أصدرت الدائرة المدنية والتجارية – بمحكمة النقض – حكما قضائيا فريدا من نوعه، يهم ملايين الملاك والمستأجرين، ويرسخ لمبدأ قضائى بشأن إثبات العلاقة الإيجارية، قالت فيه:
1-العلاقة الإيجارية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات بالنسبة للمؤجر ولا يشترط تقديم عقد الإيجار للمحكمة لإثبات العلاقة الإيجارية.
2- أن إنذار العرض المقدم من المستأجر اقرار منه بقيام العلاقة الإيجارية.
3- الإقامة المستقرة هي مناط استمرار عقد الإيجار أقارب المستأجر.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 10618 لسنة 89 قضائية، لصالح المحامى بالنقض غلاب الحطاب، برئاسة المستشار عبدالنعيم زكريا يوسف، وعضوية المستشارين صلاح أبو رابح، وسيد البندارى، وعبدالعزيز محمد صلاح، وحلمى محمود البرهامى، وبحضور كل من رئيس النيابة أحمد فايز الحسينى، وأمانة سر إسماعيل بخيت.
الوقائع.. نزاع قضائى بين المالك وأقارب المستأجر بعد وفاته
الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهم الدعوى رقم 387 لسنة 2017 إيجارات شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بطردهم من العين المبينة بالصحيفة والتسليم؛ لتركهم العين وعدم سداد الأجرة المستحقة؛ ومن ثم كانت دعواها.
وفى تلك الأثناء - حكمت المحكمة بالطلبات، بحكم استأنفه المطعون ضده الأول بالاستئناف رقم 2241 لسنة 22 قضائية القاهرة، وبتاريخ 19 مارس 2019 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً رفض الدعوى بحالتها، ثم طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
المالك يقيم دعوى طرد لترك أقارب المستأجر العين وعدم سداد الأجرة المستحقة
وحيث إنه من المقرر - وعلى جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان النزاع يدور حول استمرار عقد ايجار أقارب المستأجر الذين كانوا يقيمون معه قبل وفاته وهو ما يحكمه نص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن، ولما كانت الإقامة المستقرة هي المناط في استمرار عقد الإيجار لهؤلاء الأقارب، فإن النزاع بطبيعته يكون قابلا للتجزئة، إذ الفصل فيه يحتمل القضاء لأحدهم دون الآخرين ممن لم يتحقق بالنسبة لهم شرط الإقامة، وأن شرط قبول الخصومة أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع التقاضي حتى تعود على المدعى منفعة من اختصام المدعى عليه للحكم عليه بطلباته مما وصفته المادة الثالثة من قانون المرافعات بأنه المصلحة التي يقرها القانون.
محكمة أول درجة تقضى بالطرد.. وأقارب المستأجر يستأنفون الحكم لإلغائه
وبحسب "المحكمة": وكان الطعن بالنقض لا يخرج عن هذا الأصل، فلا يكفى لقبوله مجرد أن يكون المطعون ضده طرفا في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، بل يجب أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في تلك الطلبات، لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدهم جميعًا باعتبارهم ورثة المستأجر الأصلى، وكانت الطلبات فيها الدعوى أقيمت على المطعون ضدهم جميعا باعتبارهم ورثة المستأجر الأصلى، وكانت الطلبات فيها الحكم عليهم بطردهم من محل النزاع لتركها، وعدم سداد الأجرة المستحقة.
محكمة الاستئناف تلغى حكم الطرد لعدم وجود عقد إيجار.. والمالك يطعن أمام النقض
وكان المطعون ضده الأول الذى انفرد بمنازعة الطاعنة في طلباتها على سند من أحقيته في امتداد عقد إيجار الشقة له خلفا عن مورث المستأجر الأصلى وأنه لم يتركها ولم ينازع المطعون ضدهما الثاني والثالثة الطاعنة في طلباتها أمام درجتى التقاضى، ولم يطعنا بالاستئناف، ووقفا من الخصومة موقفا سلبيا، فإن موضوع الدعوى بهذه المثابة يكون قابلا للتجزئة، ولم يفيدهما الحكم أو يضرهما كي يدافعان عنه، ولم يوجب القانون اختصامهما بتلك الدعوى على هذا النحو، كما لم تؤسس الطاعنة طعنها على أسباب تتعلق بهما؛ ومن ثم فإن اختصامهما في الطعن يكون غير مقبول.
مذكرة استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم
مذكرة استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم، وذكرت: وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور التسبيب؛ إذ أقام قضاءه برفض الدعوى لخلوها من عقد الإيجار المكتوب سند التداعى رغم تمسكها بالعلاقة الإيجارية وبإقرار المطعون ضده الأول بها بإنذارات عرض الأجرة والمعلنة لها من قبله أمام محكمة الاستئناف بجلسة 24 أكتوبر 2018؛ بما يعيبه ويستوجب نقضه.
النقض تُقر مبدأين حديثين لإثبات العلاقة الإيجارية
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: إن هذا النعى في محله، وذلك بأنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إقرار المستأجر بقيام العلاقة الإيجارية يقوم مقام العقد المكتوب في الإثبات، وأنه ولئن كان المحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى المقدمة فيها وترجيح بعضها على البعض الآخر إلا أنها تخضع في تكييف هذا الفهم وفى تطبيق ما ينبغي من أحكام للرقابة بحيث لا يجوز لها أن تطرح ما يقدم إليها تقديماً صحيحاً من الأوراق والمستندات المؤثرة في حق الخصوم دون أن تدون في حكمها بأسباب خاصة ما يبرر هذا الإطراح وإلا كان حكمها قاصراً.
النقض تؤكد: العلاقة الإيجارية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات
لما كان ذلك - وكان البين من الأوراق أن العلاقة الإيجارية من الطاعنة والمطعون ضدهم عن شقة النزاع ثابتة، وذلك بإقرار المطعون ضده الأول قرارا سداد الأجرة المعلنة منه للطاعنة والمقدمة لمحكمة الاستئناف بجلسة 24 أكتوبر 2018 تقوم مقام العقد المكتوب، والتفت الحكم عن تلك المستندات المؤثرة وطرحها دون رد، وقضت برفض الدعوى بحالتها لعدم تقديم عقد ايجار مكتوب، وهو ما حجبه عن بحث موضوع الدعوى، بما يعيبه بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، يوجب نقضه على أن يكون مع الفصل الإحالة.
فلهذه الأسباب:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة، وألزمت المطعون ضده الأول المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.