رغم ارتفاع الأصوات الداعمة للمجازر الأسرائيلية داخل القارة العجوز، إلا أنه ما زال هناك أصوات تنادى بالحق وتدافع عن الحق الفلسطينى، وتعارض آلة الدمار الإسرائيلية فى غزة وقتل المدنيين الأبرياء، نددت بدماء الأطفال والنساء التى سالت فى القطاع المحاصر.
تلك الأصوات المعارضة صدرت من عدد من الأحزاب اليسارية فى أوروبا غير آبهة بدعم حكوماتها الطلق لجرائم تل أبيب، ولم تكتفى تلك الأصوات بالتنديد بالمجازر بل انتقدت علانية ازدواجية المعايير داخل المؤسسات الأوروبية، وكشفت عن ممارسة قمع داخل تلك المؤسسات لمخالفى الرأى، وتقود الأحزاب اليسارية فى أوروبا خط الدفاع عن فلسطين وقطاع غزة، فى حين أغلب الحكومات اليمينية هى التى إسرائيل، وكانت الفترة الماضية قد سيطرت أغلب الأحزاب اليمينية على الحكم فى أوروبا وبقى اليسار فى مقعد المعارضة.
وتعتبر إسبانيا من أبرز الدول الأوروبية الداعمة للقضية الفلسطينية، والتى يسيطر عليها تيار اليسار السياسى، حيث رئيس الحكومة بيدرو سانشيز زعيم الحزب الاشتراكى العمالى الإسبانى، وهو حزب سياسى إسبانى ذو إيديولوجية ديمقراطية اشتراكية، وهو جزء من الطيف السياسى لوسط اليسار، وطالب سانشيز فى وقت سابق بضرورة الاعتراف بدولة فلسطين وحل الدولتين، من أجل إنهاء الصراع الفلسطينى الإسرائيلى.
وقال سانشيز "حتى يتمكنوا من التعايش فى سلام وأمن، ولن يتم حل تلك الأزمة إلا عند حل الدولتين"، معرباً عن أسفه لأن الصراع يسبب الكثير من المعاناة والقلق وعدم الاستقرار سواء فى المنطقة أو فى جميع أنحاء العالم.
وكانت قررت الحكومة الإسبانية زيادة المساعدات التى تمنحها للفلسطينيين 100 مليون يورو أخرى، حيث منحت الدولة الأوروبية 900 مليون يورو خلال العقود الثلاثة الماضية من خلال برامج التعاون المختلفة.
واتهمت وزيرة المساواة الإسبانية، إيرين مونتيرو، الولايات المتحدة بـ"التواطؤ" مع "جرائم الحرب" التى ترتكبها إسرائيل فى غزة، وذلك عقب استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد قرار لمجلس الأمن الدولى يدعو إلى هدنة إنسانية للصراع لتقديم مساعدات منقذة للحياة لملايين الأشخاص فى المناطق المتضررة من القتال بقطاع غزة، حسبما قالت صحيفة الكونفدنثيال الإسبانية.
وقالت مونتيرو، "إن تواطؤ قوة عظمى مثل الولايات المتحدة فى جرائم الحرب وانتهاكات القانون الدولى التى ترتكبها دولة إسرائيل يكلف أرواحاً ويتنافى مع الديمقراطية، وهناك حاجة ماسة إلى رد فعل إجماعى من المجتمع الدولى لوقف رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو".
وفى فرنسا، فعلى الرغم من الموقف المتشدد للحكومة الفرنسية ضد المقاومة الفلسطينية وتضييق الحكومة على أى تظاهرات داعمة لفلسطين وإعلانها دون مواربه على دعم حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، إلا أن أحزاب هامة خرجت لتخالف الحكومة فى مقدمتها حزب "فرنسا الأبية"، والذى رفض وصف عملية "حماس" فى غلاف غزة بعملية "إرهابية".
وردًا على الانتقادات التى طالت "فرنسا الأبية" قالت ماتيلد بانو، رئيسة مجموعة اليسار الراديكالى بالجمعية الوطنية: "أقول هذا بوضوح شديد لجميع منتقدينا.. لن نغمض أعيننا، ولن نغير ذرة واحدة من موقفنا، وهو موقف أنصار السلام".
وأضافت: "لن نقبل، وأكرر مرة أخرى أن نمنح كلامًا ليس من كلامنا. فرنسا الأبية هى حركة السلام، ونريد إيجاد حل سياسي. لذلك نحن لا نتفق مع أشكال المزايدة التى تحدث حاليًا فى بلادنا، نحن لسنا من يوافق على تصعيد العنف لا نؤيد ذلك، وسبق وأن اعتبر الحزب الراديكالى اليسارى أن هجوم حماس يأتى فى سياق تكثيف سياسة الاستيطان فى غزة، والضفة الغربية والقدس الشرقية.
وفى إيرلندا، كشفت النائبة فى البرلمان الأوروبي، الأيرلندية كلير دالى، وهى عضو فى حركة المستقلين من أجل التغيير، وهى جزء أحزب اليسار فى أوروبا، قيام البرلمان الأوروبى بقمع الأصوات التى تدعم فلسطين فى أوروبا، مقابل الدعاية المدفوعة لجيش الاحتلال الإسرائيلى الذى يعيث فسادا فى غزة.
وتحدثت البرلمانية الأوروبية عبر منصة إكس: "من الواضح لسنوات أن سياسة التضليل كانت بمثابة انتزاع للسلطة فى الاتحاد الأوروبي، وخنق الخطاب العام والخلاف السياسى والآن سقط القناع".
وأضافت: "وبينما يدعم الاتحاد الأوروبى الإرهاب الإسرائيلي، يضغط أيضًا على وسائل التواصل الاجتماعي، التى تقمع الأصوات الفلسطينية، فى حين تظهر الدعاية الإسرائيلية المدفوعة فى كل مكان".
وكانت النائبة قد حذرت خلال جلسة عامة للبرلمان الأوروبى الخميس الماضى من "نكبة جديدة" بحق الفلسطينيين، وانتقدت موقف الاتحاد الأوروبى المنحاز لإسرائيل.
وقالت كلير، فى خطاب أمام البرلمان الأوروبى، إن ما يحدث فى غزة جريمة تاريخية وأن الاتحاد الأوروبى غارق فيها، وأضافت: "يجلس أعضاء البرلمان الأوروبى يشاهدون المذبحة التى يقوم بها الإسرائيليون فى غزة ولا يستطيعون حتى إدانتها.. نحن نتستر على جرائم حرب تشمل تفجير مستشفى وحتى الآن نحن عاجزون عن القول بأن حياة الفلسطينيين مهمة".
وشددت على أن ما يحدث جريمة تاريخية تتكشف فى غزة والاتحاد الأوروبى غارق فيها حتى الرقبة، وقالت: "فبينما يجلس أعضاء البرلمان الأوروبى ويتفرجون على المذبحة، ولا يجدون حتى فى أنفسهم ما يدينونها، ويطلقون عليها "أزمة إنسانية"، كما لو كان سببها الطقس. من المتسبب فى هذه الأزمة الإنسانية؟ هل نحن لا نعرف؟، لقد أظهر البرلمان الأوروبى ألوانه. إن الاتحاد الأوروبى لن يتخلى أبداً عن العار الذى خلفه قرار اليوم".
ونفس الشيء أكد عضو البرلمان الأوروبى عن إيرلندا مايك والاس دعمه وتضامنه مع فلسطين وشعبها، مشدداً على أن موقف مؤسسات الاتحاد الأوروبى تجاه الوضع فى قطاع غزة لا يمثل شعوب هذه القارة بل يمثل مصالح النخب وأمريكا.
وأعرب والاس فى الرسالة التى نشرها على حسابه الخاص عبر منصة (إكس) عن تضامنه مع الشعب الفلسطينى فى مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على قطاع غزة، مؤكداً أن الاتحاد الأوروبى فى ورطة نتيجة سياساته ومواقفه الداعمة للكيان الإسرائيلى المحتل.
وأرفق والاس رسالته بصورة قارن فيها بين رد فعل الحكومة اليونانية الداعم للكيان الصهيونى وموقف شعبها الداعم للفلسطينيين، والذى خرج فى مظاهرات نددت بقصف الاحتلال الإسرائيلى على غزة والمجازر التى يرتكبها بحق الفلسطينيين.
واستمرارًا فى الهجوم على موقف البرلمان الأوروبى قام عضو البرلمان الأوروبى الإسبانى من اليسار المتحد مانو بينيدا – والذى تم طرده قبل أيام من البرلمان الأوروبى لارتداء الكوفية الفلسطينية، بزيارة إلى لبنان ليدعم فلسطين، ونشر عبر صفحته بمنصة إكس: "اليوم فى لبنان ندعو لفلسطين أن تتحرر من النهر إلى البحر"، منددا بالعدوان الإسرائيلى على شعب قطاع غزة.
وفى أول نشاط له فى بيروت أبرز أمين العلاقات الدولية فى الحزب الشيوعى الإسبانى فى مخيم شاتيلا، للاجئين كرامة الشعب الفلسطينى فى المقاومة ضد النظام "الإسرائيلي"، وأمام ممثلى حركات المقاومة ولبنانيين وناشطين، دافع بينيدا عن حق الفلسطينيين فى مواجهة الاحتلال بكل الوسائل بما فيها الوسائل المسلحة.
وأدان السياسى الأوروبى الدعاية الإسرائيلية التى تحاول تجاهل أكثر من سبعة عقود من التهجير والجريمة، وقال إن "إسرائيل" تسعى إلى إظهار أن التاريخ بدأ فى 7 أكتوبر ونسيان 75 عاما من احتلال الأراضى الفلسطينية وممارسة التطهير العرقى وسياسة الفصل العنصرى وقتل المواطنين عشوائيا.
وأكد أن أكثر من 5200 أسير فلسطينى مسجونين فى السجون الإسرائيلية، "العديد منهم رهن الاعتقال الإداري"، ووصف إسرائيل بكيان إرهابى إجرامى؛ أشار: "هذا ما يجب على المجتمع الدولى أن يقوله".
وشدد على ضرورة اتخاذ موقف واضح بشأن من هو المحتل لإدانة نظام الإبادة الذى يقوم بإبادة الشعب الفلسطيني، وشدد فى هذه الرسالة على أنه لا أحد قادر على الصمود أكثر من الفلسطينيين، "وكرامتهم تمنعهم من الاستسلام"، رافضا موقف الاتحاد الأوروبي، الذى يقف اليوم "إلى جانب مرتكب الإبادة الجماعية، الجلاد، بدلا من الضحية".
وكان بينيدا قد هاجم رئاسة البرلمان لعدم السماح له بارتداء غطاء الرأس أثناء خطابه حول الحرب بين إسرائيل وحماس. ووفقاً لبينيدا، كان ذلك عملاً من أعمال "الرقابة" و"الاعتداء على حرية التعبير".
واستنكر بينيدا، الذى يرأس وفد البرلمان الأوروبى للعلاقات بين الاتحاد الأوروبى وفلسطين، أن "اللوبى الصهيونى ومخالبه يحاولون إسكات التضامن مع فلسطين، لكنهم لن ينجحوا".