مشروع قانون المسئولية الطبية، من أهم المشروعات المنتظر إصداره خلال الفترة المقبلة والذي ينظم مزاولة مهنة الطب، ويواجه مسألة الأخطاء الطبية، وبعض الإشكاليات الخاصة بحبس الطبيب احتياطيًا، حيث نص مشروع القانون على إلغاء الحبس الاحتياطي للأطباء، وكان وزير الصحة والسكان، الدكتور خالد عبد الغفار، قد صرح أن الوزارة قد أنهت ما يخصها في قانون المسئولية الطبية.
وضع مشروع قانون المسئولية الطبية يده على أبرز الإشكاليات التي توجه العاملين بالقطاع الطبي، وعلى رأسهم الأطباء، حيث تعرض في البداية لمسألة تنظيم مزاولة مهنة الطب، ثم إلى المشكلات التي تواجه الأطباء والمتعلقة بالحبس الاحتياطي والتي أخذت حيزا كبيرا للغاية في مطالبات الأطباء لإدخال تعديلات تشريعية تلغي الحبس الاحتياطي، بسبب الخطأت غير المتعمد، إلا في حالات معينة، وهي الجناية.
المسئولية الطبية والحد من الشكاوى
كما تضمن مشروع القانون نقطة جوهرية، تحفظ حق الطبيب والمريض معا، عبر إنشاء "اللجنة العليا للمسئولية الطبية" والتي يأتي على رأس اختصاصاتها تقديم الرأي الفني والعلمي لكل ذي مصلحة وللجهات المختصة أو الصحية في حالات وجود الخطأ الطبي من عدمه مع بيان سببه والأضرار المترتبة عليه إن وجدت وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر وأية أمور أخرى تطلب منها، إضافة إلى مخاطر المهنة المتعلقة بالممارسات الطبية.
وفى هذا الإطار – وفى مبادرة هي الأولى من نوعها على مستوى مصر قامت مجموعة طبية و قانونية متخصصة في مجال قضايا المسؤولية الطبية بعقد ندوات توعية للأطباء في مختلف أنحاء الجمهورية بغرض تثقيف وتوعية الأطباء قانونيا ومن وجهة النظر الطبية الشرعية لمحاولة الحد من الشكاوى الطبية المقدمة ضد الأطباء و رفع مستوى التوثيق الطبي بما يخدم مصلحة الطبيب و المريض في نفس الوقت ورفع الأمان في الممارسة الطبية في مصر.
7 سنوات على وجود مشروع قانون المسئولية الطبية في أدراج البرلمان
وفي هذا السياق - أفاد الأستاذ الدكتور إبراهيم الزيات عضو مجلس النقابة العامة لأطباء مصر، بأن مصر تحتاج إلى إقرار مشروع قانون المسؤولية الطبية الذي يوجد في ادراج البرلمان من أكثر من 7 سنوات في الوقت الذي توجد فيه حوالي 54 الف قضية مسؤولية طبية سنويا يتم التعامل معها بقانون العقوبات الذى لا يفرق بين طبيب يؤدى عمله لإنقاذ المريض وبين بلطجي طعن أحد الاشخاص في الشارع و لا يوجد نص يفرق بين المضاعفات الوارد حدوثها ومسجلة علميا في المراجع والمنشورات العلمية وبين الأخطاء والإهمال الطبي.
وبحسب "الزيات" خلال الندوة التي عقدت تحت عنوان "المسئولية الطبية"، وهو ما أدى إلى تأثر الخدمة الطبية لتراجع الأطباء عن إجراء التدخل الطبي وتحويله من مكان إلى مكان آخر خوفا من المسؤولية، كما أنه لا يجوز حبس الطبيب احتياطيا أو محاسبته قبل أن تقوم لجنة ثلاثية متخصصة من كبار الاستشاريين والأساتذة في كل تخصص على حده لمراجعة الحالة وكتابة تقرير واضح بمدى وجود مضاعفات أو إهمال وكيفية تصرف الطبيب حسب الاعراف الطبية الصحيحة، كما ينبغي أن يكون هناك غطاء تأميني للفريق الطبي كما هو معمول به في كل دول العالم.
حوالي 54 الف قضية مسؤولية طبية سنويا يتم التعامل معها بقانون العقوبات
وفى السياق ذاته – قال الأستاذ الدكتور عماد فكري أستاذ الطب الشرعي بطب المنصورة و استشاري الطب الشرعي، بأنه من المهم جدا للعاملين بالمجال الطبي التعريف بالأعمال الطبية ومناقشة شروط إباحتها، وتسليط الضوء على المسؤولية الأخلاقية والقانونية في الأخطاء الطبية وبيان الطبيعة القانونية للمسؤولية الطبية وتحديد أركانها وأنواعها وطرق انتفائها، ومناقشة الفروق بين الأخطاء الطبية والمضاعفات المرضية، وبيان أنواع الأخطاء الطبية ومعيار الخطأ الطبي، وتعريف الضرر وأنواعه، ومناقشة العلاقة السببية بين الخطأ الطبي والضرر، إضافة إلى ضوابط إعداد التقارير الطبية في الحالات الجنائية والمرضية، وكيفية صياغة التقارير الطبية الشرعية، والتوصيات لتطوير المنظومة الصحية وخلق بيئة عمل مناسبة للإبداع وآمنة للممارسات الصحية.
فيما أفاد الدكتور محمد جاب الله استشاري الطب الشرعي وعضو المكتب الفني لكبير الأطباء الشرعيين سابقا – بأن هدف المجموعة هو توعية الأطباء قانونيا ومن الناحية الطبية الشرعية وتثقيفهم بكيفية التدوين الدقيق لكل المعلومات الخاصة بالمرضى و كيفية إعداد التقارير الطبية المقدمة للجهات القضائية حيث أن معظم الإدانات و المشاكل التي يتعرض لها الأطباء في قضايا المسؤولية الطبية سببها الأساسي عدم الوعي بالتدوين الطبي و الطريقة الخاطئة في توصيل المعلومة لجهات التحقيق – مما يؤدي إلى إدانة الطبيب لجهله بالطريقة الصحيحة لإعداد تقرير طبي يوضح حقيقة الموقف.
التوعية القانونية للأطباء
واختتم الأستاذ أحمد شمس المحامي المتخصص في قضايا المسؤولية الطبية قائلا: مجال المسئولية الطبية مجال حديث في القانون وألقى على كاهل النيابة العامة والقضاء عبء التحقيق في تلك القضايا الفنية البحتة فدورنا هو توعية الأطباء ومساعدتهم في التعامل الصحيح مع تلك القضايا، وبتلك المناسبة نناشد المسئولين بضرورة اصدار قانون المسئولية الطبية متضمنا انشاء هيئات قضائية طبية على غرار المحاكم المتخصصة مثل المحاكم الاقتصادية والتجارية وإلى أن يحدث ذلك فإننا مستمرين في دعم الأطباء بكل قوة لتجنب الإدانة غير المبررة في قضايا المسؤولية الطبية بما لا يتعارض مع تحقيق أكبر قدر من جودة الخدمة الطبية المقدمة للمريض بصورة آمنة.
حقوق المريض
يشار إلى أن مشروع قانون المسؤولية الطبية، وضع عددًا من المواد التي تحفظ حق المريض، على رأسها المادة رقم رقم، والتي نصت على أن يلتزم مقدم الخدمة بعدم استغلال حاجة المريض لتحقيق منفعة غير مشروعة لنفسه أو لغيره دودون التمييز بين المضرى، كما نص مشروع القانون على أنه لا يجوز إخراج المريض من المنشأة الصحية التي يتلقى فيها العلاج إلا إذا كانت حالته الصحية تسمح بذلك طبقًا للأصول الطبية المتعارف عليها أو بناء على رغبته في الخروج رغم تبصيره بعواقب خروجه على أن يؤخذ إقرار كتابي منه أو من أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية إن كان ناقص الأهلية أو تعذر الحصول على موافقته، ويثبت ذلك في السجل الطبي للمريض.
الشكاوى المتعلقة بالأضرار الناتجة عن الممارسة الطبية
ونظم مشروع قانون المسؤولية الطبية، مسألة التقدم بالشكاوى المتعلقة بالأضرار الناجمة عن الممارسة الطبية، حيث أعطى مشروع القانون الحق للمريض أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية تقديم الشكوى عنه، وذلك في حالات الوفاة أو عدم الأهلية أو غيابه عن الوعي بأي شكل من الأشكال، وبعد تقرير اللجنة العليا للمسؤولية الطبية، والذي يفصل في الشكاوى المقدمة ضد الأطباء، منح القانون الحق لمقدم الشكوى التظلم من تقرير اللجنة العليا للمسؤولية الطبية، أمام اللجنة نفسها والتي تقوم بتشكيل لجنة نوعية أخرى للنظر في التقرير الأول.
إلغاء الحبس الاحتياطي
وكان من ألأبرز ما نص عليه مشروع قانون المسؤولية الطبية، هو إلغاء الحبس الاحتياطي، حيث نص على أنه: "لا يجوز تحريك الدعوى الجنائية على الأطباء في الجرائم التي تقع منهم وفقا لأحكام هذا القانون إلا بناء على طلب من النائب العام. وفى جميع الأحوال لا يجوز حبسهم احتياطيًّا وفقًا لأحكام هذا القانون إلا إذا كانت الجريمة المرتكبة يعاقب عليها القانون باعتبارها جناية"، كما حظر مشروع القانون مزاولة المهنة الطبية والصحية دون التأمين ضد المسؤولية الطبية في الأخطاء الطبية لدى إحدى شركات التأمين المرخص لها في الدولة.
العقوبات المقررة في مشروع قانون المسئولية الطبية
أما بالنسبة للعقوبات، فقد نص مشروع قانون المسؤولية الطبية على أنه يعاقب بالحبس لمدة لا تزيد على سنة، كل من زاول أية مهنة من المهن الطبية أو الصحية دون التأمين ضد الأخطاء الطبية والصحية من المسؤولية الطبية، لدى إحدى شركات التأمين المرخص لها في الدولة، أو بالغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على مئة ألف جنيه، كما يعاقب المسؤول عن المنشأة الطبية بالحبس أو بالغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه، ولا تزيد عن مئتي ألف جنيه، إذا زاول النشاط دون تقديم وثيقة تأمين ضد المسؤولية أو تجديدها وفقا لنص المادة 23 من ذات القانون.
الجدير بالذكر أن مشروع قانون المسؤولية الطبية ينظم حالة الفوضى بين مسئولية الطبيب وحقوق المريض، وفى حال إقرار القانون سيتم إنشاء لجنة عليا تضم نقيب الأطباء ورؤساء الجامعات لنظر شكاوى المرضى وحل المشاكل الطبية، وهناك اهتمام من الدولة به لأنه يحل كثيرا من المشاكل غير المنظمة، وقانون المسئولية الطبية هو الحل الوحيد لحل المشاكل في الخطأ الطبي ما بين الطيب والمريض ويكون حق الطرفين محفوظ، وأهم بنود بـ قانون المسئولية الطبية تكوين لجنة عليا لتحديد نوع الاهمال الطبي فى القانون، وتحديد 60 يوم للبت في الشكاوي بالقانون، فضلا عن تنظيم القانون عملية الحبس الاحتياطي للطبيب.