الجمعة، 22 نوفمبر 2024 01:56 م

خطورة الاستجواب.. المادة 104 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية انتصرت لضمانة المتهم فى التحقيقات.. وأرست مبدأ "عدم جواز استجواب المتهم دون محام حتى عند التلبس والاستعجال".. وخبير يُجيب عن الأسئلة الشائكة

خطورة الاستجواب.. المادة 104 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية انتصرت لضمانة المتهم فى التحقيقات.. وأرست مبدأ "عدم جواز استجواب المتهم دون محام حتى عند التلبس والاستعجال".. وخبير يُجيب عن الأسئلة الشائكة استجواب المتهم - أرشيفية
الجمعة، 04 أكتوبر 2024 10:00 م
كتب علاء رضوان

الاستجواب إجراء خطير إذ يتضمن مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته تفصيلا كي يفندها إن كان منكرا للتهمة أو يعترف بها إذا شاء الاعتراف، ويأخذ في العادة الاستجواب طابع الحوار والمناقشة، وقد يحاصر المتهم من كل جانب بأسئلة المحقق ويضيق عليه الخناق على نحو قد يدفع المتهم إلى الاعتراف بأمور تدعم الأدلة ضده أو تزود المحقق بدليل أو أكثر ومن هنا كانت خطورة الاستجواب.  

 

ولهذا أحاط المشرع الاستجواب بضمانات عديدة أهمها حضور محام ينبه المتهم بحقوقه، ويأخذ بيده لينجيه من الاتهام أو يخفف عقوبته من خلال ما يرسمه من خطه دفاع وكان من الثوابت القانونية أن إجراء الاستجواب دون حضور محام مبطل للتحقيقات، وهذا ما أكده الدستور (المادة 54) على اعتبار أن المتهم والمحامي المدافع عنه أزدواجا بشريا في موقف واحد، إذ تجمع بينهما وحده الهدف وهو درء الاتهام عن المتهم أو تخفيف مسؤوليته حال ثبوت التهمة.    

 

1

 

خطورة الاستجواب

 

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على خطورة الاستجواب وعدم جواز استجواب المتهم دون محام حتى عند التلبس والاستعجال طبقا لنص المادة 104 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية، فكما ذكرنا من قبل هناك أزدواجا بشريا بين المتهم والمحامي المدافع عنه في موقف واحد، إذ تجمع بينهم وحده الهدف وهو درء الاتهام عن المتهم أو تخفيف مسؤوليته حال ثبوت التهمة، ويرجع هذا الأزدواج البشري في موقف المحامي إلى كون المتهم غير خبير أو عليم بالقانون يقف من النيابة العامة كخبيرة موقف القصور وعدم المساواة لو أنه ترك أعزل عن مساعدة محام يوفر له ما ينقصه من الخبرة القانونية، فالمحامي إذن هو الأُذْن واللسان القانوني للمتهم – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق.    

 

الوضع فى ظل قانون الإجراءات الحالي

 

في البداية - قد يحدث في كثير من الأحيان ألا يكون للمتهم محام يحضر معه الاستجواب ليشد من أزره ويهدي روعه، وهو أمر يحتم ندب محام له نظرا لخطورة الاستجواب وما قد يتمخض عنه من اعتراف، ورغم أن المشرع في المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية أوجب استجواب المتهم فى حضور محام، فإن لم يكن له محام وجب على المحقق ندب محام له إلا أن المشرع أضعف من هذه الضمانة حين أجاز في أحوال التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة استجواب المتهم دون دعوة محاميه لحضور التحقيق – وفقا لـ"فاروق". 

 

5

 

توسع محكمة النقض في إجراء الاستجواب دون محام

 

هذا وقد توسعت محكمة النقض في أحوال السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة التي تجيز استجواب المتهم دون محام، إذ إضافة إليها حالة تعذر ندب محام لغلق مقر النقابة أو إجراء التحقيق في وقت متأخر من الليل – طبقا للطعن رقم 9201 لسنة 78 قضائية - أو إذا كان المتهم معترفا بالاتهام في محضر الشرطة والضبط وأقر به للمحقق شفاها قبل استجوابه، طبقا للطعن رقم 97 لسنة 80 قضائية، وكان رائدها في ذلك سرعة إنجاز التحقيق أي توافر حالة الضرورة وأن كانت لم تصرح بذلك بما يعنى أنها أجرت قياس على حكم المادة 124 فالحقت تعذر الندب بالتلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة على اعتبار أن التلبس والخشية من ضياع الأدلة مبناها الضرورة فيقاس تعذر الندب عليهما – طبقا لـ"فاروق".                                 

 

موقف دستور 2014 من إجراء الاستجواب دون محام

 

دستور 2014 أوجب في المادة 54 منه عدم البدء في التحقيق مع المتهم المقيد الحرية إلا بحضور محام موكل أو منتدب ولم يستثن من هذا الحضور حالتي التلبس والخوف من ضياع الأدلة، مما يؤدي لعدم دستورية المادة 124 إجراءات في هذا الشأن لتعارضها مع المادة 54 من الدستور ويضحى استجواب المتهم دون محام مبطل للتحقيقات مهما كانت الظروف والملابسات عملا بمبدأ الشرعية الدستورية الإجرائية ودون حاجة لتربص صدور تشريع أدنى، إذ من المقرر أنه متى أورد الدستور نصا صالحا للأعمال بذاته وجب تطبيقه مباشرة ويعتبر النص التشريعي المخالف منسوخ ضمنا بقوة الدستور ذاته – هكذا يقول أستاذ القانون الجنائى. 

 

د

 

وفى الحقيقة لا وجه للتعلل بالضرورة الإجرائية إذالمشرع وحده هو من يملك تقريرها وفي حدود مبدأ تدرج التشريع وليس القضاء، فإن كان المشرع العادي قبل دستور 2014 قد أقر تلك الضرورة في المادة 124 عند التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة إلا أن المشرع الدستوري بموجب المادة 54 رفض هذا النظر ولم يضع أي استثناء في هذا الشأن وهو ما يجب احترامه والعمل بأحكامه.

 

موقف محكمة النقض من دستورية المادة 124 إجراءات وتقديره

 

ذهبت محكمة النقض إلي دستورية المادة 124 اجراءات بسند أن المشرع الدستوري أورد فى عجز المادة 54 من الدستور عبارة وفقا للإجراءات المقررة في القانون، بما يعنى فى منطق النقض تخويل الدستور للمشرع إجراء استثناءات بشأن تلك الضمانة بما يحقق مصلحة التحقيق ولا يمس حقوق المتهم وهو ما نحاه عندالتلبس والخوف من ضياع الأدلة، طبقا للطعن رقم 14727 لسنة 89 قضائية. 

 

ل

 

وهذا القضاء غير صحيح إذ عبارة وفقا للإجراءات المقررة في القانون والوارده فى المادة (45) من الدستور لا تعني تفويض الدستور للقانون في وضع استثناءات علي حضور محام تقيد عموم النص الدستورى من لزوم حضور محام، وإلا كان المشرع الدستورى كالتي نقضت غزلها بعد قوة انكاثا وهو ما يجب تنزيه عنه وانما يقصد بتلك العبارة تفويض الدستور للقانون في تنظيم إجراءات دعوة المحامي للحضور دون المساس بلزوم الحضور ذاته في كافة الأحوال وبلا استثناءات.

 

موقف مشروع قانون الإجراءات الجنائية

 

انتصر مشروع قانون الإجراءات الجنائية لإلغاء الاستثناءت التى كانت وارده فى المادة 124 من قانون الإجراءات والمتعلق بجواز استجواب المتهم دون محام فى أحوال التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، إذ لم يعد من الجائز طبقا للمشروع استجواب المتهم فى كافه الأحوال دون محام موكل أو منتدب، إذ نصت المادة 104 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية على أن لا يجوز لعضو النيابة العامة استجواب المتهم او مواجهته بغيره من المتهميين أو الشهود إلا فى حضور محاميه، فإن لم يكن للمتهم محام أو لم يحضر محاميه بعد دعوته وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محام، وللمحامى أن يثبت فى المحضر ما يعن له من دفوع وطلبات وملاحظات. 

 

3

 

ويضيف "فاروق": ومن ثم لم يعد من سلطة المحقق فى كافة الأحوال استجواب المتهم دون محام، وإذا كان صحيحا أنه ليس من حق المحامي أن يجيب على أسئلة المحقق نيابة عن المتهم إلا أنه له الحق في الاعتراض على ما يوجه المحقق للمتهم من أسئلة وأن يلفت نظر المتهم إلى حقه في الصمت أو عدم الرد على سؤال معين وأن يطلب من المحقق توجيه سؤال بعينه للمتهم أو أن يلفت نظر المحقق أن سؤالا ما يحوطه الغموض لكي يوضحه، وإثبات ما يراه من طلبات ودفوع في محضر التحقيق ويجب ولا يجوز للمحقق أن يمنع محام المتهم من إبداء طلباته أو ملاحظاته أو رفض اثباتها فضلا عن الدفوع التي يرغب فى ابدائها.  

 
2
 
 
ططط
 
أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق  

الأكثر قراءة



print