حفظ المال والممتلكات من الضروريات شرعا وقانونا، ولهذا حث الشارع الحكيم على الأمانة وأثنى على أهلها ووعدهم بطيب العيش ودخول الجنة، وحرم الاعتداء على أموال الناس وممتلكاتهم، كما حرم الاعتداء على أرواحهم وأبدانهم، ومن صور الاعتداء على المال والممتلكات السرقة التي حرمها الشرع والقانون بنص الكتاب والسنة والقوانين الوضعية، وتوعد فاعلها بالعقوبة، فقد عاقب الشرع السارق بقطع يد السارق وفيه حكمة الزجر للسارق من معاودة السرقة وردع أمثاله عن الإقدام عليها.
ولكن أحيانا يتساءل البعض عن مصيرهم ومدى تعرضهم للعقوبات التي ستُطبَّق عليهم، في حالة قتلهم شخصًا ما أثناء اقتحام حياتهم الخاصة في محاولةٍ لسرقة شيء من ممتلكاتهم داخل منزلهم، الأمر الذي يتطلب معه شرح حالة الدفاع الشرعي عن النفس الذي يعطي الحق لصاحبه عند استعمال القوة الضرورية لدفع كل عدوان على النفس أو المال، حيث يشترط القانون أن يكون هناك خطر من المعتدي يبيح للمدافع التصدي له بالدفاع الشرعي؛ ولابد لإباحة الوسيلة التي يدافع بها الشخص عن نفسه، وأن يكون الخطر عبارة عن جريمة يمنعها القانون.
في جريمة السرقة وفي مدى إمكانية قتل السارق في جرائم السرقة؟
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء حول إشكالية جريمة السرقة، ومدى إمكانية قتل السارق في جرائم السرقة، فقد يُقدم شخص على سرقة نقود الغير خفية بالاستعانة بامرأة وطفل لتسهيل السرقة، وقد يُقدم شخص أخر على سرقة المارة باستعمال العنف أو تحت تهديد السلاح أو كان مقنعا أو اقدامه على سرقة سيارة، فما حكم القانون؟ ومتى نكون أمام سرقة من نوع الجنحة؟ ومتى نكون أمام سرقة من نوع الجناية؟ وهل يمكن الدفاع عن النفس ضد السرقة؟ ومتى يجوز قتل السارق؟ وهل يمكن للسارق تبرير فعله بذريعة الوضع الاقتصادي؟ - بحسب الخبير القانوني والمحامي محمود عبد الغنى.
في البداية - أن القانون جاء لينظم العلاقات بين الناس ويمنع المجتمع من الانفلات نحو شريعة الغاب، كما أنه جاء لحماية الحقوق والحريات ومصالح الناس وفرض العقوبات المناسبة على كل فعل يمس بهذه المبادئ، حيث أن السرقة هي آخذ مال الغير، المنقول، خفية أو عنوة، بقصد التملك، وبالنسبة للمثل الأول أن الشخص الذي يأخذ مال الغير كالنقود بالمخفي يعتبر فاعل في جريمة السرقة، والمرأة التي تواجدت معه مع الطفل وسهلت عملية السرقة تصبح مساهمة مع السارق في جرم السرقة حتى لو لم تتلفظ بأي كلمة، ويمكن اعتبارها شريكه أو متدخلة معه بحسب وقائع كل قضية – وفقا لـ"عبد الغنى".
متى تكون السرقة جنحة ومتى تكون جناية؟
وعقوبة جرم السرقة العادية هي عقوبة جناحية لا تقل بالمبدأ عن شهرين حبس، بالإضافة إلى التعويض عن الضرر اللاحق بالمتضرر، إذن عقوبة جريمة السرقة العادية هي عقوبة من نوع الجنحة، وذلك عندما لا تتوفر بوقائع الجريمة أسباب وظروف تجعلها جناية كاستعمال السلاح أو العنف الخ...، والمادة 246 من قانون العقوبات، أباحت أيضًا استخدام حق الدفاع الشرعي لدفع كل ما يعتبر جريمة، وبالتالي فإن الخطر الذي يجوز مواجهته بدفاع هو جريمة يعاقب عليها القانون – الكلام لـ"عبد الغنى".
أما بالنسبة للمثل الثاني، إذا ارتكب فعل السرقة باستعمال العنف ضد الأشخاص أو كان الجاني مقنع أو يحمل سلاح أو إذا تمت السرقة باستغلال وجود أعمال شغب أو حرب أو وضع أمني معين أو إذا تمت السرقة باستعمال الخلع والكسر ودخول المنازل أو إذا كنا أمام جريمة سرقة سيارة أو دراجة نارية، في هذه الحالات نكون أمام سرقة من النوع الجنائي أي أشد نوعا وعقوبتها الأشغال الشاقة التي لا تقل عن 3 سنوات بالإضافة إلى التعويض عن الضرر اللاحق بالمتضرر.
"لو حرامي دخل شقتك.. وقتلته".. ماذا في القانون؟
أما لجهة حق الدفاع المشروع، أن حق دفاع الشخص عن نفسه أو ماله أو نفس أو مال الغير، هو حق مشروع ومقدس يعطيه القانون كسبب من اسباب التبرير ضد الجرائم التي تحصل ومنها جرم السرقة، والقانون اللبناني كما المصري والجزائري والإماراتي، كما قوانين العديد من الدول العربية والأجنبية تعطي الحق في قتل السارق الذي يستعمل العنف كالسلاح في عملية السرقة وأيضا قتل السارق الذي دخل أو يحاول الدخول ليلا الى المنازل الأهلة وملحقاتها بتسلق السياجات أو الجدران أو المداخل أو ثقبها أو كسرها أو باستعمال مفاتيح مقلدة أو أدوات خاصة، أما لجهة امكانية تبرير فعل السارق نظرا للأوضاع الاقتصادية المتردية وحاجته لأموال، أن القانون لا يحمي السارق او يعفيه من العقاب وخصوصا ان الباعث ليس عنصرا من عناصر الجريمة، والجرم يبقى متحققا والعقوبة تنفذ.
5 حالات يجوز فيها القتل العمد عند الدفاع الشرعي
المادة 246 من قانون العقوبات، أباحت أيضًا استخدام حق الدفاع الشرعي لدفع كل ما يعتبر جريمة، وبالتالي فإن الخطر الذي يجوز مواجهته بدفاع هو جريمة يعاقب عليها القانون، ونص قانون العقوبات المصري على أنه يجوز القتل العمد عند الدفاع الشرعي في الحالات الآتية:
- حق الدفاع الشرعي عن النفس مكفول لدفع كل فعل يعتبر جريمة على النفس.
- الدفاع الشرعي عن المال يبيح استعمال القوة لرد أي فعل يعتبر جريمة.
- دفع فعل يخشى منه الموت أو الإصابة بجروح بالغة مع توافر أسباب معقولة لهذه المخاوف.
- منع اغتصاب امرأة أو هتك عرض إنسان بالقوة.
- منع اختطاف إنسان وفقا ما جاء في "المادة 249 عقوبات".
3 شروط تبيح للشخص استخدام القوة للدفاع عن نفسه
ومسألة دخول لص بيت مواطن وقتله يكون الموقف القانوني للدفاع عن نفسه بالبراءة لأنه تعرض للخطر فلا بد من المواجهة، ويكون ذلك تحت بند الدفاع الشرعي عن النفس، حيث يتيح القانون للشخص استخدام القوة اللازمة في حالة الخطر الذي يهدد النفس أو المال بنحو قد يستحيل معه لجوء هذا الشخص إلى السلطات العامة، لطلب حمايته من ذلك الخطر، ويجوز للشخص المدافع أن يرتكب جرائم كالقتل أو الضرب أو الجرح أو غير ذلك من الجرائم، وذلك دفاعا عن نفسه، ولا بد أن تتوافر في الخطر 3 شروط، أن يكون الخطر غير المشروع يشكل جريمة من جرائم النفس أو المال، ويكون الخطر حالا.
ويجوز اللجوء إلى الدفاع الشرعي في مواجهة كل خطر غير مشروع يصدر ممن يستفيد بمانع مسئولية أو بعذر قانوني، حيث أن موانع المسئولية الجنائية في القانون: عدم توافر الإدراك والتمييز، صغر السن، السكر غير الاختياري والجنون أو العاهة العقلية، حالة الضرورة، الإكراه المعنوي، كما أن هناك فرقا بين الدفاع عن النفس في المواجهة، والدفاع عن النفس من الخلف في حالة عدم حمل الجاني السلاح، فمن يحمل السلاح له الحق في مواجهته وقتله والحكم فيه بالبراءة، أما الشخص الذي يواجه اللص من الخلف وأصبح في موقف قوة فهنا القانون في صف اللص، ويكون ذلك قتل عمد ويواجه تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.