هذه الفكرة طرحتها خبيرة أمريكية تدعى مارثا كرينشاو، تعمل كباحث كبير فى مركز الأمن والتعاون الدولى فى معهد فريمان سبولى، وأستاذة للعلوم السياسية فى جامعة ستانفورد، حيث قالت فى مقال لها مؤخرا فى مجلة "فورين بولسى" الأمريكية بعنوان "هل حان وقت السلام مع داعش والقاعدة" إنه فى ظل محدودية الخيارات فى محاربة الإرهابيين فإن المفاوضات قد تظل أفضل بديل ممكن.
وتقول الكاتبة إنه بعد ما يقرب من 17 عاما من التركيز على التهديد الذى يمثله الإرهابيون، عمد مجتمع الدفاع الأمريكى تحت قيادة الرئيس ترامب إلى النظر مجددا للدول القوية التى تهدد أمريكا، لكن هذا قد يكون قصير النظر. فالإرهاب الذى ترتكبه الجماعات المتطرفة لا يزال يمثل تهديدا قويا، ومن الممكن أن يتسبب فى المزيد من الصراعات التى تجمع بين الإرهاب العابر للحدود والحرب الأهلية والمزيد من التعاون بين الإرهابيين وجماعات المعارضة المحلية غير الجهادية، وسيكون من المستحيل القضاء على الإرهاب بالقوى العسكرية، وهو ما ينبغى أن تكون الولايات المتحدة قد تعلمته بالفعل، إلا أن البدائل المجدية لإدارة أو احتواء الإرهاب ليست متوفرة، ولذلك قد يكون الوقت مناسب للنظر فى إمكانية إجراء المفاوضات.
فالولايات المتحدة مستعدة للعودة إلى المحادثات مع جماعة طالبان الأفعانية. ويجدر النظر فيما إذا كان يمكن أن يمتد هذا الاتجاه ليشمل جماعات مرتبطة بالقاعدة أو بداعش، حسبما تقول كرنشاو.
ولفتت الخبيرة الأمريكية إلى أن عدد الصراعات التى تشارك فيها جماعات جهادية تحارب للإطاحة بالأنظمة الحالية ازداد بشكل مستمر على مدار العقود الماضية. وقد خلقت التدخلات العسكرية، بدءا من الغزو السوفيتى لأفغانستان حتى الحرب الأمريكية على العراق، الفرصة للجهاديين ليحاروا المحتلين الأجانب الكفرة وعملائهم المحليين. وقد بدأت القاعدة كحركة تقاوم السوفييت فى أفغانستان.
وترى كرينشاو أنه فى ظل قدرة الجهاديين على التكيف والانتشار، فإن خيارات محاربتهم بالقوة تظل محدودة، وأحد البدائل لمواجهتهم هو محاول حل الأسباب الجذرية للمشكلة بإزالة الأوضاع التى جعلت الانضمام إلى المتطرفين أمرا جذابا. لكنها تقول إنه حتى لو تم تحديد الأسباب والسياسية والاقتصادية والاجتماعية المتعددة للعنف، فإن التصدى لها يشكل مجهودا مكلفا يتطلب قدرا كبيرا من الصبر والمثابرة، وهو أمر تفتقر إليه الإدارة الأمريكية الحالية.
ومن ثم ترى الكاتبة أن التفاوض قد يكون الحل، رغم اعترافها بأن بعض الإرهابيين، وحسبما قال كتاب "الرعب المقدس" الصادر عام 2003، لا يريدون مقعدا على طاولة المفاوضات، بل يريدون تدمير الطاولة نفسها. لكنها تعول على بعض الجماعات التى تصفها بأنها "معتدلة نسبيا" داخل معسكر الهاديين، الذى عقدوا صفقات بالفعل مثل جماعة أحرار الشام التى أجرت مفاوضات مع روسيا وإيران.
وقد أثارت فكرة التفاوض مع الإرهابيين غضب بعض الخبراء الأمريكيين، الذين استنكروا الحديث إلى جماعات يرون أنها تهدد طريقة حياتهم. من بين هؤلاء دافيد هاريس من منظمة "مشروع كلاريون"، الذى قال أن الفكرة سخيفة، وقال إنه لا يمكن على الإطلاق الثقة فى الإرهابيين الذين يريدون تدميرنا.