الثلاثاء، 15 أكتوبر 2024 11:22 ص

حماية الشهود بقانون الإجراءات الجنائية الجديد.. المشروع أجاز إخفاء بيانات الشاهد والمجنى عليه بشروط.. يجوز للمتهم ووكيله الطعن فى القرار.. ويُمكن إلغاء الحظر فى مرحلة المحاكمة.. والتقاضى عن بُعد "كلمة السر"

حماية الشهود بقانون الإجراءات الجنائية الجديد.. المشروع أجاز إخفاء بيانات الشاهد والمجنى عليه بشروط.. يجوز للمتهم ووكيله الطعن فى القرار.. ويُمكن إلغاء الحظر فى مرحلة المحاكمة.. والتقاضى عن بُعد "كلمة السر" شهادة الشهود - أرشيفية
الثلاثاء، 15 أكتوبر 2024 09:00 ص
كتب علاء رضوان

دلت تجربة الحياة أن العديد من المجنى عليهم والشهود يحجمون عن الإدلاء بأقواله وشهادته خشية بطش الجانى وذويه، بما يترتب عليه مرور العديد من الجرائم دون عقاب، فتصاب العدالة فى مقتل ويتفشى الإجرام، ولذلك حرصت معظم الدول كفرنسا وبلجيكا على استحداث نظام سرية بيانات المجنى عليهم والشهود فى القضايا الجنائية بمعنى اخفاء هويتهم وبيناتهم، ولكن المشكلة التى واجهت تلك التشريعات أن هذا الإخفاء يضر حتما بحق المتهم فى الدفاع، إذ من حقه أن يعلم بما أبلغ عنه وشهد ضده كى يعد دفاعه.

ففى فرنسا صدر القانون رقم 1062 لسنة 2001 فى نوفمبر 2001 بحماية الشهود، وأضاف إلى قانون الإجراءات الجنائية المواد من 706 -57 الى 706 -63 وتم تعديله بموجب القانون رقم 9 لسنة 2004، وقد اشترط المشرع الفرنسى لأضفاء السرية على هوية الشاهد ألا يتوافر اشتباه لإرتكاب الشاهد لجريمة مع توافر قرائن قوية على احتمال تعرض الشاهد أو أحد أفراد أسرته أو المقربين له لخطر الاعتداء على الحياة أو سلامة البدن، وذلك فى الجنايات والجنح المهمة، وألا يترتب على اخفاء البيانات المساس بحقوق الدفاع، ونظم المشرع إجراءات إخفاء البيانات من خلال طلب يقدمه الشاهد إلى قاضى التحقيق أو النائب العام الذى يرفعه بمذكرة مسببه الى قاضى الحريات والاحتجاز ليصدر فى شأنه قرار مسبب مع تخويل المتهم حق التظلم منه وعدم اعتبار شهادة المخفى بياناته دليل كامل ووحيد على الإدانة.

 

1

 

إخفاء البيانات فى مشروع قانون الإجراءات الجنائية

فى التقرير التالى، يلقى "برلمانى" الضوء على إشكالية إخفاء بيانات وهوية المجنى عليه والشهود طبقا للمواد 519 و520 و521 و522 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية ومدى سريانه على المصدر السرى، وذلك بالتزامن مع النقاشات المستمرة حول مشروع القانون والخلافات حوله، فقد كانت المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان قد وضعت ضوابط على نظم حماية الشهود تنصرف أغلبها الى حقوق الدفاع، إذ اشترطت فى قانون حماية الشهود تمكين المتهم بطريقة غير مباشرة من مناقشة الشاهد المخفى بياناته وتوجيه أسئلة له كإخفاء وجه وسماع صوته فقط بالوسائل الحديثة وكذا تخويل المتهم حق الاعتراض على اجراءات اخفاء البيانات فضلا عن عدم اعتبار شهادة المخفى بياناته دليل وحيد الإدانة – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق.

فى البداية - ذهب الفقه الفرنسى إلى أن بحث مدى مساس إجراءات اخفاء البيانات بحقوق الدفاع كشرط لحجب الهوية لا يتأتى إلا من خلال بحث العلاقة بين الشاهد والمتهم ومدى تأثر الشاهد بتلك العلاقة عند الإدلاء بشهادته، وبالتالى فإن حق المتهم لا يقتصر على مجرد الوقوف على التهمة المسندة إليه، وإنما كذلك التعرف على من يوجه إليه التهمة بأى وسيلة كانت كى يستطيع استبيان صحة الدليل القولى – وفقا لـ"فاروق".

 

كط

 

الوضع فى ظل القانون الحالى

فقد نصت المادة "113" مكرر من قانون الإجراءات الجنائية علي: (أن لقاضى التحقيق لظرف يقدره عدم إثبات بيانات المجنى عليه فى أى من الجرائم المنصوص عليها فى الباب الرابع من قانون العقوبات أو فى المادتين "306"مكرر أ، و"306" مكرر ب من ذات القانون، أو فى المادة "96"من القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل، وينشأ فى الحالة المشار إليها الفقرة السابقة ملف فرعى يضمن سرية بيانات المجنى عليه كاملة ويعرض على المحكمة والمتهم والدفاع كلما طلب ذلك) – الكلام لـ"فاروق".

وهكذا اتخذ قانون الاجراءات الجنائية الحالى خطة متواضعة للغاية حاصلها حماية سمعة المجنى عليه من خلال عدم الكشف عن شخصيته فى الجرائم التى تتصل بهتك العرض، وإفساد الإخلاق والتحرش الواردة فى قانون العقوبات، وقانون الطفل خشية إحجام المجنى عليه عن الإبلاغ عن تلك الجرائم دون الشهود – هكذا يقول أستاذ القانون الجنائى.


ى                                                                                                                                                                                           

الوضع فى ظل المشروع الجديد

تضمن الكتاب السادس من المشروع تحت عنوان الباب الأول أحكام عامة فى المواد من 519 إلى 521 نصوص تجيز للشاهد والمجنى عليه والمبلغ أو أى شخص فى مرحلة التحقيق إخفاء بياناته بشروط وضوابط معينة، وأجاز للمتهم ووكيله الطعن فى قرار إخفاء البيانات مع إمكانية الغاء هذا الحظر فى مرحلة المحاكمة واستدعاء المخفى بيناته أو تخويل دفاع المتهم مناقشته بما لا يكشف هويته عن طريق إجراءات المحاكمة من بعد.

إذ جاء بالمادة 519 من المشروع على أنه فى الأحوال التى يكون فيها من شأن سماع أقوال أى إنسان تعريض حياته أو سلامته أو أحد من أفراد أسرته للخطر يجوز لمحكمة الموضوع أو المحامى العام أو قاضى التحقيق بناء على طلب هذا الشخص أو أحد مأمورى الضبط القضائى أن يصدر أمر بسماع أقواله دون ذكر بياناته على أن ينشأ ملف فرعى للقضية يتضمن تحديدا لشخصيته وبيناته.

 

ظ

 

4 مواد فى نصوص القانون نظمت المسألة

ونصت المادة 520 من المشروع على أنه فى الأحوال التى يكون فيها الكشف عن هوية الشخص لا غنى عنه لمباشرة حقوق الدفاع يجوز للمتهم ولوكيله الطعن على القرار الصادر من المحامى العام أو قاضى التحقيق بإخفاء بيانات الهوية أمام محكمة جنايات أول درجة منعقدة فى غرفة المشورة فى خلال 10 أيام من تاريخ مواجهته بفحوى هذه الشهادة، وتفصل المحكمة فى الطعن بعد سماع ذوى الشأن بقرار نهائى مسبب وذلك دون إخلال بحق محكمة الموضوع فى إلغاء هذا الأمر أو استدعاء هذا الشخص لسماع أقواله – طبقا لـ"فاروق".

ونصت المادة 521 من المشروع على أنه يجوز للمتهم أثناء المحاكمة أن يطلب مواجهة أو مناقشة الشخص الصادر أمر بإخفاء بياناته بما لا يكشف عن شخصيته، وذلك كله وفقا لإجراءات التحقيق والمحاكمة عن بعد المنصوص عليها عن بعد، ونصت المادة 522 على أن كل من أدلى ببيانات عن الشخص الصادر أمر باخفاء هويته يعاقب بالحبس والغرامة التى لا تقل عن 50 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتكون العقوبة السجن المشدد إذا ارتكبت الجريمة تنفيذا لغرض إرهابى وفى جميع الأحوال تكون العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد إذا نجم عن الفعل موت شخص.

 

ططس

 

تعليق على المشروع

وقال أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق، إن ما جاء به مشروع قانون الإجراءات الجنائية هو استجابة لمطلب دستورى، إذ ألزمت مواده لاسيما "96" الدولة حماية المجنى عليهم والشهود والأطفال وفقا لما ينظمه سيما وأن قوانين حماية الشهود والمجنى عليهم موجودة فى معظم القوانين المقارنة، مشيرًا إلى أنه لا خلاف على لزوم حماية المجنى عليهم والشهود من أى ضغط قد يمارس عليهم قبل أو بعد الإدلاء بشهادتهم، قائلا: "لكن المشكلة فى شكل هذه الحماية ومداها وأثرها وقدر الضمانات الواجب توافرها لتقريرها وقيمة الأقوال المدلى بها من المخفى بياناته وألا يترتب على الاخفاء مصادرة حق الدفاع أو الانتقاص منه".

وأضاف فاروق، أن المشروع فاته اعتبار أقوال المخفى بياناته دليل غير كامل على الإدانة، وفاته أيضا لزوم بحث العلاقة بين المتهم والمراد إخفاء بياناته، قائلا: "واكتفى لفرض الإخفاء بعبارة لا تغنى ولا تسمن من جوع ولا تمثل ضمانة جدية وهى عبارة فى الأحوال التى يكون فيها من شأن سماع أقوال أى إنسان تعريض حياته أو سلامته أو أحد من أفراد أسرته للخطر دون استلزام توافر قرائن قوية على هذا الخطر تكون مثابة قيد على تقرير الإخفاء".

 

ات

 

ما مدى سريانه على المصدر السرى؟

وتابع: "كذلك الشأن فى تقيد المشروع لحق المتهم فى الطعن فى قرار اخفاء الهوية بكون الكشف لا غنى عنه لمباشرة حقوق الدفاع، إذ ذلك يعنى أن المشروع يتكلم بلغة تناقض المعلوم بحكم الضرورة، إذ الإخفاء فى كل أحواله ينال من حقوق الدفاع، وإنما المشكلة فى قدر الضمانات التى يجب توافرها للدفاع عند الاخفاء وهو ما لم يتنبه إليه المشروع، وأيضا بالنسبة لقيمة الدليل الناتج من إخفاء الهوية والبيانات، إذ فات المشروع اعتباره دليل غير كامل أو بالأحرى دلائل لا يصح بناء الإدانة عليها بمفردها ما لم تعزز بأدلة أخرى".

واختتم: "كما يحق لنا أن نتساءل هل سيختفى المصدر السرى الذى يرفض رجل الضبط القضائى الإفصاح عن إسمه حرصا على الصالح العام؟، بمعنى أن رجل الضبط سوف يلتزم إذا ما أراد عدم الإفصاح عن شخص وهوية المصدر السرى أن يطلب ذلك من المحام العام؟، وبمعنى آخر هل ستسرى تلك النصوص من المشروع على المصدر السرى الذى بات مزعج للمتهمين ودفاعهم، أعتقد أن الأمر يحتاج مناقشات برلمانية حول هذا الموضوع حتى لا يحتدم الجدل فى التطبيق حوله".

 

شهود

 

159455-159455-49897626_747495502317742_1719514964684701696_o
 أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق
 

print