه اعتراضها بالصحيفة، ومن ثم تقضى المحكمة بقبول الاعتراض شكلا.
وأما عن موضوع الاعتراض، فلما كان من المقرر بالمادة "11 مكرر ثانيا" من القانون 25 لسنة 29 مضافة بالقانون رقم 100 لسنة 85 أنه: "إذا امتنعت الزوجة عن طاعة الزوج دون حق توقف نفقة الزوجة من تاريخ الامتناع، وتعتبر ممتنعة دون حق إذا لم تعد إلى منزل الزوجية بعد دعوة الزوج إياها للعودة بإعلان على يد محضر لشخصها أو من ينوب عنها، وعليه أن يبين في هذا الإعلان المسكن، وللزوجة الاعتراض أمام المحكمة الابتدائية خلال 30 يومًا من تاريخ الإعلان، وعليه أن يبين في صحيفة الاعتراض ألا وجة الشرعية التي تستند في امتناعها عن طاعته وإلا حكم بعدم قبول اعتراضها، ويعتد بوقف نفقتها من تاريخ انتهاء ميعاد الاعتراض إذا لم تقدم به في الميعاد، وعلى المحكمة عند نظر الاعتراض أو بناء على طلب الزوجين التدخل لإنهاء النزاع بينهما صلحًا باستمرار الزوجية وحسن المعاشرة".
المحكمة تنصف الزوجة لهذه الأسباب
واستندت المحكمة على عدة أحكام لمحكمة النقض أبرزها الطعن رقم 144 لسنة قضائية أحوال شخصية، والذى جاء في حيثياته: وحيث أنه من المقرر في قضاء النقض أن دعوى اعتراض الزوجة على دعوه زوجها بالعودة لمنزل الزوجية. ماهيتها، من دعاوى الزوجية حال قيامها. الحكم نهائيا بتطليق الزوجة. أثره. عدم الاعتداد بإعلانها للدخول في طاعته واعتباره كأن لم يكن"، والطعن رقم 131 لسنة 57 قضائية أحوال شخصية، والذى جاء فيه: ذلك أن الطاعة حل للزوج على زوجته - لا طاعة المطلقة على من طلقت عليه".
ولما كان ما تقدم وكانت المحكمة قد قضت سلفاً في الطلب المضاف من المعارضة بتطليقها طلقة بائنة لاستحكام الخلاف على المعارض ضده مما يكون معه قد انضت عرى الزوحية بين المعارضة والمعارض ضده، وحيث أن انفصام عرى الزوحية فيما بين الطرفين بالتطليق بعدم واجب الطاعة المعارض على الإنذار به بالاعتراض الراهن وهو ما تقضى معه المحكمة بعدم الاعتداد بإنذار الطاعة على النحو الوارد بالمنطوق.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة: أولاً بتطليق المعترضة على المعترض ضده، طلقة بائنة لاستحكام النفور والخلاف مع احتفاظها بكامل حقوقها المالية والشرعية، وثانيا: بقبول الاعتراض شكلا وفى الموضوع بعدم الاعتداد بإنذار الطاعة المؤرخ 21 يناير 2012 واعتباره كأن لم يكن.