تمكين الزوجة من مسكن الزوجية هو العنوان الأبرز والخبر المتعارف عليه في قضايا الأسرة، ولكن أن يصدر قرار من النيابة العامة بتمكين الزوج وليس الزوجة من مسكن الزوجية، فى سابقة قضائية هى الأولى من نوعها، لم تتكرر في أروقة المحاكم وساحات القضاء، وهى الواقعة التي أمامنا رغم أنها لم تختلف عن باقى تفاصيل النزاعات القائمة حول مسكن الزوجية، إلا أن تلك الواقعة انتهت بقرار يحمل بين طياته الغرابة والسخرية لما تنتهى به الأقدار في آن واحد.
تبدأ الحكاية في زوج وزوجته أراد الله - عز وجل - أن يجمع بينهما برباط الزوجية، وتم الزواج، وبعد فترة من الزواج رزقوا بالذرية الصالحة، وما أن دارت الأيام، وكما هو الحال في معظم البيوت أن تحدث خلافات إلا أن الخلافات في هذه الواقعة جاءت عن طريق الزوجة التي عبرت عن رفضها عن الإقامة مع الزوج في منزل أهله ورغبتها في الحصول على منزل خارج منزل أهلية الزوج مع أنها كانت متزوجة به بأول مراحل زواجها وتعيش في ذات المسكن.
الوقائع.. الزوجة خرابة البيت
إلا أن الزوج ولرغبة منه بعدم هدم البيت استجاب لها، وأجر لها شقة في المدينة التي اختارتها والتي تبعد بالأميال والساعات عن محل زواجهما، حيث أن كلاهما في قرية تابعة لميت غمر وفى النهاية أصرت على احضار شقة بالإسكندرية – وبالفعل - استجاب لها الزوج وأجر لها تلك الشقة وعلى أمل من الزوج أن الخلافات انتهت، ثم أكملت الزوجة سبلها في هدم تلك الأسرة بأن أحضرت والدتها واشقائها للإقامة معها بذات الشقة التي يقيم زوجها فيها، الأمر الذى رفضه الزوج شكلا وموضوعا وهذا ما جاء برد فعل من الزوجة غير متوقع بأن قامت بطرده من تلك الشقة.
لم يجد الزوج سبيلا سوى القضاء للحصول على شقة، وبالفعل أصدر المستشار المحامى العام بالإسكندرية قراره الأول من نوعه، وهو أن يُمكن الزوج من الإقامة مع الزوجة بالشقة الزوجية، وتم تنفيذ القرار، وظن الزوج أن الأمر انتهى وزالت الخلافات إلا أنه لم يتوقع أن تقوم الزوجة واشقائها ووالدتها بالتعدى عليه بالضرب وطرده مرة أخرى إلا أن القضاء لم يقف مكتوف الأيدى أمام ذلك وصدر حكما بالحبس لكل من الزوجة ووالدتها وأشقائها، وهنا يأتي التساؤل هل مازال العرف السائد لدى العامة أن ساحات قضاء الأسرة دائما ما تكون مع المرأة، الإجابة وبما عرض - لا - فالقضاء المصرى لا يميز بين رجل وامراة وإنما دائما وأبدا مع الحق.
الزوج تستعين بأشقائها لضرب الزوج وطرده من شقته
واستندت النيابة العامة على قرار تمكين الزوج على عدة أسباب أبرزها ماء جاء في حيثياته كالتالى: ولا ينال من ذلك ما أثير بالأوراق بشأن ملكية والدة المشكوة لعين النزاع، إذ أن الثابت من الأوراق إبرام الشاكي ووالدة المشكوة عقد إيجار المؤرخ 6 يونيو 2021 والذي يفيد إستئجارة لعين النزاع من والدة المشكوة ومن ثم أصبح للشاكي حق انتفاع على العين محل النزاع بموجب العقد أنف البيان دون أن ينال من ذلك ما قررته المشكوة من كون ذلك العقد صوري بحسبان أن بحث مسألة الصورية يعد من مسألة الموضوع والواقع والتي تستلزم بحثا موضوعيا تستقل المحكمة بالفصل فيه ويخرج عن نطاق القرار الوقتى الذي تصدره النيابة العامة بشأن منازعات الحيازة، بما لا تثريب معه على النيابة العامة فيما انتهت إليه على نحو ما تقدم كما أنه لا خلط بين الملكية والحيازة فلا تأثير للأولى على الثانية مادامت تلك الحيازة قد نشأت على سند صحيح.
وتضيف "حيثيات القرار": وأيا ما كان وجه الرأي في حقيقة ما تقدم، فإنه ولئن كانت الحيازة التي يتحملها الغير على سبيل التسامح تتجرد من عنصر القصد فإن بحث ذلك يخرج عن إطار القرار الوقتي المطالب به، إذ لا غرو يخرج عن اختصاص النيابة التعرض لأصل الحق الذي تستند إليه الحيازة أو جوهر النزاع بهذا الصدد، إذ يقف إختصاصها عند إتخاذ إجراء وقتي مبناه ظاهر الأوراق ولا يمس أصل الحق ولا يجوز الإتفاق على إسباغ اختصاص لها يجاوز هذا الحد، فهو محض تقدير وقتي عاجل تتحمس به النيابة ما يبدو للنظرة الأولى أن يكون هو وجه الصواب في خصوص الإجراء الوقتي المطلوب مع بقاء أصل الحق سليما يتناضل فيه ذوو الشأن لدى محكمة الموضوع، فتدخل النيابة العامة في منازعات الحيازة يكون بإقرار وضع اليد على حالة عند بدء النزاع و هو ما ذهب إليه هذا القرار على ما سلف بيانه من أن للشاكية والمشكو اليد عليها عند بدء النزاع.
النيابة تنصف الزوج وتصدر له قرار تمكين من الشقة
وأوضحت "حيثيات القرار": ولا يخل ذلك بحقوق أصحاب الشأن في اللجوء للقضاء للبت في أصل الحق بحسبان أن الحيازة الجديرة بالحماية هي مجرد الحيازة المادية والفعلية - أي السيطرة المادية على الشيء - قبل النزاع، ويكون الاعتداء عليها مما يعكر السكينة العامة ويخل بالأمن فتكون جديرة بالحماية التي تبرر تدخل النيابة العامة بالإجراء الوقتي الملائم لهذه الحماية، إلى أن يحسم القضاء النزاع حول ما يدعيه كل من الأطراف من حقوق، ويكفى لتدخل النيابة العامة باتخاذ قرار تراه مناسباً لحماية الحيازة أن تتوافر لها الحيازة الفعلية أي السيطرة المادية بعناصرها الثلاث من ظهور وهدوء واستمرار دون حاجة لبحث الحق الذي تستند إليه الحيازة أو المركز القانوني الذي تخوله أحكام العلاقة العقدية التي تربط الطرفين بالالتزامات الناشئة عنها، إذ أن ذلك؟ كله مما يتصل فاصل الحق أو في القليل بشروط دعوى الحيازة المدنية، وهو أمر يخرج بشقيه عن دور النيابة العامة.
وأشارت "حيثيات القرار": حيث نصت المادة (944) من كتاب التعليمات العامة للنيابات - التعليمات القضائية - "للمحامين العامين الرجوع إلى المحامين العامين الأول لنيابات الاستئناف لاستطلاع رأيهم في كل قضية يرون لها أهمية خاصة بالنسبة إلى ظروفها أو من تتعلق بهم ولو كانت لا تدخل فيما سلف بيانه من القضايا، وللمحامين العامين الأول لنيابات الاستئناف بدورهم الرجوع إلى النائب العام في كل قضية من هذه القضايا إذا رأوا ضرورة ذلك".
محامى الزوج يشرح ما استند عليه في المذكرة الشارحة
وفى هذا الإطار – يقول المحامى حسام الزيات، وكيلا عن الزوج، أنه استند في دعواه على نص المادة 44 مكرر فقرة أولى من قانون المرافعات أوجبت على النيابة العامة متى عرضت عليها منازعة من منازعات الحيازة مدنية كانت أو جنائية أن تصدر فيها قرارا وقتها مسبباً واجب التنفيذ فوراً بعد سماع أقوال أطراف النزاع و إجراء التحقيقات اللازمة، وقد أناط الكتابان الدوريان رقمي 15 لسنة 1992، 19 لسنة 2004 بالمحامي العام للنيابة الكلية لشئون الأسرة إصدار القرارات الوقتية في المنازعات التي تثور بشأن حيازة مسكن الزوجية.
وبحسب "الزيات" في تصريح لـ"برلماني": وكانت المادة 834 من الكتاب الأول من التعليمات العامة للنيابات قد أوردت القواعد التي تتبع بشأن النزاع بين الزوجين على حيازة مسكن الزوجية، ومن ذلك ما جرى به نص الفقرة الأولى من هذه المادة من أنه: "إذا ما شجر نزاع بين الزوجين مع قيام رابطة الزوجية فيمكن كل من الطرفين من استمرار حيازته للمسكن، وكان المقصود بمسكن الزوجية في هذا الخصوص هو المكان المشغول فعلا يسكنى الزوجين".
ووفقا لـ"الزيات": استندنا أيضا على أقوال جيرة عين النزاع سالفي الذكر أن عين النزاع هي مسكن الزوجية للزوج والزوجة يستقلان بالإقامة بها بمفردهما إقامة هادئة مستقرة وحتى نشوب النزاع، وما تأييد بأقوال الشهود من كون والدة المشكوة – الزوجة - لم تكن تقيم رفقتهما قبيل بدء النزاع، هو الأمر الذي يستوجب مع بقاء رابطة الزوجية بينهما تمكينهما منها مشاركة ومنع تعرض كل منهما للآخر والغير لهما في ذلك.