أصدرت الدائرة الجنائية "أ" – بمحكمة النقض – حكما في غاية الأهمية أرست فيه لمبدأ قضائيا جديدا بشأن نقض الأحكام، حيث تصدت فيه لتعديل مقدار العقوبة دون نقض الحكم، فقد عدلت مباشرة عقوبة في جريمة قتل عمد من 5 سنوات إلى سنة مع إيقاف التنفيذ دون نقض الحكم طبقا لمبدأ تقدير الخطورة الإجرامية، وذلك بخلاف ما سرت عليه الأحكام السابقة من أن تقدير العقوبة ما بين حديها الأدنى والأقصى واستخدام الرأفة من اختصاص محكمة الموضوع دون رقابة عليها.
ملحوظة: تصدت محكمة النقض في قضية قتل عمد مع سبق الاصرار حيث قضت محكمة جنايات قسم المرج بمعاقبة المتهمة 5 سنوات وبرغم ما ابدى من دفوع، ودفاع فى صلب القضية إلا أن محكمة النقض تقرر أنه طبقا لمبدأ تقدير الخطورة الإجرامية، فإنه يصح لمحكمة النقض أن تتعرض لمقدار العقوبة لما ترتأيه من ظروف الطعن والواقعة وملابستها، وبالتالي يصح اعمال نص المادة 17 من قانون العقوبات، مما جعلها تنزل بمقدار العقوبة إلى سنه، ثم توقف تنفيذ الحكم، مما يصبح معه هذا الحكم بمثابة مبدأ جديد بمقتضاه ينظر فيه إلى مقدار العقوبة طبقا لظروف الدعوى دون نقض الحكم موضوعيا.
"النقض" تتصدى لتعديل مقدار العقوبة دون نقض الحكم
صدر الحكم في الطعن رقم 22494 لسنة 88 القضائية – لصالح المحامى بالنقض ماجد صلاح عبد السلام، برئاسة المستشار مصطفى محمد، وعضوية المستشارين نادى عبد المعتمد أبو القاسم، ويوسف قايد، ونبيل مسعود، وعباس عبد السلام، وبحضور كل من رئيس النيابة لدى محكمة النقض إبراهيم العشرى، وأمانة سر سيد رجب.
الوقائع.. اتهام سيدة بالقتل العمد.. والمحكمة تقضى عليها بالسجن 5 سنوات
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بوصفها وآخرين سبق الحكم عليهم في يوم الأول من يوليو سنة 2013 – بدائرة قسم المرج – محافظة القاهرة – قتلوا المجني عليه "أ. ح" مع سبق الإصرار بأن عقدوا العزم على قتله وأعدوا لذلك الغرض أسلحة بيضاء "سكاكين" وتوجهوا للمكان الذي ايقنوا سلفا تواجده فيه وما إن ظفروا به حتى قاموا بتسديد عدة طعنات له بالسلاح الأبيض استقرت براسه وصدره قاصدين من ذلك قتله محدثين إصابته الثابتة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وأحرزوا بغير ترخيص أسلحة بيضاء "سكاكين".
وفى تلك الأثناء – أحالت النيابة العامة المتهمة إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف، والمحكمة المذكورة قضت حضوريا بمعاقبتها بالسجن المشدد لمدة 5 سنوات، عما أسند إليها، وذلك بعد أن استبعدت ظرف سبق الإصرار من الجريمة موضوع التهمة الأولى، فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض في 14 من مايو 2018.
مذكرة الطعن تستند على عدة أسباب لإلغاء الحكم
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرة إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها وآخرين بجريمتي القتل العمد وحيازة وإحراز سلاح أبيض بغير مسوغ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والتناقض، ذلك بأنه لم يلم بوقائع الدعوى، ولم يورد مضمون تقرير الصفة التشريحية مكتفيا بإيراد نتيجته، ونقل عن التقرير أنه من الجائز حدوث إصابة المجنى عليه وفق التصوير الوراد بمذكرة النيابة العامة دون أن يورد مؤدى ما جاء بتلك المذكرة المشار إليها في هذا التقرير، ولم يستظهر القصد الجنائي في حقها، ودلل على توافر نية القتل لديها بما لا ينتجها إذ أن ما أورده مجرد سرد للأفعال المادية، مما كان يستوجب اعتبار الواقعة مجرد جريمة ضرب أفضى إلى موت لانتفاء الباعث إلى القتل.
وتابعت "مذكرة الطعن": كما استدل الحكم على قيامها من عدم مغادرة الطاعنة وباقي المتهمين مسرح الجريمة إلا بعد تيقنهم من وفاة المجني عليه وهو ما يخالف الثابت بالأوراق، وفاته استظهار رابطة السببية بين فعل الطاعنة والنتيجة وهى وفاة المجنى عليه، واعتنق تصوير شهود الاثبات للواقعة رغم أنها لا تؤدى إلى ما رتبة الحكم عليها، ودانها مع خلو الأوراق من دليل يقيني على إدانتها سيما وأن المتهم الثاني هو محدث إصابة المجنى عليه، وعول على تحريات الشرطة مع أنها لا تصلح كدليل في الدعوى، وضرب صفحا عن دفاعها القائم على عدم تواجدها على مسرح الحادث آن وقوعه، وبطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وعدم صدور إذن من النيابة العامة بهما، ولم تُجر المحكمة تحقيقا بشأن دفاعها، وافترض الحكم وجود تضامن واتفاق بين الطاعنة والمتهمين الآخرين على قتل المجنى عليه دون أن يبين عناصر هذا الاتفاق أو تلك المساهمة واعتبرهم متضامنين في المسئولية، مما لازمه توافر ظرف سبق الإصرار إلا أنه استبعد هذا الظرف، مما يصمه بالتناقض، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
"النقض" تتصدى لتعديل مقدار العقوبة دون نقض الحكم
وقامت محكمة النقض بتفنيد الأسباب كاملة في حيثيات الحكم، ثم ذكرت في أخر الحكم أنه لما كان ذلك وكان تقدير محكمة الموضوع للعقوبة لا يعدو أن يكون خاتمة مطاف الموضوع ومحصلته النهائية، منظور إليه من خلال مدى أثر الجريمة على المجتمع وكذلك مدى خطورة المتهم الإجرامية، وهى لئن كانت يتم إثباتها من خلال وقائع الدعوى التي لا رقابة لمحكمة النقض عليها إلا أنه مشاحة في إعمال رقابتها على إسباغ هذا الوصف القانوني – الخطورة الإجرامية – على الفعل المرتكب من عدمه، مما يتعين معه بسط رقابة هذه المحكمة – محكمة النقض – على تقدير محكمة الموضوع للعقوبة دون حاجة إلى نقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسه لنظر موضوعه، وتأسيسا على ما سبق، ولما ارتأته من ظروف الطعن، فإنها تقضي بتصحيح الحكم المطعون فيه الساري عليه التعديل القانونية.
وبحسب "المحكمة": وتأسيسا على ذلك فإن هذه المحكمة – لما ارتأته من ظروف الطعن والواقعة وملابساتها، تنتهى إلى إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للطاعنة، وتقضى بتعديل العقوبة المقضى بها عليها بجعلها الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة، وحيث أنه بالنظر إلى سن الطاعنة والظروف التي ارتكبت فيها الجريمة ما يبعث عن الاعتقاد بأنها لن تعود مخالفة القانون، فإن المحكمة، تأمر المحكمة بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة 3 سنوات تبدأ من اليوم عملا بالمادتين 55، 56 من قانون العقوبات، ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بجعل العقوبة السالبة للحرية المقضى بها الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة، وآمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة 3 سنوات تبدأ من اليوم، ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
يذكر أن مبادئ محكمة النقض سرت على أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانونا بالنسبة لكل متهم هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته.