أصدرت الدائرة "31" أحوال شخصية – بمحكمة استئناف القاهرة – حكما نهائيا فريدا من نوعه، بإلغاء حكم أول درجة القاضي منطوقه بتطليق سيدة من زوجها طلقة بائنة للغيبة بعد 6 سنوات من حصول الزوجة علي هذا الحكم، والزوج يثبت للمحكمة عند رجوعه أنها كان على تواصل دائم معها ومع الأبناء، حيث يتصدى الحكم أزمة الإعلانات المضروبة التي تستغلها الزوجات في الطلاق من أزواجهن وخلعهن دون معرفتهم، وهو ما تم معالجته في مسلسل "جعفر العمدة" في رمضان الماضى ممثلا في شخصية "وداد".
صدر الحكم في الاستئناف المقيد برقم 19278 لسنة 135 قضائية – أحوال شخصية، لصالح المحاميان حسام الدين محمد صهيب، وأيوب عثمان، برئاسة المستشار عادل سعد الدين، وعضوية المستشارين محمد عبد الوهاب، والدكتور طلال الشواربى، وبحضور كل من وكيل النيابة محمد طه، وأمانة سر صفوت عبد المعطى.
الوقائع.. الزوجة تقيم دعوى طلاق للغيبة بسبب غياب الزوج عنها 6 سنوات
تتلخص الوقائع في أن سيدة أقامت دعوي ضد زوجها الذي يعمل خارج البلاد بدولة الكويت منذ عام 2007 الدعوي التي حملت 659 لسنة 2015 أسرة السيدة زينب بطلب الحكم بتطليقها طلقة بائنة للغيبة وعدم الإنفاق – وفى تلك الأثناء - قضت محكمة اول درجة بتطليقها من زوجها طلقه بائنة للغيبة لسنوات طوال.
إلا أن الزوج عند عودته من خارج البلاد عام 2020 تبين له صدور الحكم سالف الذكر ضده، فأقام الاستئناف 19278 لسنة 135ق أحوال شخصية في عام 2020، وطلب إلغاء الحكم ورفض الدعوي استنادأ الي أنه لم يحضر ولم يعلن بالحكم، وأنه لم يتم إعذاره طبقا لنص المادة 13 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 وأنه كان علي اتصال دائم بالزوجة والأولاد .
محكمة أول درجة تقضى بالطلاق للغيبة لسفر الزوج خارج البلاد 6 سنوات دون تواصل
المحكمة أثناء تداول نظر الاستئناف بالجلسات أعذرت الزوج إما أن يحضر للإقامة مع زوجته أو ينقلها للإقامة مع بالخارج أو يطلقها فأقر بأنه يقيم بمصر الأن، ولم يعد يعمل بالخارج ولا يمانع من عودة زوجته إليه، فعرضت المحكمة الصلح علي الزوجة، فقررت أنها لا يمكن عودتها إلي المستأنف وأنها ترفض العودة لمسكنه.
المحكمة تعرضت أولا لشكل الاستئناف، إذ قالت في حيثيات الحكم، لما كان المقرر أنه: "إذ كان الأصل في إعلان أوراق المحضرين القضائية طبقا لنصوص المواد 11،13 من قانون المرافعات الواردة في الاحكام العامة للقانون – هو أن تسلم إلي المعلن إليه نفسه أو في موطنه الأصلي أو المختار وذلك ابتغاء ضمان علمه بها سواء بتسليمها إلى شخصه، وهو ما يتحقق به العلم اليقيني - أو بتسليمها فى موطنه إلى أحد المقيمن معه من الأزواج أو الأقارب أو الأصهار أو التابعين وفقاً للمادة العاشرة من قانون المرافعات، وهو ما يتحقق به العلم الظني، أو بتسليمها إلى جهة الإدارة التي يقع موطنه في دائرتها إذا لم يوجد من يصح تسليمها إليه على أن يرسل إليه المحضر فى موطنه كتاباً مسجلاً يخبره فيه بمن سلمت إليه بحيث يعتبر الإعلان منتجاً الاثاره من وقت تسليم الصورة إلى من سلمت إليه قانوناً.
الزوج يعود للبلاد بعد 6 سنوات ويفاجئ بطلاق زوجته طلقة بائنة للغياب
وبحسب "المحكمة": ويستفاد من نص المادة الحادية عشرة من قانون المرافعات، أو بتسليمها إلى النيابة العامة إذا لم يكن للمعلن إليه موطن معلوم في الداخل أو الخارج، وفقاً لنص المادة الثالثة عشرة - وهو ما يتحقق به العلم الحكمي إلا أن المشرع قد خرج عن هذا الأصل بالنسبة لإعلان الأحكام إلى المحكوم عليه - فى الأحوال التي يكون فيها قد تخلف عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى ولم يقدم مذكرة بدفاعه فأستوجبت المادة 2/213 من قانون المرافعات أن يعلن هذا الحكم إلى شخص المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي، وذلك تقديراً منه للأثر المترتب على إعلانه وهو بدء مواعيد الطعن استثناء من القاعدة الأصلية التي يبدأ فيها ميعاد الطعن - من تاريخ صدور الحكم - الأمر الذي حرص المشرع من أجله على إحاطته بمزيد من الضمانات للتحقق من علم المحكوم عليه حتى يسري فى حقه ميعاد الطعن.
الزوج يستأنف على الحكم لإلغاءه.. ويثبت عدم إعلانه للمحكمة
ووفقا لـ"المحكمة": مما مؤداه وجوب توافر علم المحكوم عليه بإعلان الحكم علماً يقينياً أو ظنياً دون الاكتفاء في هذا الصدد بالعلم الحكمي استثناء من الأصل المنصوص عليه في المواد، 1، 11، 13 من قانون المرافعات وذلك لأن الأثر الذي رتبته المادة الحادية عشرة من قانون المرافعات على تسليم صورة من الإعلان إلى جهة الإدارة - إذا لم يجد المحضر من يصح تسليم الورقة إليه في موطن المعلن إليه ...، تقتصر في هذه الحالة على مجرد العلم الحكمي وهو وإن كان يكفي لصحة إعلان سائر الأوراق القضائية إلا أنه لا يكفي لإعلان الحكم المشار إليه إذ لا تتوافر به الغاية التي استهدفها المشرع من الاستثناء المنصوص عليه فى الفقرة الثالثة من المادة 213 من قانون المرافعات، ومن ثم لا ينتج العلم الحكمي أثره في يده ميعاد الطعن في الحكم.
الزوج يثبت للمحكمة أنه كان دائم التواصل بزوجته وأولاده طول هذه الفترة
ولما كان ما تقدم - وكان الثابت من الأوراق أن المستأنف ضدها سبق وأن اعلنت الحكم المستأنف بموجب اعلان على يد محضر واثبت المحضر انتقاله لإعلان المستأنف ولغلق السكن سلم الاعلان لجهة الادارة واخطر المعلن اليه بالمسجل رقم 52، وكان أعلان الحكم على هذا النحو يتحقق به العلم الحكمي وهو وإن كان يكفي لصحة إعلان سائر الأوراق القضائية إلا أنه لا يكفي لإعلان الحكم المشار إليه، ومن ثم لا ينتج أثره في بدء ميعاد الطعن في الحكم ويكون الميعاد مازال منفتحا، مما يكون معه الاستئناف المائل قد أقيم خلال الميعاد المقرر قانونا، وقد استوفى سائر أوضاعه الشكلية والقانونية، ومن ثم فهو مقبول شكلا.
أما عن موضوع الاستئناف - فإنه لما كانت المستأنف ضدها قد اقامت دعواها الماثلة يطلب تطليقها على زوجها المستأنف طلقة بائنة للغيبة، فإنه لما كان من المقرر بنص المادة 12 من المرسوم بقانون 25 لسنة 29 أنه إذا غاب الزوج سنة فأكثر بلا عذر مقبول جاز لزوجته أن تطلب إلى القاضي تطليقها بائنا إذا تضررت من بعده، وكان له مال تستطيع الإنفاق منه ونص المادة 13 من ذات القانون انه إن أمكن وصول الرسائل إلى الغالب ضرب له القاضي أجلا وأعذر إليه بأنه يطلقها عليه إن لم يحضر للإقامة معها أو ينقلها إليه أو يطلقها، فإذا انقضى الأجل ولم يفعل ولم يبد عذرا مقبولا فرق القاضي بينهما بتطليقه بائنة، وإن لم يمكن وصول الرسائل إلى الغائب طلقها القاضي عليه بلا أعذار وضرب أجل.
المحكمة تنصف الزوج وتلغى حكم الطلاق للغيبة
وتضيف "المحكمة": وحيث أنه من المقرر أن مفاد المادة 13 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية أن المشرع جعل المناط في وجوب إمهال الزوج الغائب فترة من الزمن مع إعذاره، هو إمكانية وصول الرسائل إليه، إلا أنه لم يحدد وسيلة إعلانه، بما يقرره القاضي في هذا الشأن، وإذ كانت مدة الإمهال المنصوص عليها في هذه المادة ليست من قبيل مواعيد المرافعات التي يتعين مراعاتها عند القيام بالإجراء المطلوب، وإنما هى مجرد ميلة بقصد بها حث الزوج الغائب على العودة للإقامة مع زوجته أو نقلها إليه بجهة إقامته بحيث إذا فعل ذلك بعد انقضاء المهلة أو في أي مرحلة من مراحل الدعوى إنتفى موجب التطليق.
ولما كان ما تقدم - وكانت المستأنف ضدها تطلب تطليقها على زوجها المستأنف طلقة بائنة للغيبة، وكانت المحكمة قد اعذرته إما أن يحضر للإقامة مع زوجته بمصر أو ينقلها للإقامة معه بالخارج أو يطلقها فقرر بأنه يقيم بمصر الآن ولم يعد يعمل بالخارج ولا يمانع من عودة زوجته إليه، فعرضت المحكمة الصلح على المستأنف ضدها، فرفضت العودة للمستأنف وهو الأمر الذى لا تتوافر معه شروط التطليق للغيبة وينتفى معه موجب التطليق للغيبة الأمر الذى يتعين معه إلغائه والقضاء مجددا برفض الدعوي.
المحامى أيوب عثمان - مقيم الاستئناف