نصت المادة 237 من قانون العقوبات المصري أن: "من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا وقتلها في الحال هي ومن يزني بها يعاقب بالحبس بدلا من العقوبات المقررة في المادتين 234 الخاصة بالقتل العمد وعقوبته السجن المؤبدة أو المشدد "، و236: "الخاصة بالضرب المفضي إلي موت وعقوبته السجن المشدد أو السجن من ثلاث إلي سبع سنوات".
وجريمة قتل الزوجة عمدا هي ومن يزني بها حال التلبس تتميز عن جريمة القتل العمد بعناصر إضافية تؤدي إلي تغيير وصف الجريمة من جناية إلي جنحة، ويشترط لتحقق العذر صفة فاعل الجريمة ويتعلق بزوج فاعلة الزنا وعنصر مفاجأة الزوجة متلبسة بالزنا والعنصر الثالث هو قتل الزوجة في الحال هي ومن يزني بها.
آثر إقرار الزوج بعلمه في وجود علاقة آثمة تربط زوجته بآخر على تطبيق العذر المخفف الوارد بالمادة 237 عقوبات؟
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية آثر إقرار الزوج بعلمه في وجود علاقة آثمة تربط زوجته بآخر على تطبيق العذر المخفف الوارد بالمادة 237 عقوبات لتخلف عنصر المفاجأة إذا قتلها فى الحال أو شرع فى ذلك؟ خاصة وأن بعض من السيدات يسيطر عليهن الشيطان ويرتكبن جريمة فى حق أزواجهن وأبنائهن، وهذه الجريمة لا يغفر لها من أقرب الناس إليها والمتمثلة فى الزنا، فعندما يضبط زوج زوجته فى حالة زنا وقتلها ما هى عقوبته؟ - بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق.
رأى الفقة
في البداية - الرأي مستقر فى الفقة علي تحقق المفاجأة إذا كان الزوج غافلا تماما عن سلوك زوجته واثقا من سلامته أو على الأقل ليس لديه شك فيه، إذ يعتبر ضبطه لها متلبسة بالزنا مفاجأة له بكل معنى الكلمة، كما أنه لا جدال في انتفاء المفاجأة إذا كان الزوج متيقن تماما من خيانة زوجته ولو تصنع الغفلة في سبيل استدراجها وعشيقها لقتلهما، فإنه لا يستفيد من العذر لتخلف عنصر المفاجئة، ولكن ما بين الغفلة واليقين هناك الشك، فإذا راقب الزوج زوجته ليقطع الشك باليقين فضبطها متلبسة بالزنا تحقق لديه عنصر المفاجئة في معنى المادة 237 عقوبات – وفقا لـ"فاروق".
مذهب القضاء.. موقف قضاء الموضوع
يبدو أن قضاء محاكم الجنايات يرفض تطبيق العذر متى كان الزوج يعلم بالعلاقة الآثمة واقر بذلك فى التحقيقات، إذ حدث في إحدي القضايا أن رفضت محكمة الجنايات دفاع زوج شرع في قتل زوجته التي طلقها وكانت في فترة العدة بعد أن شاهدها قائمة بجوار عشيقها المجنى عليه شبه عارية، وذلك لأنه أعترف بالتحقيقات أن المجنى عليه العشيق كان يتردد على طليقته بمسكنها، وأنه علم بأنها ترافقه وسبق أن حادثها في ذلك الأمر، ولكنها طلبت منه عدم التدخل وأن والدها أخبره أنها على علاقة بالمجنى عليه منذ فترة طويلة إبان حياته الزوجية معها وأنها سيئة السلوك، فرأت محكمة الجنايات أن ذلك ينفي عنصر المفاجئة وبالتالي العذر لعلم الزوج بالخيانة قبل واقعة التلبس بالزنا ورفضت المحكمة تبعا لذلك تطبيق العذر، إذ مشاهدة المتهم لزوجته قائمة بجوار المجنى عليه شبه عارية لم يكن مفاجأة – الكلام لـ"فاروق".
موقف محكمة النقض
عند طعن المتهم بالنقض فى حكم محكمة الجنايات المار ذكره رأت محكمة النقض أن ما اورده الحكم من علم المتهم بالعلاقة الآثمة من واقع اقراره و أخبار الغير له غير كاف لنفي عنصر المفاجأة لديه، إذ المقصود بالعلم النافي للمفاجئة هو العلم اليقيني الذي لا يخالجه شك.
حكم محكمة النقض
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لتلك الأزمة في الطعن المقيد برقم 10783 لسنة 79 قضائية الصادر بجلسة 24 مارس 2012، والذى جاء في حيثياته: وجاء بحكم النقض أنه وإنه ولئن كان تقدير قيام عنصر المفاجأة لدى الزوج مسألة موضوعية ينفرد بها قاضى الموضوع ثبوتاً أو نفياً ولا رقابة لمحكمة النقض عليه، إلَّا أن حد ذلك أن يكون قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه، وكان من المقرر أنه لا يشترط لتوافر التلبس بجريمة الزنا أن يكون المتهم قد شوهد حال ارتكابه الزنا بالفعل بل يكفى أن يكون قد شوهد في ظروف تنبئ بذاتها وبطريقة لا تدع مجالاً للشك في أن جريمة الزنا قد ارتكبت بالفعل، وكانت الوقائع التي استخلصت منها محكمة الموضوع - على نحو ما سلف إيراده - انتفاء عنصر المفاجأة لدى الزوج وفعل الزنا لدى مطلقته المعتدة غير كافية وغير صالحة لأن يفهم منها هذا المعنى وليس من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها ، فإن الحكم المطعون فيه فوق فساد استدلاله يكون مشوباً بالقصور في التسبيب بما يعيبه ويوجب نقضه.
تقدير حكم النقض
ويضيف "فاروق": وقضاء النقض المار ذكره محل نظر إذ انطوى على جهاد من غير عدو إذ حاولت النقض انتزاع عنصر المفاجئة حال أن وقائع الدعوي لم تساعدها بعدما ثبت أن الزوج كان يعلم بالخيانة، ورغم ذلك شرع في قتل زوجته واجهز علي عشيقها حينما شاهدهما علي سرير بغرفة النوم، وكان رائد النقض من جراء ذلك التوصل الي استفادة الزوج من العذر المخفف، وهو اتجاه محمود الدوافع من النقض، ورغم ذلك فإننا لا نقره إذ ما اثبته حكم الجنايات من اعتراف المتهم بالتحقيقات.
والإجابة على السؤال لماذا لا تُقره؟.. يُجيب "فاروق": أنه وفقا لحيثيات الحكم أن المجنى عليه كان يتردد على طليقته بمسكنها وأنه نما إلى علمه بأنها ترافقه، وأنه حادثها في ذلك الأمر وأنها طلبت منه عدم التدخل وأن والدها أخبره أنها على علاقة بالمجنى عليه منذ فترة طويلة إبان حياته الزوجية معها وأنها سيئة السلوك ما يقطع بعلم الزوج اليقيني بالخيانة وليس مجرد شكه في أنها تخونة، فالزوج لم يكن غافلا عن أثم زوجته أو يشك في خيانتها بل كان واثقا متيقنا من الخيانة، وبالتالي لا يستفيد من العذر في خصوص القضية محل التعليق مهما اجتهدت محكمة النقض في انتحال المعاذير، بل أن محكمة النقض ودون أن تشعر جعلت مناط العذر زنا الزوجة أو بالأحرى خيانتها وليس عنصر المفاجأة حال أن المفاجأة هي علة الحكم فتدور معه وجودا وعدما.
أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق