أصدرت الدائرة الثانية – بمحكمة إيتاى البارود الجزئية – حكما جديدا بتطبيق مادة 54 من قانون المحاماة بشأن التعدي على المحامي بمناسبة تأدية عمله، بحبس فتاتين 4 سنوات اثنان منها مع الشغل والنفاذ، وأثنان بكفالة 2000 جنيه، لاتهامهما بالتعدى على محام وسرقته، وجاء منطوق الحكم كالتالى:
كل منهما سنتان عن التهمة الأولى مع الشغل والنفاذ - سرقا المنقولات - وتغريم كل منهما 5 آلاف جنيه عن التهمة الثانية - سبا المجنى عليه - وحبس كل منهما سنتان عن التهمة الثالثة، وكفالة ألفان جنيه - تعدا بالضرب عليه - والزمتهما بالمصاريف الجنائية، وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة.
صدر الحكم في القضية المقيدة برقم 17915 لسنة 2023 جنح مركز ايتاى البارود، لصالح المحامى المجنى عليه محمود أحمد عبدالحكيم، برئاسة المستشار محمد درويش، وحضور محمد الفزايرى، أمين السر.
الوقائع.. فتاتان تتعديان على محام أثناء تأدية عمله
واقعات الدعوى تخلص فيما أسندته النيابة العامة للمتهمين "خضره. ش" و"أيمان. ع"، لأنهما في 9 مايو 2023 بدائرة مركز إيتاى البارود، أولا: سرقا المنقولات المبينة وصفا وقيمة بالأوراق والمملوكة للمجنى عليه محمود أحمد عبدالحكيم، ثانيا: سبا المجنى عليه، وثالثا: تعدا بالضرب عليه، باستخدام أداة لم تضبط، رابعا: حازا وأحرزا بغير مسوغ من الضرورة الحرفية أو الشخصية أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بغير ضرورة مهنية أو شخصية، وطلب النيابة عقابهما طبقا لقانون العقوبات.
وفى تلك الأثناء – تداولت الدعوى بالجلسات ولم يمثل المتهمتان ومثل المجنى عليه بشخصه، وانضم للنيابة العامة، فأصدرت المحكمة قضاءها.
النيابة توجه لهن 4 اتهامات
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الاتهام الأول، فلما كان من المقرر بنص المادة 311 من قانون العقوبات أن "كل من اختلس منقولاً مملوكاً لغيره فهو سارق"، وكان من المقرر قانونا أنه يشترط لقيام جريمة السرقة توافر ركنيها المادي والمعنوي ويتمثل الركن المادي في اختلاس مال منقول مملوك للغير ومن ثم يتضمن عناصر ثلاث: العنصر الأول: وقوع الاختلاس وهو سلب حيازة الشيء بدون رضاء مالكه أو حائزه السابق ويتضح من هذا التعريف أن الإختلاس يكون بتوافر امرين هما: الأول: هو سلب الحيازة أو الاستيلاء عليها، والثاني: هو عدم رضاء مالك الشيء أو حائزه إذ لا يكفى لقيام عنصر الاختلاس في السرقة أن يخرج الشيء من حيازة صاحبه وإنما يجب أن يتم ذلك بغير رضاء مالك الشيء أو حائزه.
وبحسب "المحكمة": العنصر الثاني: محل الاختلاس/ شيء منقول إذ نصت المادة 311 من قانون العقوبات صراحة على أن السرقة يجب أن تقع على شيء منقول وعلى ذلك فإن السرقة لا تتم إلا بأخذ الشيء ونقله من حيازة المجنى عليه إلى حيازة الجاني، وهذا لا ينطبق إلا على المنقولات أما العقارات فلا تصلح محلا للسرقة لأنه لا يمكن تقلبا من مكان إلى آخر، أما العنصر الثالث: مملوك للغير ومعناه أنه لا يكفى لاعتبار الشخص سارقا أن يختلس شيئا غير مملوك له وإنما يلزم كذلك أن يكون هذا الشئ مملوك لشخص آخر وقت الاختلاس حتى يتحقق وصف القانون - منقول مملوك للغير الركن المعنوي.
المحكمة تستند في حيثيات الحكم على القصد الجنائى
القصد الجنائي - اختلاس مال الغير فلا تقوم جريمة السرقة إلا إذا حصل قصد جناني، والقصد الجنائي على وجه العموم يتوافر متى إرتكب الجاني عن علم الفعل الذي القانون بالصورة التي يعاقب عليها بها وفى جريمة السرقة بالذات يحب أن يكون السارق عالما بأنه يختلس شيئا منقولا، وأنه يختلسه على غير إرادة مالكة، وأن الشيء المختلس مملوك للغير، ولكن هذا الفت وحده لا يكفى لتوافر القصد الجنان في السرقة بل يجب فوق ذلك أن يتوافر لدى المتهم نية خاصة هي نية تملك الشيء المختلس.
وبحسب "المحكمة": لما كان ما تقدم وترتيباً عليه وكانت المحكمة قد طالعت أوراق الدعوى عن بصر وبصيرة وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة التفي واستقر في وجدانها قيام المتهمون بارتكاب الجريمة الواردة بقيد ووصف النيابة العامة بركنها المادي والمعنوي، وثبت ذلك في يقينها ثبوتاً لا يدع مجالاً للشك و ذلك أخذاً بما جاء بمحضر جمع الاستدلالات، وما أبلغ به المجني عليه من قيام المتهمتان بسرقة المنقولات خاصته، فضلا عما أسفرت عن تحريات المباحث وفق الثابت بمحضر التحريات المرفق بالأوراق من توصلها لصحة الواقعة، الأمر الذي تستخلص المحكمة من جماعه قيام المتهمتان باختلاس مال منقول مملوك للمجني عليه بغير رضاه، وهو ما يمثل الركن المادى لجريمة السرقة التي تكاملت أركانها بتوافر الركن المعنوى لدي المتهمون وهو نية تملك المال المختلس وهو ما تطمئن معه المحكمة لشوت الجريمة قبلهم وتقضى بإدانتهم عملاً بمادة الاتهام رقم من قانون العقوبات وعملا بالمادة 304/2 من من قانون الإجراءات الجنائية وعلى نحو ما سيرد بالمنطوق.
المحكمة تقوم بتسبيب الاتهام الثانى وهو السب والقذف
وحيث إنه وعن موضوع الاتهام الثاني:- لما كان المقرر بنص المادة 1/302 من قانون العقوبات قد نصت على أنه: "يعد قاذفا كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أمورا لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه"، كما نصت المادة 306 من ذات القانون على أن كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن بأي وجه من الوجوه خدشاً للشرف أو الاعتبار يعاقب عليه في الأحوال المبيئة بالمادة 171 بغرامة لا تقل عن ألفي جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه" .
وهدياً على ما تقدم - وحسبما استيان للمحكمة من مطالعة أوراق الدعوي ومستنداتها استبان للمحكمة أن المتهمين وجهوا للمجني عليه عبارات خادشة للحياء تحمل سبا وقذفا وفي عبارات لو كانت صادقة لأوجبت احتقاره لدي بني وطنه وأهله على النحو المبين بالأوراق، ولما كان ذلك وكانت المحكمة تطمئن إلى أن هذه العبارات قد صدرت من المتهمين وأنهم وجهوها للمجني عليه حسبما هو ثابت من أقوال المجني عليه بالتحقيقات الأمر الذي تستخلص معه المحكمة أن المتهمين قصدوا بتلك الألفاظ إعانة المجني عليه وهي الفاظاً تشكل مساساً بكرامته وتنال من سمعته وأنها أمور لو صحت لأوجبت احتقاره لدي أهل وطنه، وقد تحقق ركن العلانية بتوجيه المتهمون تلك العبارات للمجني عليه أمام الكافة، وعلى مسمع منهم الأمر الذي تتوافر به أركان الجريمة المسندة للمتهمين، وتقضي المحكمة والحال كذلك بمعاقبتهم عملاً بنص المواد 171، 306 من قانون العقوبات وإعمالاً لحكم المادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية وذلك على نحو ما سيرد بالمنطوق.
الاتهام الثالث والرابع
وحيث إنه وعن الموضوع الاتهام الثالث والرابع: وحيث إن المحكمة تشير تمهيداً لقضاعيا أنه ولما كانت التهمتين المسندتين للمتهم قد وقعنا لغرض جنائي واحد وارتبطا ببعضهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة، ومن ثم يتعين عملاً بالمادة 32/2 من قانون العقوبات اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لاشدهما وهي عقوبة الجريمة موضوع القيمة الأولى.
فلما كان من المقرر قانونا ينص المادة 242 /1، 3 من قانون العقوبات: "إذا لم يبلغ الضرب أو الجرح الجسامة المنصوص عليها في المادتين السابقتين – 240، 241 - يعاقب فاعله بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن عشرة جنيات ولا تجاوز مانتي، وإذا حصل الضرب أو الجرح باستعمال أية أسلحة أو عصى أو الات أو أدوات أخرى تكون العقوبة الحبس"، وقضت محكمة النقض يتوافر القصد الجنائي في جريمة الضرب أو الجرح العمد متى ارتكب الجناني فعل الضرب أو الجرح عن إرادة وعلم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم الشخص المصاب أو صحته ولا عبرة بالبواعث، طبقا للطعن رقم 2387 لسنة 2 قضائية.
علاقة السببية بين فعل التعدي والنتيجة بحدوث فعل الضرب
وحيث إنه لما كان ما تقدم وترتيباً عليه وكانت المحكمة قد طالعت أوراق الدعوى عن بصر وبصيرة وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة، ووازنت بينها وبين أدلة النفي واستقر في وجدانها قيام المتهمين بالتعدي بالضرب على المجني عليه دون حدوث اصابته، وذلك بإستخدام أداة مما أدي إلى حدوث إصابته، فضلاً عما هو ثابت للمحكمة من تحريات المباحث وسؤال مجربها بالتحقيقات من قيام المتهمتان بالتعدي على المجني عليه بالضرب دون حدوث أصابته وكذا تعديهم عليه بالسب والشتم بالألفاظ خادشة للحياء.
وتستخلص المحكمة أن قيام المتهمين بالتعدي بالضرب علي المجني عليه هو نتيجة مباشرة لفعل الاعتداء فتوافرت بذلك علاقة السببية بين فعل التعدي والنتيجة بحدوث فعل الضرب الأمر الذي يتوافر معه الركن المادي الجريمة الضرب في حق المتهمتين، ومن ثم يكون قد ثبت ارتكاب المتهمين للفعل الإجرامي وهما على علم بذلك لإتجاه إرادتهم لإحداث فعل التعدي وقبوله لما يترتب عليه من نتيجة وهي المساس بسلامة المجني عليه وصحته ، فضلا عن أنه يكفي تحقق واقعة الضرب والتعدي مما يتوافر معه القصد الجنائي لدي المتهمتين ومن ثم تتوافر أركان الجريمة في حق المتهمين أخذاً بما سلف من أقوال المجني عليه، ومن ثم يتعين إدانتهما عملاً بنص المادة 2/304 إجراءات جنائية ومعاقبته طبقا لنص المادة 301/242 من قانون العقوبات على نحو ما سيرد بالمنطوق.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة غيابيا: بحبس كل منهما سنتان عن التهمة الأولى مع الشغل والنفاذ وتغريم كل منهما خمسة آلاف جنيه عن التهمة الثانية، وحبس كل منهما سنتان عن التهمة الثالثة وكفالة ألفان جنيه والزمتهما بالمصاريف الجنائية، وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة.