أصدرت محكمة القضاء الإداري بأسوان، حكما في غاية الأهمية، بإلغاء قرار رئيس جامعة أسوان بتزويد طلاب الفرقة الأولى بكلية الحقوق 3 درجات في مادة ما نتج عنه نزول طالب من ترتيبه الأول على دفعته إلى الرابع حيث ولم يستفد إلا بنصف درجة فقط، فقرر رفع دعوى بمجلس الدولة ليتم إلغاء الـ 3 درجات التي حصلت عليها الدفعة، فصدر الحكم لتقتصر درجات الرأفة على الراسبين في المادة فقط.
صدر الحكم في الدعوى رقم 3351 لسنة 8 قضائية، برئاسة المستشار عاطف نصر مسلمى، وعضوية المستشارين أحمد حنفى الصاوى، وخالد عبد الحميد، وسكرتارية حسين أحمد عيسى.
الوقائع.. طالب يتضرر من رفع دفعته 3 درجات رأفة
أقام الدعوى الماثلة عبد العزيز سعد – بصفته ولى طبيعى على نجله القاصر "محمد"، بموجب صحيفة طالبا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا ووقف تنفيذ القرار الصادر من جامعة أسوان بمنح جميع الطلاب بالفرقة الأولى للعام الجامعي 2018/ 2019 ثلاث درجات رأفة في مادتي النظم السياسية ومصطلحات اللغة مع ما يترتب على ذلك من أثار أخصها تعديل نتيجة جميع الفرقة بعد حذف تلك الجرات وفى الموضوع بإلغائه.
وقال المدعى شرحا لدعواه أن نجله كان مقيدا كطالب بالفرقة الأولى بكلية الحقوق جامعة أسوان في العام الدراسى 2018/ 2019 وقام بأداء الامتحانات التحريرية وكان ترتيبه الأول على دفعته، وأنه بتاريخ 1 فبراير 2021 تقدم لاستخراج بيان درجات نجله حيث فوجئ بحصول نجله على 20/ 20 في مادة النظم السياسية بالرغم من حصوله على 19,5 / 20 عند اعلان النتيجة سابقا، وبالاستعلام من المختصين بالكلية أفادوا بصدور قرار بإضافة 3 درجات رأفة لجميع طلاب الفرقة الأولى، وذلك بناء على مذكرة من وكيل الكلية.
الجامعة ترفع الطلبة بدرجات رأفة لعدم رسوبهم
ونعى المدعى على القرار الطعين بالبطلان إذ أنه مشوبا بعيب مخالفة القانون ومجحفا بحقوق بعض الطلاب ومهدرا لمبدأ المساواة بينهم، إذ أن نجله على سبيل المثال لم يستفد سوى بنصف درجة من الدرجات الثلاث في الوقت الذى استفاد فيه غيره من الثلاث درجات كاملة، وأن هذا الأمر ترتب عليه اختلال وتعديل في ترتيب الطلاب، وتغير على أثره ترتيب نجله إذ أصبح ترتيبه الرابع بعد أن كان الأول، الأمر الذى حدا به إلى إقامة الدعوى.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الدعوى فإن المادة 41 من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات "يختص مجلس الكلية أو المعهد التابع للجامعة بالنظر في المسائل الأتية:
أولا: مسائل التخطيط والتنسيق والتنظيم والمتابعة:
رسم السياسة العامة للتعليم والبحوث العلمية في الكلية أو المعهد، وتنظيمها وتنسيقها بين الأقسام المختلفة.
.............................
12- تنظيم الدروس والمحاضرات والبحوث والتمرينات العملية وأعمال الامتحان في الكلية أو المعهد.
وتنص المادة 173 من ذات القانون على أن: "يشترط لنجاح الطالب في الامتحانات أن ترضى لجنة الامتحانات عن فهمه وتحصيله، وذلك وفق أحكام اللائحة التنفيذية وأحكام اللائحة الداخلية المتخصة"، وتنص المادة 70 من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه والصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 على أن: "مع مراعاة أحكام هذه اللائحة تتولى اللوائح الداخلية للكليات تحديد نظم الامتحانات الخاصة بها".
القرار تسبب في نزول الطالب من الأول على الدفعة للرابع
وبحسب "المحكمة": فإن المادة 23 من اللائحة الداخلية لكلية الحقوق جامعة أسوان على أن لا تطبق في كل الأحوال ما يسمى بقواعد الرأفة على الامتحانات ونتائجها في ظل العمل بنظام الساعات المعتمدة في الكلية، ومن حيث أنه وإن كان للجنة الممتحنين أن تقرر في ضوء نص المادة 71 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات – رفع نتيجة إحدى المواد، فما عليها سوى إضافة الدرجات التي تقررها للراسبين في هذه المادة للبلوغ بهم إلى درجة النجاح، لأن الضرورة التي دفعت لجنة الممتحنين الى التدخل في النتيجة إنما تقدر بقدرها وبالغاية المستهدفة منها، وهى رفع نسبة النجاح في تلك المادة، وليس في ذلك إخلال بالمساواة بين الطلاب.
ووفقا لـ"المحكمة": المساواة في الحقوق بين المواطنين لا تقوم على مخالفة صور التمييز جميعها، إذ أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية "مثل الحالة المعروضة"، بما مؤداه، أن التمييز المنهى عنه هو الذى يكون تحكميا، ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطار للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان التنظيم – بما انطوى عليه من تمييز – مصادما لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقيا ربطه بها أو اعتباره مدخلا إليها فإن التمييز يكون تحكميا وغير مستند بالتالى إلى أسس موضوعية، وهو ما لا يتوفر في الحالة المعروضة التي قام فيها التمييز في منح درجات لجنة الممتحنين في بعض المواد على أساس موضوعى قوامه رفع نسبة الناجحين في هذه المواد بعدما أدركت لجنة الممتحنين تدنى مستوى النجاح فيها.
الطالب يقيم دعوى قضائية والمحكمة تنصفه بإلغاء قرار الجامعة
وتضيف "المحكمة": هديا بما تقدم – ولما كان الثابت من الأوراق أن نجل المدعى كان مقديا كطالب بالفرقة الأولى بكلية الحقوق جامعة أسوان في العام الدراسي 2018/ 2019 وأنه بطلب الحكم بإلغاء قرار الجهة الإدارية فيما تضمنه من منح جميع طلاب الفرقة الأولى بكلية الحقوق جامعة أسوان في العام الدراسي 2018/ 2019 ثلاث درجات إضافية لكل طالب على سبيل الرأفة، وما يترتب على ذلك من أثار – ولما كان الأصل أن يتم تقييم الطالب وفقا لمجهوده وأن النتيجة الاختيارات في نهاية العام إنما تعكس مستوى العالم وأن درجات الرأفة وفقا لذلك هي نظام استثنائي، ومقتضى أعمال هذا الاستثناء يجب أن يكون على نحو ضيق، فلا يتوسع في تفسيره أو يقاس عليه، فما منحه المشرع لهيئة الممتحنين من سلطة تقدير إجابة الطالب، لا يجب أن يكون من شأنه المساس بالمركز القانوني لغيره من الطلاب.
فالضرورة التي دفعت لجنة الممتحنين إلى التدخل في النتيجة إنما تقدر بقدرها وبالغاية المستهدفة منها، وهو ما يفرض أن يكون استخدامها لقواعد التيسير – درجات الرأفة – على فرض جوازها وموافقة استخدامها للائحة الكلية الداخلية قاصرا على رفع نسبة النجاح في المادة المطبق عليها قواعد التيسير تلك، ويتأتى ذلك بتطبيقها على الراسبين للوصول بمجموع كل منهم إلى درجات النجاح أن أمكن، أما تطبيقها على الكافة بدعوى المساواة بين الطلاب فإنه ينتهي بنا على نتيجة شاذة، بل تعصف بمبدأ التكافؤ من ناحية أخرى.
لهذه الأسباب – قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من أثار، باعتبار أن القرار يتصادم مع الفكرة التي تقرر من أجلها قواعد التيسير – درجات الرأفة – وهي رفع نسبة النجاح في المادة ورفع درجات الطلاب الراسبين.
يشار إلى أن الحكم أدى إلى وجود 3 حالات متضررين من جرائه لم تعد عليهم المصلحة، أجاز لهم المشرع الطعن عليه وهم: "1-كل طالب نقص على تقدير السنة 3 درجات، 2-كل طالب ناقص على التقدير التراكمى 3 درجات لينتقل من مقبول إلى جيد، فيؤدى لتغيير مسار طموحه أو من جيد الى جيد جداً او الى امتياز، 3-الطلبة الاوائل الذين تم تغيير ترتيبهم على الدفعة بناء على هذا القرار"، فكل هؤلاء لهم الحق فى الطعن على هذا الحكم.